د. كاظم حبيب
وبعض قضايا التأمين بالعراق
مصباح كمال
نشرت لأول مرة في
موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:
نشر د. كاظم حبيب
مقالة بعنوان "نقاش مفتوح حول التأمين وإعادة التأمين بالعراق مع الاستاذ
مصباح كمال" في بعض المواقع الإلكترونية،[1]
أثنى فيها على اهتمامي بموضوع التأمين في العراق، وكتب، بتواضع علمي، بأنه ليس
متخصصاً بشؤون التأمين وإعادة التأمين، ولكن
كاقتصادي وباحث في قضايا المجتمع المدني وحقوق الإنسان، أدرك أهميته
لعميلة إعادة الإنتاج الموسعة في الاقتصاد والمجتمع، وبالنسبة للأفراد، في آن
واحد، إنه القطاع الاقتصادي الذي يوفر الحماية التي يقدمها للجميع من جهة، وهو
التعويض عن الخسائر المحتملة ومواجهة المخاطر غير المتوقعة في حالة حصولها من جهة
ثانية، وهو الذي يوفر التوظيفات أو الاستثمارات المالية للتوسع في النشاط
الاقتصادي والاجتماعي وتنمية ثروة المجتمع، وهو الذي يمكن أن يحمي الشركات
والأفراد من الإفلاس أيضاً في حالات التعرض لمخاطر محتملة.
وهو بذلك قد لخصَّ
الوظيفة الاقتصادية للتأمين.
ونظراً لأهمية
الأفكار والتعليقات التي يقدمها د. كاظم أود تقديم بعض الإضافات السريعة لما جاء
في ورقته طالما أن النقاش مفتوح وأن الاستغراق فيه يفيد في توضيح الأفكار. آمل أن يشجع هذا النقاش على مساهمة المهتمين
بموضوعه من العاملين في قطاع التأمين أو خارجه.
فيما يلي سأتناول ما أراه أهم الأفكار التي أثارها تحت العناوين التالية:
§
أهمية التأمين
لعملية إعادة الإنتاج الموسعة في الاقتصاد والمجتمع
§
قرارات التأميم
لعام 1964
§
السياسة
الاقتصادية والسياسة العامة والفساد في قطاع التأمين
§ وضع رؤية علمية حديثة ومتقدمة، شاملة وموضوعية، لنشاط التأمين بالعراق
§ بول بريمر ودوره السيئ في الاقتصاد العراقي وبضمنه التأمين وإعادة التأمين
§ ثقافة التأمين ما بين الإنسان العراقي وأصحاب القرار في دولة المحاصصة
أهمية التأمين
لعميلة إعادة الإنتاج الموسعة في الاقتصاد والمجتمع
إعادة الإنتاج البسيط في أبسط صوره هو تكرار عملية الإنتاج في مستواها
السابق دو تغيير في كمية ونوعية العناصر الداخلة في الإنتاج. أما إعادة الإنتاج الموسع فهو تكرار لعملية
الإنتاج بمستوى أعلى مما كان عليه في فترة سابقة من خلال استخدام قيمة الفائض
المتحقق، كلاً أو بعضاً، لتوسيع عملية الإنتاج (تحقيق التراكم).
لا أعرف إن جرى تطبيق هذين المفهومين على التأمين، نظرياً أو عملياً. نعرف بأن التأمين، بشكل عام وفي أبسط صوره، هو
آلية للتعويض عن الأضرار والخسائر المادية التي يتعرض لها الأفراد والشركات. ويتم ذلك من خلال تجميع أقساط التأمين التي
يسددها الأفراد والشركات لصندوق التأمين (لدى شركات التأمين أو الهيئات التي
تماثلها). تمويل الخسائر (المؤمن عليها) مصدره
هذا الصندوق. ولأن شركات التأمين هي
الحارس للأموال المتجمعة في الصندوق فإنها تقوم بالتعويض عن الآثار المالية
للخسائر وإرجاع وضع المؤمن لهم (الأفراد والشركات) إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل
وقوع الخسائر (وعدم التعويض عن الربح، ما لم يكن متفقاً عليه، أو التعويض عن خسائر
غير مؤمن عليها أو خسائر قائمة على الغش).
ضمن هذا الإطار المبسط فإن آلية التأمين تلعب دوراً مهماً في إدامة الإنتاج
البسيط والموسع، بتعويض الأفراد (العمال، كأفراد وأرباب أسر) بما يصيبهم من أضرار
والشركات (بأنواعها المختلفة) للتعويض عن المخزون من السلع الجاهزة للسوق، وعن
أدوات الإنتاج (رأس المال الثابت) التي تتعرض للأضرار بفعل العامل البشري أو
ديناميكية العملية الإنتاجية أو عوارض الطبيعة المدمرة. (التأمين لا يعوض الخسائر الناتجة عن المضاربة
في سوق الأوراق المالية أو الخسائر المرتبطة بتقلبات السوق كانخفاض الطلب على
السلع). وقد كتبت في مكان آخر في عرض
أفكار ماركس عن التأمين ما يلي:[2]
يقول ماركس إن "رأس المال الثابت هذا، منظوراً إليه من وجهة نظر موضوعية، يتعرض لحوادث
معينة، ومخاطر في عملية إعادة الإنتاج." رأس المال الثابت يتعرض "لحوادث معينة" في عملية الإنتاج
الأساسية، أثناء تكوين رأس المال العيني الثابت، وليس فقط في عملية إعادة
الإنتاج. في الواقع إن الحوادث يمكن أن
تقع في مختلف المراحل الإنتاجية بضمنها النقل والخزن والمناولة. هذه المقولة هي ذاتها التي ذكرها ماركس في نقد
برنامج غوتا. لكن ماركس هنا ليس
معنياً بذلك بل بما تتركه الحوادث من آثار سلبية على عملية التراكم الرأسمالي،
عملية إعادة الإنتاج. والحماية التأمينية،
كما هو الحال في الاقتصاد الرأسمالي القائم، تدخل كعنصر غير مباشر في الإنتاج من
خلال توفير أرصدة نقدية، بمثابة تعويض، للخسائر المادية والمالية التي تتعرض لها
وسائل الإنتاج.
التأمين ليس هبة إذ ارتبط دائماً، حتى في أشكاله الأولية، بمساهمة من نوع
ما من المستفيدين من صندوق التأمين. لذلك
فإن إدامة الإنتاج يقتضي تخصيص مبلغ معين (قسط التأمين) لشراء الحماية التأمينية
أو خلق صندوق للتأمين داخل المؤسسة الرأسمالية، كما ذكرنا في عرضنا لأفكار ماركس
في كتابه نقد برنامج غوتا "لتوفير التعويض لرأس المال الثابت الذي
يتعرض للحوادث ويستوجب التصليح أو الاستبدال؛ أو يستخدم مخصصات هذا الصندوق لشراء
الحماية التأمينية من شركة تأمين مستقلة. صندوق التأمين الذي يذكره ماركس هو المعادل لآلية التأمين
الذاتي، أو في صورته العصرية هو شركة التأمين المقبوضة. تأسيس شركات التأمين المقبوضة لها أسباب عديدة
منها تدوير الأرباح داخل المؤسسة وهي تشكل أحد عناصر التكامل العامودي للمؤسسة
الرأسمالية."[3]
هذه مقاربة أولية لأهمية التأمين في إعادة
الإنتاج، قابلة للتعديل والإضافة ممن لهم علم أفضل بالاقتصاد السياسي الماركسي.
ذكر د. كاظم
أيضاً أن التأمين "يوفر التوظيفات أو الاستثمارات المالية للتوسع في النشاط
الاقتصادي والاجتماعي وتنمية ثروة المجتمع."
وقد تناولنا بعض جوانب هذا الموضوع في دراسة سابقة.[4] وبالنسبة للعراق فإن مساهمة قطاع التأمين في
تكوين رأس المال الثابت لم يخضع للدراسة.
ونزعم بأن المساهمة ضعيفة وزادت ضعفاً بعد تدهور القطاع منذ الاحتلال
الأمريكي للعراق عام 2003، إذ أن حجم أقساط التأمين المتجمعة لشركات التأمين لا
يتجاوز بضعة ملايين دولار، أقل مما هو في الأردن أو لبنان مثلاً.
قرارات التأميم لعام 1964
أفرد د. كاظم فقرات من مقالته الحوارية لقرارات
التأميم، خلفيتها واستنساخها لقرارات التأميم في مصر خلال الفترة 1961-1964 وأنها
ساهمت في توسيع
قاعدة قطاع الدولة وزيادة نشاطه ودوره في الإنتاج الصناعي وفي السياسة المصرفية
والتأمين والتجارة عموما، ولكنها لم تغير من طبيعة قطاع الدولة الرأسمالي ولا من
عدالة توزيع الدخل القومي أو منع تركز الثروة وإساءة كبيرة للقطاع الخاص العراقي والاقتصاد الوطني ولجم عملية الاستثمار
الخاص في الاقتصاد الوطني، علماً بأن أغلب المشاريع الصناعية المؤممة كانت صغيرة
أو متوسطة الحجم وملكيتها تعود للبرجوازية المتوسطة، كما إنها أضافت تبعات أخرى
على قطاع الإدارة الاقتصادية الضعيف حينذاك للدولة العراقية. وتأميم شركات التأمين كان بدوره لا معنى له، إذ
كان في مقدور الحكومة العراقية تأسيس شركات خاصة بها، إن كانت راغبة بذلك، أو أن
تدخل شريكاً مساهماً معها ومعززاً لنشاطها، علماً بأن شركات التأمين الخاصة كانت
ناجحة فعلاً وفعالة وكسبت ثقة الناس بها.
ليس هناك اختلاف على التقييم العام لقرارات
التأميم، ما خص منه تغول القطاع العام، وأضراره بالقطاع الخاص وتطوره اللاحق،
وتوفر بدائل غير التأميم لتوجيه وبناء الاقتصاد الوطني. لكن التحليل الدقيق لآثار تأميم شركات التأمين
ربما يكشف عن جوانب أخرى، وهذا ما ذكرته في مقالة بعنوان "مقاربة لتاريخ التأمين في العراق: ملاحظات
أولية"[5]
وقلت فيها:
وجاءت قوانين التأميم في تموز 1964، التي شملت
شركات التأمين، لتجهز على القاعدة الاقتصادية الضعيفة للرأسمالية الوطنية إذ لم
تكن هناك ضرورة اقتصادية أو سياسية للتأميم وإنما جاء التأميم تقليداً لما جرى في
مصر وهرولة نحو تطبيق مواقف إيديولوجية شعاراتية.
ما ترتب على تأميم شركات التأمين من نتائج على بنية سوق التأمين وتطوره
اللاحق، سلبياً أو إيجابياً، يستحق الدراسة الموضوعية المتأنية قبل الاستغراق في
إطلاق الأحكام، ونكتفي هنا بالقول إن السوق في هذه المرحلة أصبح حكراً على ثلاث
شركات متخصصة هي شركة التأمين العراقية (تأمينات الحياة)، شركة التأمين الوطنية
(التأمينات العامة) وشركة إعادة التأمين العراقية (إعادة التأمين).
وقد توسعت في دراسة آثار التأميم في مقالة لي
بعنوان "تأميم قطاع التأمين في العراق 1964: مقدمة نقدية."[6] ومن بين
ما استنتجته في ختام الدراسة (ص 136) أنه "كان بالإمكان التفكير بخيارات أخرى
غير التأميم الذي كرّس سيطرة الدولة على ملكية مرافق اقتصادية كان الأفضل أن تترك
تحت ملكية وإدارة القطاع الخاص. هناك دور
للدولة وهناك دور للقطاع الخاص وبينهما نماذج أخرى للملكية لم تجرِ الاستفادة
منها، وهي التي لم تلقَ الاهتمام المطلوب من الاقتصاديين ومن أصحاب القرار في
الماضي أو الحاضر لإصلاح النظام الاقتصادي وتداخله مع السياسي والاجتماعي."
السياسة
الاقتصادية والسياسة العامة والفساد: هل كان الفساد غائباً في قطاع التأمين قبل
2003؟
يتناول د. كاظم
حبيب الفساد من خلال ربط السياسة الاقتصادية بالسياسة العامة، ونظراً لأهمية
الموضوع ووضعه في إطاره الصحيح سأقتبس مطولاً مما كتبه، فهو يقول في البدء:
أدرك تماماً ومقتنع جداً بأن السياسة الاقتصادية في بلد ما تشكل الوجه
الثاني للسياسة العامة للبلد ذاته، فهما وجهان لعملة واحدة، وحين يكون النظام
السياسي فاسداً ومستبداً وفاقداً للشرعية الدستورية، فلا يمن أن يكون الاقتصاد
نظيفاً وديمقراطياً ومنفذاً لإرادة مصالح الشعب. ومن عاش الاقتصاد في فترة البعث
الطويلة الأمد، يدرك كيف كان الاستبداد والظلم والفساد منتشراً في قضايا العقود
والنشاط التجاري
وبعد ذلك يناقش
حضور الفساد من عدمه في قطاع التأمين كما يلي:
أعرف جيداً بأن الأستاذ الفاضل والخبير المهني الكبير، في مجال التأمين
ورئيس الشركة الوطنية للتأمين الأخ عبد الباقي رضا، الذي أكن له كل الاحترام
والتقدير، نظيف جداً وحريص على عمله ونزيه في عمله، وكذا الكثير من العاملين في
جهاز التأمين التابع للدولة، ومنهم شخصكم الكريم، مصباح كمال. ولكن هذا لا يعني أن
كل جهاز التأمين وإعادة التأمين والشركات العاملة في هذا القطاع كانت كلها نظيفةً
ونزيهةً وحريصةً على أموال الدولة والمجتمع.
وحين تحدثت عن سيطرة الدولة على القطاعات الاقتصادية، بما فيها قطاع
التأمين وإعادة التأمين، فاعتمادي يستند إلى طبيعة الدولة ومجمل السياسة الاقتصادية
والاجتماعية ووجهتها في التنمية الانفجارية التي أقرتها حكومة البعث في المؤتمر
القطري الثامن في العام 1974.
في مثل هذا النظام الدموي المستبد والفاسد والأهوج لا يمكن أن أتصور أن
قطاع التأمين قد سلم من الفساد في أجزاء منه، إن لم يكن كله، وليس بالضرورة بمعرفة
رئيس الشركة الوطنية للتأمين أو بعض العاملين فيه. واتفق تماماً مع ضرورة دراسة
هذه الفترة والتمعن والتدقيق في الاتهامات الموجهة لقطاع التأمين ايضاً.
ليس من السهل
مناقشة مقترب د. كاظم لموضوع الفساد في قطاع التأمين في فترة ما قبل 2003. وقد يكون من المفيد هنا الإشارة إلى مصادر
الفساد المالي والإداري المحتملة. ويمكن
إيجاز بعضها فيما يخص الفساد المالي بالآتي:
§ التلاعب بأقساط التأمين (تخفيضها دون وجه حق، على سبيل المثل) لصالح أشخاص
معينين مقربين من مكتتب التأمين في شركة التأمين أو لهم علاقات مباشرة أو غير
مباشرة بالسلطة الحاكمة.
§ التساهل في تسوية المطالبات بالتعويض، المشكوك بشمولها بغطاء وثيقة
التأمين أو التي تنطوي على مبالغات في تقدير حجم الأضرار وتكاليف التصليح
والاستبدال حسب مقتضى الحال، لخدمة وترضية أصحاب السلطة والمقربين منهم.
§ التواطؤ على تسوية مطالبات التعويض بأكثر من قيمتها الحقيقية ومن ثم
اقتسام القيمة الفائضة عن القيمة الحقيقية بين مسوّي التعويض في شركة التأمين والمؤمن
له.
§ حصر أعمال إعادة التأمين الاختياري، دون مبرر حقيقي، من قبل إدارة إعادة
التأمين في شركة التأمين مع وسيط دولي لإعادة التأمين أو شركة إعادة تأمين دولية
مقابل الرشى.
حسب تجربتنا في
أواخر ستينيات ومعظم سنوات سبعينيات القرن الماضي لم نلحظ وجود مثل هذه الظواهر في
شركة التأمين الوطنية. كما أن نظام
الاكتتاب وتسوية مطالبات التعويض كان مقيداً بحيث أن القرار لا يكون فردياً،
محصوراً بشخص واحد. ولعله من المفيد قراءة
ما كتبناه عن أحد مكتتبي شركة التأمين الوطنية للتعرف على جوانب من العملية
الاكتتابية ومنهج تسوية التعويضات.[7]
وقد يتخذ الفساد
الإداري في شركات التأمين، على سبيل المثل، بعض الأشكال التالية.
§ تدخل الوزراء وغيرهم في تعيين أشخاص مرتبطين بهم عائلياً أو طائفياً أو
قومياً في شركات التأمين العامة أو في مؤسسات تأمينية أخرى.
§
تعيين أفراد
العائلة دون وجه حق وفي مواقع ليسوا مؤهلين لها.
§ ضم أفراد غير فنيين لا يتمتعون بمعرفة اللغة الإنكليزية، وسيلة التخاطب
المعتمدة، إلى الوفود المرسلة للخارج للتباحث مع وسطاء إعادة التأمين أو شركات
إعادة التأمين أو حضور دورات مهنية في التأمين.
§ منح قروض عقارية دون القيام بدراسات وتحقيقات عن شخص المقترض: موثوقيته
كرجل أعمال، إمكانياته المالية، جدوى المشروع الذي يقوم به، تجربته السابقة في
العمل الاستثماري الخ.
§ التغاضي عن العقوبات المالية وغيرها المفروضة على البعض لا بل مكافأتهم
بتعيينهم في مواقع وظيفية لا يستحقونها.
وكل هذه الأشكال
من الفساد الإداري وغيرها قائمة الآن بفضل نظام المحاصصة الطائفية والاثنية التي
تأسست مع الاحتلال الأمريكي عام 2003.
قد يرى البعض ان
عقد مقارنة مع ما كان قائماً في عهد البعث ليس مناسباً من وجهة نظر سياسية
وبالتالي يجب عدم الخوض فيه. نعرف بأن هذا
العهد، وكما يصفه د. كاظم، كان دموياً مستبداً وفاسداً وأهوجاً، ولا خلاف في هذا
التقييم لكن البحث التاريخي يستدعي الوقوف أمام بعض التفاصيل، وما يخصنا منها ينصبُّ
على قطاع التأمين الذي كان حكراً على القطاع العام بشركاته الثلاث منذ 1964 وحتى
1997. وقد كان د. كاظم حبيب أميناً لحسه
التاريخي بقوله "واتفق تماماً مع ضرورة دراسة هذه الفترة والتمعن والتدقيق في
الاتهامات الموجهة لقطاع التأمين."
نكتفي هنا بذكر
تجربتنا في التعين في شركة التأمين الوطنية (1968) في عهد الأستاذ عبد الباقي رضا.[8] وكذلك التمعن في حقيقة أن الأستاذ عبد الباقي
رضا، مدير عام شركة التأمين الوطنية (1978-1966)، والدكتور مصطفى رجب، مدير عام
شركة إعادة التأمين العراقية (1980-1960)، احتفظا بمنصبيهما دون أن تكون لهما أية
علاقة بحزب البعث ومن رأينا أن الصورة
ليست دائماً بهذا الصفاء فربما هناك ما ينتقص منها، ولن نعرف ذلك إلا من خلال
البحث الذي لا يخاف من نتائجه.
وضع رؤية علمية
حديثة ومتقدمة، شاملة وموضوعية، لنشاط التأمين بالعراق
كتب د. كاظم حبيب
ما يلي:
حين أتحدث عن التأمين وإعادة التأمين أقصد به مجالات التأمين كافة، ولهذا
أطالب بوضع رؤية علمية حديثة ومتقدمة، شاملة وموضوعية، لنشاط التأمين بالعراق وفي
جميع جوانبه وفي علاقته العضوية مع جميع فروع الاقتصاد الوطني وقطاعاته والمجتمع
والرعاية الاجتماعية، إذ أن الوعي بأهمية ودور وفوائد التأمين ليس مغيباً عند
الناس البسطاء حسب، بل وعند جميع الأوساط الحاكمة بالعراق. ومن المؤسف حقاً أن
تفتقد مسودة برنامج الحزب الشيوعي العراقي لفقرة خاصة تشير إلى دور التأمين
وأهميته للاقتصاد والمجتمع بالعراق، وأعتقد أن مؤتمره العاشر سيضيفها إلى
البرنامج.
لقد قام العديد
من مستشاري حكومات ما بعد 2003 بجهود غير معلنة لتطوير قطاع التأمين، وحشر البعض
الآخر نفسه، من داخل قطاع التأمين وخارجه، وبنية حسنة، في تناول هذا الموضوع. لكنه من المؤسف أن تشاور هؤلاء مع
"أركان" التأمين، في الداخل أو الخارج (هناك عدد كبير من ممارسي التأمين
العراقيين في الخارج يحتلون مواقع مهمة ولديهم معارف وخبرات واسعة) إما كان ضيقاً
أو مفقوداً. إضافة إلى ذلك فإن الدراسات
التي قاموا بإعدادها لم تنشر وبذلك فقد ضاعت الفرصة لمناقشة أطروحات تطوير القطاع.
وكما بيّنتُ في
أكثر من مقالة منشورة في مجلة التأمين العراقي وموقع شبكة الاقتصاديين العراقيين،
حول برامج الحكومات وبيانتها التي تضم إشارات غير مكتملة للتأمين وغير مقترنة
بدراسات معمقة، فإن الأوساط الحاكمة، على المستوى الاتحادي ومستوى إقليم كوردستان،
ليست لها رؤية تجاه النشاط التأميني الوطني.
وقل مثل ذلك بالنسبة للبرلمان.
التأمين هو يتيم
القطاع المالي رغم أهميته الكامنة في إدامة الإنتاج المادي في القطاعات الأخرى، والمساهمة
في الخروج من أسر القيم العشائرية في التعامل مع ما يقع بين الناس من اختلاف عند
وقوع الأضرار والإصابات، وتجميع الأرصدة القابلة للاستثمار.
أما الأحزاب فإن
موضوع التأمين غائب عن تفكيرها حسب المعلومات المتوفرة لدينا باستثناء الحزب
الشيوعي العراق الذي أبدى اهتماماً متقطعاً بالنشاط التأميني.[9]
بول بريمر ودوره
السيئ في الاقتصاد العراقي، وبضمنه التأمين وإعادة التأمين
يقول د. كاظم:
لقد لعب بريمر دوراً سيئاً في الاقتصاد العراقي، وبضمنه التأمين وإعادة
التأمين، وترك آثاره السلبية والسيئة على الوضع كله.
لقد حاولت في
أكثر من مقالة تتبع الإجراءات التي أقدم عليها بول بريمر لإعادة هيكلة قطاع
التأمين العراقي، وكان في باله ومستشاريه، أساساً، الشركات العامة الثلاث (شركة
إعادة التأمين العراقية، شركة التأمين الوطنية، شركة التأمين العراقية).
ففي المسودة
الأولى لقانون تنظيم أعمال التأمين، المكتوبة باللغة الإنكليزية، أعد الخبير الأمريكي
المعتمد نصاً أميناً لليبرالية الجديدة في مجال التأمين. وقد تم التخفيف من آثارها عند إعداد النص
العربي. وقد تتبعت ذلك في عدد من الدراسات
جمعتها في كتاب.[10] وقبل ذلك قام بمحاولة "العلاج من خلال
الصدمة" وفي غضون بضعة أشهر من خلال إعادة هيكلة سوق التأمين العراقي. وفي دراستي للموضوع في 2004 ذكرت الآتي:
إن
تفكيك الشركات العامة الثلاث وتحويلها إلى شركات متخصصة يعكس السياسة العامة لسلطة
الأتلاف المؤقتة لخصخصة الاقتصاد. ومن هنا
منشأ خطة خصخصة شركتي التأمين العامتين على مرحلتين وإلغاء شركة إعادة التأمين ضمن
الإطار العام لإعادة هيكلة الاقتصاد العراقي المنوط بالشركة الاستشارية بيرنغ
بوينت. وهكذا سيجري الاكتتاب العام بـ 49%
من أسهم الشركات الأربع الجديدة عند تأسيسها وإبقاء 51% من الأسهم للدولة مؤقتاً
كي تُعرض للاكتتاب العام في نهاية 2004.
ليست هناك وثائق معلنة تصفُ هذه التغييرات الجذرية المقترحة، أو تُفصّل
الحجج الاقتصادية لإصلاح قطاع التامين والأسباب التي تستدعي ضرورة تفكيك شركتي
التأمين المباشر لخصخصتها وإلغاء شركة إعادة التأمين.[11]
حقاً كان دور
بريمر سيئاً كما يشهد عليه مراحل إعداد قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، فقد
وضع هذا القانون، رغم إيجابياته في مجالات معينة، الأساس لتجاوز شركات التأمين
العراقية، مثلما ساهم دعاة الليبرالية الجديدة في حكومات المحاصصة في تأكيد هذا
التجاوز بصيغ مختلفة: الحرية في التأمين خارج العراق، كما هو الحال في تأمين الاستثمارات،
عدم نص عقود الدولة على فقرة التأمين (بعض العقود خالية تماماً من إي إشارة
للتأمين)، صياغة عقود الاستيراد على أساس سيف (CIF)، إهمال موضوع التأمين في
مشاريع القوانين (كمشروع قانون صندوق الإعمار والتنمية العراقي، ومشروع قانون شركة
النفط الوطنية العراقية). وما زال قطاع
التأمين العراقي يعاني من آثار هذا القانون.
ثقافة التأمين ما بين الإنسان العراقي وأصحاب القرار في دولة المحاصصة
يدعو د. كاظم حبيب إلى
كتابة مقالات مبسطة
تصل إلى الإنسان العراقي في مجال التأمين، وأملي أن يقوم الأستاذ الفاضل مصباح
كمال، وخبراء تأمين أخرين بهذه المهمة، لأن المسؤولين الحاليين لا أمل فيهم في
تطوير قطاع التأمين، باعتباره جزءاً حيوياً وأساسياً وضرورياً من الاقتصاد العراقي
ولا يجوز التعويل عليهم.
أولاً، تكثيف الوعي
بالتأمين وإشاعة الثقافة التأمينية في المجتمع من خلال مقالات مبسطة.
هناك مقالات مبسطة عن التأمين يمكن قراءة البعض منها في المواقع
الإلكترونية مثلما يمكن متابعتها في بعض الكتب التأمينية المنهجية. ومن رأي أن الثقافة التأمينية مسألة تتجاوز
كتابة المقالات المبسطة أو الأكاديمية.
فهناك فقر في وعي دور المؤسسات في تنظيم وإدامة الإنتاج وتقديم
الخدمات. نجد ذلك في نقص الوعي بالتأمين
مثلما نجده في نقص الوعي بالوظيفة الضريبية للدولة.
يرُجِع البعض تدني الوعي التأميني إلى الحرب العراقية الإيرانية
(1988-1980) والغزو العراقي للكويت (1990) وما تبعه من تحرير الكويت، والغزو
الأمريكي للعراق (2003). ويمكن أن نضيف
إليها سنوات العقوبات الدولية (2003-1990) التي ساهمت بشكل مباشر في تآكل دخل
المواطنين وإفقارهم بحيث صار شراء الحماية التأمينية ترفاً لا يقدر عليه إلا قلة
منهم. لكن هذه الإحالة لم تقترن بدراسة
موثقة تجمع بين السبب والنتيجة إذ أنها وردت في سياق مقابلات صحفية سريعة، وغالباً
ما يتركز التعليل على مقارنة بين الوضع القائم وما كان عليه في سبعينيات القرن
الماضي. لا تتوفر لدينا الإحصائيات لقياس
مستوى الوعي التأميني في تطوره التاريخي فهذه مهمة بحثية تقع خارج إمكانياتنا
الحالية.
يتعين علينا أن نتذكر بأن التأمين سلعة غير منظورة، هو وعدٌ بتعويض المؤمن
له في المستقبل إن تعرَّض هو أو أسرته أو أمواله إلى ضرر. معظم الناس لا يستشعرون الحاجة لمثل هذا الوعد
دونكم توفر القدرة المالية لديهم على شراء هذا الوعد. هم أكثر قناعة، بفعل الموروث الديني، وبقراءة
سلبية له، بالقبول بالقضاء والقدر: "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ
اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ." (سورة التوبة، الآية 51)
ديوان التأمين مُلزم بقوة القانون للقيام بدوره
في مجال زيادة الوعي التأميني. فقد جاء في
المادة 6-البند 4 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 أن الديوان يهدف إلى:
تنظيم قطاع التامين والاشراف عليه بما يكفل تطويره
وتامين سوق مفتوح وشفاف وامن ماليا، وتعزيز دور صناعة التامين في ضمان الاشخاص
والممتلكات ضد المخاطر لحماية الاقتصاد الوطني ولتجميع المدخرات الوطنية وتنميتها
واستثمارها لدعم التنمية الاقتصادية، وله في سبيل ذلك القيام بالمهام الاتية:
زيادة الوعي التأميني وإجراء الدراسات والبحوث التأمينية وطباعتها.
المعلومات المتوفرة لا تدل على أن الديوان قد قام بتنفيذ مهمة زيادة الوعي،
أو إجراء الدراسات والبحوث التأمينية، وهذه من شأنها أن توسع دائرة الاهتمام
بالتأمين خارج نطاق شركات التأمين.
ومن رأي أن ديوان التأمين وجمعية التأمين العراقية، التي تمثل شركات
التأمين، ليس لديها برنامج خاص بنشر ثقافة التأمين. صحيح أن بعض الشركات تلجأ إلى الإعلان التجاري
أو الاتصال ببعض الشركات والمنظمات بهدف بيع وثائق التأمين لها أو التعاون معها
بهذا الشأن فيما يخص أعضاء هذه التنظيمات، إلا أن هذا الجهد ينصبُّ على التعريف
بشركة التأمين وبمنتجاتها من وثائق التأمين.
وهذا الجهد يقابله ما تقوم به جمعية التأمين من خلال الندوات والمحاضرات
التي تنحصر فائدتها بمنظميها وبعض المشاركين فيها.
فقر ثقافة التأمين يعكس نفسه في ضعف وربما أحياناً غياب الحملات الإعلانية
المركزة، والمتخصصين الاستشاريين في شؤون التأمين، أو المحامين المتخصصين في تفسير
عقود التأمين، ومقيّمي الأصول لأغراض التأمين، والكاشفين على الأخطار المعروضة
للتأمين (ومعظم هؤلاء لا يرقون في مهاراتهم الفنية إلى ما هو متوقع منهم مهنياً
وبالمقارنة مع ما هو متوفر عالمياً)، والصحفيين الذين يتمتعون بمعرفة تأمينية رفيعة.
ويجد هذا الفقر انعكاساً له في غياب مجلة تأمينية إلكترونية أو ورقية بعد
توقف مجلة (رسالة التأمين) أواخر ثمانينيات القرن الماضي. مثلما ينعكس في غياب حملات أسبوعية أو شهرية،
حسب الحاجة، لترويج منتجات تأمينية محددة.
(لم تقم أية شركة للتأمين
بنشر المعرفة عن تأمينات الحياة من خلال حملات خاصة للتوعية. مثال ذلك شريط فيديو للتوعية بتأمينات
الحياة). وكذلك إجراء مسح ميداني حول الموقف من الخطر (الخطر
الطبيعي، الخطر في المسكن وفي موقع العمل)، والوسائل التي يلجأ لها الناس للتدبر
ضد آثار الخطر، ومكانة التأمين ضمن هذه الوسائل ... الخ.
ونجده أيضاً بالحضور الضعيف أو الغائب عند وقوع حوادث كبيرة، قد تكون لها
تداعيات تأمينية، كاحتلال داعش للموصل، وحادث التفجير الإرهابي في الكرادة، أو
حوادث تفجير/انفجار عدد من آبار النفط.
كما نجده في الصمت المطبق من قطاع التأمين عند وضع مشاريع لقوانين لها آثار
تأمينية على سبيل المثل، مشروع قانون شركة النفط الوطنية العراقية ومشروع قانون صندوق الإعمار
والتنمية العراقي. كما أن قطاع التأمين
غائب عند إعداد موازنة الحكومة. ثم أن
علاقة شركات الـتأمين والجمعية والديوان بوكالات الأنباء والصحف ضعيفة ويباشرها
الصحفيون. وأكاد أن أجزم أن شركات التأمين
والجمعية والديوان ليس له موظف مختص لإصدار البيانات الصحفية عن شؤون عامة ذات
علاقة بالتأمين، أو إطلاق منتج تأميني، أو تنظيم فعالية معينة. بعبارة أخرى، فإنها تفتقر إلى التواصل مع
الجمهور، ومع الشركات الصناعية والتجارية، والدوائر الحكومية وغير الحكومية.
وباختصار، فإن التأمين يكاد أن يكون غائباً في الحياة العامة إلا من خلال
شراء نسبة صغيرة من السكان لوثائق التأمين، وهو موضوع يستحق من يبحث فيه. ولعله من المفيد الإشارة إلى أن الوعي بمؤسسات
أخرى للدولة الحديثة لا تقتصر على التأمين بل تشمل أيضاً ما يمكن تسميته بالوعي
الضريبي. وقد حاولت في بعض دراساتي
المنشورة الإشارة إلى هذا الغياب لدى الأحزاب السياسية العراقية.
ثانياً، المسؤولين
الحاليين لقطاع التأمين لا أمل فيهم في تطوير القطاع، لأن رؤيتهم قاصرة ولا ترى
مؤسسة التأمين كجزء حيوي وأساسي وضروري من الاقتصاد العراقي.
لم يحدد لنا د. كاظم من هم المسؤولون عن قطاع التأمين، وهو موقف مفهوم
بفضل طبيعة مقالته. وأرى أن هؤلاء ممثلون بالآتي:
ديوان التأمين العراقي، شركات التأمين وإعادة التأمين العامة (ثلاث شركات)، وشركات
التأمين الخاصة (حوالي 30 شركة). ويمكن أن
نختصر الفئتين الأخيرتين بجمعية التأمين العراقية التي تضم في عضويتها جميع شركات
التأمين. وليست هناك مؤسسات تأمينية في
العراق غير هذه.
ديوان التأمين، الجهاز الرقابي، ولد هزيلاً سنة 2005، وكغيره من مؤسسات
ما بعد الاحتلال الأمريكي لم يتطور إذ اقتصر دوره على إصدار التعليمات وبعض
الرسائل التنظيمية، وظل موقع رئيس الديوان قائماً بالوكالة حتى اليوم، وعلى أساس
يزعم بأنه طائفي. ووصل الأمر إلى أن من
يحتل موقع رئيس الديوان وكالة هو في نفس الوقت مدير عام أصالة لشركة تأمين عامة،
وهو ما يتناقض مع ما لا يجوز لأن الجمع بين هذين الموقعين فيه تضارب في المصالح. الديوان هو في أسفل هيئات الرقابة في العالم
العربي دونكم الهيئات العالمية، من حيث فعاليته في الإشراف على النشاط
التأميني. لم يصدر الديوان منذ تأسيسه
ورقة موقف تجاه أية قضية تأمينية أو مسألة لها علاقة بالتأمين. موقعه الإلكتروني توقف عن العمل. ويؤدي مهامه المحددة في قانون تنظيم أعمال
التأمين لسنة 2005 كأي جهاز بيروقراطي.
جمعية التأمين العراقية ليست بأحسن حال من الديوان فهي الأخرى لم تطور
عملها إلا في حدود ضيقة كتنظيم دورات تدريبية وعقد بعض اللقاءات، إلا أن حضورها في
المجتمع، كالديوان، غائب أيضاً. وهي
كالديوان لا تعير اهتماماً حقيقياً بما له علاقة بالنشاط التأميني إذ أن دائرة
اهتمامها محصورة بمصالح أعضائها وليس مكانة التأمين في الاقتصاد الوطني. وهي ومنذ تأسيسها سنة 2005 لم تقم بإصدار مجلة
تأمينية ورقية أو إلكترونية يمكن أن تساهم في إشاعة وعي تأميني خارج دائرتها
الضيقة.
أما شركات التأمين فهي مهتمة بتحقيق الأرباح والحفاظ على حصتها من أعمال
التأمين في السوق. ليس لمعظمها خطط عمل
سنوية واستراتيجية، وكوادرها دون المستوى المطلوب فنياً. يكتشف المرء ذلك من قراءة ما يصدر منها من
رسائل وتقارير بالعربية أو الإنكليزية.
نعرف بأن التخطيط المركزي صار موضوعاً للإدانة، وحتى التخطيط
التأشيري لا يجد له حضوراً. وهكذا لم يشهد
قطاع التأمين تخطيطاً أو سياسة معينة تروج لها الحكومة. ويتخبط مستشارو الحكومة بتقديم أفكار لإدخال هذا
المنتج التأميني أو ذاك ودعم شركات القطاع الخاص ثم لا نسمع شيئاً عنها.
حكومات ما بعد 2003 مهووسة بالاقتصاد الحر وبمفاهيم الليبرالية الجديدة
لكنها وبرغم هذا الهوس لم تقدم على ما يساعد في النهوض بقطاع التأمين وتوطين النشاط
التأميني. هي لم تعمل على تعديل المواد
الضارة بالقطاع في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. وهي لم تُعر اهتماماً حقيقياً بإجراء التأمين
من قبل المستثمرين مع شركات تأمين عراقية إذ تركت لهم حرية التأمين في العراق أو
خارجه (الموقف ذاته ينطبق على قانون الاستثمار في إقليم كوردستان). وحتى أحكام التأمين في عقود جولات التراخيص
صيغت بشكل بحيث صار دور شركات التأمين العراقية مهمشاً. وهكذا فشلت هذه الحكومات في خلق البيئة
القانونية لعمل شركات التأمين وحرمتها من فرصة تطوير أعمالها.
هناك أزمة في إدارة الدولة ومؤسساتها مثلما هناك أزمة في إدارة الاقتصاد
"الوطني" ولذلك فإن وضع قطاع التأمين يشكل صورة مصغرة لمثل هذه الأزمة.
4 كانون الثاني/يناير 2016
ونشرت
كذلك في مجلة التأمين العراقي الإلكترونية:
[6] مصباح كمال، أوراق في تاريخ التأمين في العراق: نظرات
انتقائية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2011)، 136-109. النسخة الإلكترونية من الكتاب متوفرة في المكتبة
الاقتصادية، شبكة الاقتصاديين العراقيين:
[7] مصباح كمال، "مؤيد الصفار: مكتتب ومدير في شركة
تأمين عامة،" الثقافة الجديدة، العدد 380، كانون الثاني 2016، ص
57-66. نشرت المقالة أيضاً في موقع شبكة
الاقتصاديين العراقيين ويمكن قراءة النص باستخدام هذا الرابط:
أو
ولي مقالة تلقي بعض
الضوء على أحد مظاهر الفساد في قطاع التأمين في فترة ما بعد 2003: مصباح كمال،
"وصل القبض بديلاً عن التأمين،" مجلة التأمين العراقي
[8] أنظر:
عبد الباقي رضا، فاروق يونس ومصباح كمال، "شذرات من التاريخ المروي والذكريات
الشخصية حول التأمين في العراق،" شبكة الاقتصاديين العراقيين:
لدي مجموعة من رسائل
الأستاذ عبد الباقي رضا، مجموعة كمسودة لكتاب بعنوان رسائل في السيرة الذاتية
والتأمين لم ينشر بعد، تضم وقائع مهمة في إدارته لشركة التأمين الوطنية في عهد
البعث.
[9] مصباح كمال، الاحزاب العراقية والتأمين: قراءة أولية
في موضوعة حضور وغياب التأمين - الحزب الشيوعي العراقي نموذجاً (مكتبة التأمين
العراقي، 2016). الكتاب متوفر في موقع شبكة
الاقتصاديين العراقيين:
[10] مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005:
تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014). نشرت النسخة الإلكترونية في موقع شبكة
الاقتصاديين العراقيين.
نشرت الدراسة أيضاً تحت
عنوان "ملاحظات نقدية حول إعادة هيكلة سوق التأمين
العراقي،" الثقافة الجديدة، العدد 314، 2005، ص 48-58.
[12] كتبت الفقرات التالية أصلاً
كجزء من مقابلة أجراها السيد مصطفى الهاشمي، المحرر الاقتصادي لجريدة الصباح،
معي في كانون الأول 2016.