موانئ البصرة والتأمين البحري على البضائع
يمكن اقتباس ونشر هذه المقالة مع الإشارة إلى المصدر.
مصباح كمال
"مدير موانئ البصرة: عمل الموانئ يسير بشكل إيجابي إثر تحسن الأمن في المحافظة
07/05/2008 /سوا
أكد مدير الموانئ في البصرة صلاح خضير أن عمل الموانئ يسير بشكل إيجابي في ظل التحسن الأمني الملحوظ في المحافظة. وأوضح خضير في حديث لـ"راديو سوا" الأربعاء أن معدلات التفريغ في الموانئ أخذت بالتصاعد من 12 ألف طن إلى نحو 25 ألف طن يوميا.
وفيما يتعلق بالأنباء التي تحدثت عن ارتفاع أجور التأمين الخاصة بالبواخر الوافدة إلى العراق، قال خضير إن أي ارتفاع في أجور التأمين يعود لقرار من شركات التأمين، نافيا أن يكون لمديرية الموانئ أيُ دخل في هذا الأمر."
يستحق هذا الخبر تعليقاً نتمنى أن يقوم به زملاء المهنة في شركات التأمين في العراق لأنه يمس مصالحها الحالية والمستقبلية. ربما يتشجع البعض، بعد قراءة تعليقنا، للكتابة عن موضوعه فهم الأدرى بشؤون صناعتهم ومشاكلها.
ازدياد معدلات التفريغ في الموانئ مدعاة سرور لأنها تعكس تحركاً أولياً نحو الوضع الاعتيادي لما يجب أن يكون عليه الوضع في هذه الموانئ. هذه المعدلات، متى ما تعززت، ستؤشر على ازدياد حجم التعامل التجاري وقد يقترن ذلك بتحسن في نوعية الأداء وبالتالي في تغيير الانطباع السلبي لشركات التأمين تجاه هذه الموانئ كأخطار تأمينية.
ارتفاع أجور التأمين البحري سببه سوء الأوضاع الأمنية في الموانئ وهو يؤشر على حالة عامة في أي مكان في العالم يشهد الاضطرابات والنزاعات المسلحة. وسيمضي بعض الوقت، ونأمل أن لا يكون طويلاً، قبل أن يتغير التقييم الاكتتابي للموانئ وتتحسن هذه الأوضاع وأساليب العمل والإدارة لتنعكس إيجابياً على أسعار التأمين على البضائع المنقولة بحراً.[1] ومن المعروف أن هناك علاقة مباشرة بين سعر التأمين وحدة الخطر المعروض للتأمين وهذه العلاقة تعكس جملة من الاعتبارات الاكتتابية - على سبيل المثال، موانئ التحميل والتفريغ، مسار الإبحار، نوعية البضاعة، السفينة الناقلة، التخزين، نطاق الغطاء التأميني ومدى شموله لخطر الحرب، الموسم الذي يتم فيه النقل .. الخ – نقول: هذه العلاقة والاعتبارات تحدد أسعار وشروط التأمين صعوداً وهبوطاً.
لا نعرف من حديث مدير الموانئ في البصرة إن كانت الشركات التي يشير إليها شركات تأمين عراقية أم أجنبية. ونحن نعتقد بأنها شركات تأمين عربية وأجنبية. وما يسند هذا الاعتقاد هو لجوء طالبي التأمين إلى مثل هذه الشركات التي تلجأ بدورها، مباشرة أو من خلال وسطاء التأمين، إلى سوق لندن وغيرها من أسواق التأمين العالمية للحصول على أسعار وشروط التأمين. وما يعزز هذا الاعتقاد أيضاً أن شركات التأمين العراقية قلما تقوم بتأمين البضائع المشحونة بحراً أو جواً إلى العراق لكن هذا الاعتقاد يحتاج إلى تأكيد مستقل أو تعديل من قبل شركات التأمين العراقية. ونورده هنا اعتماداً على أخبار متداولة ربما تفتقر إلى الدقة
إن كان اعتقادنا صحيحاً بشأن عدم التأمين مع شركات تأمين عراقية فإن ذلك يعني عدم انتفاع هذه الشركات من تأمين بضائع عراقية - أي حرمانها من أداء دورها في حماية الأصول المادية العراقية، وجباية أقساط التأمين عنها ومراكمتها لمقابلة طلبات التعويض والاستفادة منها في تكوين الاحتياطيات على أنواعها وتشغليها لأغراض فنية واستثمارية. والأهم من كل ذلك رفع القدرات المحلية وتطوير السوق الوطني للتأمين.
غياب شركات التأمين العراقية في تأمين البضائع لم ينشأ من عدم استعداد هذه الشركات لتوفير الحماية التأمينية، رغم تحفظنا على قدراتها الحالية، بل بسبب إهمال المؤسسات العراقية الرسمية للنص على التأمين لدى شركات تأمين عراقية، وبسبب الحرية التي يوفرها قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 للأفراد والشركات الأجنبية لتجاوز شركات التأمين العراقية.
أما آن الأوان لمعالجة الثغرات الموجودة في القانون وفي العقود التي تبرمها المؤسسات الرسمية مع الشركات الأجنبية؟ أما آن الأوان لوقف هدر الموارد العراقية؟
مصباح كمال
لندن 8 أيار 2008
الهوامش
[1] الشكوى من ارتفاع أسعار التأمين على أخطار الحرب معروفة للمخضرمين من ممارسي التأمين العراقيين فقد كان هو السبب الأساس في تأسيس الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب سنة 1981.