إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2017/01/08

Assessment of Production & Results of Algeria's Insurance Sector


إنتاج ونتائــج قطاع التأمين الجزائري في دائرة الضوء
 
إعداد الباحثين:
الاسم واللقب
الرتبة العلمية
السيرة الذاتية
الدكتور طارق قندوز
أستاذ محاضر –أ-
عضو الجمعية الوطنية للاقتصاديين الجزائريين بجامعة الجزائر 03
البروفيسور ابراهيم بلحيمر
أستاذ التعليم العالي
رئيس المجلس العلمي للمركز الجامعي لتيبازة
الدكتور السعيد قاسمي
أستاذ محاضر –أ-
رئيس قسم العلوم التجارية بجامعة المسيلة
 
رغم أن مجلة التأمين العراقي مكرسة للنشاط التأميني في العراق إلا أن نشر هذه الدراسة ينسجم مع ما تطمح إليه المجلة في نشر الفكر التأميني وأدواته التحليلية.  ويحدوني الأمل أن يشجع نشر الدراسة بعض الزملاء والزميلات في قطاع التأمين أو في الجامعات العراقية على القيام بدراسات مماثلة عن سوق التأمين العراقي.
 
أشكر الأساتذة الأفاضل د. طارق قندوز، بروفيسور إبراهيم بلحيمر، د. السعيد القاسمي على عرض دراستهم للنشر في مجلة التأمين العراقي.
 
مصباح كمال
8 كانون الثاني 2017.
 
ملخص


يعد التأمين وعاء ادخاري مهم لكنه غير مستغل بالجزائر، لذلك يعزو الكثير من الخبراء والمحللين المتابعين لصناعة التأمين ببلادنا نقص ثقافة التأمين لدى المواطن الجزائري ونظرته لوثيقة التأمين، على أنها ضريبة إضافية وليس حزمة منافع حمائية، كما تعتري سوق التأمين الجزائري العديد من الصعاب التي تعيق تطوره ونموه، وتجعل وزنه ضمن خريطة التأمينات الدولية بعيدة عن المستويات المقبولة من حيث النجاعة الاكتتابية، الأمر الذي يجعل من الأهمية بمكان ضرورة النهوض بالقطاع، حيث يقع على عاتق أجهزة الإشراف والرقابة دور جسيم في إرساء مناخ استثماري، ينجر عنه تحسين تنافسية القطاع من حيث: حجم الأقساط المكتتبة، نسبة الكثافة، معدل الاختراق. لذلك يرمي هذا المقال إلى تسليط الضوء على حصيلة وحصاد قطاع التأمين الوطني من منظور أدوار ومهام الهيئات الرقابية والإشراقية.  
كلمات مفتاحية: أجهزة الإشراف والرقابة، قطاع التأمين الجزائري، حجم الأقساط المكتتبة، نسبة الكثافة، معدل الاختراق.


The title: Highlighting the production and outcome of the Algerian insurance sector (supervision and control apparatuses)
Abstract


Although insurance is a significant saving method, it is not well used in Algeria. Therefore, many experts and analysts concerned with the insurance industry in the country indicate that the lack of insurance culture, and approach to insurance policy result from being considered as an extra tax not as protective advantages. The Algerian insurance market suffers many obstacles restricting its growth and development and making its level way below the required levels regarding underwriting effectiveness. This makes it very important to improve the sector, where Supervision and control apparatuses have crucial role in creating Investment environment leading to developing the competition of the sector concerning: the volume of cross premiums, density rate, penetration ration. Accordingly, this paper aims at highlighting the performance and outcome of the national insurance sector relying on the roles of supervision and control apparatuses.
Keywords: supervision and control apparatuses, the Algerian insurance sector, volume of cross premiums, written density ratio, penetration rate


 

مقدمة

تعد الهيئات الرقابية على التأمين من الموضوعات الحيوية والحسّاسة، التي تهتم بها كافة الأطراف المعنية، وفق ما تجده من أهداف ومعايير تحقّق لها الفوائد التي تراها مناسبة في ممارسة الأنشطة التأمينية، وتكوين هيئاتها وحدود فعَّاليتها. لذلك تراهن الحكومة الجزائرية على أجهزة الرقابة ودوائر الإشراف الفني المستحدثة، لتتولى مسؤولية متابعة السير الحسن للإصلاحات المنشودة، وكذا ضبط وتدعيم استقرار السوق، وتأطير أوضاع النشاط التأميني للوحدات العاملة محليا، سواء عند الإنشاء أو أثناء المزاولة أو عند إنهاء الأعمال، وذلك بتطبيق السلوك المهني السليم، وأيضا إصدار القواعد المنظمة لممارسة تنظيم أعمال الوسطاء على غرار صيرفة التأمين، إضافة إلى فصل فروع تأمينات الأشخاص عن الأضرار، ورفع رأس المال الاجتماعي، ... إلخ. وقد أضحى تطوير أنظمة وسياسات الإشراف والرقابة، وتعزيزها ضرورة حتمية نحو إقامة سوق تنافسية قادرة على الصمود والتصدي.

وبالموازاة مع ذلك، تلعب أجهزة الإشراف ودوائر الرقابة على النشاط التأميني دورا مفصليا حاسما وصارما في تحقيق الثقة والعدالة بين أطراف الكيان التعاقدي، لما لها من صلاحيات واسعة في متابعة أعمال شركات التأمين ضبطا وتأطيرا، وتستمد هذه الأجهزة الحكومية المتخصصة أهميتها من طبيعة العملية التأمينية المعقدة القائمة على أسس ومبادئ رياضية وإحصائية وتشريعية وفنية، تجهلها الغالبية العظمى من جماهير المستأمنين. وعلى ضوء الأهمية الجوهرية لصناعة التأمين على المستوى العالمي، فقد احتلت مكانتها في برامج الدعم والتطوير التي تتبناها الهيئات والمنظمات الأممية مثل الاتحاد الدولي لمراقبي التأمين، وإن اختلفت وسائل التطبيق ومعايير التقييم من دولة لأخرى.

الجزائر كغيرها من الدول النامية Developing Countries اختارت غداة الاستقلال نموذجا تنمويا شائعا آنذاك، وهو احتكار الدولة للمعاملات الاقتصادية بما فيها قطاع التأمين، والذي لا يختلف دوره كثيرا نظرا لمساهمته الفعلية في النشاط الاقتصادي في تنفيذ الخطط الإنمائية التي تسعى الدولة الجزائرية إلى تحقيقها، فأقامت الدولة له أهمية بالغة بإنشاء عدة شركات وطنية تعمل على تأمين مجمل المخاطر الموجودة في الحياة الاقتصادية، وبدخول الجزائر الإصلاحات كان لا بد من إعادة التنظيم في القطاع، والذي شهد هو كذلك ثورة إصلاحية عن طريق المرسوم 95/07 المؤرخ في 25-1-1995، وبذلك أعطى آفاقا جديدة لعملية المنافسة التأمينية، وتحسين الخدمات المقدمة من طرف هذه الشركات للزبون الجزائري، بوجود رقابة دائمة، خاصة فيما يتصل بتنظيم الاستثمارات المالية، وتوفير السيولة اللازمة للوفاء بالتزاماتها، وبعد عام 2006 تم تقوية الإطار التنظيمي بنشر عدة مراسيم تنفيذية وقرارات متعلقة بتطبيق القانون رقم 06/04 الصادر في 20-02-2006.

وفي سياق متصل، يعترض الشركات الناشطة في مجال التأمين وإعادة التأمين، زخم من المعضلات البنيوية وجملة من المشكلات التنظيمية ضاربة بأطنابها تجتاح أعماق القطاع، وتقف كحجرة عثرة وعقبة كؤود في نمو وتقدم السوق الجزائرية للتأمينات، وتحول دون نهوضه وازدهاره، ويعزو الكثير من الخبراء والمحللين نقص الطلب الفعّال على وثائق التأمين، والحصيلة المتواضعة والعوائد الهشّة لمجموع الأقساط المكتتبة إلى إثارة الشكوك التي تحوم حول مدى فعّالية دور أجهزة الإشراف والرقابة.

وفي هذا الصدد، يمكن اعتبار الإطار القانوني الجديد 04/06 المؤرخ في 20 فيفري 2006 المعدل والمتمم للتنظيم 95/07 الصادر يوم 25 جانفي 1995، محاولة لإيجاد أجهزة وصية لتأطير وضبط عمليات التأمين بالجزائر تسهم في تنمية وتطوير أداء القطاع والنهوض بتنافسيته، وفتح السوق أمام المبادرات الفردية وتأدية الأدوار المنوطة به على أكمل وجه، لإعطاء دفعة قوية لعملية التنمية، وذلك بعد رفع وإنهاء الاحتكار العمومي الذي فرضته الدولة منذ عام 1966، من خلال ممارسة جميع أنواع التأمين دون تخصص.

وفي هذا الإطار، بدأت المعالم الجوهرية لملامح معضلة البحث تبرز بكافة أبعادها وتتبلور بجميع جوانبها، ويتبادر إلى أذهاننا في هذا المقام صياغة الإشكالية التي تطرح نفسها بإلحاح كالتالي: إلى أي مدى يمكن أن تسهم أجهزة الإشراف والرقابة في تحسين المركز التنافسي للجزائر ضمن سوق التأمين العالمي من منظور المؤشرات الأدائية؟.

أهمية البحث

تستوحي هذه الدراسة أهميتها البالغة، من كونها جاءت في مرحلة تعرف فيها صناعة التأمين الوطنية تحولات عميقة بوتيرة متسارعة، خصوصا بعد سن القانون 06/04 المؤرخ في 20 فيفري 2006 المعدل والمتمم للأمر 95/07 الصادر في 25 جانفي 1995، فقد أفضت الأطر التشريعية واللوائح التنظيمية الجديدة إلى التوجه نحو الانفتاح على المنافسة الأجنبية، أين تجد الشركات المحلية اليوم نفسها في وضعية حرجة، مما يجعل مسايرتها ومواكبتها لهذه التطورات، أمر صعب وتحد كبير، على خلفية تبعات اتفاقية الشراكة الأوروبية والاتفاقية العامة لتحرير تجارة الخدمات. حيث يتفاءل الكثير من الخبراء والباحثين بالمستقبل الواعد للقطاع، الذي تقدر إمكاناته غير المستغلة وطاقته الكامنة بـ 7 مليار دولار.

المحور الأول: أجهزة الإشراف والرقابة على قطاع التأمين الجزائري (الضبط والتأطير)

لأجهزة الإشراف والرقابة، دور في تأسيس مناخ إيجابي للاستثمار يساعد الشركات على خوض غمار المنافسة بكل نزاهة وشفافية، وبالنظر للأهمية البالغة التي تكتسيها صناعة التأمين، جعل الجهات الوصية للدول تتفطن لذلك وتبذل مجهودات مضاعفة في إصدار القوانين وسن التشريعات في المجالات الإدارية والتنظيمية والضريبية والاستثمارية من أجل تشجيع وترقية أداء شركات التأمين وإعادة التأمين لتعظيم ثروتها، وبغية تأطير وضبط عملياتها ومحاربة كل الممارسات غير المشروعة، أي بعبارة أصوب إرساء بيئة أعمال تسودها الحوكمة([1]).

أولا: مديرية التأمينات بوزارة المالية

تعتبر وزارة المالية المساهم الكبير في القطاع، ممثّلة إما من طرف وزير المالية في الجمعيات العامة، أو من طرف الهيئة الوصية التقنية ممثّلة في مديرية التأمينات. في أغلب الأحيان تلعب وزارة المالية دورين غير متلائمين باعتبارها في نفس الوقت المالك الوحيد للأربع مؤسّسات العمومية المسيطرة على الحصّة الكبرى للقطاع (SAA-CAAR-CAAT-CCR)، وهيئة الرّقابة وتنظيم السوق من خلال مديرية التأمينات، وحسب المرسوم التنفيذي رقم 07/364 المؤرخ في 28-11-2007، يتضمن تنظيم الإدارة المركزية في وزارة المالية، وتتكون من ثلاث مديريات فرعية تكلف بما يأتي:

1- المديرية الفرعية للتنظيم

- دراسة الشروط العامة والخاصة لعقود التأمين، وبصفة عامة كل وثيقة موجهة للتوزيع على الجمهور.

- تسيير المنازعات في التأمين.

- دراسة ملفات طلبات اعتماد الشركات والتعاونيات ووسطاء التأمين وإعادة التأمين.

2- المديرية الفرعية للمتابعة والتحليل

- القيام بتوحيد وتلخيص العمليات المحاسبية والمالية لنشاط التأمين وإعادة التأمين.

- تحليل العمليات المحاسبية والمالية.

- إعداد التقديرات حول آفاق تطوير نشاطات قطاع التأمينات.

- دراسة وتقديم التدابير الضرورية لتنفيذ الأحكام القانونية المتعلقة بمقاييس تسعير المخاطر.

3- المديرية الفرعية للرقابة

- السهر على قانونية عمليات التأمين وإعادة التأمين.

- القيام بعمليات الرقابة والتحقيق في الميدان حول العمليات المحاسبية والمالية للشركات والوسطاء.

- تلخيص تقارير المهام والمحاضر، وإرسالها إلى الهيئات المعنية.

- متابعة تسيير مختلف صناديق التعويضات([2]).

ثانيا: لجنة الإشراف على التأمينات

حسب القانون رقم 06/04 المؤرخ في 20 فبراير سنة 2006 (المادتين 209-210) تنصب لجنة الإشراف على التأمينات The Insurance Supervisory Committee التي تتصرف كإدارة رقابة، بواسطة الهيكل المكلف بالتأمينات لدى وزارة المالية، تتكون من ممثلين عن المجلس الأعلى للقضاء، وزارة المالية وخبراء في التأمينات، وتهدف لجنة الإشراف من خلال ممارسة رقابة الدولة على نشاط التأمين وإعادة التأمين بشكل أكبر وأكفأ في المتابعة إلى:

- حماية مصالح المؤمن لهم والمستفيدين من عقد التأمين، بالسهر على شرعية عمليات التأمين.

- ترقية وتطهير عمليات سوق التأمينات، قصد إدماجها في النشاط الاقتصادي والاجتماعي.

- السهر على احترام شركات ووسطاء التأمين المعتمدين للأحكام التشريعية والتنظيمية.

- التأكد من قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤمن لهم.

- التحقق من المعلومات حول مصدر الأموال المستخدمة في إنشاء أو زيادة رأس مال الشركة.

وحسب المرسوم التنفيذي 08/113 يوضح مهام لجنة الإشراف على التأمينات التي تعكف على:

- تسطير برنامج عمل سنوي يحدد العمليات المتعلقة بالإشراف والمراقبة المزمع القيام بها ووسائل تنفيذه.

- السهر على مطابقة عمليات التأمين و/أو إعادة التأمين وشرعيتها.

- ضبط ومراقبة مدى احترام شركات التأمين و/أو إعادة التأمين، وفروع شركات التأمين الأجنبية، وكل متدخل آخر في مجال التأمين للأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالتأمين.

- مطالبة الخبرات لتقييم كلي أو جزئي للأصول أو الخصوم المرتبطة بالالتزامات التنظيمية لشركة التأمين و/ أو إعادة التأمين، وفروع شركات التأمين الأجنبية([3]).

ثالثا: المجلس الوطني للتأمينات

أنشئ المجلس National Council of Insurance في 25 جانفي 1995، وهو جهاز استشاري في المسائل المتعلقة بوضعية نشاط التأمين وإعادة التأمين وتنظيمه وتطويره، تموله الشركات ووسطاء التأمين، يجتمع في دورة واحدة على الأقل في السنة، حيث ينعقد بطلب من رئيسه أو أغلبية أعضائه، ومن صلاحياته التداول في جميع المسائل المتعلقة بجميع أوجه نشاط التأمين وإعادة التأمين، وتقديم الاقتراحات للوزارة المعنية الرامية إلى وضع الإجراءات الكفيلة بترشيد نشاط التأمين وترقيته، ووضع تسعيرات التأمين، كما يمكن إعداد مشاريع تمهيدية بنصوص تشريعية أو تنظيمية متعلقة بالقطاع بعد إخطار وزير المالية أو بمبادرة منه. وللمجلس أمانة دائمة لدعم أعماله من الناحية التقنية والإدارية.

كما يمكن للمجلس الوطني للتأمينات أن يقترح، طبقا للتشريع المعمول به، كل الإجراءات المتعلقة بما يأتي: القواعد التقنية والمالية الرامية إلى تحسين الظروف العامة لعمل شركات التأمين وإعادة التأمين وظروف الوسطاء؛ الشروط العامة لعقود التأمين والتعريفات؛ تنظيم الوقاية من الأخطار.

يعد المجلس الوطني للتأمين تقريرا سنويا عن الوضع العام لقطاع التأمين، ثم يرسل إلى رئيس الحكومة عن طريق الوزير المكلف بالمالية، ويعمل تحت هذا المجلس أربع لجان: لجنة مكلّفة بدراسة طلبات الاعتماد من حيث المنح والسحب؛ لجنة التعريفة والدفاع عن المؤمن لهم؛ لجنة تنمية وتنظيم السوق؛ اللّجنة القانونية.

ويهدف المجلس الوطني للتأمينات كهيئة استشارية للسلطات العمومية إلى:

- الحفاظ على حقوق والتزامات طرفي العقد، وضمان السير الحسن لمختلف شركات التأمين.

- السهر على مردودية الأموال المجمعة من طرف شركات القطاع (التوظيفات والملاء المالية).

- إرساء إطار توافقي للحوار والمساهمة في توجيه وتطوير القطاع.

- إنشاء مركز للبحث يقوم بدراسات استراتيجية من أجل تطوير نظام التأمين.

- المساهمة في إعداد النصوص التنظيمية Regulatory Texts، ووضع تسعيرات لمختلف فروع التأمين (مكتب متخصص في التسعير Tarification).

- التنسيق في مجال الأسواق الدولية للمساهمة في توازن ميزان المدفوعات وتحفيّز التبادل بين الشركات.

- تجسير التعاون الخارجي للاستفادة من التجارب الدولية International Experience، والبحث عن قنوات جديدة في نشاط إعادة التأمين.

تمول الشركات ووسطاء التأمين المجلس الوطني للتأمين، وتشتمل الميزانية على ما يأتي:

- الإيرادات Revenue: مساهمات شركات التأمين وإعادة التأمين، ومساهمة وسطاء التأمين.

- النفقات Expenditures: هي جميع نفقات تسيير المجلس واللجان التقنية خصوصا الأجور([4]).

رابعا: الاتحاد الجزائري للتأمين وإعادة التأمين

أنشئ الاتحاد Union of Insurance Companies في 22 فيفري 1994، وله صفة الجمعية المهنية، ويختلف عن المجلس الوطني للتأمين، كونه لا تشمل عضويته إلاّ شركات التأمين، فهو يهتم بمشاكل المؤمنين فقط، أما المجلس فيهتم بمشاكل السوق بصفة عامة، ومن أهداف الاتحاد ما يلي:

- ترقية نوعية الخدمات المقدمة من شركات التأمين وإعادة التأمين.

- تحسين مستوى الأداء والتأهيل والتكوين.

- ترقية ممارسة المهنة بالتعاون مع الأجهزة والمؤسسات المعنية.

- الحفاظ على أدبيات وأخلاقيات ممارسة المهنة The Ethics of the Profession Insurance.

يعتبر هذا الاتحاد الهيئة الممثلة لشركات التأمين اتجاه السلطات المنظّمة، وهو على شكل جمعية، لها هيئة دائمة ممثلة في المدير التنفيذي وجمعية عامة ورئيس ومجلس يمثّل من كل شركات التأمين العمومية والخاصة، وفيما يخص تنظيم اتحاد المؤمنين ومعيدي التأمين فهو كالتالي:

- المجلس العام: يتكون من عدة أعضاء.

- اللجنة المسيرة: تتكون من رئيس ونائبه، أمين الخزينة ومساعده.  

جاء في المادة 214 من القانون رقم 04-06 المؤرخ في فبراير سنة 2006 يعتمد الوزير المكلف بالمالية جمعية مهنية للمؤمنين خاضعة للقانون الجزائري، ويجب على شركات التأمين و/أو إعادة التأمين وفروع شركات التأمين و/أو إعادة التأمين وفروع شركات التأمين الأجنبية المعتمدة أن تنضم إلى هذه الجمعية. يتمثل هدف هذه الجمعية في تمثيل وتسيير مصالح الجمعية لأعضائها، وتحسيس منخرطيها والجمهور، كما تدرس هذه الجمعية المساءلة المتعلق بممارسة المهنة لاسيما الوقاية من الأخطار ومحاربة كل عوائق المنافسة والتكوين والعلاقات مع ممثلي الموظفين، ويمكن أن تستشار الجمعية من طرف الوزير المكلف بالمالية بخصوص كل المسائل ذات الصلة بالمهنة دون الإخلال بـأحكام هذا القانون، ويمكن للجمعية أن تقترح في إطار قواعد أخلاقيات المهنية، على لجنة الإشراف على التأمينات عقوبات ضد عضو أو أكثر من أعضائها، ويعتمد كذلك الوزير المكلف بالمالية مهنية لكل من الوكلاء العاملين والسماسرة وفق الأشكال المنصوص عليها في هذه المادة، حيث توافق لجنة الإشراف على القانون الأساسي لهذه الجمعية وعلى كل تعديل يطرأ على هذه الأخيرة([5]).

المحور الثاني: عرض المعايير الأدائية للقطاع للفترة 1995-2012

تلعب أنظمة الإشراف والرقابة على شركات التأمين وإعادة التأمين، دورا حاسما لا يستهان به في تطهير سوق التأمينات والسهر على ترقيته بشكل دؤوب، بواسطة اللجوء الصارم إلى مكافحة الفوضى وتقويض معالم الاحتكار وإرساء دعائم المنافسة النزيهة بين المتعاملين، فهذه الأجهزة المتخصصة أداة فاعلة تستند للقوانين وما يتبعها من لوائح تنظيمية، تفرضها الحكومة للحفاظ على مصالح وحقوق حملة الوثائق، وكذا إخضاع هيئات التأمين لمعايير التقييم المتعلقة بتكوين الاحتياطيات الكافية لمواجهة الالتزامات، وتحديد مسار الأموال المخصصة للاستثمار، في ظل توفر عنصري تقليل المخاطرة وتعظيم العائد.

إن سمة الهشاشة لا تزال طاغية رغم الإمكانات الهائلة المسخّرة لمنظومة هامة بهذا الوزن، حيث يعدّ القطاع آلة منشّطة للاستثمار لو جرى توظيفها على النحو الأكمل، وسط انتقادات لاذعة لمتخصصين يجزمون أنّ الإصلاحات غير كافية والقطاع بحاجة إلى إصلاح عميق([6]):

جدول -1- المؤشرات الأدائية لسوق التأمين الجزائري للفترة 1995-2012

 
1995
1996
1997
1998
1999
2000
2001
2002
2003
إجمالي الأقساط: مليون دينار
13028
15068
15600
16027
17139
19489
21783
28985
31311
الترتيب العالمي
-
64
66
66
68
69/88
72
68
71
معدل الكثافة: دولار للفرد
9.74
9.79
9.43
9.42
8.36
8.52
8.96
11.37
13.03
الترتيب العالمي
-
75
79
81
80
82/88
83
83
82
معدل الاختراق (%)
0.67
0.58
0.58
0.59
0.54
0.49
0.52
0.64
0.59
الترتيب العالمي
-
76
81
84
80
86
88
86
85
 
2004
2005
2006
2007
2008
2009
2010
2011
2012
إجمالي الأقساط: مليون دينار
35758
41620
46474
53789
67884
77339
80660
87300
99900
الترتيب العالمي
65
64
68
71
65
70
61
64
67
معدل الكثافة: دولار للفرد
15.12
16.58
16.84
22.5
31.0
32.0
32.8
33.0
34.3
الترتيب العالمي
81
80
81
82
80
82
81
81
81
معدل الاختراق (%)
0.6
0.55
0.55
0.57
0.61
0.7
0.8
0.7
0.67
الترتيب العالمي
86
87
86
61
86
86
67
80
85

المصدر: مديرية التأمينات بوزارة المالية، المجلس الوطني للتأمينات، مجلة سيجما السويسرية، 2013

إن تقييم مستوى أداء شركات التأمين في الجزائر، يتم من خلال نتائج العمليات التأمينية التقنية، إذ يتطلّب الأمر دراسة أهم المؤشرات المعروفة في القطاع، وخلافا للمستوى النوعي الذي بلغته منظومة التأمينات في دول الجوار، حتى لا نقول القارة العجوز وما لفّ لفها، يشكو سوق التأمينات في الجزائر من تخبط مزمن في مآزق بالجملة، حيث بات هذا الدينامو الحيوي يسبح في الجمود، وسط فداحة تنظيمية وضعف متنامي، وتسببت الفوضى العارمة في انحدار التغطية العامة إلى مستوى 0.67%، وبمعدل كثافة محدود بـ 34.3 دولارا لكل ساكن.

يرجع الناشطون بقطاع التأمين ضعف رقم الأعمال الذي تحققه شركات التأمين الجزائرية إلى عدة عوامل، أبرزها ما يسمونها الفوضى التنظيمية، وكذا سلسلة التخفيضات العشوائية للتكاليف، والتي أضرت بتوازنات القطاع في ديارنا، بيد أنّ متعاملين يبدون تفاؤلا بآفاق السوق وقابليتها للتطور، شريطة تدارك السلطات، وعملها على تذليل العقبات، وإذكاء التنافسية أمام شركات التأمين، دون ممايزة بين المؤسسات العامة والخاصة.

المحور الثالث: تحليل الحصيلة على ضوء الإمكانات الكامنة والأوراق الرابحة

من الجدول أعلاه، نقدم التوصيفات والتحليلات وزوايا النظر التالية([7]):

1- مؤشر إجمالي الأقساط المكتتبة

ارتفع رقم أعمال قطاع التأمينات الوطني بنسبة تعادل 14.1%، بحيث بلغ 99.9 مليار دينار سنة 2012 مقارنة بعام 2011، ويفوق هذا النمو ذلك المتوقع من قبل المجلس الوطني للتأمينات الذي كان يراهن على ارتفاع بنسبة 11% أي 95.7 مليار دينار من منح التأمينات الممنوحة سنة 2012. وحقق القطاع سنة 2011 رقم أعمال بقيمة 87.3 مليار دينار بزيادة قدرها 7% مقارنة مع عام 2010، وتوجد بالجزائر حاليا 23 شركة تأمين من بينها سبع شركات للتأمين على الأشخاص. وإذا رجعنا نصف قرن إلى الوراء، فإن رقم أعمال القطاع كان يبلغ 71 مليون دينار سنة 1964، وبدأ في الارتفاع تدريجيا حيث بلغ 10 ملايير دينار سنة1994، ثم 13.1 مليار دينار سنة 1995، وبعدها 41.6 مليار دينار سنة 2005، ليبلغ تقريبا 100 مليار دينار سنة 2012. ويتضح للوهلة الأولى، أن سوق التأمين الجزائري قد حقّق تطورا ملحوظا من حيث معدل النمو السنوي لإجمالي حجم الأقساط المكتتبة الذي بلغ زهاء 37% (أي يتوفر على هامش تطور معتبر)، منتقلا بوتيرة محسوسة ومتزايدة بلغت حدود 666%، أي أن رقم الأعمال انتقل من 13028 مليون دينار تترجم قيمة 274 مليون دولار عام 1995 ليرتفع إلى حوالي100  مليار دج تترجم قيمة 1250 مليون دولار عام 2012، مسجلا انتعاشا بإنتاج إضافي قياسي مقارنة مع السنوات الفارطة وصلت زيادته الصافية خلال نفس الفترة 86872 مليون دينار، حيث سجلت كل الفروع والشعب ارتفاعا وانتعاشا في حجم نشاطاتها بنسب متفاوتة.

ويرجع الخبراء هذه المحصلة الإيجابية نسبيا في القيمة الإجمالية لمنح التأمينات إلى عدة عوامل وأسباب نذكر من أهمها:

- الإصلاح الهيكلي للقانون 06/04 المؤرخ في 20 فيفري 2006 المعدل والمتمم للأمر 95/07 المؤرخ في 25 جانفي 1995، الذي أقحم الشركات في حلبة المنافسة، وبالخصوص بعد فصل تأمينات الأضرار عن الأشخاص، مما سمح بإعادة تنظيم السوق، فهذه الأرقام مرشحة للارتفاع خلال السنوات القادمة، مع دخول شركات تتوفر على خبرة حقيقية وتوفير منتجات حديثة في مجال التأمين، ومع تثبيت ميكانيزمات التنافس النزيه. وفي هذا الإطار، استبعدت الحكومة اللجوء إلى خوصصة الشركات العمومية كحل لترقية القطاع.

- تزامن توقيت الإصلاحات مع إطلاق برامج النفقات العمومية ذات الطابع التوسعي (2001-2014)، حيث استفادت غالبية الفروع من المخططات الخماسية التنموية، والحقيقة أن الاقتصاد الجزائري يشهد حركية كبيرة، لذلك فالحاجة ماسّة إلى متدخلين مؤهلين قادرين على المساهمة في رفع عدد نقاط البيع، ومنتجات التأمين المقترحة في مختلف القطاعات للمواطنين والمتعاملين.

- توسع قنوات التوزيع باعتماد صيغة صيرفة التأمين من سنة إلى أخرى، حيث تعمل إلى جنب وسطاء التأمين التقليديين، وهو ما مكن من تحريك الطلب نوعا ما. والجدير بالتنويه، أن تطوير قطاع التأمينات مرتبط بتطوير السوق المالية، وبروز بنوك التأمينات موازاة مع أعمال اتصال مكثفة، لكن مع ذلك يبقى معدل التغطية بمتوسط نقطة بيع لكل 28000 ساكن (عجز)، مقابل نسبة عالمية تقدر بنقطة بيع واحدة لكل 5000 نسمة.

- الانتشار الواسع لقروض السيارات، أدت إلى اتساع الحظيرة الوطنية للسيارات بشكل ملفت للانتباه في السنوات الأخيرة، كما أن ازدهار عملية بيع السيارات بالتقسيط بواسطة البنوك، والتي تشترط عقد التأمين كل الأخطار.

- ارتفاع تعريفة تأمين السيارات عدة مرات، أهمها الزيادة التي تمت في 1 جانفي 1995 بـ 30% ثم 40% في سنة 1998، والتي تخص المسؤولية المدنية (تأمين السيارات يندرج ضمن التأمينات الإجبارية)، وتطالب شركات التأمين من سلطة الضبط بوزارة المالية بتطبيق بنود الاتفاق المبرم في صيف 2011 بين المؤمنين لتحديد سقف التخفيضات بالنسبة للتأمينات على السيارات التي اعتبروها مفرطة، فهناك طلب ملح برفع سعر أحد مكونات التأمين على السيارات -المسؤولية المدنية- المقدرة حاليا بـ 1500 دينار.

- تسويق شركات التأمين بصيغة جديدة لتأمين السيارات الأقل من 05 سنوات بعقد كل الأضرار بين 2 و4 ملايين دينار جزائري، والتي كانت تخص السيارات التي لا يقل عمرها عن 05 سنوات فقط.

- دخول قرار إلزامية التأمين على الكوارث الطبيعية حيز التطبيق إبتداءا من سبتمبر 2004، والذي يلزم التأمين على الأملاك العقارية.

- كثرة الكوارث الطبيعية التي عرفتها البلاد في السنوات الأخيرة (فيضانات باب الواد، زلزال بومرداس)، رفعت نوعا ما من درجة الوعي التأميني للأفراد بغرض حماية ممتلكاتهم.

- فرض عقد تأمين السفر للراغبين في الحصول على تأشيرة إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي إبتداءاً من سنة 2003، والقطاع يراهن كثيرا على شركات تأمين الأشخاص الجديدة من أجل استغلال السوق.

- الحركية التي عرفتها قروض الاستهلاك، والتي تشترط إظهار عقد التأمين بالنسبة للراغبين في شراء عقار، إضافة إلى التأمين على القروض.

- تطبيق مخطط الدعم الفلاحي، والذي يشترط التأمين ضد الأخطار الفلاحية، على الفلاحين الراغبين في الاستفادة من الإعانات والخدمات التي يقدمها.

في نفس النسق التحليلي لمحتوى الجدول، يمكن القول أن الاعتماد على مؤشر معدل نمو الإنتاج الوطني من التأمينات من سنة إلى أخرى هو عامل غير حاسم في الحكم النهائي عن ثمرة الإصلاحات بل مضلل، فمن الجدول نقرأ المنحى التصاعدي اللافت للنظر لعوائد العلاوات، بالإضافة إلى التحسّن النوعي لأداء المتعاملين، لكن عند رصد موقع ووزن الجزائر ضمن التأمينات الدولية نجدها بعيدة عن المعايير العالمية، حيث تحتل مراتب ذيلية متأخرة، إذ جاءت في المركز 67 من أصل 88 بلد شملته الدراسة المسحية التي قامت بها مجلة Sigma السويسرية المتخصصة في سوق التأمين الدولي المعتمدة من طرف الاتحاد الدولي لشركات التأمين بلندن في تقرير عام 2012، بحصة سوقية 0.03% تكاد تنعدم وتؤول إلى الصفر، وضمن سوق التأمين الإفريقي 1.61% فقط، حيث تحتل المركز الخامس على الصعيد القاري أي إفريقياً، والسادس على النطاق الإقليمي أي عربياً. إذن تكشف لغة الأرقام مدى ضعف الأداء الاكتتابي للشركات الناشطة بالقطاع، وما يطرح علامة استفهام وتعجب عن دور القطاعين العمومي والخاص بشكليه المحلي والأجنبي في ترقية الصناعة التأمينية بالجزائر، وما يزيد الأمر موضوعية بعيدا عن التحامل هو عدم الاستفادة من ضخ تلك الأغلفة المالية الموجهة لتمويل المخططات الخماسية للحكومة.

2- مؤشري الاختراق والكثافة

إنّ مؤشري الكثافة والاختراق يستعملان كمقياس لتقييم الوضعية الاقتصادية الكلية لسوق التأمين. ولقياس هذا الأخير، نستخدم مجاميع أقساط التأمين المكتتبة لكل عام كمؤشر لأداء السوق، حيث أن أهمية نشاط التأمين في الاقتصاد الوطني لأي بلد يقاس من خلال هذين المؤشرين. فمؤشر الاختراق يصطلح عليه كذلك بمعدل الانتشار أو التغلغل، ليعكس مساهمة أو حصة قطاع التأمين في الناتج الداخلي الخام، وهو حاصل قسمة رقم الأعمال الإجمالي للتأمين خارج الموافقات الدولية (مجموع الأقساط المكتتبة) إلى الناتج الداخلي الخام. فإذا كانت النسبة مرتفعة فذلك يدل على سرعة نموه، وبصفة عامة تكون الدول متقدمة وأكثر حداثة عندما تكون حصص التأمين في الناتج الداخلي الخام مرتفعة أو أعلى النسب، بينما تكون الدول متخلفة أو أقل تقدما عندما تكون مساهمة التأمين في الناتج الداخلي الخام لديها منخفضة وغير معبّرة، وهذه النسبة تعتبر معيارا لتقدم الاقتصاد. أما مؤشر الكثافة فيقصد به ما يخصصه الفرد سنويا لينفقه على طلب منتجات التأمين، أي الإنفاق على شراء الحماية التأمينية، ومنه فهي تعبر عن إجمالي الأقساط المتحقق في البلد منسوبا إلى عدد السكان([8]).

إنّ مؤشر الاختراق ضعيف جدا رغم تذبذباته، فمن 0.49% عام 2000 إلى 0.8% عام 2010 ليتقلص متراجعا إلى 0.67% عام 2012 مترجما بذلك الرواق 85، ليظل بعيد تماما عن المستويات الدولية والقارية المقدرة بـ 6.5%، 3.65%، وهذا مقابل معدلات أكثر ارتفاعا لدول الجوار. ومن ثم تبقى نسبة مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي الخام بالجزائر أقل من 1%، فهي متدنية ومقلقة بكافة المقاييس، ولا تعكس القدرات الموجودة والإمكانات المتاحة التي يتمتع بها، ولا تمثل النمو المحقق في مختلف القطاعات الاقتصادية خارج المحروقات.

وحسب المجلس الوطني للتأمينات وجمعية البنوك والمؤسسات المالية، يسهم قطاع التأمينات من خلال شركاته الـ 21 وتعاضديتيه بنسبة 3% فقط في تمويل الاستثمار الوطني، وقد تراجعت هذه النسبة خلال السنوات الأخيرة، لأنها انتقلت من 3.8% سنة 1995 إلى 3.6% سنة 2005 و3.4% سنة 2006 لتسجل 3% فقط سنة 2011. حتى وإن كانت مخصصات شركات التأمين الموجهة للاستثمار قد ارتفعت بشكل ملموس خلال نفس الفترة. فقد بلغت تلك المخصصات 22.2 مليار دينار سنة 1995 قبل أن تسجل 60.4 مليار دينار سنة 2005 و66.2 مليار دينار و140 مليار دينار سنة 2011، أما الاستثمار الوطني الذي حظي بثلاثة برامج عمومية للاستثمار منذ سنة 2001، فقد انتقل من 580 مليار دينار سنة1995  إلى 1661 مليار دينار سنة 2005 ثم إلى 4618 مليار دينار سنة 2011.

أما مؤشر الكثافة هو الأخر ضئيل ومتواضع للغاية، ويعتبر المواطن الجزائري من أقل شعوب منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط من حيث التغطية، حيث لا تتجاوز نسبة الاكتتاب السنوي لكل جزائري 34.3 دولار للساكن عام 2012، رغم التحسن في الإنفاق خلال هذه الفترة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات في البورصات العالمية، حيث انتقل دخل الفرد إلى 5414 دولار عام 2012، إلا أن النسبة تبقى بعيدة مقارنة بمعظم دول العالم (المرتبة 81)، ونشير إلى أن المعدل العالمي لهذا المؤشر يقدر بـ 655.7 دولار للساكن.

مما سبق يمكن أن نستنتج بأن المؤشرات الإيجابية التي حملها قطاع التأمين الجزائري هي صورية وشكلية، وعلى ضوء هذه النتائج تبين أن القطاع أمام رهان صعب، وقد تكبد قطاع التأمين الوطني خسائر جسيمة كفرص ضائعة ومهدورة، بسبب عزوف غالبية الجزائريين عن تأمين بيوتهم ومحلاتهم وكل أنواع الممتلكات الأخرى باستثناء السيارات، وعدم الإقبال على طلب الخدمات التأمينية له مبررات موضوعية ومسوغات منطقية، تتمثل في المشاكل المستعصية التي يتخبط فيها، والتي تكبح جماح التعاقد مع شركات التأمين في الجزائر. وفي نفس الوقت، هناك إمكانات استثمارية ضخمة يتمتع بها تؤدي إلى نموه بسرعة متزايدة، إذ يجمع الخبراء على أن سوق التأمين الجزائري يزخر بكل مقومات النهوض، فهو يمتلك مردود معتبر غير مستغل بشكل جيد مقدر بـ 7 مليار دولار (لم تصل إلى التشبّعوهناك مؤشرات محفزة وواعدة كقوى دافعة لتنامي قطاع التأمينات في الجزائر، بفعل تسجيل آلاف المشاريع في قطاع البنى التحتية وزيادة عدد المقاولات الصغيرة والمتوسطة وطرح منتجات جديدة في المجالات العقارية وتأمين الحياة، وتزايد عدد المتعاملين في هذا المجال.

وقد أكد اتحاد التأمين وإعادة التأمين، أن رقم أعمال القطاع، قد يرتفع بخمسة أضعاف في آفاق سنة 2020 لينتقل إلى 5 ملايير دولار أي بحوالي 400 مليار دينار، ويمكن بلوغ هذا الارتفاع في سوق التأمينات، بفضل تنويع الفاعلين في مجال التأمينات، وبروز بنك التأمين، حيث سترتفع منحة التأمين الشهرية بالنسبة للفرد الواحد إلى 3000 دينار أي 40.5 دولار سنة 2020 وهو مبلغ يعد ممكنا. ويرى العارفون بخبايا القطاع، أن تجسيد هذه الأرقام يحتاج إلى توزان في المحفظة التأمينية، على اعتبار أن الارتفاع في رقم الأعمال مدفوع بشكل خاص بفرع تأمين الضرر الذي يمثل 94.8% من البنية العامة للسوق، بينما يحوز فرع التأمين على الأشخاص على 5.2% فقط.

خاتمة

رغم الجهود المبذولة والمحاولات الساعية لتقوية القدرة التنافسية للمؤشرات الأدائية (الكثافة والاختراق)، بيد أنّ صناعة التأمين الوطني بلغة الأرقام قياسا بصناعة التأمين العالمية من منظور النجاعة، تبقى بعيدة على ضوء المعايير والمستويات الدولية المقبولة، فالقطاع ما زال بعيدا عن منافسة الاقتصاديات الدولية، فعند استقراء التقارير الصادرة عن مجلة Sigma المتخصصة وبإجراء مقارنة مرجعية لمركز الجزائر ضمن سوق التأمين الدولي والإفريقي والعربي والمغاربي نجد الترتيب المتدني. ويعتبر تدني مركز الجزائر ضمن مقتضيات التنافسية الدولية وتبوئها مراتب ذيلية، دليل على فشل مؤسسات الرقابة والإشراف على التنظيم الفني للقطاع، بل وقرينة واضحة على أن القطاع يشهد ارتباك خطير، فلم يرتقي إلى مستوى المعايير المعمول بها دوليا، بل ولا حتى القارية وبعيدة كل البعد عن مصاف الدول المتقدمة وحتى بعض الدول النامية، وهو ما أدى في العديد من الحالات إلى بروز بعض الأزمات والإخفاقات التي يعرفها هذا القطاع، فمثلا يمثل رأس مال الشركات الناشطة حاليا بقيم بسيطة، إذا ما قورنت بمثيلتها في الدول المتقدمة، وهذا ما يشكل في المستقبل عاملا كابحا لنشاط التأمين.

فمن الوقوف على مؤشر الاختراق، نجد رقم أعمال قطاع التأمين في الجزائر أقل من 1 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، في الوقت الذي كان يمكن أن يصل إلى 7 مليار دولار في الظروف العادية، مقابل 2 إلى 3 بالمائة في المغرب وتونس كبلدان مجاورة، فنسبة التغلغل الضعيفة والتي تعد الأكثر تخلفا في منطقة المتوسط تعكس تواضع وهامشية مردودية القطاع، على الرغم من الفرص القوية غير المستغلة التي يتوفر عليها، ففيه مجالات خصبة غير مكتسحة وفرص نمو هائلة واعدة. كما تفضي قراءة مؤشر الكثافة أو الانتشار إلى نتيجة مفادها أن انتعاش سوق التأمين المحلي مستقبلا له أفق واسع، فالفرد الجزائري لا يصرف سوى 34 دولاراً سنويا على إكتاب عقود تأمين، وهو الرقم المرشح للارتفاع خلال السنوات القادمة، لأن القطاع يتصف بأنه من أهم الأسواق البكر، على اعتبار أن الجزائريين من بين أقل الشعوب من حيث التغطية في مجال التأمين في المنطقة العربية، فهو قطاع قابل للتطور بالنظر للإمكانات والقدرات الكامنة التي يزخر بها.

هناك العديد من الآليات والاستراتيجيات لتجسير وتعضيد المقدرة التنافسية للقطاع، واجبة الإتباع لمواجهة استحقاقات ورهانات الانفتاح والتحرير، ومن أهم مستلزماتها التحضير التداؤبي المكثف بين كل الهيئات والاتحادات بغية تعظيم نشر الوعي التأميني لدى المواطن، وبالتالي يجب على صنّاع القرار تفعيل الحملات التحسيسية الواسعة، وإعداد الندوات والملتقيات العلمية واللقاءات في وسائل الإعلام المختلفة، التي تدندن حول إبراز أهمية ودور التأمين في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة. فمثلا يؤدي تشجيع تبني مفهوم التأمين التكافلي، إلى زيادة الإقبال على شراء الحماية التأمينية على الأخطار التي يتعرض لها المجتمع الجزائري المسلم، على اعتبار أن النظرة التحريمية السائدة لدى المواطنين حول التأمينات التجارية تعود لأسباب دينية. وفي ذات الغضون، يبقى مشكل غياب الثقافة التأمينية من أهم العراقيل والمعوقات التي تواجه تطور نشاط التأمين في الجزائر، وتحول دون بلوغ الطموحات المنتظرة والتطلعات المنشودة، خصوصا إذا تأكدنا بأن مسألة الوعي هي عنصر ضروري لتطوير القطاع، لما له من علاقة مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما في جانب النمو الاقتصادي وزيادة معدلات الإنتاج.

 



الهوامش والإحالات
 
([1])  حساني حسين: دور استخدام الأساليب الكمية في إتخاذ القرارات وتحسين أداء شركات التأمين الجزائرية (www.kantakji.com/fiqh/Files/Insurance/D229.doc)، تمت المعاينة يوم 5-12-2013
 
([2]) الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 75، المؤرخة في 02-12-2007
([3]) لمزيد من التفصيل أنظر إلى:
- حسين مبروك: المدونة الجزائرية للتأمينات، دار هومة، ط 2، بوزريعة، الجزائر، 2007، ص ص.80-85
- عبد الحليم غربي: تقييم تجربة الخدمات المالية الإسلامية في السوق الجزائرية وآفاقها المستقبلية، الندوة العلمية الدولية حول الخدمات المالية وإدارة المخاطر في المصارف الإسلامية، كلية الاقتصاد بجامعة سطيف والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، الجزائر، 2010، ص.19
([5]) الموقع الإلكتروني للاتحاد الجزائري للتأمين وإعادة التأمين (http://www.uar.dz)
([6]) أنظر إلى المادة العلمية التالية:
- François-Xavier Albouy: L’Algérie est un marché facile à développer, L’argus de l’assurance, N°6965, 2006, p.21
- Abdelmadjid Messaoudi: Libéralisation, Conseil national des assurances, 4ème Forum des assurances d'Alger, Hôtel El Aurassi, 2005
- Abdelmadjid Messaoudi: Situation et défis du secteur des assurances, 4ème Forum des assurances d'Alger, Hôtel El Aurassi, 2005
([7]) للمزيد من التفصيل أنظر إلى المراجع العلمية التالية:
- رشيد بوكساني: إصلاح وواقع سوق التأمين الجزائري، مجلة الإصلاحات الاقتصادية والاندماج في الاقتصاد العالمي، العـدد 1، المدرسة العليا للتجارة، الجزائر، 2006، ص ص.57-59
- Mokhtar Naouri: Etude sur le marché Algérienne des assurances <>, Revue Algérienne des assurances, Edition UAR, N°4, 2001, p.16
- Sigma (N°6/2001) (N°2/2013), L'assurance dans le monde en 2000-2012 (http://www.suissre.com/Sigma)(Consulté le 5-3-2011)
- Bulletin des assurances (N°14/2011)(http://www.cna.dz/bulletin 14/pdf)(Consulté le 1-7-2011)
- Marché des assurances en Algérie <>, Revue l'actuel international NRA (les nouvelle revues Algériennes), N°77, Alger, 2007, pp.18-19
- Dossier (le marché des assurances et l'assurance dans la mondialisation), Investir Magazine, N°26, Alger, 2008, p.49