إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2012/10/22

Iraq Finance 2012 & Insurance

الإشارة لقطاع التأمين في المؤتمر المالي العراقي 2012
قراءة نقدية سريعة للموقف الرسمي
 
 
مصباح كمال
 
تقديم
برعاية من رئيس الوزراء، نوري المالكي، عقد في لندن في الفترة من 18-19 أيلول 2012 المؤتمر المالي العراقي بدعوة من شركة سايمكسو المحدودة Symexco Ltd، وهي شركة متخصصة بتنظيم المؤتمرات والمعارض ويديرها مجموعة من العراقيين البريطانيين، مقرها في لندن.  وقد شارك في المؤتمر حشد كبير من الوزراء العراقيين وكبار المسؤولين وآخرين من قطاع المال والأعمال.
 
غياب ورقة عراقية عن النشاط التأميني
ربما كان بإمكان الشركة المنظمة للمؤتمر دعوة رئيس ديوان التأمين العراقي الحالي بالوكالة أو رئيس جمعية التأمين العراقية أو مديرها المفوض، أو رئيس مجلس إدارة مصرف الرافدين ضياء الخيّون الذي شارك في المؤتمر، وكان قد شغل موقع رئيس الديوان بالوكالة عدة سنوات، للمشاركة بورقة حول قطاع التأمين، وبهذا تكون قد استكملت مجالات المناقشة للقطاع المالي بشقيه المصرفي والتأميني مع الخدمات الساندة لهما.
 
عقد المؤتمرات في الخارج
المناقشات التي تجري في هذه المؤتمرات هي بين أطراف يصفها البعض بأنهم اعضاء في جمعية إعجاب متبادلة mutual admiration society ولا يُنقل ما هو اساسي من الناحية الفنية والفكرية في هذه المؤتمرات إلى الصحافة العراقية كي تكون موضوعاً للمناقشة العلنية العامة، وهي مصدر أساس في غياب المجلات المتخصصة.  لو عُقد مؤتمر كهذا في العراق لكان عدد كبير من المختصين داخل العراق، ممن لا يُرشحون للإيفادات، قد استفاد منه، ولكان بالإمكان توفير مبالغ كبيرة لخزينة الدولة.[1]

هل كان التأمين، يتيم القطاع المالي، حاضراً في المؤتمر؟
في إعلانها المنشور عن المؤتمر ودعوة المشاركة فيه ذكرت الشركة المنظمة له المجالات الرئيسية التي ستناقش في المؤتمر من خلال 12 سؤال آخرها كان عن التأمين:[2]
 
12 - ما هي الخطوات المطلوبة لتحديث وتطوير قطاع التأمين العراقي؟
 
وقد وزعت الشركة مذكرة شكر للمؤتمرين باللغة الإنجليزية مع ترجمة عربية تضمنت التوصيات التالية، التي تمخضت عن هذا المؤتمر:
1.    رحب المؤتمر بالإصلاحات المســتمرة واعادة هيكلية البنوك الحكومية وتحويلها الى شركات ذو رساميل مستقلة ودعى بالتزام القوي لعمل البنوك الحكومية المستقل.
2.      رحب المؤتمر بإزالة القيود على المؤســسات الحكومة وتلك المرتبطة بها في تعاملها مع البنوك الاهلية.
3.    دعى المؤتمر الى تقليص اجراءات تسجيل الشركات، والمدد اللازمة لذلك والاسراع في اقرار قانون موحد للشركات وتقليل الصعوبات ومتطلبات التسجيل.
4.    دعى المؤتمر لتطوير قطاع المحاسبة والادارة المالية وتشـــجيع اعدادا متزايدة من المحاسبين المدربين الى المستويات والمعايير العالمية
5.      دعى المؤتمر البنك المركزي للنظر في كلفة عمليات التحويل المالية والوساطات وازالة تشوهات السوق المالية.
6.    دعى المؤتمر لتأسيس صندوق للاستثمار الوطني لدعم تمويل المشاريع البنية التحتية للأقاليم والمحافظات ودعم تمويل مشاريع المشاركة للقطاع العام والخاص.  واقترح المؤتمر ان يصدر هذا الصندوق سندات خاصة تسوق للبنوك العراقية وعامة الجمهور.
7.    دعى المؤتمر الحكومة العراقية بالقيام بتأسيس بنوك الاعمار للأقاليم والمحافظات بالشراكة مع حكومات الاقاليم والمحافظات والقطاع الخاص العراقي والمؤســـسات الاجنبية لدعم استثمارات القطاع الخاص.
8.    دعى المؤتمر الحكومة لوضع الهيكلية التشريعية والتنظيمية للنظام المصرفي الاسلامي في العراق ليكون نظام موازي للنظام المصرفي الحالي.
 
ونلاحظ في هذه التوصيات غياب الإشارة إلى "الخطوات المطلوبة لتحديث وتطوير قطاع التأمين العراقي" التي وردت في الإعلان عن المؤتمر.
 
ولأننا لم نحضر هذا المؤتمر فلا ندري إن تمت مناقشة تحديث وتطوير قطاع التأمين، ولم نطلع في متابعتنا لأخبار المؤتمر في بعض الصحف العراقية ما يفيد أن قطاع التأمين أخذ قسطاً من اهتمام المؤتمرين.  وحتى مُذكرة الشكر التي وزعتها الشركة المنظمة للمؤتمر، باللغة الإنجليزية، خلت من أية إشارة للتأمين.
 
المؤتمر في التعليقات الصحفية ونقد المبالغة في الموقف
لا ننوي في هذه الورقة الصغيرة مناقشة التوصيات المقدمة.  كما لا نناقش ما أوردته بعض وكالات الأنباء العراقية من أخبار هذا المؤتمر ولكننا نتوقف قليلاً مع ما أورده موقع دليل العراق نقلاً عن وكالة انباء أور (مصادر لـ (أور): مؤتمر في لندن لبيع القطاع المصرفي العراقي)، ومع وكالات أخرى.  مصادر وكالة أنباء أور، غير المُعرّفة، لفتتْ الانتباه إلى
 
ان الاستثمار المرتقب [في القطاع المصرفي العراقي] سيعمل على تطوير قطاع التأمين لربط المواطن بقوانين تجبره على دفع التأمين للشركات الأجنبية على ما يملك من عقار أو سيولة تمهيداً لخصخصة القطاع الصحي والخدمي في المرحلة القادمة من الاجتماعات.[3]
 
نلاحظ أولاً ضعف الصياغة في هذا الجزء من الخبر، وتشوش المعنى ثانياً وعدم فهم آلية التأمين والقوانين المنظمة له ثالثاً.  لا نعتقد بأن أية حكومة عراقية تجرأ على إجبار مواطنيها بشراء التأمين من شركات تأمين أجنبية كما يرد في هذا الخبر.  لكن التوجهات السياسية لحكومات ما بعد 2003 واضحة فيما يخص الاقتصاد العراقي، وقد عبّر عنها نائب رئيس الوزراء، روژ نوري شاويس، في كلمته أمام المؤتمر كما يلي:
 
لدينا قناعة تامة بأن العراق سيكون في مقدمة الدول المستقطبة للاستثمار في القريب العاجل بعد اجراء التعديلات في القوانين النافذة ذات العلاقة، وفي مقدمتها قانون المصارف، قانون الاستثمار، قانون الضريبة، قانون المعادن، قانون العمل، وقانوني الشركات العامة والخاصة وغيرها، اضافة لمذكرات التفاهم الثنائية التي تبرم بين العراق والدول المهتمة بمستثمريها.[4]
 
فهذه التوجهات تؤدي ضمنا، من منظور اقتصاد التنمية، إلى الإخلال بالتنمية المستقلة وتهيئة كل ما من شأنه استقدام الاستثمار الأجنبي، المطلب الأكبر للنخبة الحاكمة، وبعضه سيشمل قطاع التأمين العراقي.  وهي توجهات مشكوك في قدرتها على تصنيع العراق أو زيادة القدرات الانتاجية للشركات المحلية.  انه الطريق السهل للخروج، في المدى القصير، بأرقام عن زيادة الاستثمار الأجنبي ومعدلات النمو (كالهوس وراء زيادة الريع النفطي لتغطية الفشل في السياسة الاقتصادية).  هي على أي حال مُوْضَة العصر لكنها لن تحل أزمة الاقتصاد الريعي في العراق.
 
هذا المؤتمر، حسب ما نقلته وكالة انباء براثا من "مصادر مالية عراقية في تصريحات اعلامية سابقة":
 
سيجعل من العراق مصرفاً لتمويل الاقتصادات المفلسة وإنقاذ مصارف أوربا والولايات المتحدة كما هو الحال مع القطاع المصرفي الخليجي، وان عرض المسؤولين العراقيين فرص الاستثمار في القطاع المالي سيمهد لبيع العراق للقطاع المصرفي الاجنبي، ويؤدي بالتالي الى سن قوانين تسهل اختراق الشركات الأجنبية للقطاع المصرفي العراقي، وتحديد المشاريع الأساسية لانطلاق مشروع التغلغل المالي.[5]
 
ورغم المبالغة في هذا التقييم فإنه يميط اللثام عن سياسة فتح القطاع المالي العراقي ورفع الحماية عنه وعن الصناعة الوطنية وكأن الاقتصاد العراقي صار على مستوى الندية مع الاقتصادات المتقدمة.
 
وفيما يشبه الرد المباشر على موقف المصادر المالية لوكالة أور، تذكر الوكالة في نفس الخبر:
 
ان الخبير الاقتصادي في وزارة المالية هلال الطعان قال في تصريح سابق للوكالة الوطنية العراقية للأنباء/نينا: "ان القطاع المالي في العراق يتمثل بالبنك المركزي وسوق الاوراق المالية والمصارف الحكومية والاهلية، لذلك لا يمكن قطعا بيع هذا القطاع الى اية جهة خارجية مهما كانت جنسيتها.
 
لن نتوقف طويلاً أمام هذا الرد ونكتفي بالقول انه غير مكتمل وفيه تأكيد غير مبرر ضمن توجهات حكومات ما بعد 2003 ولا ينهض به الواقع.  فقد نسي ان القطاع المالي العراقي يضم شركات التأمين (30 شركة تأمين مباشر اثنتان منها فقط مملوكة للدولة وشركة إعادة التأمين العراقية المملوكة للدولة أيضاً).  وهناك جهات خارجية تساهم في رأسمال بعض شركات التأمين الخاصة، ولذلك فإن التأكيد بأنه "لا يمكن قطعا بيع هذا القطاع الى اية جهة خارجية مهما كانت جنسيتها" زعم لا يقوم على دليل.  وكذا الأمر بالنسبة لمشاركة مصارف أجنبية في رأسمال العديد من المصارف العراقية.[6]
 
في انتظار البرابرة
حكومات ما بعد 2003 مازالت في انتظار "البرابرة،" في انتظار من يُقدّم لها من الخارج السياسات والمهارات والمعارف والتقنيات لتنهض بالاقتصاد العراقي، أفرادها يلهثون من مؤتمر إلى آخر بحثاً عن الإرشادات والحلول.  فها هي وكالة كردستان للأنباء تعلن في 18/9/2012 ان "العراق يشارك في المؤتمر والمعرض العالمي المالي في لندن"  وتنقل عن "شاويس من لندن: المؤتمر المالي العالمي فرصة لاستفادة العراق من التجربة البريطانية في مجال المصارف."[7]  فيما تذكر الوكالة الإخبارية للأنباء ان نائب رئيس الوزراء بحث "مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط أليستر بيرت وضع القطاع المصرفي في العراق وسبل تطويره."[8]
 
لأن النخبة الحاكمة، مع بعض الاستثناءات، فقيرة في إمكانياتها الفكرية المتخصصة وتخاف على مواقعها من عراقيين آخرين إكفاء ولذلك فهي تستهين بهم، وتستمرئ بقائهم خارج دائرة الفعل وفي المنافي.  وهي تفتقر إلى معرفة بالتاريخ الاقتصادي للتنمية في العالم وحتى "طريق 14 تموز"[9]، وتكتفي بأطروحات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة الحرة، ومنظمات مجتمع مدني عراقية تخفي مصادر تمويلها، وتوصيات المستشارين الأجانب.  وهكذا يخبرنا نائب رئيس الوزراء:
 
انا وزملائي العراقيين المشاركين في هذا المؤتمر والذين يمثلون القيادة العليا في صنع القرار الاقتصادي نؤكد لكم بأن الاصلاحات ستأخذ مداها لبناء العراق الجديد، وان يكون هذا البناء وفق المعايير الدولية وبما يضمن مصلحة كافة الاطراف (مصلحة العراق والمتعاملين معه) ويصون ثروات البلاد ويحقق للمواطن العراقي الرخاء والتقدم والحياة المرفهة الكريمة.  وان أملنا كبير بمسعاكم معنا في ذلك.
 
الإصلاحات (الخصخصة)، المعايير الدولية (فتح السوق)، مصلحة كافة الأطراف (التكافؤ بين الضعيف والقوي) – هي بعض من مفردات خطاب الليبرالية الجديدة التي يرددها العديد من أفراد النخبة الحاكمة في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ومجلس النواب والمؤسسات الرسمية الأخرى إضافة إلى طابور المنتفعين من المؤسسات والأفراد.
 
ويضع نائب رئيس الوزراء أمله في "البرابرة" بعد أن وصف لنا الاقتصاد العراقي مترجماً من الإنجليزية:
 
إن الظاهرة الهامة التي يتصف بها الاقتصاد العراقي حاليا تتمثل ......
موارد نفط جيدة وبتزايد --- بطالة كبيرة --- تحت المستوى المطلوب [هكذا ورد في النص المنشور]
 
وهذا يتطلب منا ايجاد الصيغ والوسائل الكفيلة بتحريك الموارد لتشغيل اليد العاملة لإصلاح وتحديث البنية التحتية بما يتناسب ومتطلبات العراق الجديد، وبالتأكيد يتعذر تحقيق ذلك بالإمكانيات والخبرات المتاحة في العراق حاليا، ولابد من الاستعانة بالخبرات والإمكانيات والتكنلوجيا الخارجية، التي تمتلكها الدول المتقدمة والشركات العالمية وكبار المستثمرين من أصحاب الخبرة والمال كالنخبة التي نلتقي بها في هذا المؤتمر لتغذية متطلبات هذه المشاريع وبضمانات مقبولة لجميع الاطراف.
 
يتيم القطاع المالي
تضمن كلمة نائب رئيس الوزراء 45 كلمة حول التأمين من مجموع 1,310 كلمة أي ما يقرب من 3.44% وهذه النسبة أكبر بكثير من نسبة حجم أعمال التأمين المكتتبة قياساً بموازنة الدولة التي تقدر بحوالي 110 مليار دولار.  تضمنت فقرة التأمين في كلمته الآتي:
 
وبقدر تعلق الامر بقطاع التامين، فأن الجزء الاكبر من النشاط (على غرار المصارف) ينحصر بثلاث شركات حكومية انشأت قبل عقود من الزمن وقد تم خلال السنوات الاخيرة تأسيس عدد من شركات التامين الاهلية الا انها لازالت في بداية النشاط وبرؤوس اموال صغيرة نسبيا.
 
قد تكون هذه أول إشارة رسمية من سياسي عراقي، عضو في الحكومة الحالية، إلى قطاع التأمين.  نائب رئيس الوزراء يستحق من العاملين في القطاع الشكر على اهتمامه بقطاع التأمين رغم انه لم يتجاوز حدود الوصف، وله مآرب أخرى من خلال هذا الوصف – بعضها يتضمن الإدانة لتأميم شركات التأمين سنة 1964 والبعض الآخر يمهد للخصخصة ومشاركة الشركات الأجنبية في القطاع المالي ومنه التأمين.[10]  ولا يتبين من هذا الوصف موقف الحكومة الحالية من نشاط التأمين إلا ان المماثلة بين المصارف وشركات التأمين الحكومية تدفعنا إلى القول أن نائب رئيس الوزراء ربما يقيّم قطاع التأمين، في وضعه الحالي، كما قيّم المصارف:
 
ان هذا التطور في عدد المصارف والفعاليات الساندة لها لم يصاحبه تطور في الاداء والتوسع في الأنشطة المصرفية ليجعلها على الاقل بمستوى مصارف الدول الاقليمية، وان الجهود لازالت مكثفة للارتقاء بأداء هذه المصارف، لتكون عونا في تحقيق برامج الاستثمار والتنمية في ظل الزيادة المتوقعة في عوائد صادرات النفط التي من المؤمل ان تصل الى (6) مليون برميل في عام 2017 (اي بزيادة تفوق الضعف بما هي عليه حاليا – عام 2012) وبالتأكيد (سيستخدم الجزء الاكبر من هذه العوائد لتغطية احتياجات المواطن العراقي) [الحصر بين قوسين والتأكيد ورد في النص المنشور] الذي لايزال يعاني من نقص خدمات البنية التحتية في العديد من المرافق.
 
ما لم يترجم الريع النفطي نفسه في وحدات اقتصادية انتاجية جديدة (صناعية وزراعية وغيرها) تتجه نحو شراء الحماية التأمينية فإن شركات التأمين العراقية لن تستفيد من زيادة العوائد النفطية كما هو الحال في الوقت الحاضر.  فعقود التراخيص النفطية لم تؤدي إلى طفرة في أقساط التأمين التي تكتتب بها شركات التأمين.  وما لم يتم البحث عن أسباب هذا الوضع فإن المستقبل ربما لن يكون أفضل لهذه الشركات، ولن يفيد سحر الإصلاح الاقتصادي (إعادة الهيكلة والخصخصة) في تغييره.[11]
 
ولم يعرج نائب رئيس الوزراء ثانية على موضوع التأمين رغم أنه ذكر في بداية كلمته:
 
طالما ان موضوع مؤتمرنا اليوم هو الخدمات المالية والمصرفية في العراق والتي تعتبر احدى الركائز الاساسية لأي نظام اقتصادي، فلابد من استعراض لهذه الخدمات بما كانت عليه ووضعها الحالي وآفاقها المستقبلية.
 
وهكذا حرمنا من استعراض خدمات التأمين "بما كانت عليه [1964-2003] ووضعها الحالي [2003-2012] وآفاقها المستقبلية."  فقد كان بإمكانه مقارنة حجم إنتاج الشركات في الماضي والحاضر، أو كان سيخبر مستمعيه عن عدد الشركات في الوقت الحاضر وفوضى التنافس على الأسعار وتدهور المعايير الفنية في اكتتاب الأخطار.  وهذا يدل على شحة الاهتمام الرسمي بالنشاط التأميني وربما التقليل من دوره كركيزة للنظام الاقتصادي (تمويل الخسائر المادية والمساهمة في تكوين أرصدة للاستثمار).
 
التأمين: من سيتبنى هذا اليتيم؟
نأمل أن لا تظل إشارة نائب رئيس الوزراء الرسمية للتأمين يتيمة لا تلقى الاهتمام النقدي من لدن العاملين في قطاع التأمين، والحكومة، ومجلس النواب ومن المؤسسات الرسمية ذات العلاقة بالقطاع.  في مقالتي "تعليق على غياب التأمين في برنامج الحكومة للسنوات 2011- 2014" ذكرت "أن قرارات وبرامج الحكومات والأحزاب السياسية، وخاصة تلك المعروضة أثناء الانتخابات البرلمانية العامة والمؤتمرات، توفر الفرصة للقطاع، أفراداً وكيانات، لإبداء موقف منها.  لكن شيئاً من هذا التمني لم يجد له تعبيراً في الواقع، وهكذا بات علينا، مرة أخرى، أن نرصد ونعلق على أمر ذو علاقة بقطاع التأمين، ولنُذكّر بعضنا بأهمية الإعلان عن قطاع التأمين للحكومة والصحافة من خلال إبداء المواقف تجاه قضايا تمس القطاع مباشرة أو بصورة غير مباشرة.  إعلان المواقف من شأنها أن تساهم في تعزيز الوعي بالتأمين."[12]  كما من شأنها أن تساهم في بلورة سياسة لقطاع التأمين العراقي وتعزيز سوق وطني اتحادي للنشاط التأميني.
 
 
لندن 12 تشرين الأول/أكتوبر 2012
 
ملحق
 
في انتظار البرابرة
 
قسطنطين كفافي (1863-1933)
ترجمة سعدي يوسف
 
ما الذي ننتظرُ، في الساحةِ، مُزدحمين؟
البرابرة ُسيصلونَ اليوم.
ولِمَ مجلسُ الشيوخِ مُعطَلْ؟
الشيوخُ لا يشترعون القوانين
فلم هُمْ جالسونَ هناك إذنْ؟
لأن البرابرةَ يَصِلون اليوم.
أي قوانين سيشترعها الشيوخ الآن؟
عندما يأتي البرابرة، سيسنون هم القوانين.
لِمَ يستيقظ إمبراطورنا، مُبكراً هكذا؟
ولِمَ يجلسُ الآن مُعتلياً عرشه، مُعتمرا تاجه
عند البوابة الكبرى للمدينة؟
لأن البرابرة يصلونَ اليوم.  والإمبراطور ينتظرُ استقبالَ قائدهم.
والحق أنه تهيأ ليوجّه إليه خطبة
خلعَ عليه فيها كل الأسماء و الألقاب.
لم خرج قُنصلانا معاً، والقضاة
بأقبائهم الحمر، وأقبائهم المزركشة؟
لم هذه الأساور، وكل هذا الحجر الكريم،
كل الخواتم ذات الزمرد المتألق؟
لم يحملون اليوم صولجاناتهم الثمينة؟
ذات المقابض الفضة، والنهايات الذهب؟
لأن البرابرة سيصلون اليوم
وأشياءَ كهذه تُدهش البرابرة.
لم لم يأتِ الخطباء، المفوهون، هنا، كالعادة
مُلقين خطبهم، قائلينَ ما ينبغي أن يقولوا؟
لأن البرابرة سيكونون اليومَ، هنا
وهم يسأمونَ البلاغةَ والفصاحة.
لم هذا الضيق المفاجئ، والإطراب؟
لِمَ غَدتْ عابسة وجوه القوم؟
لِمَ تخلو الشوارع و الساحات، سريعا ؟
والكل يعود إلى داره، غارقا في الفكر؟
لأن الليل قد هبط، ولم يأتِ البرابرة.
ولأن أناسا قدموا من الحدود
وقالوا أن ليس ثمة برابرة.
والآن … ماذا نفعل بدون برابرة؟
لقد كان هؤلاء نوعا من حل.


[1] ذكرت شفق نيوز، 7 تشرين الأول/أكتوبر 2012 أن "المالكي يشكل لجنة فنية لإعادة النظر في إيفادات الوزارات ويطرح خطة عكسية."  http://www.iraqicp.com/2010-11-22-05-28-38/24829-2012-10-08-08-05-47.html
 
"شفق نيوز/ كشف مصدر مقرب من الحكومة العراقية، الاحد، عن تشكيل لجنة فنية لدارسة جميع ايفادات الوزارات وبيان الحاجة لها، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة اقترح خطة عكسية تقضي بجلب الخبراء إلى بغداد "مع توفير الحماية الكاملة" بدل ايفاد الموظفين إلى الدول الأخرى.
 
وقال المصدر الذي طلب عدم الاشارة إلى اسمه لـ"شفق نيوز"، إن "رئيس الحكومة نوري المالكي اوعز بتشكيل لجنة فنية برئاسة ثامر الغضبان كبير مستشاريه لتقديم دراسة عن ايفاد وزارات الحكومة وإعادة النظر فيها"، لافتا إلى أن المالكي "مستاء من كثرة اعداد الموفدين وتكرار الايفادات فضلا عن الاموال المترتبة عن كل ايفاد".  وأضاف أن "المالكي اقترح على اللجنة تنظيم خطة عكسية تقضي بجلب الخبراء والمعنيين إلى العراق مع توفير الحماية الامنية اللازمة وتخصيص فندق الرشيد في قلب المنطقة الخضراء لسكنهم بدل أيفاد عشرات الكوادر العراقية إلى دول اوروبا".
 
ويتحدث سياسيون ونواب من كتل مختلفة عن أن العراق ينفق نحو مليار دولار سنوياً، على إيفادات المسؤولين وموظفي الدولة، بالرغم من أن مصادر حكومية لم تؤكد الموضوع."
 
[2] مجالات النقاش التي حددتها الشركة المنظمة للمؤتمر هي:
1.      What opportunities are available for investment in banking and financial services in Iraq?
2.      Recently the Iraq government introduced many new financial reforms; how will these affect international investment in Iraq?
3.      What are the challenges and the priority areas of reform moving forward?
4.      How should Iraq respond to the global financial crisis?
5.      What role should Iraq’s banks play in the country’s regeneration and redevelopment?
6.      How should the operations of Iraq’s state-owned banks be improved and developed?
7.      What needs to be done to encourage the development and growth of private banks?
8.      What obstacles are impeding business and consumer access to finance?
9.      How should large-scale infrastructure projects be financed?
10.    How banking and supervisory regulation should be improved?
11.    What reforms are needed to capital markets and the growth of the Iraq Stock Exchange?
12.    What steps are required to modernize and upgrade the Iraqi insurance sector?
 
[4] موقع مكتب نائب رئيس الوزراء: http://www.dpm-rshaways.iq/ArticleShow.aspx?ID=239
 
كُتبت كلمة نائب رئيس الوزراء باللغة الانجليزية، ربما من قبل مستشار أجنبي وهو ما نعتقد لأنه يضم مصطلحات ومفاهيم دارجة لدى دعاة الليبرالية الجديدة.  ونزعم بأنه لم يُحرره للتخلص من بعض عيوب الترجمة.  هناك إذن من يفكر نيابة عنه وعن زملائه في الحكومة ويرسم السياسات.
 
تذكرنا هذه الكلمة، وغيرها من التصريحات الرسمية بقصيدة "في انتظار البرابرة."  أنظر الملحق.
 
[5] حيدر علي جواد، "البنك المركزي: مؤتمر المصارف في لندن دعا لتعديل قانون الاستثمار في العراق،" 23/09/2012 وكالة أنباء براثا: http://burathanews.com/news_article_170527.html
 
[6] زهير علي اكبر، "مشروع فتح فروع للمصارف الاجنبية أو مشاركتهم للمصارف العراقية بمدينة البصرة،" البنك المركزي العراقي (د. ت.): http://www.cbi.iq/documents/zuhair4.pdf
 
[8] http://www.ikhnews.com/news.php?action=view&id=56665
 
[9] د. إبراهيم كُبّه، هذا هو طريق 14 تموز: دفاع إبراهيم كبه أمام محكمة الثورة (بيروت: دار الطليعة، 1969).
 
فيما يخص النشاط التأميني، ضمن تطبيق السياسة التجارية الجديدة لوزارة الاقتصاد يذكر د. إبراهيم كبه "وقف أعمال شركات التأمين الأجنبية ذات العلاقة بإسرائيل أو المخالفة لقانون شركات التأمين." (ص 57).   وعند عرضه للاتفاقية العراقية-السوفياتية يذكر التالي: "يجري تسليم المعدات والمكائن والمواد في الموانئ العراقية (سيف)." (ص 82).  ويصف القرض السوفياتي بانه "تكنيكي صرف قائم على تقديم عدد من وسائل الانتاج وطرق الانتاج والخبرات التكنيكية والتدريب الفني." (ص 85).
[10] مصباح كمال: “هل هناك مشروع لإعادة هيكلة شركات التأمين العامة؟ تمهيد لمناقشة موسعة ”الثقافة الجديدة،" العدد 346، 2011
[11] مصباح كمال، "ملامح من محنة قطاع التأمين العراقي،" مرصد التأمين العراقي
 
[12] http://iraqinsurance.wordpress.com/2011/09/07/absence-of-insurance-in-government-programme-for-2011-14/


ليست هناك تعليقات: