إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2017/04/05

Merger of the National Insurance Co & Iraq Insurance Co-lack of adherence to proper procedures and adherence to law



 

 

مصباح كمال
نشر هذا المقال أصلاً في موقع  
 
 
 
 
 
 
 

 
 

مقدمة

 

ورد إلى علمنا مؤخراً أن قراراً وزارياً صدر بتاريخ 22 آذار 2017 من وزارة المالية (لم نستطع الحصول على نص القرار وهو ليس منشوراً في موقع الوزارة أو مواقع شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية) بدمج الشركتين، وتعيين الآنسة هيفاء شمعون عيسى، مدير عاماً وكالةً للشركتين (كانت تشغل موقع مدير عام وكالةً لشركة التأمين العراقية)، وتعيّين السيد صادق عبد الحمن الخالدي رئيساً وكالةً لديوان التأمين العراقي (وكان يشغل موقع مدير عام شركة التأمين الوطنية).

 

لم نتعرف حتى الآن على أسباب دمج هاتين الشركتين العامتين، وهما شركتان ناجحتان بالمقاييس العراقية السائدة إذ أنهما تحققان أرباحاً يوزع قسماً منها على الموظفين ويغذي القسم الآخر منها خزينة الدولة بالضرائب والرسوم التي تدفعها الشركتان.  ربما يضمُّ القرار الوزاري الأسباب الموجبة للدمج، وهو ما سنتعرف عليه متى ما توفر نص القرار، وعندها يمكن إبداء الرأي بالقيمة الاقتصادية للدمج.

 

لا نهدف من هذه الورقة الموجزة مناقشة مبررات الدمج، وضرورتها من عدمها، فقد كان لنا موقف من موضوع الدمج كشفنا عنه في مقالتين سابقتين.[1]  ما يعنينا هنا هو ما يبدو عدم الاهتمام بالإجراءات السليمة لإدارة عملية الدمج، وما يبدو أنه عدم التزام بالأحكام القانونية.

 

أهمية الإجراءات السليمة

 

قرار الدمج يذكّرنا بقرار تأمين شركات ووكالات التأمين سنة 1964 الذي لم يتأسس على دراسة موضوعية لواقع قطاع التأمين في العراق، واكتفى باستلهام أفكار عامة ("الاشتراكية الرشيدة") لإدارة الاقتصاد من منظور ناقص وتقليد لتجربة مصر في هذا المجال.  مثلما يذكرنا بالقرارات التي كان يتخذها مجلس قيادة الثورة وتلك التي كان يتخذها "المستبد بأمره" بول بريمر الثالث.

 

العقلية لم تتغير منذ ذلك الوقت فهي ذاتها التي استخدمت في قرار الدمج هذه السنة.  وهي عقلية غير ديمقراطية لا تعتمد النقاش المفتوح وتكتفي بالعمل خلف الكواليس.  ليس أصعب على الناس تجاهل أفكارهم بدعوى الاختصاص وامتلاك أصحاب القرار للحقيقة فهو استهانة بعقول الغير وما يمكن أن يقدموه من أجل الصالح العام.

 

حسب علمنا، لم تنشر أياً من الشركتين مقالات ودراسات عن موضوع دمج الشركات.

 

إن قراراً خطيراً كهذا، يمسُّ مصالح العاملات والعاملين في الشركتين ويؤثر على بنية سوق التأمين العراقي، كان يجب أن يُطرح للنقاش على الأقل داخل شركتي التأمين.  وكان من المناسب تقديم ورقة موقف position paper تجاهه من قبل الداعين للدمج ليكون موضوعاً لتبادل الآراء قبل الإقدام على اتخاذ القرار، هذا إن كان متعذراً عليهم تقديم ورقة تشاور consultation paper كما هو معهود في الممارسات الديمقراطية.  إن كانت الإجراءات الديمقراطية بعيدة عن تفكير أصحاب القرار كان الأولى، على الأقل، الالتزام بأحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10).  وهو ما اقتبسناه في مقالة سابقة ومن المفيد استعادتها لأغراض المقالة الحالية:

 

الضوابط القانونية لاندماج شركات التأمين

 

ترد القواعد الضابطة لاندماج شركات التأمين في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 تحت الباب الخامس، تحويل الوثائق وتملك واندماج وتصفية المؤمنين، في الفصل الثالث: اندماج المؤمنين.  تتناول المادة 50 اندماج المؤمنين كما يلي:

 

"أولا- يجوز اندماج مؤمن أو معيد تأمين في مؤمن أو معيد تأمين اخر بما في ذلك المؤمنين او معيدي التأمين المملوكين للدولة.

 

ثانيا-  على المؤمنين الراغبين بالاندماج تقديم طلب للديوان مرفق به كافة التقارير والبيانات اللازمة التي يحددها رئيس الديوان بتعليمات يصدرها لهذا الغرض.

 

ثالثا-  يدقق رئيس الديوان التقارير والبيانات والوثائق المقدمة، وله الموافقة على الاندماج أو رفضه بقرار مسبب.

 

رابعا- إذا وافق رئيس الديوان على طلب الاندماج فينشر أعلانا على نفقات طالبي الاندماج في صحيفة يومية واسعة الانتشار في العراق لمدة (5) خمسة أيام متتالية، ولكل ذي مصلحة التظلم من القرار خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ اخر نشر لإعلان الموافقة على الاندماج.

 

خامسا-       يبت رئيس الديوان في التظلمات المقدمة وفقا لأحكام البند (رابعا) من هذه المادة خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ انتهاء مدة تقديمها، ولكل ذي مصلحة الاعتراض على القرار الصادر نتيجة التظلم أمام محكمة البداءة المختصة خلال (7) سبعة أيام من تاريخ التبلغ به."

 

البند الأول يُشرّع جواز اندماج مؤمن أو معيد تأمين في مؤمن أو معيد تأمين اخر بما في ذلك المؤمنين او معيدي التأمين المملوكين للدولة (التأكيد من عندي).  أي أن الأساس القانوني لمشروع الوزارة جاهز، لكن هذا لا يعفي الوزارة من عرض الدافع أو الدوافع لمشروعها المستمدة، ربما، من مجلس أدارة شركتي التأمين الوطنية والتأمين العراقية.

 

ترى هل تمَّ الالتزام بهذه الأحكام؟  هل أن شركتي التأمين قامتا بـ "تقديم طلب للديوان مرفق به كافة التقارير والبيانات اللازمة التي يحددها رئيس الديوان بتعليمات يصدرها لهذا الغرض." للسير بعملية الدمج؟

 

المصادرة على المطلوب

 

لقد كانت موافقة رئيس الديوان وكالةً على الدمج، قبل صدور قرار وزارة المالية بدمج الشركتين، مصادرة على المطلوب، فقد أعلن عن إجراءات الدمج في تشرين الأول 2016، كما جاء في مقال في الصفحة الاقتصادية لجريدة الصباح (العدد 3787 بتاريخ 4/10/2016)،[2] ذُكر فيه، اعتماداً على مصدرٍ في ديوان التأمين، البدء بالإجراءات القانونية للاندماج.

 

إضافة إلى ذلك فإن موقف شركة التأمين العراقية، عند صدور الإعلان في جريدة الصباح كان يقوم على تفنيد ورفض الدمج والتظلم لدى وزارة المالية بهذا الشأن، وتوصية مجلس إدارتها بتقديم مشروعها الخاص باستعادة تخصصها السابق في التأمين على الحياة (الذي توقف بقوة القانون عام 1988).

هناك كما يبدو عيب أساسي في القرار الوزاري لأنه يفتقر إلى مسوّغ قانوني واضح خاصة وأن مجلس إدارة الشركتين، حسب علمنا، لم يُقْدِما على اتخاذ قرار للبدء بالدمج – وهو ما ينصُّ عليه قانون تنظيم أعمال التأمين.  وكما كتبتُ في مقالتي السابقة "مشروع دمج شركات التأمين العامة" فإن "تحقيق الاندماج يتطلب قراراً من مجلس إدارة كل شركة بحل الشركة للتمهيد لتأسيس الشركة الجديدة.  وفي الوقت الحاضر ليس معروفاً إن كانت الوزارة [وزارة المالية] (أو الشركة الراغبة في الاندماج) ستقوم بتكليف جهة مهنية مستقلة للتقييم المالي للشركات موضوع الدمج، أو أن ديوان التأمين سيشترط على الشركات الراغبة بالاندماج تقديم مثل هذا التقييم المستقل.

 

كلمة أخيرة

 

من المعروف إن عدم الالتزام بالإجراءات القانونية الصحيحة يعتبر عيباً، ويوفر الفرصة للمحاكم لرد الدعاوى.  ونحن هنا لسنا في مواجهة قضية قانونية صرفة معروضة على المحاكم بقدر ما نودُّ أن نشير إلى ما يبدو حتى الآن، في غياب المعلومات الدقيقة والكاملة والوثائق ذات العلاقة، أنه عدم التزامٍ بأحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 دونكم الإجراءات السليمة المعهودة في أسواق التأمين المتقدمة.

 

1 آذار 2017




[1] مصباح كمال، "عودة إلى مشروع دمج شركات التأمين العامة،" موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:
مصباح كمال، "مشروع دمج شركات التأمين العامة،" مجلة التأمين العراقي:
نشرت أيضاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:
[2] وقبل ذلك وبتاريخ 18 أيلول 2016 نشرت جريدة الصباح الإعلان التالي: "وزارة المالية/ديوان التأمين، إعلان.  استناداً إلى المادة (50) من قانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لسنة 2005 وبناء على قرار السيد رئيس ديوان التأمين بالموافقة على طلب اندماج شركة التأمين العراقية العامة بشركة التأمين الوطنية ولكل ذي مصلحة التظلم من القرار خلال (30) يوماً من تاريخ آخر نشر في الصحيفة بالموافقة على الاندماج."  وقتها لم تكن الشركة العراقية للتأمين قد تقدمت بأي طلب للاندماج مع شركة التأمين الوطنية!

ليست هناك تعليقات: