الرقابة على التأمين:
من قانون السيكورتاه إلى ديوان التأمين العراقي
مصباح كمال
تقديم
كتبنا في دراسة سابقة أن "تجربة الديوان [ديوان التأمين العراقي] جديدة على سوق التأمين في العراق، وعلى الأطراف المعنية، ونعني القائمون على إدارة الديوان وشركات التأمين العاملة في السوق على حد سواء، التحرك برفق، ضمن المعطيات القائمة، بهدف إعلاء مكانة التأمين مع الاهتمام دائماً بمصالح المؤمن لهم. لا نعرف إن كان هناك نقاشاً مفتوحاً بين هذه الأطراف، وهي ضرورية في هذه المرحلة التأسيسية لنظام الرقابة. كنا نمني أنفسنا أن يقوم البعض بالبحث، مثلاً، في الموضوع في جانبه التاريخي والاقتصادي (كلفة التماثل مع المتطلبات الرقابية وتأثيرها على التنافسية وآثارها المستقبلية على أسعار التأمين). وقد اقترحنا، كبداية، التثقيف بأهمية الوظيفة الرقابية من منظور تاريخي، وكنا نعني تحديداً تطور هذه الوظيفة بدأً بالمؤسسة العامة للتأمين ومن ثم وزارة المالية لحين قيام الديوان." (1)
ونحاول هنا تحقيق بعض ما كنا نتمناه. هذه ورقة أولية للربط بين الماضي والحاضر، والتذكير بغياب الدراسة المستقلة للرقابة على النشاط التأميني رغم صدور العديد من القوانين بشأنها وممارسة الرقابة من خلال هذه القوانين من قبل المختصين من الأفراد والمؤسسات. وهذه الورقة أولية أيضاً لأننا لم نتوفر على جميع القوانين ذات العلاقة، ولم نطلع على مطبوعات عن تجربة ممارسة الرقابة وتطورها والقائمين عليها. إضافة إلى ذلك، فنحن نقدم هنا مسحاً سريعاً للرقابة التأمينية على مدار قرن كامل (1905-2005)، وهذا مشروع طموح وشاق يتجاوز قدراتنا وقد خضنا فيه بعد كثير من التردد. ونود تنبيه القارئة والقارئ إلى بضعة أمور ومنها جوانب للموضوع لم نقم بتغطيتها في هذه الورقة.
في عرضنا للموضوع قمنا قصداً بتثبيت نصوص قانونية مطولة لإبراز اهتمام المشرّع على مدى عقود بجوانب مختلفة من الوظيفة الرقابية وإظهار مدى التواصل التاريخي في التشريعات التأمينية.
تركز هذه الورقة على تطور الرقابة التأمينية لكن التركيز انتقائي ينحصر معظمه في المفردات القانونية الخاصة بحماية حقوق المؤمن لهم. ولذلك فإن المسح الواسع النطاق لم يفصل العديد من القضايا التنظيمية: ترخيص الشركات لمزاولة النشاط التأميني، التنظيم الداخلي للشركات بضمنها مسك السجلات والحسابات، الملاءة المالية والاحتياطيات، ترخيص الشركات الأجنبية وفروعها. هذه وغيرها يمكن أن تكون موضوعاً لدراسات مستقلة.
ولم نأتي على ذكر اقتصاديات الامتثال للأنظمة الرقابية، وهذه تستحق دراسة بحد ذاتها وهي مهملة بالمرة عند الحديث عن الرقابة. ومن باب التعميم يمكن القول إن الأنظمة الرقابية في العراق لا تتصف بالكثير من التعقيد والتدخل التفصيلي لجهاز الرقابة في نشاط الشركات كما هو عليه الوضع في الدول الأوروبية مثلاً وخاصة في العقود الأخيرة. وهذا قد يفسر لنا غياب الاهتمام بالكلفة الاقتصادية والإدارية لتطبيق قواعد الرقابة.
هناك أمر آخر أهملناه في هذه الورقة وهو الخلفية الاقتصادية للقوانين الرقابية. ويمكن الزعم أن هذه القوانين تعكس طبيعة النظام الاقتصادي القائم وتوجهاته مقترناً بمنظومة إيديولوجية. ولنا في المقارنة بين توجهات قانون سنة 1960 (التأكيد على تدخل الدولة) وقانون سنة 2005 (التأكيد على الانفتاح والحرية الاقتصادية) خير مثال على ما نزعمه. ومع هذا يمكن أن نكتشف خيطاً مستمراً منذ قانون 1936 يميل نحو إعطاء الدولة دوراً حازماً في تنظيم عمل شركات التأمين.
كما اننا لا نركز في هذه الورقة على عرض المبادئ الرقابية إذ يمكن التعرف عليها من خلال قراءة ما هو منشور عنها وخاصة الوثائق القيمة التي أصدرتها الجمعية الدولية لمشرفي التأمين International Association of Insurance Supervisors (IAIS) أو تلك التي أصدرتها بعض الهيئات الرقابية في أوروبا. ولذلك ومن باب التمهيد لدراستنا سنكتفي بعرض سريع لمفهوم الرقابة على التأمين.
ونأمل من إعدادنا لهذه الورقة تشجيع البعض للتصدي للدراسة النقدية العميقة لتاريخ الرقابة على التأمين في العراق وكذلك الجوانب التي أشرنا إليها هنا.
مفهوم الرقابة
تقوم الدولة عادة، أو من ينوب عنها من مؤسسات مستقلة أو شبه مستقلة، بالإشراف على النشاط التأميني. ومن باب التبسيط، يمكن القول إن ما يستدعي التدخل الرقابي للدولة هو طبيعة هذا النشاط الذي يقوم على تجميع أقساط التأمين من عدد كبير ممن يشتري الحماية التأمينية (المؤمن لهم) والاستفادة منها في تعويض عدد أصغر من المؤمن لهم ممن يتعرضون للخسارة في أموالهم وأبدانهم أو للمساءلة القانونية الناشئة عن أفعالهم. وبهذه الصفة فإن الشركات والجمعيات وغيرها من المؤسسات التي تمارس النشاط التأميني هي بمثابة القيم على أقساط التأمين.
ولكي تضمن حقوق المؤمن لهم بالتعويض يتدخل المشرع لضمان الملاءة المالية لشركات التأمين كي تكون قادرة على مواجهة التزاماتها بالتعويض. وهكذا تشرع القواعد الرقابية بشأن ترخيص الشركات لمزاولة التأمين (وهو مبدأ أساسي)، رأسمال الشركات، سياساتها الاحتفاظية وغيرها. وبالطبع فإن شركات التأمين تخضع لذات القوانين التي تنظم عمل الشركات أياً كان نوعها. وتظل حماية المستهلك، المؤمن له، الغرض الأساس للتشريعات الرقابية الحديثة. (2)
ونزعم أن فهم الرقابة على النشاط التأميني في العراق مشوش وينقصه الوضوح. وهذا ما لمسناه في تحليل نقدي قمنا به لمقالة لأحد العاملين في سوق التأمين العراقي أراد منها تجاوز ما هو قائم من مؤسسات تأمينية ومنها ديوان التأمين لضعفها و قصورها. (3)
ما قبل المؤسسة والديوان: بواكير الرقابة على النشاط التأميني
يرجع تاريخ "الرقابة" على النشاط التأميني إلى أيام الدولة العثمانية حينما كان العراق يشكل جزءاً من الإمبراطورية العثمانية. فقد شهد القرن التاسع عشر أول تشريع لتنظيم صناعة التأمين في الإمبراطورية. نقول هذا اعتماداً على حقيقة أن "أول تشريع لتنظيم صناعة التأمين في الإمبراطورية العثمانية كان في القرن التاسع عشر فالمادة 29 من القانون التجاري الذي صدر في 28 تموز 1850 أشارت إلى التأمين البحري في حين أن القانون التجاري البحري، الذي صدر في 21 آب 1863، كان مكرساً للتأمين البحري.(4) وكان قانون شركات الضمان (أي السيكورتاه) من جملة تشريعات التأمين في العهد العثماني."
تشكل التشريعات العثمانية، ومنها قوانين التأمين، جزءاً من تاريخ التشريع في العراق كما في غيره من البلدان العربية التي كانت خاضعة للإمبراطورية العثمانية. فالمدونة القانونية العثمانية المعروفة باسم مجلة الأحكام العدلية (5) ظلت نافذة في العراق حتى أوائل خمسينات القرن الماضي مثلما ظل قانون الضمان (السيكورتاه) نافذاً. وكان التشريع العثماني (سن "القوانين" تميزاً لها عن "أحكام" الشرع) في غالبه منصباً على تلك المجالات التي لم تكن موضوعاً للشريعة الإسلامية أو قل أن الشريعة لم تقترب منها بالتفصيل لكونها تمثل ظواهر حديثة كما هو الحال بالنسبة للنشاط التأميني.
القول إن قانون شركات الضمان (أي السيكورتاه) الملحق بالقانون التجاري العثماني (صدر سنة 1904) هو أول قانون لتنظيم عمل شركات التأمين فيه تعسف. وكما يوضح الأستاذ بديع السيفي فإن "تسمية القانون خاطئة إذ أنه ليس قانوناً لشركات الضمان بل قانون للتأمين أو الضمان أي السيكورتاه."(6) وهو بهذه الصفة يضم عناصر تدخل في صلب عقد التأمين وليس تنظيم شركات التأمين والرقابة عليها. ونفترض أن تنظيم الشركات، وبضمنها شركات التأمين، كان يخضع لقانون التجارة العثماني. ومع إقرارنا بصحة تقييم الأستاذ السيفي يمكن النظر إلى قانون السيكورتاه باعتباره محاولة بدائية للتنظيم شملت عملية إصدار وثائق التأمين (المادة 2). نقول هذا وفي بالنا أن الهيئات الرقابية تطلب من شركات التأمين تزويدها بنماذج وثائق التأمين للاطمئنان على صحة صياغتها فيما يخص الشروط العامة والخاصة والأسس الفنية التي تقوم عليها. وقد تتدخل هذه الهيئات وتطلب من الشركات تعديل الوثائق التي تضم عيوباً. إضافة إلى ذلك، وفي السياق التاريخي للنشاط التأميني المحلي، كونه محصوراً لدى شركات ووكالات تأمين أجنبية، فإن تنظيم عقد التأمين وتحديد أنواع معينة من التأمين شكلت البدايات للتشريعات التالية.
ظل قانون السيكورتاه سائداً لفترة طويلة قبل صدور أول تشريع تأميني عراقي (مماثل له فقط من حيث العنوان): قانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936 الذي صدر في 1 نيسان 1936. وهو، كما يدل عليه اسمه، أول محاولة جادة للإشراف على عمل شركات التأمين الأجنبية العاملة في العراق وتنظيم الملاءة المالية لها لضمان حقوق المؤمن لهم.(7) في ذلك الوقت لم تكن هناك شركات تأمين عراقية وطنية إذ أن أول شركة تأمين عراقية، شركة الرافدين للتأمين، تأسست سنة 1946 وحتى هذه الشركة لم يكن رأسمالها عراقياً صرفاً إذ كانت الحصة الأجنبية فيه 60%. (8)
وقد ذكرنا في دراستنا "إطلالة على بواكير التأمين والرقابة على النشاط التأميني في العراق" أن العراق لم يشهد وجود شركة تأمين عراقية وطنية قبل الحرب العالمية الثانية ولم يكن النشاط التأميني، بشكله المؤسسي التجاري، معروفاً في العراق. وتفيد المعلومات المتوفرة أن شركتين بريطانيتين هما Provincial Insurance Company, Assurance Company Guardian بدأتا العمل في العراق سنة 1920.(9) وفيما يلي سنعتمد على هذه الدراسة.
يضم هذا القانون (ملغى) 13 مادة، ويشكّل أول محاولة جادة في الإشراف على عمل شركات التأمين المحلية (ليست لدينا معلومات عن وجود مثل هذه الشركات) والأجنبية. نلاحظ على هذا القانون أولاً تركيزه على ما يسميه "الحياة البشرية" فهو يميز بين التأمين على الحياة، والتأمين بالأقساط وضمان رؤوس الأموال رغم أن ما يسمى التأمين بالأقساط شكل من أشكال التأمين على الحياة (المادة 1). أما أنواع التأمين الأخرى، كالتأمين من الحريق والشحن البحري، فلا يرد نص مخصص بشأنها وتكتفي المادة 2 من القانون بذكر "أعمال التأمين الأخرى" كما يلي:
"على كل شركة من الشركات التي تتعاطى أي نوع من أعمال التأمين سيغورطة في العراق سواء أكان لها مكتب خاص في العراق أو وكيل يمثلها فيه أو تودع باسمها لدى أحد المصارف التي يعينها وزير المالية: 1 - مبلغاُ من النقود لا يقل عن 10000 دينار لقاء التأمين على الحياة أو التأمين بالأقساط أو إطفاء رؤوس الأموال أو كلها. 2 - مبلغاً من النقود لا يقل عن 5000 دينار لقاء أعمال التأمين الأخرى.
"
ويظهر من هذا النص أن الشركات التي يشير إليها القانون هي شركات غير عراقية ("سواء أكان لها مكتب خاص في العراق أو وكيل يمثلها فيه") إذ لم يكن وقتها قد تأسست شركة تأمين برأسمال عراقي.
وفيما يخص تحديد أعمال التأمين الأخرى، وهو ما تأتي تشريعات الرقابة على ذكره، فإن قانون تعديل قانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936 (الوقائع العراقية، العدد 1896، 4/7/1941) بين ذلك في المادة 1 من قانون التعديل:
" أنواع التامين الأخرى وهي عبارة عن المقاولات التي تعقد للتامين ضد الحريق والحوادث وأخطار العمل وما يتسبب عنها من عاهات وأخطار التلف أو التدمير أو الضياع أو السرقة وإخطار النقل البري والبحري والجوي وخيانة الأمانة وكافة الأخطار والعوارض التي لم ينص عليها صراحة في هذا القانون."
ربما كان هذا القانون أول تشريع في العراق ينص على الملاءة المالية لشركات التأمين إذ تنص المادة 6 على قيام الشركات "مرة على الأقل في كل ثلاث سنوات بتحريات عن أحوالها المالية بما في ذلك تقدير الديون والموجودات وذلك بواسطة محاسب أخصائي في أعمال التأمين .." ولعل المراد بالمحاسب الأخصائي الخبير الإكتواري أو المحاسب القانوني وقد نكون مخطئين بهذا الشأن إذ أن العراق لم يختبر وجود اكتواري متفرغ للعمل في شركة تأمين.
كما أن هذا القانون ربما كان أيضاً أول تشريع عراقي ينظم عمل شركات التأمين الأجنبية. وتنص المادة 7 بهذا الشأن:
"لا يجوز لشركة أجنبية أن تتعاطى في العراق أعمال التأمين على الحياة أو التأمين بالأقساط أو ضمان رؤوس الأموال ما لم يكن لديها رأس مال مكتتب يعادل على الأقل مائة ألف دينار."
وجرى تعديل بسيط لهذه المادة بموجب قانون تعديل قانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936: استبدال رأس المال المكتتب (رأس المال المصرح به الذي اكتتب به المساهمون في الشركة) برأس المال المدفوع (المبالغ التي سددها المساهمون لقاء الأسهم التي اكتتبوا بها). التأكيد على رأس المال المدفوع هو من باب ضمان أن شركة التأمين لها الملاءة المالية لمزاولة العمل ومقابلة مسؤولياتها.
بعد صدور قانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936 صدر نظام إجازات وكلاء شركات التأمين رقم 25 لسنة 1936 (الوقائع العراقية، العدد 1522، 6/18/1936) وضم خمس مواد.
"مادة 1 يجب ان تستوفى الاجازة المنصوص عليها في المادة الثامنة من قانون شركات التامين رقم 74 لسنة 1936 للقيام بأعمال وكالة شركة من شركات التامين الشروط التالية: 1- ان يكون لدى الوكيل وكالة تخوله الصفة القانونية .... 2 - ان يكون الوكيل: ا - قد بلغ 21 سنة من العمر. ب – غير محكوم عليه بجناية أو بجنحة مخلة بالشرف. ج - غير محكوم عليه بالإفلاس إلا اذا استعاد اعتباره. د - معروفا بالاستقامة وحسن السلوك. هـ - ان يكون مسجلا في غرفة التجارة.
وقد خضع هذا النظام للتعديل بموجب نظام تعديل نظام إجازات وكلاء شركات التأمين رقم 25 لسنة 9361 (الوقائع العراقية تاريخ 30 أيار 1938). أنصب التعديل على الفقرة 2 من المادة 1 وبموجبه ألغيت الفقرة 2 من المادة الأولى وحلت محلها الفقرة التالية:
"2 – ان يكون الوكيل: ا – شخصا حكميا معترفا بشخصيته الحكمية بمقتضى القوانين العراقية النافذة ومسجلا في غرفة التجارة. ب – شخصا حقيقيا بالغا 21 سنة من العمر، ومعروفا بالاستقامة وحسن السلوك وغير محكوم عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف ولا بالإفلاس إلا اذا استعاد اعتباره ومسجلا في غرفة التجارة."
أهمية هذا التعديل تكمن في الاعتراف بالوكيل التأميني كشخصية حكمية إضافة إلى الوكيل كشخصية حقيقية. وهذا يؤشر إما على تطور في مزاولة التأمين خلال سنتين أو انتباه المشرّع لنقص في نظام إجازات وكلاء شركات التأمين رقم 25 لسنة 1936.
وجاء في المادة 3 من نظام إجازات وكلاء شركات التأمين رقم 25 لسنة 1936 نص بوقف إجازة شركة التأمين أو وكيلها في حالة: مخالفة أحكام قانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936، إهمال حقوق حملة وثائق التأمين، خلل في الوضع المالي لشركة التأمين يستوجب زيادة الضمانة أو هبوط قيمة الضمانة. هذه الشروط يراد منها حماية حقوق المؤمن له إلا أن النص، كما هو عليه، لا يتوسع فيما يخص استرداد مثل هذه الحقوق من الشركة المخالفة لأحكام القانون. كما أن النص لا يذكر فرض غرامة مالية معينة على الشركة المخالفة.
قانون شركات ووكلاء التأمين رقم (49) لسنة 1960
جاء هذا القانون لدمج وتوحيد وتحديث القوانين القائمة. فعند ذكر الأسباب الموجبة نقرأ:
إن القوانين التي تحكم شركات التأمين وهي الجانب الشكلي من أعمال التأمين موزعة في العراق على عدة قوانين وهي قانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936 وتعديلاته وقانون شركات الضمان (السيكورتاه) الصادر في العهد العثماني وقانون الشركات التجارية رقم 31 لسنة 1957 ونظام إجازات وكلاء التأمين رقم 25 لسنة 1936.
إن تعدد هذه القوانين وقدمها وتشتت أحكامها وافتقارها إلى وحدة الهدف حمل وزارة التجارة على تهيئة لائحة قانونية جديدة لشركات التأمين تحل محل المشار إليها .."
ويتألف هذا القانون من 64 مادة موزعة في تسع فصول هي:
الفصل الأول: تعاريف
الفصل الثاني:أنواع التأمين
الفصل الثالث: شركات التأمين
الفصل الرابع: فروع شركات التأمين
الفصل الخامس: وكلاء التأمين
الفصل السادس: إجازة التأمين
الفصل السابع: السجلات
الفصل الثامن: المعلومات
الفصل التاسع: مواد متفرقة
تستجيب هذا الفصول لمهام الرقابة التي تقوم بها الدولة من خلال وزارة التجارة لإلزام الشركات بالإبقاء على ودائع مصرفية، واحتياطيات ونسب من أقساط التأمين لمقابلة المطالبات، وتعين مراقب للتأمين في مديرية التسجيل ومراقبة الشركات العامة (المادة 1-البند 2) وشروط إجازة شركات التأمين، وضبط حسابات الشركات العراقية والأجنبية وغيرها.
ويأتي ذكر حملة وثائق التأمين في الفصل السادس: "إذا ثبت بصورة قاطعة أن حامل وثيقة التأمين قد طالب المؤمِن بطلب معقول فأهمله ولم يجب بعد تسعين يوماً من تاريخ تقديمه أو إذا امتنع عن تنفيذ حكمٍ اكتسب الدرجة القطعية" عندها "يجوز للوزير إيقاف إجازة التأمين الممنوحة بموجب هذا القانون للمدة التي يرتأيها على أن لا تتجاوز السنة أو إلغائها." (المادة 35). ويأتي ذكرهم أيضاً في الفصل التاسع (المادتين 52 و 53) كما سنفصل لاحقاً.
المؤسسة العامة للتأمين
تأسست "(المؤسسة العامة للتامين) - وتشمل جميع منشات التامين وإعادة التامين التي تمتلك الحكومة الان او في المستقبل كامل رأسمالها" كإحدى المؤسسات التابعة للمؤسسة الاقتصادية (المادة 4 من قانون المؤسسة الاقتصادية رقم (98) لسنة 1964). وكانت المؤسسة الاقتصادية تضم أيضاً المؤسسة العامة للصناعة والمؤسسة العامة للتجارة.
وقد عُدّل هذا القانون بموجب قانون المؤسسة العامة رقم (166) لسنة 1965 الذي ورد في المادة 1 منه:
"تنشا بهذا القانون المؤسسات العامة الآتية وتكون منها [لها] شخصية ممونة [معنوية] واستقلال ملي [مالي] وإداري مركزها في بغداد وترتبط إداريا بالوزارة المبينة إزاءها.
1- المؤسسة العامة للتجارة – وزارة الاقتصاد
2- (المؤسسة العامة للتامين) – وزارة الاقتصاد
3- المؤسسة العامة للصناعة – وزارة المالية"
هل كان للمؤسسة دور رقابي على النشاط التأميني؟
عند قراءة النظام الداخلي للمؤسسة العامة للتأمين (الوقائع العراقية، العدد 1020 في 18-10-1964) و 1965) لا نعثر على نص صريح يُفصّل المهام الرقابية على المنشآت التابعة للمؤسسة لكن نظام سنة 1964 يذكر صلاحيات مجلس إدارة المؤسسة (المادة 8) وتشمل 15 فقرة من بينها ما يخص الوظيفة الإشرافية:
الإشراف على المنشآت التابعة للمؤسسة
اقتراح لوائح القوانين والأنظمة المتعلقة بالمؤسسة
إصدار التعليمات المُوَجِهة للمنشآت التابعة والمنسقة لأعمالها
اتخاذ كل ما ينبغي لتنظيم سوق التأمين العراقية
وضع أسس الرقابة على المنشآت لضمان سلامة عملها
كما يضم النظام مادة برقم 15 عن الدائرة القانونية للمؤسسة ومن مهامها:
1- تقديم الاستشارات والبحوث القانونية للمؤسسة والمنشآت.
2- دراسة وإعداد لوائح القوانين والأنظمة ذات العلاقة بأغراض المؤسسة.
3- مراقبة وتطبيق القوانين والأنظمة المرعية في المؤسسة والمنشآت.
4- تجميع قرارات المحاكم المتعلقة بأعمال التأمين وتبويبها والتعليق عليها ودراستها دراسة مقارنة.
تشكل هذه المواد إطاراً عاماً لتحديد تفاصيل الوظيفة الرقابية لكن نطاق التطبيق ليس معروفاً لدينا.
لا ندعي معرفة بما كتب عن تاريخ قطاع التأمين في العراق لكننا نميل إلى تأكيد أن ما كتب عن المؤسسة العامة للتأمين هو أقل القليل. وإذا جاء ذكر له فهو كالتالي:
إن سوق التأمين في العراق يضم الآن المؤسسة العامة للتأمين التي ترتبط بوزارة الاقتصاد ومن منشآت هذه المؤسسة الشركات الثلاث المذكورة: 1- شركة التأمين الوطنية ... 2- الشركة العراقية للتأمين على الحياة ... 3- شركة إعادة التأمين العراقية .. (10)
وترتبط الشركات هذه [شركة التأمين الوطنية، الشركة العراقية للتأمين على الحياة وشركة إعادة التأمين العراقية] بالمؤسسة العامة للتأمين التي تقوم بدورها بتنظيم أعمال الشركات الثلاث والإشراف على سياساتها وتخطيط أعمالها إلى أن تم إلغاء المؤسسة العامة للتأمين وأصبح ارتباط هذه الشركات بوزارة المالية مباشرة. (11)
ونجد مثل هذا العرض البسيط في كتابات أخرى لاحقاً دون التوقف عند تقييم نقدي لمكانة المؤسسة العامة للتأمين في الإشراف على شركات التأمين وتنظيم سوق التأمين وتدريب الكوادر وغيرها من الوظائف. (12)
لم يغب حماية مصالح المؤمن لهم من ذهن الشارع عند صياغة قانون تعديل قانون شركات ووكلاء التأمين رقم 49 لسنة 1960 الذي صدر في 22 آب 1965 (الوقائع العراقية، العدد 1170، في 14/9/1965) لتنظيم دمج شركات التأمين وشرح الأسباب الموجبة له: تأكيد حماية حقوق المؤمن لهم. نستعرض بعض البنود ذات العلاقة بالموضوع ونبدأ مع قانون شركات ووكلاء التامين رقم 49 لسنة 1960. جاء في المادة 52:
"إذا أرادت شركة مشمولة بنصوص هذا القانون الاندماج مع شركة أخرى واحدة فيجوز للوزير أن يوحد إجازتيهما بعد أن تقدم كلاهما تقريراً مفصلا مؤيداً من قبل مراقب حسابات أو محاسب قانوني أو محاسب أخصائي بأعمال التأمين مبيناً أن الاندماج لا يضرّ حملة وثائق التأمين والأغيار بصورة عامة." [التأكيد من الكاتب]
وتؤكد المادة 53، وتضم بعضاً من إجراءات الدمج، على ضمان مصالح المؤمن لهم وكما يلي:
"1- بعد موافقة الوزير يعلن عن الاندماج قبل إصدار الإجازة لمدة شهر في النشرة وفي إحدى الصحف المحلية ويكون لكل شخص يرى نفسه متضرراً من هذا الاندماج أن يعترض لدى مراقب التأمين الذي يجب عليه إجراء التسوية بين الأطراف فإن لم تتم التسوية فللمعترض الحقّ في مراجعة المحكمة لمنع إجراء الاندماج في خلال شهر من تاريخ نشر إجراءات التسوية وللمحكمة أن تصدر قرارها وترسل نسخة منه إلى مراقب التأمين لتسجيله ويكون قرار المحكمة بهذا الشأن قطعياً وتطبق هذه الأحكام في حالة ما إذا أرادت أي شركة مشمولة بنصوص هذا القانون أن تنقل جميع أعمالها بالعراق إلى شركة أخرى مشمولة بنصوص هذا القانون في العراق.
2- للمحكمة أن تستدعي الخبراء للاسترشاد بآرائهم قبل إصدار قرارها بالقبول أو الرفض."
صدر قانون تعديل قانون شركات ووكلاء التأمين رقم 49 لسنة 1960 سنة 1965 (ويتألف من أربع مواد) لحذف هاتين المادتين وكما يلي:
"مادة 1
تحذف المادة الثانية والخمسون من قانون شركات ووكلاء التامين رقم 49 لسنة 1960 ويحل محلها ما يلي:
المادة الثانية والخمسون: يعتبر القرار الصادر من المؤسسة الاقتصادية في حالة دمج شركة التامين أو أكثر وفقا لأحكام المادة الخامسة من قانون تأميم بعض الشركات والمنشات رقم 99 لسنة 1964 قطعيا في حق ذوي العلاقة والمؤمن لهم والغيار كافة وتحدد المؤسسة الاقتصادية أسس هذا الدمج."
"مادة 2
تحذف المادة الثالثة والخمسون من القانون المذكور ويحل محلها ما يلي:
المادة الثالثة والخمسون: للمؤسسة العامة للتامين أن تقرر نقل محفظة أية شركة تامين عراقية أو فرع أو وكالة تامين أجنبية عاملة أو كانت عاملة في العراق إلى شركة تامين أخرى، ويعتبر قرارها بهذا الشأن قطعيا غير قابل للاعتراض عليه أو الطعن فيه من قبل ذوي العلاقة والمؤمن لهم وكافة الغيار تحدد المؤسسة العامة للتامين أسس نقل المحفظة في كل حالة على حده والمدة التي يجب أن يتم النقل خلالها."
يمكن للقارئ أن يلاحظ الموقف التسلطي ثقيل الوطأة بشأن القرارات القطعية للمؤسسة، فهي غير قابلة للاعتراض والطعن ليس فقط من قبل "ذوي العلاقة" بل أيضاً من قبل "المؤمن لهم." ولعل مرد ذلك أن نقل المحافظ لن يؤثر على مصالح هؤلاء – كما يرد في ملحق القانون ونقتبسه كاملاً:
"عند صدور قانون شركات ووكلاء التامين رقم 49 لسنة 1960 كانت شركات التامين إما أهلية أو أجنبية وكان من الطبيعي ان يهدف المشروع فيما هدف إليه من القانون إلى ضمان حقوق المتعاقدين مع تلك الشركات في حالات الدمج بين شركتين أو أكثر أو نقل أعمال إحداها إلى أخرى فنصت المادتان 52 و 53 من القانون المذكور على إجراءات معينة تقوم بها وزارة الاقتصاد ضمانا لحقوق المتعاقدين باعتبارها الجهة التي تتوافر لديها الإمكانيات للتأكد من سلامة عمليات الدمج والتحويل وعدم إضرارها بحقوق الآخرين ومن تلك الإجراءات القيام بإعلان عن الدمج قبل إجرائه والاعتراض عليه خلال مدة معينة.
وبموجب القوانين الاشتراكية التي صدرت في 14/7/1964 أصبحت أعمال التامين من اختصاص القطاع العام ونقلت ملكية شركات التامين الأهلية إلى المؤسسة الاقتصادية فمنعت الشركات الأجنبية من مزاولة أعمال التامين وعمدت المؤسسة الاقتصادية إلى تكوين شركات متينة ماليا وفنية بتجميع الخبرات والكفاءات من شركات اقل عددا وذلك عن طريق دمج تلك الشركات والمنشات رقم 99 لسنة 1964، أو تخصصها في أنواع معينة من أعمال التامين وقد أقتضى ذلك الإجراء تحويل محافظ أعمالها بما فيها كافة التزاماتها وحقوقها وأموالها بعضها إلى البعض الآخر.
ولما كانت لبعض فروع ووكالات الشركات الأجنبية التزامات يمتد سريانها فترة طويلة فقد لوحظ بان المصلحة العامة مصلحة المتعاقدين مع تلك الشركات تستدعى تحويل محافظ تلك الشركات إلى الشركات العراقة المؤممة المملوكة والمضمونة من قبل المؤسسة الاقتصادية وهي جهة حكومية. وبالنظر إلى ان المؤسسة الاقتصادية تتوافر لديها الإمكانيات الفنية لإتمام عمليات التحويل بشكل سليم يضمن حقوق الأغيار وجد ان الإجراءات التي يتطلبها قانون شركات ووكلاء التامين رقم 49 لسنة 1960 في مادتيه 52 و 53 لا ضرورة لها ولتحقيق الأغراض المتقدمة فقد شرع هذا القانون."
انتهى دور المؤسسة العامة للتأمين في تنظيم القطاع مع صدور قرار مـجـلـس قـيادة الـثـورة في 4/1/1987 وبموجبها انتقلت حقـوقـهـا والتزاماتها إلى الشركات الثلاث الـتـابـعـة لـهـا (شركة التأمين الوطنية، الشركة العراقية للتأمين على الحياة [بعد إلغاء تخصص الشركتين أصبحت تعرف باسم شركة التأمين العراقية] وشركة إعادة التأمين العراقية)، كما انتقلت صلاحيات رئيس المؤسسـة إلى المدراء العامين للشركات فـي كـل ما يـتـعـلـق بالأمور الإدارية والماليـة والفنيـة وحسـب مقتضيات العمل، واحتفظت الشركات باستقلالهـا الـمـالـي والإداري وشخصيتها المعنوية، وتم ربطها لأغراض التنظيم بوزارة الـمالـيـة.
الرقابة على التأمين خلال سنوات الحصار الاقتصادي (1990-2003)
في 3/12/1998 صدر قرار مجلس قيادة الثورة رقم 192(13) للإشراف على قطاع التأمين. وجاء صدور القرار عقب صدور قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 وإلغاء قانون شركات ووكلاء التأمين رقم 49 لسنة 1960. يتألف القرار من سبع مواد نقتبس بعضاً منها.
"أولا – تكون وزارة المالية هي الجهة القطاعية المختصة بنشاط التأمين وإعادة التأمين.
ثانياً – لا يجوز التأمين خارج العراق مباشرة على أشخاص أو أموال موجودة في العراق أو مسؤوليات قد تتحقق فيه.
ثالثاً - لا يجوز للشركات أن تمارس أعمال التأمين وإعادة التأمين قبل الحصول على إجازة من وزير المالية.
خامساً – يصدر الوزير التعليمات في الأمور التالية:
ومن بينها
شروط منح الإجازة
مقدار وديعة التأمين
احتجاز الاحتياطيات وطريقة احتسابها وتوظيفها
أسس وأساليب الرقابة على أعمال الشركات المشمولة بأحكام هذا القرار.
سادساً – يلغى قانون شركات ووكلاء التأمين المرقم ب (49) لسنة 1960."
وبنفس تاريخ القرار صيغت تعليمات من 26 مادة استناداً إلى أحكام البند (خامساً) من القرار، ووقعها وزير المالية في 4/10/1999. جاء في المادة 1 من التعليمات:
يسمي وزير المالية أحد موظفي الوزارة من ذوي الخبرة في التأمين للقيام بأعمال مراقب التأمين يعاونه عدد من الموظفين ويكون ارتباطه بالوزير مباشرة.
نلاحظ هنا أن ارتباط الرقابة بوزارة المالية ظل قائماً وتم النص عليه مجدداً في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. وفي الماضي كانت الوظيفة الرقابية تابعة لوزارة التجارة كما قضى بذلك قانون شركات ووكلاء التأمين رقم 49 لسنة 1960، وقبلها كانت الرقابة مرتبطة بوزارة المالية أيضاً (قانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936).
ويرد في هذه التعليمات مواد عن شروط منح إجازة ممارسة التأمين (المواد 2-8)، ويلاحظ خلو التعليمات من الإشارة الصريحة إلى حماية حقوق المؤمن لهم رغم أهميتها إذ أن الهدف الأساس من تنظيم النشاط التأميني هو ضمان استمرار حماية المؤمن لهم.
ديوان التأمين العراقي
تأسس الديوان تنفيذاً للمادة 5-أولاً من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005:
يؤسس بموجب هذا القانون ديوان يسمى (ديوان التأمين) يتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والإداري، وله تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة اللازمة لتحقيق أهدافه والقيام بجميع التصرفات القانونية ويمثله رئيس الديوان أو من يخوله. (14)
يذكر أ. بديع السيفي أن الديوان قد تأسس فعلاً في سنة 2005 "بالاستعانة بمراقبية التأمين في وزارة المالية."
وجاء في المادة 5- ثانيا من القانون:
يكون مقر الديوان في بغداد وله أن ينشئ فروع له في أرجاء العراق بقرار من رئيسه بموافقة الوزير.
هذه المادة تجد رديفاً لها في النظام الداخلي للمؤسسة العامة للتأمين، المادة 3 وجاء فيها:
يكون مركز المؤسسة بغداد ولها أن تفتح فروعاً لها داخل العراق وخارجه.
وكان ذلك عندما كانت الدولة مركزية. ولم تفتح المؤسسة فروعاً لها داخل العراق. ونحتار في تفسير حرية فتح فروع خارج العراق خاصة وان شركات التأمين العراقية لم تؤسس لها فروعاً في الخارج، وهي إن فعلت فإن أعمالها كانت ستكون خاضعة للقوانين التجارية والقواعد الرقابية في البلدان التي تتواجد فيها.
تغيرت الأحوال منذ 2003 وقيام فرصة إعادة تأسيس الدولة وصدور قانون التأمين لسنة 2005 دون أن نقرأ ما يفيد إنشاء فرع للديوان. المعلومات المتوفرة لا تشير إلى نية إنشاء فروع للديوان خارج العاصمة بغداد. سمعنا عن محاولات للتنسيق بين الديوان والسلطات المعنية في حكومة إقليم كردستان، ربما انصب بعضها على فتح فرع للديوان في الإقليم أو تسوية المطالبات المعلقة بذمة شركة التأمين الوطنية منذ سنة 1991 إلا أن هذه المحاولات لم تنجح. ولعله من المفيد إثارة اقتراح تأسيس فرع للديوان ومناقشته لضمان تطبيق المعايير الرقابية على المستوى الاتحادي، وتحقيق سوق موحد للتأمين، وتسهيل قيام شركات التأمين المؤسسة في الإقليم بمزاولة العمل في كافة أرجاء العراق.
وفيما يخص الكادر الوظيفي ذكر السيفي أن
عدد موظفي الديوان عدا رئيس الديوان حالياً (8) موظفين، ثلاثة منهم من ذوي الاختصاص من العاملين في شركات التأمين، أما الخمسة فهم تعيين جديد.
باشر الكادر المتخصص في الديوان بإعداد وتهيئة مستلزمات تطبيق القانون من أنظمة وتعليمات وأحيلت أعلبها إلى مجلس شورى الدولة لغرض تدقيقها وهي المرحلة التي تسبق نشرها في الجريدة الرسمية.(15)
ليست هناك معلومات متوفرة في العلن عن المؤهلات العلمية للموظفين غير ما ذكره السيفي عن ثلاثة من العاملين من ذوي الاختصاص. ويبدو أن هذا الاختصاص يرتبط بعملهم في شركات التأمين، أي أنهم لم يمارسوا وظيفة رقابية سابقاً. وإذا كان هذا الوصف صحيحاً بات من اللازم إخضاع العاملين، من ذوي الاختصاص أو من الذين عينوا (ومؤهلاتهم غير معروفة)، لدورة أو دورات تدريبية، نظرية وعملية، ارتباطاً بالوظيفة الرقابية التي يمارسونها.
في رسالة من الزميل فؤاد عبد الله عزيز بتاريخ 21 آذار 2007 ذكر الآتي:
"منذ بداية تأسيس الديوان، الذي كنت رئيسا له، باشرنا بوضع التعليمات التفصيلية لجملة من متطلبات القانون منها إجازة الشركات والوسطاء والوكالات والملاءة المالية والعديد من الأمور التي تقتضيها الرقابة على النشاط التأميني. وقد أنجز البعض منها إلا أنها تتطلب إحالتها إلى مجلس شورى الدولة لاستكمال الإجراءات القانونية .. وكان معي في الديوان فاضل النجار وشروق علي وموظفين متدربين وقد غادرنا أنا وفاضل وبقيت شروق وحدها في الساحة، وليس هناك من مهتم آذ بوجودي كان هناك عدم فهم مستعصي."
وحتى وقت كتابة هذه الورقة (تشرين الثاني 2010) لا يبدو في الأفق أن تغييراً كبيراً سيحدث في تطوير طاقم الموظفين والموظفات، وفي ممارسة الوظيفة الرقابية ضمن أحكام قانون التأمين بفعالية لها القدرة على إلزام شركات التأمين بها.
ورغم الوضع الصعب للديوان فإنه استطاع إصدار عدد من التعليمات المنظمة للعمل التأميني منشورة في الموقع الإلكتروني للديوان وكلها تصب في صلب المبدأ الأساسي للرقابة على التأمين، أي حماية مصالح المؤمن لهم:
أسس احتساب المخصصات الفنية
المبلـــــــغ الأدنى للضمـــــان
وديعة الضمان
السياسات المحاسبية الواجب إتباعها من المؤمن
أسس استثمار أموال المؤمنين
تحديد طبيعة ومواقع موجودات المؤمن التي تقابل الالتزامات التأمينية المترتبة عليه
فروع أنواع التأمين
منح إجازة ممارسة أعمال التأمين وإعادة التأمين
هامش الملاءة
ضعف الكوادر لا يقتصر على الديوان بل يمتد على جميع شركات التأمين رغم جهود بعضها في رفع مستوى الأداء والكفاءة من خلال التدريب. ويبدو أن الديوان يقدر حقيقة إمكانياته القائمة. ففي نشرة صحفية منشورة في موقع الديوان، حول مذكرة تفاهم مع الجمعية الوطنية لمراقبي التأمين في الولايات المتحدة الأمريكية يرد التأكيد التالي: "ونؤكد مرة أخرى، من أنه لا بد من التركيز على التبادل المعلوماتي ومع تطوير مستويات المشرفين." (16) [التأكيد من الكاتب]
المشكلة الأساسية التي تكبح الديوان تكمن في ارتباطه العضوي بوزارة المالية بدلاً من أن يكون هيئة مستقلة أو شبه حكومية لا يخضع لبيروقراطية الوزارة وللقرار والتدخل السياسي. وبهذا الصدد كتب سعدون مشكل خميس الربيعي، المدير المفوض للشركة الأهلية للتأمين، وعضو مجلس إدارة جمعية شركات التامين وإعادة التأمين العراقية:
"إن الجهة القطاعية المشرفة على قطاع التامين هي وزارة المالية – ديوان التامين والذي باشر عمله في 1/6/2005 لكنه وللأسف لم يمارس دوره المطلوب كجهة رقابية تنظم عمل القطاع حيث يفتقر إلى كادر وظيفي له الخبرة والدراية في الأمور المالية والفنية والقانونية والتسويقية والإدارية.
وقد طالبنا بتفعيل هذا الديوان وتسمية رئيس له من ذوي الخبرة والاختصاص في التامين ومبادئه وشروط وثائقه واستثناءاتها، وتقدير الخطر وأنواع التامين، والمبادئ الأساسية في التطبيق العملي مع تقديرنا واعتزازنا برئيس الديوان الحالي لما له من مهام كثيرة في الوزارة قد تشغله عن الانصراف لهذا القطاع.
ونحن بانتظار ما سيصدر من تعليمات إلى الوزارات والمؤسسات والهيئات ودوائر الدولة والاتحادات ومجالس المحافظات ومنظمات المجتمع المدني بإلزامها إجراء التامين لدى شركات التامين العراقية. وهذا ما هو معمول به في أنظمة وتشريعات الدول العربية. ونتطلع إلى نتائج توصيات مؤتمر التأمين [بغداد، 2009] المرفوعة لمعالي السيد وزير المالية." (17)
دعوة الربيعي هذه تنهض على أحكام المادة 8 من قانون تنظيم أعمال التأمين:
"المادة-8- يتولى رئيس الديوان:
أولا- وضع وتنفيذ سياسة وخطط وبرامج لحماية المتعاملين بعقود التامين ولتطوير سوق شفاف وامن.
ثانيا- اقتراح الهيكل التنظيمي للديوان بما يضمن أداء أعماله بشكل فعال وكفوء.
ثالثا- تعيين موظفي ديوان التأمين.
رابعا- الاستعانة بالمستشارين أو المحللين أو الفاحصين أو الخبراء أو المحامين أو المحاسبين أو متخصصي تكنولوجيا المعلومات وغيرهم من المهنيين بعقود مقابل أجور يحددها بتعليمات، لمساعدته في أداء واجباته بموجب أحكام هذا القانون.
خامسا- إعداد برامج وخطط لتطوير قطاع التامين ورفع مستوى خدماته بالتشاور مع الوزارة.
سادسا- إعداد مشاريع القوانين والأنظمة والتعليمات المتعلقة بأعمال التامين ورفعها إلى الجهات المعنية.
سابعا- إعداد الموازنة السنوية للديوان ورفعها إلى الوزارة.
ثامنا- النظر في الشكاوى المقدمة حول خدمات التأمين واتخاذ القرارات المناسبة في شأنها وفقا لأحكام هذا القانون."
تاسعا- إصدار الأوامر والقرارات اللازمة لتنفيذ مهامه وصلاحياته المقررة بمقتضى أحكام هذا القانون.
عاشرا- أي مهام أو صلاحيات أخرى يخوله إياها القانون.
وما زالت معظم أحكام هذه المادة تنتظر التطبيق.
وقد حدد القانون بشكل جلي دور الديوان في حماية حقوق المؤمن لهم لكنه وضع هذه الحماية ضمن هدف أوسع كما جاء في المادة 6:
"المادة-6
يهدف الديوان إلى تنظيم قطاع التأمين والإشراف عليه بما يكفل تطويره وتامين سوق مفتوح وشفاف وامن ماليا، وتعزيز دور صناعة التأمين في ضمان الأشخاص والممتلكات ضد المخاطر لحماية الاقتصاد الوطني ولتجميع المدخرات الوطنية وتنميتها واستثمارها لدعم التنمية الاقتصادية، وله في سبيل ذلك القيام بالمهام الآتية:
أولاً- حماية حقوق المؤمن لهم والمستفيدين من أعمال التأمين ومراقبة الملاءة المالية للمؤمنين لتوفير غطاء تأميني كاف لحماية هذه الحقوق.
ثانيا- رفع أداء المؤمنين وكفاءتهم وإلزامهم بقواعد ممارسة المهنة وآدابها لزيادة قدرتهم على تقديم خدمات أفضل للمواطنين المستفيدين من التأمين."
الديوان وعضوية هيئات الرقابة في الخارج
في آذار 2006 أصبح الديوان عضواً في الجمعية الدولية لمراقبي التأمين
International Association of Insurance Supervisors (IAIS)
وهذه العضوية تنسجم مع الفقرة 6 - خامسا- من القانون: " توثيق روابط التعاون والتكامل مع جهات تنظيم قطاع التامين على المستويين العربي والعالمي." وجاء في نشرة صحفية منشورة في الموقع الإلكتروني للديوان ما يفيد أهمية العضوية لأنها "ستساعد الديوان لتحمل المسؤوليات وذلك من خلال معرفة الحلول المطبقة في بلدان أخرى لقضايا الرقابة والإشراف والتي قد تكون مناسبة لبلدنا العراق." (18)
وخلال نفس الفترة وقع الديوان مذكرة تفاهم مع الجمعية الوطنية لمراقبي التأمين (في الولايات المتحدة الأمريكية) National Association of Insurance Commissioners (NAIC) وجاء في نشرة صحفية (بترجمة ضعيفة من اللغة الإنجليزية) في موقع الديوان (19) أن "هناك اتصال بين ديوان التأمين ورئيس NAIC ومع موظفين آخرين لإنجاز البرنامج بين المنظمتين. هذا البرنامج سوف يتضمن تبادل أنباء السوق، مناقشة التطورات المنظمة، مواجهة القضايا والدورات التدريبية."
ديوان التأمين ومظالم الماضي: الرقابة بأثر رجعي؟
هناك مظالم قائمة من الماضي تتمثل بحقوق المؤمن لهم المهضومة بسبب السياسات المقيتة للنظام الدكتاتوري السابق، وتشمل الحق بالتعويض عن مطالبات عن حوادث موقوفة وخسارة أقساط التأمين على الحياة لدى البعض. لا نعرف إن تقدم المتضررون بمطالبهم لشركات التأمين ذات العلاقة بالموضوع أو لديوان التأمين.
وكنا قد ذكرنا في دراسة سابقة لنا (21) أن هناك امتعاضاً كردياً على المستوى الشعبي والرسمي في الإقليم من إدارتي شركة التأمين الوطنية والشركة العراقية للتأمين لتقاعس أو امتناع هاتين الشركتين الاعتراف بحقوق المؤمن عليهم في الإقليم ممن تعرضت مصالحهم في الماضي للأضرار، وخاصة ما يندرج منها تحت قانون التأمين الإلزامي للسيارات، دون أن يستطيعوا الحصول على تعويض منهما عن الأضرار التي لحقت بهم. وهذا الوضع هو الذي يحول دون تأسيس فروع للشركات العامة، والخاصة أيضا لأسباب أخرى، في إقليم كردستان العراق رغم المحاولات الجادة بشأنه.
ترى لو قام المتضررون بالتنازع مع الشركة/الشركات المعنية بشأن المطالبات القديمة الموقوفة هل للديوان أن يتصرف اعتماداً على المادة 79-أولاً:
"يضع رئيس الديوان قواعد تنظيمية تطبق كحل بديل لمنازعات حملة وثائق التأمين والمنازعات التأمينية الأخرى، بضمنها التوسط والتحكيم بما لا تتعرض مع أحكام هذا القانون." [التأكيد من الكاتب]
أو المادة83-أولاً:
"لرئيس الديوان إنشاء صندوق لتعويض المتضررين من حوادث المركبات ... وله تأسيس صندوق لتعويض المؤمن لهم أو المستفيدين في حالة إفلاس شركات التأمين أو عند إيفائها بالالتزامات المترتبة عليها، وله إنشاء أية صناديق أخرى، وتتمتع هذه الصناديق من تاريخ إنشائها بالشخصية المعنوية." [التأكيد من الكاتب]
ومن رأينا إن الفصل المنصف لمثل هذه المطالبات سيكون في صالح الشركات والديوان معاً إن تدخل في تسويتها أو طلب منه ذلك.
هناك مسألة إجرائية لها تبعات حقيقية نود أن نختتم بها هذه الورقة. قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 لم يذكر ولم يلغي صراحة أو ضمناً القوانين السابقة ذات العلاقة في حين أن التشريعات العراقية ما قبل ذلك كانت تنص على إلغاء قانون أو قوانين أو أحكام سابقة. ضمن هذا الوضع هل تعتبر القوانين ذات الصلة غير الملغاة سارية المفعول؟ وإن كان الأمر كذلك ألا يؤدي هذا الوضع إلى تباين وربما تنازع في التطبيق بين قانون 2005 وقوانين سابقة له؟ نأمل من زملاءنا الحقوقيين توضيح هذا الأمر والفصل فيه.
مصباح كمال
لندن تشرين الثاني 2010
الهوامش
[1] مصباح كمال، "جدول أعمال: مسح سريع لبعض قضايا وهموم السوق العراقي للتأمين" مدونة مجلة التأمين العراقي، http://misbahkamal.blogspot.com/2008/04/blog-post_29.html
2 حماية المستهلك موضوع قائم بذاته يشمل النشاط التأميني لمنه يمتد إلى قطاعات صناعية وخدمية أخرى، ويحتاج إلى دراسة مستقل. أتمنى أن يقوم أحد الزملاء بهذه الدراسة.
جاء في خبر نقلته وكالة أنباء أصوات العراق في بغداد أن مجلس الرئاسة صادق يوم الاثنين 4/1/2010 على "قانون حماية المستهلك، الهادف لضمان حقوق المستهلك الأساسية وحمايتها من الممارسات غير المشروعة التي تؤدي إلى الإضرار به، بحسب بيان رئاسي." وجاء في البيان أن "القانون يهدف إلى ضمان حقوق المستهلك الأساسية ... ورفع مستوى الوعي الاستهلاكي ومنع كل عمل يخالف قواعد استيراد أو إنتاج أو تسويق السلع أو ينتقص من منافعها أو يؤدي إلى تضليل المستهلك." يمكن أن تجري الدراسة في ضوء هذا القانون وربطها مع قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.
3 مصباح كمال "نحو رفض مقترح تأسيس اتحاد لشركات التأمين العراقية: حوار مهني مع السيد عبد السادة الساعدي" مجلة التأمين العراقي الإلكترونية:
http://misbahkamal.blogspot.com/2009/07/blog-post_09.html
4 What Hurts the Purse, Hurts the Soul: Insurance in the Ottoman Empire (Istanbul: Ottoman Bank Archives and Research Centre, 2009), p12. From the introductory essay by Murat Koralturk and Fathi Kahya.
5 مجلة الأحكام العدلية أعدتها هيئة تحت إشراف أحمد جودت باشا في 16 كتاب (جزء) ضمت 1851 مادة ودخلت حيز التنفيذ سنة 1877. يبحث الكتاب الأول: في البيوع والكتاب السادس عشر: في القضاء. وتأثر منهج وبنية المجلة بتدوين القوانين في أوروبا. شملت المجلة معظم مناحي القانون المدني باستثناء الأحوال الشخصية (التي ظلت محكومة بالشريعة الإسلامية).
6 بديع أحمد السيفي المحامي، الوسيع في التأمين وإعادة التأمين: علماً وقانوناً وعملاً (بغداد، د.ن.)، ج1، ص 243-244. وقد كتبنا عن هذا الموضوع تحت عنوان "قانون شركات الضمان (أي السيكورتاه): دراسة تمهيدية" غير منشورة وقت كتابة هذه الورقة.
7 مصباح كمال "إطلالة على بواكير التأمين والرقابة على النشاط التأميني في العراق"، الثقافة الجديدة، بغداد، العدد 331، 2009، ص 44-52. يمكن قراءة المقالة في مجلة التأمين العراقي الإلكترونية باستخدام هذا الرابط:
http://misbahkamal.blogspot.com/2009/09/331-2009-44-52.html
8 بديع أحمد السيفي، التأمين علماً وعملاً (بغداد، د.ن.، ط1، 1972) ص26.
9 Abdul Zahra Abdullah Ali, Insurance Development in the Arab World (London: Graham & Trotman, 1985) p 2, quoting Swiss Reinsurance Company, Insurance Markets of the World (Zurich: Swiss Re Publications, 1964.
10 بديع أحمد السيفي، التأمين علماً وعملاً (بغداد: (د.ن.) 1970، ط1، ص27-28.
11 عبدا لباقي عنبر فالح، فاروق حبيب الملاك، عبد الرحمن مصطفى طه، إدارة التأمين (جامعة البصرة، كلية الإدارة والاقتصاد، 1990)، ص 63-64.
12 أنظر على سبيل المثال: فؤاد عبدالله عزيز، التأمين في العراق: الواقع وآفاق المستقبل (بغداد: موسوعة القوانين العراقية، 2005) ص 6-7. وكذلك: بديع أحمد السيفي المحامي، الوسيع في التأمين وإعادة التأمين: علماً وقانوناً وعملاً (بغداد: (د.ن.)، 2006) ص 53-55.
13 الوقائع العراقية، 11/11/1998.
14 الوقائع العراقية، 3/3/2005، ص 3.
15 بديع أحمد السيفي المحامي، الوسيع في التأمين وإعادة التأمين: علماً وقانوناً وعملاً (بغداد: (د.ن.)، 2006) ص 938.
16 http://www.iraqinsurance.org/pdf/Diwan%20-NAIC%20-Ver-2.pdf
17 سعدون مشكل خميس الربيعي، "قطــــــــاع التأمين في العـــــــــراق وأفاق تطور شركات التامين الخاصة" مدونة مجلة التأمين العراقي،
http://misbahkamal.blogspot.com/2010/06/74-1936-10-2005-21-22-1997.html
18 http://www.iraqinsurance.org/Press-Releases.shtm
9 http://www.iraqinsurance.org/pdf/Diwan%20-NAIC%20-Ver-2.pdf
20 موضوع المطالبات الموقوفة وحالات الإقصاء والترحيل للعراقيين بدعوى "التبعية" لم يظهر للعلن لكننا أشرنا إليه في بعض من مقالاتنا. وفي رسالة لنا لرئيس ومدير عام الشركة العراقية للتأمين في بغداد، بتاريخ 13 أيلول 2010، أدخلنا الموضوع ضمن إطار أوسع. نص الرسالة:
"لي رجاء لا أدري إن كنت أو أحد العاملين في الشركة يستطيع إنجازه يتعلق بإعداد دراسة عن تأثير الحروب على بعض جوانب التأمين على الحياة في العراق. ولتسهيل البحث أسرد فيما يلي بعض العناوين الأولية التي يمكن للباحث أن يستهدي بها ويزيد عليها:
§ الحروب تشمل أيضاً العمليات العسكرية الداخلية (كردستان العراق) رغم أن ما يرد بالبال يخص الحروب الخارجية (الحرب العراقية الإيرانية، 1980-1988، غزو الكويت، 1990، حرب الخليج الثانية، 1991، غزو واحتلال العراق، 2003).
§ إن كانت هناك معلومات عن التأمين على الحياة في العراق قبل ثورة تموز 1958، ربما يستطيع الباحث تتبع آثار الثورة على الطلب على التأمين على الحياة، وكذا الأمر بالنسبة لانقلاب 1963 و1968 ومقارنته بالفترات السابقة واللاحقة. ونعرف أن صناعة التأمين خضعت للتأميم سنة 1964.
§ هل شهدت فترات الاستقرار والازدهار الاقتصادي في العراق تزايداً في الطلب على التأمين على الحياة؟
§ هل تأثرت أسعار التأمين على أغطية التأمين على الحياة بالحروب والعمليات العسكرية؟
§ ماذا كان موقف شركة التأمين العراقية من وثائق تأمين المدنيين الذين جندوا للحرب؟ هل تم وقف العمل بالوثائق أم أن الشركة قامت باستيفاء قسط إضافي لضمان استمرار نفاذ الوثيقة؟ ماذا حلَّ بوثائق تأمين من اعتبر "تبعية" وهُجّر إلى خارج العراق؟
§ هل استمر تسديد راتب موظف الشركة العراقية للتأمين الذي جند للحرب؟
§ كيف أثرت الحروب والعمليات العسكرية على الموارد البشرية للشركة: التحاق بعض الموظفين المؤهلين بالجيش، تزايد كثافة العمل على الموظفين الآخرين، تعيين المزيد من الموظفات وغيرها.
§ كيف عالجت الشركة آثار الحصار الاقتصادي على أعمال التأمين على الحياة: تحديد مبالغ التأمين (بافتراض أن الطلب على التأمين على الحياة لم يتوقف)، الأدوات الاستثمارية وانهيار قيمة الاستثمارات بفعل التضخم النقدي، تسديد المطالبات بالتعويض والأسس المعتمدة لذلك.
§ التطور التاريخي لأقساط التأمين على الحياة – إجمالي وحسب نوع وثيقة التأمين.
§ يمكن التوسع في البحث بإدخال البيانات الخاصة بشركة التأمين الوطنية ودور شركة إعادة التأمين العراقية.
§ التمهيد للبحث بمقدمة عن تاريخ التأمين على الحياة في العراق.
يشكل هذا البحث جزءاً من محاولة كتابة تاريخ التأمين في العراق. ولتحقيق البحث يمكن تكليف أحد موظفي/موظفات الشركة بدراسة الموضوع لقاء مكافأة رمزية معنوية أو مادية. وإن تعذر ذلك، يمكن أن يتحول الموضوع إلى بحث أكاديمي في إحدى الجامعات العراقية ويمكن للشركة تقديم مساعدة مادية لطالب البحث من باب التشجيع.
ومن جانبي فأنا مستعد للتعاون، قدر المستطاع، مع من يود القيام بهذا البحث."
حتى وقت الانتهاء من كتابة هذه الورقة لم نستلم رداً خطياً من الشركة.
21 مصباح كمال، "متى تستطيع شركات التأمين العراقية العمل في إقليم كوردستان العراق؟" مجلة التأمين العراقي: http://misbahkamal.blogspot.com/2008_02_01_archive.html
هناك تعليق واحد:
ليس بالرأسمال فقط نُقيّم المتانة المالية لشركات التأمين
لقد اطلعت على ورقة زميلنا مصباح كمال (الرقابة على التامين: من قانون السيكورتاه إلى ديوان التامين العراقي) وهي ورقة جيدة، لكن لدي رأي وبالأحرى إضافة إلى ما ورد في هذه الورقة أود أن أوضحه كما يلي.
لقد أشار الكاتب في ورقته تحت العنوان الثانوي مفهوم الرقابة إلى تدخل المشرع لضمان الحد الأدنى كشرط لمزاولة نشاط التأمين وذكر الآتي: "ولكي تُضمن حقوق المؤمن لهم بالتعويض يتدخل المُشرّع لضمان الملاءة المالية لشركات التامين كي تكون قادرة على مواجهة التزاماتها بالتعويض."
وبهذا الشأن من المفيد تنبيه القارئ إلى أن ديوان التأمين قد أصدر في الآونة الأخيرة التعليمات التالية:
1- تعليمات رقم 13 لسنة 2009، التعديل الأول لتعليمات وديعة الضمان رقم 3 لسنة 2006
"يلغى نص المادة -1- من تعليمات وديعة الضمان 3 لسنة 2006 ويحل محله ما يأتي:
المادة -1- يحدد الحد الأدنى لرأس المال المقرر للمؤمن المنصوص عليه في المادة 28 من قانون أعمال التأمين الصادر بالأمر رقم 10 لسنة 2005 ب (1500000000) مليار وخمسمائة مليون دينار."
2- تعليمات رقم 14 لسنة 2009، التعديل الأول لتعليمات المبلغ الأدنى للضمان رقم 4 لسنة 2006
"يلغى نص المادة 2 من تعليمات المبلغ الأدنى للضمان رقم 4 لسنة 2006 ويحل محله ما يأتي:
المادة 2- لا يقل المبلغ الأدنى للضمان عما يأتي:
أولا:- (1500000000) مليار وخمسمائة مليون دينار للمؤمن المجاز لممارسة أعمال التامين العام.
ثانيا:- (200000000) مليارا دينار للمؤمن المجاز لممارسة أعمال التامين على الحياة.
ثالثا :- ( 300000000) ثلاثة مليارات للمؤمن المجاز لممارسة أعمال إعادة التامين حصرا.
رابعا:- (200000000) مليارا دينار للمؤمن المجاز لممارسة أعمال التامين العام والتامين على الحياة من المشمولين بالاستثناء المنصوص عليه في البند ( أولا ) من المادة (16) من قانون تنظيم أعمال التامين الصادر بالأمر رقم (10) لسنة 2005."
"تنفذ هذه التعليمات من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية." علما بإن هذه التعليمات نشرت في جريدة الوقائع العراقية، العدد 4150 في 12/4/2010. وقد قام الديوان بتبليغ كافة شركات التامين بهذه التعليمات بكتابه المرقم 32 في 23/5/2010.
من رأي أن حجم رأس المال في شركات التامين يشغل مكانة اقل أهمية عند مقارنته مع الشركات الصناعية والتجارية والمؤسسات الأخرى، إذ تعتمد شركات التامين على أقساط التامين المستلمة مقدما في تأدية التزاماتها بالتعويض والتي تنشأ لاحقاً. لذلك لا أرى ضرورة أن يكون رأس المال بالمستوى العالي نسبياً الذي يتم تحديده من قبل الهيئة الرقابية المعنية، بل أرى أن تقوم بوضع ضوابط أخرى مثل: التشجيع على زيادة الاحتياطات المختلفة، ومراقبة أداء شركات التامين بما يضمن الملاءة المالية المناسبة لأداء التزاماتها، ولا يلحق الضرر بحقوق حملة وثائق التامين.
وكما أشرت فإن نشاط التامين لا يرتكز على رأس المال فقط - رغم أهميته في المؤسسات المالية التي تستند إضافة إلى رأس المال عند التأسيس إلى احتياطياتها الفنية والإلزامية والاختيارية المتراكمة، والى الحماية التي توفرها اتفاقيات الإعادة، والخبرة التأمينية الفنية والقانونية التي يتمتع بها طواقم العاملين لديها.
كل هذه الأمور تعطي منظورا مختلفاً عن مكانة رأس المال وهو أن رأس المال يمثل خط الدفاع الأخير لشركات التامين عند استنفاذ مواردها المالية الأخرى لمواجهة حقوق حملة وثائق التأمين. ولكن لا بد لشركات التامين من أن يكون لها رأسمال يعبر عن قوتها المالية ويبعث على الثقة لدى المؤمن لهم ولدى شركات إعادة التأمين الاتفاقي.
المحامي منذر عباس الأسود
مستشار شركة الحمراء للتأمين
بغداد
5-12-2010
إرسال تعليق