عن الوساطة ووساطة التأمين في العراق
مصباح كمال
هذه دراسة أولية غير مكتملة تحتاج إلى تطوير، ونأمل أن يساهم فيها الزملاء داخل العراق لإشباع معالجة الجوانب القانونية والاقتصادية للدور المتوقع للوسيط التأميني في بنية سوق التأمين العراقي.
مدخل
وساطة التأمين لم يكن موضوعاً مهماً لممارسي التأمين في السوق العراقي فشركات التأمين العامة والخاصة، في الماضي كما في الحاضر، كانت مكتفية بالإنتاج المباشر من خلال المنتجين العائدين لها، الذين يعملون براتب وبعمولة، أو من خلال وكالات التأمين التابعة للقطاع الخاص. وكان هذا هو النمط السائد عندما كان قطاع التأمين مملوكاً للدولة. وفي الواقع فإن وساطة التأمين كحرفة متميزة ليست معروفة في قطاع الأعمال وليست هناك ثقافة أعمال مرتبطة بوساطة التأمين لكن فكرة الوساطة، بمعناها العام، ليست معدومة في العراق ولنا أن نذكر في هذا المجال الوساطة في بيع وشراء العقارات.
ولم يجري التفكير، مثلاً، بأهمية وساطة التأمين كعنصر مكّمل للعملية التأمينية ومساهمتها في تطوير سوق التأمين من حيث زيادة حجم الأعمال المكتتبة وتطوير بنية السوق وإصدار التشريعات المناسبة. وقد يرجع سبب عدم الاهتمام إلى أن المنتجات التأمينية ومطالب المؤمن لهم لم تكن بالتعقيد الذي يتطلب دوراً لشخص أو مؤسسة محترفة لتقديم المشورة الفنية وتوفير الخدمات الإضافية لتحليل الخطر وتحويل آثاره من خلال آلية التأمين .. الخ. إضافة لذلك، فإن السنوات الممتدة من 1964 لغاية 2000، وهي كامل عمر صناعة التأمين المؤممة، لم تشهد تنافساً بين شركات التأمين قد يستلزم مساعدة طرف متمرس ومحترف (وسيط التأمين) للمفاضلة بين الشركات من حيث الأسعار ونطاق التغطية ومستوى الخدمات.
ولك أن تقول إن تباين الحاجات بين طالبي التأمين وتعقد الأخطار القابلة للتأمين وتعقد بنية السوق من حيث عدد الشركات التي تعرض الحماية التأمينية وأنواع المنتجات التأمينية المعروضة، أو تلك التي يتطلبها طالب التأمين، يوفر الفرصة لبروز دور الوسيط. وهذا هو الحال في الأسواق القائمة على التنافس. مقابل ذلك ترى أن الأسواق الأخرى، المقيدة أو التي تخضع للتخطيط المركزي، تميل إلى خلق نسق موحد للحاجات يلغي دور الوسيط وقد نجد ما يشبه هذا الوضع، فيما يخص المنتجات التأمينية، في الأسواق التنافسية عندما يصار إلى تقنين هذه المنتجات من خلال التشريع مثلاً وعندها تصبح خاضعة لتعرفة ثابتة.
وسيط التأمين يوفر قيمة إضافية تتجاوز فكرة التقريب بين البائع والمشتري وهي الفكرة التي يقوم عليها عمل الدلالين عموماً كما يتمثل بعمل دلال الأراضي والعقارات. وليس هذا تقليلاً من عمل الدلال بل الإشارة أن مهمته تنتهي مع إتمام عملية البيع في حين يظل عمل وسيط التأمين قائماً لحين انتهاء عقد التأمين وقد يتجاوز ذلك عندما تقوم مطالبة بالتعويض خلال فترة التأمين وتستمر مسؤولية الوسيط لحين الانتهاء من التسوية النهائية للمطالبة ربما بعد انقضاء فترة التأمين والتي قد تستمر لفترة طويلة خاصة إذا كانت المطالبة موضوعاً للتقاضي أمام المحاكم.
ولسوق التأمين العراقي تجربة ثرة في التعامل مع وسطاء إعادة التأمين العالميين، وخاصة الوسطاء العاملين في سوق لندن، خلال الفترة السابقة لغزو العراق للكويت في آب 1990.
كان التعامل يتميز بحرفية عالية إذ أن الدعوات للوسطاء العالميين كانت محددة بعدد صغير، قلما تجاوز ثلاثة وسطاء، وذلك بغية عدم تشويش السوق وعدم تفويت فرصة الاستفادة من الطاقات الاستيعابية للمعيدين المحترفين متى ما رسا أمر ترتيب الغطاء على أحد الوسطاء. كان القطاع يتعامل مباشرة مع معيدي التأمين في العديد من الأعمال، وخاصة عقود إعادة التأمين الاتفاقي النسبية، ويستخدم الوسطاء في الحالات التي تتطلب إثارة المنافسة بين المعيدين أو بين أسواق التأمين العالمية، أو طبيعة الأعمال التي تتطلب معرفة خاصة بسوق إعادة التأمين كما كان الحال بالنسبة لعقود تجاوز أو وقف الخسارة أو العقود الهندسية الضخمة.
استطراد لغوي
الأسماء المتداولة للوسيط عديدة فالدارسون الأكاديميون في الغرب يميلون إلى استخدام مصطلح وسطاء التأمين insurance intermediaries في حين يستخدم العاملون في قطاع التأمين وكذلك العملاء مصطلح insurance broker كما نجد تعبير middleman أيضاً. وفي العالم العربي نجد استخدام مصطلحات سمسار التأمين أو السمسار أو الوسيط أو وسيط تأمين/إعادة التأمين، أو السمسرة/الوساطة في وصف النشاط. ويبدو أن بعض هذه المصطلحات مستقاة من أصول غير عربية.
ففي الفارسية يرد تعريف لمصطلح "سمسار" في قاموس فارسي- إنكليزي بأنه الشخص الذي يتاجر بالسلع المستعملة dealer in second-hand goods
(Haïm’s One-Volume Persian-English Dictionary, Farhang Moāser, [1953]) ويذكر التعريف أن الكلمة عربية من أصل فارسي. ويرد في نفس القاموس استخدام مصطلح "دلاّل" كمقابل للوسيط broker, middleman, dealer
وفي التركية يرد استعمال قومسيونجي (بالتركية: komisyouncu) و دلاّل ( بالتركية:(simsar, komisyouncu, tellal للتعريف بالوسيط. وكلمة القومسيونجي، وكان دارجاً في العراق، هو الشخص الذي يقدم الخدمات لقاء عمولة commission وهو الأجر الذي يتقاضاه الوسيط من شركة التأمين.
وبحسب Online Etymology Dictionary فإن تاريخ كلمة الوسيط broker في اللغة الانكليزية هو:
“Broker
1377, from Anglo-Norm. brocour "small trader," from Anglo-Fr. abrokur "retailer of wine, tapster," perhaps Port. alborcar "barter," but more likely O.Fr. brocheor, from brochier "to broach, tap, pierce (a keg)," from broche "pointed tool" (see broach (n.)), giving original sense of "wine dealer," hence "retailer, middleman, agent." In M.E., used contemptuously of peddlers and pimps.”
http://www.etymonline.com/index.php?term=broker
قطعاً لن يرتاح وسيط التأمين لوصفه بالديوث أو لربط مهنته بـ "سمسرة الفاحشة" حسب تعريف قاموس المورد: انكليزي عربي لكلمة pimp (الواردة في النص الإنكليزي أعلاه) كما كان مستعملاً بالإنكليزية بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر.
ويعرّف القاموس المحيط السِّمْسارُ كما يلي:
السِّمْسارُ، بالكسر: المُتَوَسِّطُ بين البائِعِ والمُشْتَرِي ج:
سَماسِرَةٌ، ومالِكُ الشيءِ، وقَيِّمهُ، والسَّفيرُ بين المُحبِّينَ.
وسِمْسارُ الأرضِ: العالِمُ بها.
http://www.baheth.info/all.jsp?term
=سمسار
ونلاحظ هنا فكرة التوسط بين البائع والمشتري. كما نلاحظ فكرة العلم بالشئ وكما يرد في التعريف: العلمُ بالأرض. وهذا العلم بالأشياء، بالمعنى الواسع، هو ما يميز الوسيط المحترف في الأسواق المتقدمة عن غيره. وتعبير السمسرة شائع الاستعمال في العديد من البلدان العربية.[1]
ويرد في لسان العرب تعريف الدَّلاَّل، تحت مدخل دلل، بمعنى الشخص الذي يحمل عِلماً ويدل الناس عليه. يقول ابن منظور:
"وفي حديث علي، رضي الله عنه، في صفة الصحابة، رضي الله عنهم: ويخرجون من عنده أَدلَّة؛ هو جمع دَلِيل أَي بما قد علموا فيَدُلُّونَ عليه الناس، يعني يخرجون من عنده فُقَهَاء فجعلهم أَنفسهم أَدلَّة مبالغة.
ودَلَلْت بهذا الطريق: عرفته، ودَلَلْتُ به أَدُلُّ دَلالة، وأَدْلَلت بالطريق إِدْلالاً.
والدَّلاَّل الذي يجمع بين البَيِّعَيْن، والاسم الدَّلالة
والدِّلالة، والدِّلالة: ما جعلته للدَّليل أَو الدَّلاَّل.
وقال ابن
دريد: الدَّلالة، بالفتح، حِرْفة الدَّلاَّل."
وهنا أيضاُ نشهد أفكارا لها علاقة بالوساطة: الجمع بين البيِّعين (البائع والمشتري)، وكذلك المعرفة (العلم بالشئ)، والتعريف بالطريق (الإدلاء عليه).
ونحن نميل إلى إشاعة استخدام تعبير وسيط التأمين/إعادة التأمين لحياديته وخلوه من صفات قيمية بدلاً من تعبير سمسار الذي أخذ بعداً سلبياً في العراق الجديد يرتبط بإنجاز المعاملات الرسمية في دولة مستغرقة في الفساد.[2]
الإطار القانوني الجديد لوساطة التأمين
لم يقم الشارع العراقي في الماضي بصياغة قانون لتنظيم أعمال وساطة التأمين. ولذلك فإن قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 هو الأول من نوعه بهذا الشأن. وقد وردت عدة أحكام فيه بشأن المنتجين والوكلاء والوسطاء نعرضها فيما يلي مع بعض التعليق . فقد حددت المادة 1 نطاق سريان القانون:
المادة 1
تسري أحكام هذا القانون على المؤمنين ومعيدي التأمين سواء أكانوا شركات عامة أم خاصة عراقية أم أجنبية التي تزاول في العراق كل أو بعض أعمال التأمين أو أعمال إعادة التأمين المنصوص عليها في هذا القانون وكذلك تسري على وكلاء ووسطاء التأمين الذين يزاولون تلك الأعمال في العراق.
وتعرف المادة 2 الوكيل ووسيط إعادة التأمين:
المادة 2
لأغراض هذا القانون يراد بالتعابير والألفاظ التالية المعاني المبينة إزاءها:
سابعاً- الوكيل: الشخص المجاز من الديوان والذي تعتمده إحدى شركات التأمين العاملة في العراق لممارسة أعمال التأمين نيابة عنها أو عن أحد فروعها ويشمل ذلك الشخص الطبيعي أو الشخص المعنوي.
ثامناً-
وسيط إعادة التامين- الشخص المجاز من الديوان ليمارس الوساطة بين شركة التأمين وشركة إعادة التأمين.
الفقرة الخاصة بالوكيل تعرّفه كشخص طبيعي أو شخص معنوي لكن هذا التعريف الموسع لم يرد في الفقرة الخاصة بوسيط إعادة التأمين (المادة 2-ثامناً) وهو ما يستوجب تصحيحه مستقبلاً عند مراجعة وتنقيح وتغيير قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.
وتلاحظ أيضاً أن القانون أغفل تعريف وسيط التأمين المباشر في هذه المادة (المادة 2) ومع ذلك فقد ورد ذكر وسيط التأمين المباشر في المادة 76:
لا يجوز لأي شخص أن يمارس أعمال وسيط تأمين أو وسيط إعادة التأمين إلا بعد حصوله على ترخيص من الديوان وفق الشروط التي يحددها رئيسه بتعليمات يصدرها لهذه الغاية تتضمن تنظيم أعماله وتحديد مسؤوليته وإجراءات ومتطلبات ترخيصه والمؤهلات المطلوبة.
وينظم الفصل الأول، الباب السادس من القانون، عمل وكلاء ووسطاء وخبراء التأمين نقتبس منه ما يفيد مادة الموضوع.
المادة 75
أولاً- تنظم أعمال وكيل التأمين ومتطلبات إجازته والمؤهلات المطلوبة والمسؤوليات المترتبة عليه بمقتضى تعليمات يصدرها رئيس الديوان.
ثانياً- لا يجوز لأي شخص أن يقوم بأعمال وكيل التأمين إلا بعد إجازته من الديوان وبعد تزويده بالاتفاق المبرم بينه وبين المؤمن والذي ينص على اعتماده وكيلاً لها، ويجوز أن يعمل وكيل التأمين مع أكثر من مؤمن.
المادة 76
لا يجوز لأي شخص أن يمارس أعمال وسيط تأمين أو وسيط إعادة التأمين إلا بعد حصوله على ترخيص من الديوان وفق الشروط التي يحددها رئيسه بتعليمات يصدرها لهذه الغاية تتضمن تنظيم أعماله وتحديد مسؤوليته وإجراءات ومتطلبات ترخيصه والمؤهلات المطلوبة.
المادة 81
أولاً- لأي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص الحق في
الاختيار بشراء منتجات التأمين أو خدماته من أي مؤمن أو معيد تأمين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
ثانياً- لا يجوز إجبار شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص على شراء منتجات خدمات التأمين من مؤمن أو معيد تأمين أو وكيل أو وسيط أو مقدم خدمات تأمين محدد، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
تلاحظ هنا التأكيد على مبدأ حرية المستهلك (طالب التأمين الطبيعي أو المعنوي العام أو الخاص) في شراء الحماية التأمينية ممن يرغب مباشرة أو من خلال وكيل أو وسيط تأمين. ونفس المبدأ ينطبق على شركات التأمين في ترتيب برامجها الإعادية. وهناك مخرج لهذا الوضع في صيغة "ما لم ينص القانون على خلاف ذلك." يعني هذا أن ظروفاً معينة قد تستدعي الخروج عن قاعدة الحرية غير المقيدة في الشراء وهو ليس بالأمر المستغرب كما تجد ذلك في سويسره مثلاً حيث يتم التأمين على ممتلكات معينة مع شركة تأمين في أحد الكانتونات.
المادة 87
يلتزم كافة وكلاء التأمين أو وكلاء إعادة التأمين والوسطاء وخبراء التأمين وكافة مقدمي خدمات التأمين وفقاً لأحكام هذا القانون بتقديم أية بيانات أو معلومات أو وثائق يطلبها الديوان خلال المدة التي يحددها.
التطبيق العملي: غياب الوسطاء العراقيين والسماح للشركات الأجنبية بممارسة وساطة التأمين داخل العراق
حسب المعلومات المتوفرة لدينا في الوقت الحاضر، لم تؤسس شركة وساطة عراقية للتأمين. لكن المعلومات الصحفية وغيرها تفيد قيام إحدى شركات الوساطة الأجنبية بممارسة وساطة التأمين داخل العراق لصالح الشكات الأجنبية في العراق وقيامها في نفس الوقت بترتيب وضعها القانوني من خلال التسجيل لدى ديوان التأمين العراقي. وجاء في خبر في جريدة الشرق الأوسط،، العدد 10379، 29 نيسان 2007، ننقل نصه بالكامل، أن رئيس ديوان التأمين العراقي بالوكالة (منذ تأسيسه لم يُعيّن رئيس متفرغ للديوان) ضياء حبيب الخيون أعلن
"عن بدء العمل وبشكل رسمي بقانون منح أجازة وسيط التأمين وتنظيم وتحديد مسؤولياته داخل العراق.
وأضاف الخيون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بشأن السماح للأشخاص والشركات الأجنبية ممارسة عمليات وساطة التامين، «أن القانون الجديد أجاز
عمل الأشخاص العرب والأجانب والشركات غير العراقية بممارسة هذه الأعمال داخل العراق بشرط تقديم الوثائق التي تثبت توفر الشروط المنصوص عليها وأيضا تقديم نسخة من الأجازة الصادرة له من البلد الأم للوسيط المعنوي». وأكد انه لا يجوز لأي شخص ممارسة [أعمال] وسيط التأمين أو وسيط أعادة التأمين في العراق إلا بعد حصوله على إجازة من ديوان التأمين ويستثنى من ذلك العاملون بالإنتاج عند المؤمنين والمنتجين الذين تعاقدوا مع المؤمنين. كما لا تمنح أجازة تجمع بين أعمال وساطة التأمين وإعادة التأمين، وأيضا لا يمكن منحها في حال الجمع بين نوعي التأمين على الحياة والتأمينات العامة الأخرى.
أما الشروط التي يجب أن يتمتع بها طالب الإجازة فبين رئيس الديوان أن هناك عدة شروط أهمها أن يكون حاصلا على شهادات تمكنه من إدارة عمله وأيضا امتلاك الخبرة في هذا المجال والتي لا تقل عن ثلاث سنوات. أضف إلى ذلك
شرط العمر وحسن السمعة والسلوك. وبعد اجتياز الاختبار يجب أن يلتزم الوسيط بعدة أمور من أهمها تثبيت كافة المعلومات عن المؤمن وتقديم الإثباتات كافة والتقيد بأصول القبض والصرف والتسويات وغيرها، وجميع هذه الشروط تنطبق على العراقيين والأجانب."
يمكن للوسيط الأجنبي (المعنوي) أن يلعب دوراً مهماً في تطوير ممارسة حرفة الوساطة من خلال استيراد وتوطين الممارسات العالمية وتدريب العاملين لديه من العراقيين، وهو ما يعرف بانتشار spillover)) التأثيرات الجانبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة. ومن المتوقع أن تنحصر الوساطة ابتداءً في تقديم الخدمات المهنية للشركات الأجنبية العاملة في العراق. والمعلومات المتوفرة تشير إلى مثل هذا الدور خاصة في إقليم كوردستان العراق حيث يعمل بعض الوسطاء، بشكل قانوني أو غير قانوني، في تقديم الخدمات التأمينية لبعض الشركات النفطية العاملة في الإقليم.
هناك خشية في ظل بقاء قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 على حاله دون تغيير أن يتحول الوسيط الأجنبي إلى واجهة لخدمة الشركات الأجنبية العاملة في العراق وشركات التأمين وإعادة التأمين العالمية في الخارج والتي تكتتب بأعمال التأمين مباشرة في العراق دون أن يكون لقطاع التأمين العراقي أي دور في الاكتتاب بأعمال هذه الشركات. إذا ساد هذا الوضع ربما لن تحصد شركات التأمين العراقية من الوسيط والشركة الأجنبية غير وثائق تأمين بسيطة أو توفير وظيفة الواجهة لشركات التأمين وإعادة التأمين العالمية.
قد يشهد سوق التأمين العراقي، بعد استقرار الأوضاع الأمنية واستعادة الحياة الاعتيادية وتعاظم الدخول وازدياد عدد الشركات الصناعية والتجارية، وكذلك انتشار المعرفة بالتأمين ونهوض ثقافة الحقوق وما يترتب على ذلك من قيام المسؤوليات القانونية، تأسيس شركات عراقية لوساطة التأمين. قد يستغرق تأسيس مثل هذه الشركات زمناً طويلاً لكننا نتوقع أن تتطور وكالات الإنتاج الفردية إلى شركات وساطة أولاً. ويقتضي كل ذلك قيام ثقافة لإدارة الأعمال تشمل دوراً للوساطة يقوم على التخصص. شركات التأمين هي المعنية هنا إذ أن إنتاج الأعمال مقابل عمولة للوسيط يقتضي تغيراً في السياسة التسويقية وفي تقدير أقساط التأمين بافتراض أن شركات التأمين هي الني تكون مسئولة عن مكافأة الوسيط وليس المؤمن له.
مصباح كمال
لندن 22 تموز 2008
[1] الشاعر المصري اليوناني قسطنطين كفافيس (
1863 -
1933) عمل سمساراً في بورصة القطن في الإسكندرية، واحدة من أقدم البورصات في العالم.
"وكتب المؤرخ المشهور محمد عزت دروزة فيما يقال رواية عنوانها
سماسرة الأرض (أو طبقاً لرواية أخرى
الملاك والسمسار: انظر أبو مطر:
الرواية في الأدب الفلسطيني، ص 15، الهامش رقم 52). يهاجم فيها السماسرة الذين أغروا بعض ملاّك الأراضي الفلسطينيين يبيع أراضيهم لليهود. وهناك معلومات متناقضة حول نشر هذه الرواية، بعضها يقول إنها نشرت فعلاً عام 1934 بينما يشير المؤلف نفسه إلى مخطوطة ضاعت تحمل العنوان نفسه. لكن المهم هنا هو أن هذه الرواية تبدو الأولى التي كتبت عن الوضع السياسي في البلاد."
http://www.palestinesons.com/sub.php?id=1430
لاحظ النظرة الأخلاقية تجاه عمل السمسار (الإغراء) المرتبط بما هو سيء ومدان، وهو موقف ليس محصوراً بالعالم العربي بل نجده في بلدان أخرى. ويتعرض وسيط التأمين بين حين وآخر إلى انتقادات لاذعة في الولايات المتحدة الأمريكية وفي دول أخرى عند حصول الأزمات وحتى المساءلة القانونية كما حصل مع بعض الوسطاء العالميين المتهمين بالتواطؤ مع شركات التأمين ضد مصالح المؤمن لهم أو بتحميل أقساط التأمين بالزيادة لتعظيم العمولة. The Insurance Scandal: Just How Rotten?
http://www.cfo.com/printable/article.cfm/3324341?f=options
أنظر أيضاً:
Upheaval in the insurance industry: potential implications for policyholders
http://crossborder.practicallaw.com/2-200-4590
ويعتبر البعض دور الوسيط نافلاً وطفيلياً ولا يجد ضرورة له.
[2] ورد في خبر من بغداد نشر في جريدة
الحياة (19/11/2007) ما يؤيد في ما ذهبنا إليه:
"عمامة ومسبحة أو ربطة عنق وهوية تحمل شعار أحد الأحزاب المتنفذة. هذا كل ما يحتاجه السمسار لإنجاز معاملات المواطنين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، مثل استخراج جواز سفر في ساعات معدودة ويشمل ذلك أيضاً عقود المقاولات والمزايدات والتسهيلات المالية والإدارية للشركات.
سمسرة المعاملات باتت مهنة رابحة تدر على صغار رجال الدين والشخصيات الحزبية. والسعر حسب أهمية المعاملة و "صعوبة إنجازها" ... غالبية سماسرة المعاملات "يرتدون ملابس خاصة برجال الدين ... ومعظم المسؤولين في مؤسسات الدولة من الدرجة الثالثة والرابعة ينجزون المعاملات بشكل أسرع إذا كان السمسار رجل دين والحال ذاتها مع منتسبي الأحزاب فهؤلاء أولوية ..."