خواطر حول المفاوضات
المرتقبة لتجديد اتفاقيات شركة إعادة التأمين العراقية 2020
مصباح كمال
في الربع الرابع من كل سنة
تبدأ شركة إعادة التأمين العراقية بالاستعداد لجولة مفاوضات تجديد اتفاقياتها
لإعادة التأمين مع ممثلي معيد التأمين القائد لهذه الاتفاقيات بالتعاون مع
مستشارها في لندن ومجموعة وسطاء إعادة التأمين الثلاث التي قامت بتعيينها منذ
سنوات. وقد كتبتُ عن هذا الموضوع في
السابق في سياق الدور الغائب لشركات التأمين الخاصة في هذه المفاوضات.[1] فيما يلي سأقدم بعض الخواطر الشخصية مؤملاً
نفسي أن تستقبل بالمناقشة والنقد.
لنبدأ بغياب ممثل لشركات
التأمين الخاصة؛ ترى هل ستبادر إحدى الشركات الخاصة للمشاركة في مفاوضات تجديد
الاتفاقيات لسنة 2020؟ وهل ستعمل الإعادة
العراقية على تشجيعها للمشاركة في الوفد العراقي لحضور اجتماعات التجديد مع معيد
التأمين القائد؟ وهل تقوم شركات التأمين
الخاصة بتقديم وجهة نظر حول تجديد الاتفاقيات؟
أسئلة بانتظار من له المعرفة بالتعليق عليها.
وبالنسبة لشركة التأمين الوطنية العامة وشركة التأمين
العراقية العامة فقد علمتُ بأن الاستعدادات والمداولات حول تجديد الاتفاقيات داخل
الشركتين ومع الإعادة العراقية جارية "رغم الاحوال الاقتصادية الضعيفة في
البلد،" لكن تفاصيل ما يجري بين الشركتين وشركة إعادة التأمين العراقية ليست
معروفة لي. من المفيد هنا أن نذكر بأن
هاتين الشركتين تلعبان دوراً أساسياً في تغذية اتفاقيات الإعادة العراقية بأقساط
التأمين، كونهما الأكبر في سوق التأمين العراقي، وبدونهما يصبح استمرار
الاتفاقيات، وحتى مستقبل شركة إعادة التأمين العراقية، معرضاً للخطر ما لم تلجأ
الشركة إلى تفعيل "خطة طوارئ."
هذا بافتراض وجود مثل هذه الخطة.
إنه لأمر مُسرّ أن تستعد وتتداول شركة التأمين الوطنية مع
شركة إعادة التأمين العراقية حول تجديد الاتفاقيات لسنة 2020، إذ أن هذا التحرك من
قبل التأمين الوطنية سيضمن استمرار حماية الإعادة العراقية من التدهور كما يضمن
استمرار الحماية الإعادية لشركات التأمين الخاصة.
إن هذا التحرك المبكر سيوفر فرصة للإعادة العراقية، وبمعاونة من التأمين
الوطنية[2]،
لإعداد الأوراق المناسبة حول الأوضاع الاقتصادية للسنة الاكتتابية 2017-2018
وتأثيراتها السلبية على نمو الأقساط خلال 2019، ورسم التوقعات لنمو الأقساط خلال
2020. وكذلك إعداد ورقة شاملة تضم، على
سبيل المثل، إحصائية حول الزلازل ومدى تأثيرها أو عدم تأثيرها على المشاريع
الإنشائية والمنشآت القائمة، وخسائر الحريق والانفجارات وأسبابها وإجراءات منعها،
ومصادر الطلب التقليدية والجديدة على الحماية التأمينية، وآثار دمج التأمين
العراقية بالتأمين الوطنية (بافتراض أن الدمج سينفذ)، وموقف الحكومة من قطاع
التأمين وغيرها من المواضيع، ومراقبة أنشطة شركات التأمين من قبل ديوان التأمين.
إن إعداد مثل هذه الورقة، وباللغة الإنجليزية إن كان ذلك
ممكناً، هو أفضل من ارتجال الكلام في اجتماعات تجديد الاتفاقيات مع المعيد القائد،
كما كان يحصل في الماضي. إن الخطاب
الإنشائي لمدراء الإعادة العراقية، أو لرئيس ديوان التأمين، ليس بديلاً عن تقديم
الإحصائيات المدروسة وتحليل واقع صناعة التأمين في العراق ورؤية الإعادة العراقية
لدورها في سوق التأمين العراقي وآفاق تطوير السوق. ولعله من المناسب أن تقوم الإعادة العراقية بالتنسيق
مع مستشارها ومع الوسيط القائد، أو مجموعة الوسطاء الثلاثة للإعادة العراقية، للحصول
على بعض التوجيهات استعداداً لمفاوضات التجديد.
ولا أظن أن مجموعة الوسطاء ستبخل بتقديم المساعدة التي تتوخاها الإعادة
العراقية.
هذه المقاربة "الجديدة" المقترحة للاستعداد
لمفاوضات تجديد الاتفاقيات ستعكس صورة أفضل عن الجدية المهنية والعلمية لدى
الإعادة العراقية والتأمين الوطنية، وكذلك ديوان التأمين، أمام معيد التأمين
القائد. وهي أيضاً فرصة لدى الشركتين لاستبطان عملية التفكير بالأرقام والأفكار ورصد
الواقع التأميني في تجلياته المختلفة وتحليله (واقع المنافسة، أداء شركات التأمين
العامة والخاصة المنضوية تحت اتفاقيات الإعادة العراقية ومدى التزامها بإسناد كامل
أعمالها للاتفاقيات، متانة وفاعلية رقابة ديوان التأمين على أعمال شركات التأمين
وخاصة في مجال إعادة التأمين، التقدم الحاصل في مجال التدريب المهني واللغوي وبناء
الكوادر، بعض التحديات التي يواجهها قطاع التأمين العراقي، مدى التقدم في مشروع
تغيير بعض أحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 وغيرها).
لعل الأهم عند التفكير بالأرقام هو
تقديم شركة إعادة التأمين العراقية، لوحدها أو بالتعاون مع شركة التأمين الوطنية،
لرؤية تفسر البون الشاسع بين حجم أقساط التأمين المكتتبة وحجم ميزانية الدولة
العراقية خلال السنوات الماضية، وتحديداً حجم استيرادات الدولة، واستيرادات القطاع
الخاص أيضاً، وحجم الاستثمارات الأجنبية، وحجم الانفاق على المشاريع
الإنشائية. هل أن هذه لم تكن موضوعاً
للتأمين داخل العراق، أم أن تأمينها تسرّب للخارج بفضل قانون الاستثمار الاتحادي
وقانون الاستثمار في إقليم كوردستان-العراق، وبفضل الفجوات الموجودة في الأمر رقم
(19) قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005؟
أظن بأنه قد آن الأوان لمواجهة الحكومة العراقية بهذا الشأن.
إن اجتماعات تجديد الاتفاقيات فرصة للإعادة العراقية لتقديم
قائمة بالتمنيات لمعيد التأمين القائد لتعريفه بما تتوقع الإعادة العراقية وترغب
في تحقيقه في الفترة القادمة، ولنقل فترة تمتد من 3-5 سنوات، قائمة على تمحيص دقيق
لواقع الإعادة العراقية وسوق التأمين العراقي، مرسومة بعيداً عن لغة الشعارات
والكلام الإنشائي. على سبيل المثل، أنها
ترغب بزيادة نسبة احتفاظها من الأخطار المسندة إليها، وتتمنى على المعيد القائد
تفهّم هذه الرغبة، أوقل سياسة، تعمل الإعادة العراقية على تحقيقها بالتعاون مع
المعيد القائد. مثل هذه السياسة تفترض أن
الإعادة العراقية والمعيد القائد متفقان على استمرار علاقتهما التعاقدية. إن ضمان استمرار العلاقة كفيل بتخطي صعوبات
معينة وتقديم الدعم المناسب لأعمال الإعادة العراقية.
والشيء ذاته يمكن أن يقال عن ديوان التأمين الذي حضر رئيسه
بالوكالة اجتماعات تجديد الاتفاقيات أوائل كانون الأول 2018، وقدم رؤية إيجابية
لواقع سوق التأمين العراقي. ولكن، ما الذي
قدمه ديوان التأمين لقطاع التأمين منذ ذلك الوقت؟
هذه مناسبة لعرض الأفكار والوعود (أو التمنيات) التي قُدّمت، وما أنجز
منها، وأسباب تأخر انجاز غيرها.
ولعله من المفيد أن تفكر إدارة الإعادة العراقية بتشكيل
الوفد المفاوض لاجتماعات تجديد الاتفاقيات، إذ أنه ليس ضرورياً إرسال وفد
كبير. أقول هذا لأن التجربة في العقود
الماضية تشهد على اقتصار وفد التفاوض على شخصين فنيين ودون أن يكون المدير العام
أحد أعضاء الوفد. لقد كان هذا الترتيب
سائداً في شركة التأمين الوطنية أيضاً في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
عندما يحين وعد عقد اجتماعات تجديد اتفاقيات شركة إعادة
التأمين العراقية آمل أن تكون الإحصائيات الخاصة بالأقساط المكتتبة والتعويضات
المسددة والموقوفة وغيرها من البيانات تكون قد اكتملت. أقول هذا لأن إحصائية نشاط شركات التأمين
العاملة بالعراق لسنة 2017-2018 التي تصدرها جمعية التأمين العراقية لم تنشر
حتى وقت كتابة هذه الورقة رغم أن شركات التأمين تغلق حساباتها، رسمياً، مع انتهاء
السنة التقويمية. (أنا موعود بأن نسخة
منها سترسل لي حال نشرها).
21 أيلول 2019
[1] مصباح كمال، "تجديد
اتفاقيات شركة إعادة التأمين العراقية وشركات التأمين الخاصة،" مجلة التأمين
العراقي ومرصد التأمين العراقي.
[2] المدير العام وكالة لشركة التأمين
الوطنية تدير شركة التأمين العراقية أيضاً.
كان هناك مشروع لدمج الشركتين لكننا صرنا لا نسمع شيئاً عن مآل هذا الدمج.