إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2013/02/23

Press Misrepresentation of Insurance-the case of Compulsory Motor Insurance



التأمين في الصحافة العراقية وتضليل الفرد العادي:

حالة التأمين الإلزامي من حوادث السيارات

 

 

مصباح كمال

 

 

تقديم

 

أرسل لي الزميل العزيز محمد الكبيسي خبراً تأمينياً بتاريخ 20 شباط 2013 بعنوان "التأمين العراقية تستقطع من ايرادات محطات الوقود لضمان حياة السائقين دون علم العراقي ،" وهو مستنسخ أدناه في الملحق، مع تعليق قصير: "لاحظْ الصياغة المُضللة للخبر بالنسبة للفرد العادي."  شكرته على رسالته وكتبتُ: "حقاً قلتَ بأن صياغته مُضللة وفقيرة وغير موثقة ولا تساهم في تعريف القراء بالتأمين الإلزامي من حوادث السيارات.  تُرى هل ستقوم شركة التأمين الوطنية أو جمعية التأمين العراقية بالتوضيح؟  أرجو ذلك إن كان لديها علمٌ بهذا الخبر.  خلاف ذلك هل لك أن تقوم بالرد أو تتعاون مع زملاء آخرين بهذا الشأن؟"


لم استلم ما يفيد قيام شركة التأمين الوطنية أو جمعية التأمين العراقية أو الكبيسي أو زملائه بالرد على ما جاء في هذا الخير.  ولهذا أقدمتُ على كتابة هذه الورقة عن جوانب من الموضوع من منظور قصور الصحافة العراقية في تناول قضايا التأمين، على خلفية قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 والتعليق على بعض ما اوردته وكالة الأنباء.  وقد سبق أن كتبتُ غير مرّة عن تعامل الصحافة مع الشأن التأميني وأشيرُ بالخصوص إلى مقالتي "أخبار العراق التأمينية في الصحافة" المنشورة في مجلة التأمين العراقي في تموز 2008. http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2008/07/1-5-2008.html

 

استفدت من تعليق الكبيسي في صياغة عنوان هذه الورقة.

 

مع سقوط النظام الدكتاتوري في نيسان 2003 صار الاعتماد على المصدر الأجنبي مقياساً لدراسة الأوضاع العامة، وفي الحالة الراهنة لتقييم مكانة مؤسسة التأمين في المجتمع العراقي وكأن هذا الاعتماد يضفي قيمة إضافية ومصداقية أكبر لموضوع الخبر بدلاً من الاستفادة من المصادر المحلية ودفعها لتقديم بيانات أفضل.

 

لم تُعرّفنا وكالة الأنباء عن المطبوعة البريطانية التي نقلت عنها الخبر، ولم أنجح في البحث عنها.  ولم يستشر محرر الخبر رأي أركان التأمين وهم أصحاب الشأن واكتفى بالاستئناس برأي خبير اقتصادي عراقي.

 

أين التضليل في هذا الخبر؟

 

لنبدأ بالعنوان: "التأمين العراقية تستقطع من ايرادات محطات الوقود لضمان حياة السائقين دون علم العراقي."   يوحي العنوان أن شركة للتأمين، التأمين العراقية، هي التي تستقطع من إيرادات محطات الوقود.  وكان الأصح أن تُعّرف الشركة وهي شركة التأمين الوطنية[1] إذ أن "التأمين العراقية" ربما يشير، وهو حقاً كذلك بين العاملين في قطاع التأمين العراقي، إلى "شركة التأمين العراقية" وهي ليست معنية بالاستقطاع من إيرادات المحطات وكانت عند صدور قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 متخصصة في تأمينات الحياة.

 

ويشير العنوان أيضاً إلى عدم علم المواطن العراقي بهذا الاستقطاع وكأن في الأمر استغفالاً.  ربما لا يعرف المواطن أن التأمين على سيارته يتم من خلال استقطاع نسبة من إيرادات محطات الوقود لكن أعداداً كبيرة من المواطنين يلجئون إلى شركة التأمين الوطنية للمطالبة بتعويضهم من حوادث السيارات.  وحسب البيانات المتوفرة فإن محفظة صندوق التأمين الإلزامي لدى شركة التأمين الوطنية سددت مطالبات بالتعويض بلغت 3,595,891,000 دينار سنة 2009 و 5,015,250,000 دينار سنة 2010.[2] وربما ازداد حجم المطالبات في 2011-2012.

 

وربما يكون ما نقلته الوكالة من التقرير صحيحاً – أي أن "القليل من العراقيين واثقين من أن حياتهم مؤمنة في حال وقوع حادث سير لهم لأن من حقهم الحصول على تعويض مناسب دون الحاجة إلى توقيع عقود تأمين أو دفع أقساط شهرية أو سنوية."  فالتقرير يؤكد على حق المصاب بحادث سيارة الحصول على تعويض دون توقيع عقد أو تسديد قسط للتأمين.  فعند إصدار القانون كان التأمين يجري بالطريقة التقليدية - إصدار شهادة التأمين مقابل تسديد قسط كما جاء في المادة (3) أولاً "يلتزم المؤمن له بدفع قسط التأمين، إلى المؤمن بتاريخ الاستحقاق، وفق التعريفة التي تصدرها المؤسسة العامة للتأمين  ... ويقصد بالمؤمن له لأغراض هذا القانون، مالك السيارة المثبت اسمه في سجلات المرور أو سجلات الدوائر المعنية الأخرى، ومن تدخل السيارة باسمه الأراضي العراقية."  وقد تم تغيير طريقة استيفاء قسط التأمين بموجب تعريفة التأمين الإلزامي من حوادث السيارات استناداً إلى القانون رقم (52) لسنة 1980 فقد جاء في الملاحظات الختامية انه "اعتباراً من 1/1/1988 استبدلت طريقة استيفاء قسط التأمين الإلزامي المستندة أصلاً على الاستيفاء النقدي للقسط باتباع طريقة جديدة تتمثل في استيفاء القسط داخل العراق بواسطة توزيعه على ما تستهلكه السيارة من وقود دون الحاجة إلى إصدار وصل تأمين بذلك."

 

ويرد في العنوان أيضاً أن الاستقطاع هو "لضمان حياة السائقين" وهو، من منظور فني تأميني ضيق، ليس صحيحاً فالهدف لا ينصّبُّ حصرياً على ضمان، تأمين، حياة السائقين وإنما تعويض ورثة السائق في حالة وفاته فقط – حسب المادة 7 من قانون رقم 52 لسنة 1980.  ويشمل نطاق التعويض أيضاً الإصابة البدنية التي تلحق بالسائق إذا كانت "ناشئة عن اصطدام السيارة أو انقلابها." (الفقرة 7 – أ).

 

لنتذكر أن تأمين الأضرار البدنية التي تلحق بالطرف الثالث (دون أمواله) هو الهدف الأساس من القانون، ويرد ذلك في المادة (2) إذ "يلتزم المؤمِن بالتعويض عن الوفاة أو الإصابة البدنية التي تلحق أي شخص جراء استعمال السيارة في الأراضي العراقية، بصرف النظر عن توفر ركن الخطأ ..."

 

نظرة أولية على أهمية قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980

 

يشكل تشريع هذا القانون طفرة نوعية من خلال تحويل العلاقة العقدية التقليدية بين المؤمن له والمؤمن إلى علاقة قانونية، وتبني نظرية تحمل التبعة في المسؤولية لالتزام المؤمِن بتسديد التعويض بدلاً من نظرية الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس.  كما أنه وسع من نطاق شموليته كما جاء في المادة (1) "تعتبر جميع السيارات في أراضي الجمهورية العراقية مشمولة تلقائياً بالتأمين، وفق أحكام هذا القانون، مع مراعاة حكم المادة (11) منه."[3] وكذلك المادة (9): "أولاً: يلتزم المؤمن بالتعويض عن الوفاة أو الإصابة البدنية الناشئة عن استعمال سيارة مجهولة الهوية، على أن يسجل الحادث في دوائر الشرطة خلال (سبعة أيام) من تاريخ وقوعه أو العلم به، وأن يعزز ذلك بتقرير رسمي يثبت كون الإصابة البدنية أو الوفاة ناشئتين عن استعمال السيارة."

 

لكن نطاق شمولية القانون قُيدَّ باستثناءات فالمادة (8) تضم عشرة استثناءات، ومنها حالات الوفاة أو الإصابة البدنية أو أضرار الأموال التي لحقت بالغير عن عمل ارتكبه سائق السيارة عن عمد، فيكون الرجوع عليه.  وكذلك حالات الوفاة أو الإصابة البدنية أو أضرار الأموال بسبب حادث ناشيء عن استعمل سيارة مسروقة أو مغتصبة، ويكون الرجوع عندها على السارق أو المغتصب.  أو إذا ثبت أن سائق السيارة ارتكب الحادث وهو في غير حالته الطبيعية بسبب سكر أو تناول مخدرات، ويكون الرجوع عليه وعلى المؤمن له بالتضامن.

 

لم يوضح القانون دور شركة التأمين الوطنية.  ورد ذكر اسم الشركة في قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 في المادة (16)، والقانون رقم 4 لسنة 1986، قانون التعديل الثاني لقانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 (إعادة النظر في أقساط التأمين لتغطية كلفة التعويضات).  دور الشركة في تطبيق القانون احتكاري بقوة القانون لأن شركات التأمين الأخرى لا تشارك في إدارة محفظة التأمين الإلزامي على السيارات.

 

لقد مرت ثلاثة عقود على صدور القانون، وحسب علمنا لم يقم أحد بتقييم تطبيقات القانون وإعادة النظر في بعض نصوصه وكفاية شموليته ودور شركة التأمين الوطنية في إدارة محفظة التأمين الإلزامي، مثلما لم يحظَ تطبيق/عدم تطبيق القانون في إقليم كوردستان العراق منذ 1991 بدراسة موسعة.  ومن رأينا أن هناك ضرورة للتقييم الموضوعي مع التغيرات التي حصلت في هيكل قطاع التأمين العراقي منذ سنة 1997 وتأسيس شركات التأمين الخاصة منذ سنة 2000 وصدور الدستور الجديد سنة 2005.

 

دور التأمين والعشيرة في تسوية حوادث السيارات

 

وتنقل الوكالة عن التقرير أن "العراقيين الذي تقع لهم حوادث على الطرق يكتفون بتسوية المسألة مع الشخص الآخر في الحادث دون إحالة الحادث لشركة التأمين أو مناقشة الأمر على أي مستوى آخر".  هناك نظام عشائري للتسوية لكنه لا يلغي دور التأمين.  وقد تناول د. سليم الوردي هذا الموضوع واقتبسنا منه في مقالتنا "بدل شركات التأمين غير الموجودة هناك العشيرة."  ولأهمية الموضوع وإحياء القيم العشائرية نقتبس ما كتبناه في هذه المقالة تحت العنوان الفرعي "العشيرة بديلاً عن التأمين"[4]:

 

"العشيرة وقيمها هي من مؤسسات ما قبل الحداثة، وكان لها دور في تسوية بعض المطالبات التي تنشأ بين الأفراد نتيجة لتعاملهم اليومي مع شؤون حياتهم.  وقد لعبت العشيرة في العراق وفي بلدان أخرى مثل هذا الدور (تحويل عبء الضرر من الفرد أو إلى العشيرة) قبل قيام مؤسسة التأمين الحديثة.[5]  النهوض الجديد لدور العشيرة وقيمها، ومنها ما يخص التعويض عن الضرر، مسألة تستحق بحثاً مستقلاً ويكفي هنا أن نقول ان المؤسسات الحضارية الحديثة لم تتجذر في حياتنا لا بل اننا نشهد رجوعاً إلى الماضي بدأَ في سنوات احتضار النظام الديكتاتوري.  تدهور الأوضاع العامة يفسّرُ إلى حدٍ ما هذا النكوص والتحول صوب العشيرة والعمامة الذي سجله الكاتب.  ويورد د. سليم الوردي مثالاً من تجربته الشخصية قبل 2003 فيما يخص النزاعات المدنية ما يفيد في فهم هذه الظاهرة:[6]

 

"لم يقتصر تشجيع السلطة للعلاقات العشائرية على دعمها مادياً ومعنوياً، بل وعلى إضعاف فاعلية بعض القوانين المدنية المصممة لتسوية النـزاعات المدنية، مما فتح الباب على مصراعيه لإحلال أسلوب الفصل العشائري بديلاً عنها.  وكنت شاهداً على مثال حي يتعلق بتطبيقات قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات، بحكم عملي في شركة التأمين الوطنية:

 

منذ أواسط الستينات من القرن الماضي، وضحايا حوادث السيارات يتقدمون بمطالبات التعويض إلى شركة التأمين الوطنية، بموجب قانون التأمين الإلزامي على السيارات.  وكان لتطبيقات هذا القانون دور ملحوظ في خلق الشعور لدى المواطنين في الحق المدني والمطالبة به.  وتشير الإحصاءات أن تعويضات مجزية نسبياً كانت تدفع لضحايا حوادث السيارات.  كان معدّل التعويض الذي يدفع سنة 1980 زهاء 3500 دينار بما يقابل 11900 دولار أميركي.  بينما أصبح معدل مبلغ التعويض زهاء 5350 دينار في سنة 1995[68]، أي بما يقابل (بسبب التضخم الجامح) في حدود 3 دولارات فقط.  ولم يعد من المعقول أن يقتنع الضحايا بمبلغ تعويض تافه كهذا.  وقد طالبت شركة التأمين الوطنية ديوان الرئاسة بتعديل قسط التأمين المحسوب بمعدّل عشرة فلوس على اللتر الواحد من وقود السيارات عندما كان سعر اللتر 90 فلساً.  ولكن ديوان الرئاسة أصر على عدم التعديل وإبقاء السعر من دون زيادة، على الرغم من ارتفاع سعر لتر الوقود إلى عشرات المرات.  بما يعني فعلاً أن ديوان الرئاسة لم يكن يكترث بانفضاض أصحاب الحق المدني من ضحايا حوادث السيارات عن شركة التأمين، وانصرافهم لتسوية حقهم المدني بأسلوب الفصل العشائري، الذي يحقق تعويضات أكبر بمئات الأضعاف[69]."

 

[68]- د. الوردي، سليم، تقييم لآليات صندوق التأمين الإلزامي على السيارات.  مجلة التقني، العدد 68 سنة 2000، بغداد ص 108.

[69]- لم يوافَق على تعديل حصة شركة التأمين الوطنية إلا سنة 2000.

 

ما ذكره د. سليم الوردي يلخص تراجع المفاهيم والمؤسسات الحديثة في الحياة العامة، ويعني أيضاً تراجع المعرفة، بما فيها تسطيح المعرفة بالدين، والأخطر من ذلك تهميش المعرفة العلمية.  وعندها ينحسر التأمين أيضاً، بتعزيز التواكل والاستسلام للقضاء والقدر والاعتماد على مؤسسات تقليدية غير قادرة على الإنصاف الموضوعي للحقوق بدلاً من إدارة المخاطر من خلال مناهج العلم والهندسة.

 

في زمن الأزمات تنتعش القيم التقليدية ويصبح استعادة ملامح جميلة من الماضي (وكأنها الفردوس المفقود) بديلاً عن المواجهة مع متطلبات الحاضر.  نرى ذلك في الحنين العارم لجمهور من العراقيين إلى العهد الملكي الأول وعهد الملك فيصل بن غازي مقترناً بإضعاف مؤسسات الدولة، وتسييس القضاء، وإضعاف مفهوم المواطنة وإعلاء شأن العشيرة والطائفة."

 

إحصائيات المستفيدين من التعويض من حوادث السيارات

 

وتابع التقرير بالقول أنه "وطبقا لإحصاءات رسمية عراقية بان عدد العراقيين الذين يموتون نتيجة لحوادث الطرق أكثر بستة مرات من الذين يموتون نتيجة للتفجيرات ومع ذلك فان شركة التأمين الوطنية لا توفر أي إحصاءات عن عدد المستفيدين من بين هؤلاء الضحايا".

 

نتفق مع صاحب التقرير أن الإحصاءات عن عدد المستفيدين من ضحايا حوادث الطرق ليست متوفرة.  وهذه، عدم توفر الإحصائيات، مسألة عامة تنطبق على قطاعات أخرى وحتى على عدد ضحايا الأعمال الإرهابية.  ولعل قطاع التأمين هو الأفقر من هذه الناحية وما قامت به جمعية التأمين العراقية بهذا الشأن (إعداد الإحصائيات) ما زال في أوله ولا يخرج عن الإطار التقليدي في جمع البيانات.[7]

 

قضايا تأمينية عامة في تقرير وكالة الأنباء

 

هناك قضايا أخرى في تقرير الوكالة تستحق من يكتب عنها وهي:

 

§       الشعب العراقي يفتقر لمعلومات عن التأمين.

 

§   في العراق هناك ثلاث شركات حكومية للتأمين و 30 شركة خاصة ومع ذلك فان شركة التأمين الوطنية تؤمن النسبة الأكبر من الناس.

 

§   نشاط شركات التأمين الخاصة والمختصة بالشركات الصغيرة لا يكاد يذكر.  قيمة الشركة الخاصة الطالبة للتأمين أعلى بخمسين مرة من قيمة شركة التأمين.

 

§   ضعف شركات التأمين الخاصة يعود إلى حقيقة أن الدوائر الحكومية العراقية تشترط على الشركات التي تتعامل معها أن يكون لديها عقد تأمين من شركات مملوكة للدولة وليس من شركات تأمين خاصة.

 

وقد مررنا على جوانب من هذه القضايا في مقالات سابقة لنا، ولكننا نود أن يقوم آخرون بدراستها على ضوء التجربة كي لا يظل قطاع التأمين مظلوماً ومهملاً من التقييم، ونعمل على رفع مستوى الوعي بالتأمين لدى الفرد العادي.

 

لندن 23 شباط 2013 


مُلحق 

البغدادية نيوز، 16 شباط 2013
 

التأمين العراقية تستقطع من ايرادات محطات الوقود لضمان حياة السائقين دون علم العراقي
 

"ذكرت صحيفة المونيتور البريطانية في تقريرها أن القليل من العراقيين واثقين من أن حياتهم مؤمنة في حال وقوع حادث سير لهم لأن من حقهم الحصول على تعويض مناسب دون الحاجة إلى توقيع عقود تأمين أو دفع أقساط شهرية أو سنوية.

 

وتابع التقرير الذي اطلعت عليه وترجمته / البغدادية نيوز/ أن" شركة التامين الوطنية تقطع جزء من إيرادات وقود السيارات من جميع محطات البنزين في العراق لضمان السائقين والسابلة على الطرق".

 

ومع ذلك فان العراقيين الذي تقع لهم حوادث على الطرق يكتفون بتسوية المسألة مع الشخص الآخر في الحادث دون إحالة الحادث لشركة التأمين أو مناقشة الأمر على أي مستوى آخر".

 

وتابع التقرير بالقول أنه "وطبقا لإحصاءات رسمية عراقية بان عدد العراقيين الذين يموتون نتيجة لحوادث الطرق أكثر بستة مرات من الذين يموتون نتيجة للتفجيرات ومع ذلك فان شركة التأمين الوطنية لا توفر أي إحصاءات عن عدد المستفيدين من بين هؤلاء الضحايا".

 

وقال الخبير في الاقتصاد العراقي شاكر محمود أن" الشعب العراقي يفتقر لمعلومات عن التأمين ولذلك فان ضحايا حوادث الطرق لا يقدمون طلبات التامين" مضيفا "أن شركة التأمين الوطنية ملزمة بتعويض ضحايا الحوادث المرورية حتى لو لم يوقعوا أي عقد تأمين معها فالشركة تتسلم حصة من عائدات وقود السيارات كتأمين على حياة كل العراقيين".

 

وتابع الخبير بالقول "أن التأمين شكل من أشكال الادخار الإلزامية كما لو أنك يقوم [تقوم] بخصم 5% من دخلك وتدفعه لشركة التأمين لمدة عشر سنوات وفي حال تعرضك لأي حادث في اليوم التالي بعد التوقيع على عقد التأمين ستتسلم أسرتك فورا 5% من دخل رب الأسرة مضروبا في عشر سنوات".

 

وأكد على أنه "في حال عدم حصول أي حادث للشخص خلال عشر سنوات وبعد انتهاء مدة وثيقة التأمين فان الشخص يستطيع تجميع المبلغ من الشركة".  في العراق هناك ثلاث شركات حكومية للتأمين و 30 شركة خاصة ومع ذلك فان شركة التأمين الوطنية تؤمن النسبة الأكبر من الناس.

 

وقال المدير التنفيذي لشركة سيارات في بغداد فضل عدم الكشف عن اسمه "أن نشاط شركات التأمين الخاصة والمختصة بالشركات الصغيرة لا يكاد يذكر "مضيفا "لقد قدمت طلبا للتامين على شركتي لدى إحدى الشركات الخاصة للتأمين ووجود [ووجدت] أن قيمة شركتي أعلى بخمسين مرة من قيمة شركة التأمين".

 

ويعتقد الخبراء أن ضعف شركات التأمين الخاصة يعود إلى حقيقة أن الدوائر الحكومية العراقية تشترط على الشركات التي تتعامل معها لأن يكون لديها عقد تأمين من شركات مملوكة للدولة وليس من شركات خاصة". انتهى.

 

رابط الخبر:


 



[1] يرد ذكر شركة التأمين الوطنية في قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 في المادة (16)، والقانون رقم 4 لسنة 1986، قانون التعديل الثاني لقانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 وجاء فيه "حيث ظهر عند تطبيق قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 أن هناك بعض المشاكل والنواقص والسلبيات قد حدثت عند التطبيق وأدت بالتالي إلى عدم كفاية أقساط التأمين المستحصلة فعلاً لتغطية التعويضات المدفوعة من قبل شركة التأمين الوطنية.  ولغرض سد هذه النواقص فقد شرع هذا القانون."
[2] شركة التأمين الوطنية، تقرير مجلس الإدارة كما في 31/12/2010، ص 18.
[3] تنص المادة المادة (11) على ما يلي: "يعقد اتفاق خاص بين المؤمن والجهة المختصة في الجيش وجهاز المخابرات والأمن الخاص وقوى الأمن الداخلي والجيش الشعبي وأية جهة أخرى يحددها وزير المالية فيما يتعلق بالسيارات التي تعود لها، تبين فيه كيفية تسديد التعويضات والتزامات الطرفين."
[4] مصباح كمال، "بدل شركات التأمين غير الموجودة هناك العشيرة،" مرصد التأمين العراقي
http://iraqinsurance.wordpress.com/2013/02/07/the-tribe-in-lieu-of-insurance/
[5] رينات بَكّين، "الأشكال الأولية للتأمين في المجتمع الإسلامي: مؤسسة الدية والزكاة كمثال،" مجلة التأمين العربي، العدد 108، آذار/مارس 2011، ص 14-22.  (ترجمة مصباح كمال).
 
أنظر أيضاً مصباح كمال، "إطلالة على بواكير التأمين والرقابة على النشاط التأميني في العراق،" الثقافة الجديدة، بغداد، العدد 331، 2009، ص 44-52، نشرت بعد ذلك في مجلة التأمين العراقي
حيث ذكرنا فيها صندوق العشيرة كشكل من أشكال التعاضد الاجتماعي المحدود، وكذلك "العونة" وهي شكل من التعاضد الاجتماعي التلقائي لدرء عواقب الأضرار التي تلحق بالغير.
 
[6] د. سليم الوردي، مقتربات إلى المشروع السياسي العراقي: 1921-2003 (بغداد، د. ن.، 2005)، ص 107.
[7] جمعية التأمين العراقية،  إحصائية نشاط شركات التأمين العاملة في العراق من عام 2005-2010، بغداد، حزيران 2012.

2013/02/18

Badi Al-Safi

بديع أحمد السيفي
محاولة في التعريف والاحتفاء
 
 
مصباح كمال ومشاركة منذر الأسود، فؤاد شمقار
 
 
مشروع التعريف
 
بدأ مشروع كتابة هذه المقالة برسالة قصيرة أرسلتُها في 7/2/2013 إلى بسام البناء، سعدون الربيعي، شهاب العنبكي، فؤاد شمقار، فؤاد عبدالله، محمد الكبيسي، منذر الأسود، طالباً منهم تزويدي بما هو متوفر لديهم من معلومات لكتابة تعريف بالأستاذ بديع أحمد السيفي لقراء مرصد التأمين العراقي.  وجاءت الردود، حتى وقت نشر المقالة، كما يلي:*
 
 
منذر الأسود
بغداد، 7/2/2013
 
اشكركم كثيرا على هذه الخطوة، والله العظيم اني استذكره كثيراً وفي كل وقت لأنه استاذي الكبير حيث تعلمتُ منه الكثير.  ادرج لكم المعلومات عن استاذنا بديع السيفي وانقلها من غلاف كتابه الوسيع في التامين واعادة التامين علما وقانونا وعملا.
 
خريج كلية الحقوق عام 1948.
مارس المحاماة منذ 20-7-1948.
دورة كمركية قانونية علمية تطبيقية في الكمارك والمكوس لستة شهور.
ممارسة اعمال الكمارك وصولا الى [درجة] مدير.
وبرغبة عارمة للعمل في التامين تحول الى التامين مديرا للأمور الحقوقية في شركة التامين الوطنية في 10-9- 1960 ثم المعاون الفني للمدير العام.
اوفد الى انجلترا فاجتاز بتفوق اربعة فصول دراسية في كلية التامين في سيربيتن[1] وفترات تدريب في لندن وزيوريخ وميونيخ.[2]
عاد فعهدت اليه بالإضافة الى وظيفته ادارة اول مركز تدريبي في الشركة في العراق على اعمال التامين.
مدير عام اسبق للشركة العراقية للتامين على الحياة.
ومدير عام أسبق لشركة التامين الوطنية.
في 1-2-1982 احال نفسه على التقاعد وعمره 56 سنة.
كرم من الشركات العامة الثلاث والمؤسسة العامة للتامين ووزارة المالية.
ابقي عضوا في مجلس ادارة المؤسسة.
واصل العمل محاميا وخبيرا تأمينياً وقضائيا ومحكما ومشاورا وكاتبا مؤلفا في التامين ومحاضرا في مختلف انواعه في المعاهد ومراكز التدريب وفي الدراسات العليا لدبلوم التامين العالي في كلية الادارة والاقتصاد بجامعة بغداد ومواقع اخرى داخل وخارج العراق.
كتب البحوث في كل مجلات التامين في العراق وخارج العراق وفي مجلة التامين العربي.
 
املا ان تفيدكم في تعريف قراء مرصد التامين العراقي بأستاذنا بديع احمد السيفي، كما آمل من بقية الاخوة والزملاء الاشتراك بذلك.
 
فؤاد شمقار
هه و لير، 9 شباط 2013
 
قليلون هم من خدموا في قطاع التأمين في العراق كما فعل استاذنا (الاستاذ بديع احمد السيفي)، اطال الله من عمره.[3]  لذلك فإنه يستحق كل التقدير والاحترام والذكر، ومن الواجب ابراز دوره في هذا المجال حيث برع في التأليف والترجمة والتدريس والاعداد للدورات التدريبية وندوة الخميس والاثنين في شركة التأمين الوطنية.  وقد جئت في حينه على ذكر القليل من خدماته الكثيرة لشركة التأمين الوطنية حينما كتبتُ بعض الكلمات بعنوان "المحامون والتأمين" ويمكن الرجوع اليها رغم انه لا يمثل شيئاً عن الواقع.[4]
 
نقلتُ في السبعينيات من مكتب السليمانية بناءاً على طلبي، اذ كنت مسؤولاً عن المكتب، الى القسم القانوني في شركة التأمين الوطنية وكان استاذنا (الاستاذ بديع) مديراً للقسم وكان هنالك عدد كبير من الزميلات والزملاء في القسم، وكان القسم يدير الشؤون القانونية كافه من الدراسات الى المطالعات الى ادارة شؤون دعاوي الرجوع في حقلي تأمين النقل والتأمين الالزامي.  كان القسم في زمانه مدرسه خرّجت الكثير من الموظفين الناجحين من اللذين وصلوا الى مراحل الكادر المتقدم بالإضافة الى قضاة برزوا في حقل القضاء.
 
كان الاستاذ بديع من المدراء القليلين اللذين لم يبخلوا بما لديهم من معلومات قانونيه وفنيه تأمينيه على الموظفين بخلاف الاخرين اللذين كانوا يحتكرون تلك المعلومات لانفسهم فقط.  كان يمارس مهامه الوظيفية بنَفَسٍ طويل وصدق وامانه وكأنه يمارس الهواية الى جانب الواجب الوظيفي.  تعليقاته على المطالعات المقدمة اليه كانت بمثابة التوجيه والارشاد لكيفية السير بالموضوع محل الدراسة.  ولم يكن يكتفي بالهوامش المقتضبة حتى اني شخصياً كنت ادون بعضاً من تلك التوجيهات واجزاء من المطالعات في دفتر الملاحظات للرجوع اليها في دراسات ومطالعات اخرى مشابهه (يعني سرقه بدون علمه).  كان ينظر الى الجميع بعين المساواة ولم يكن يفرق بين موظف واخر راعياً الجميع بعين الأبوة.
 
هذا هو القليل القليل من الكثير الذي يجب ذكره حينما نذكر اسم الاستاذ بديع فان من حقه علينا ان لا ننكر فضله، وان نذكره دائما بالخير وبما يستحق من تقدير ورد الجميل من جانب الجميع.  ادام الله بعمره ومتّعه بالصحة والعافية وقد جئنا متأخرين في ابراز دوره في مجال خدماته لقطاع التأمين ولولاكم لما كان في بال احدٍ ان يفكر بإبراز هذا الدور للتاريخ.  واهيب بكل الزملاء تقديم ما لديهم بشأن الموضوع باعتناء وبما يستحق.
 
تحياتي وتمنياتي لكم وشكرا على مبادراتكم واشد على اياديكم.
 
مصباح كمال
 
لندن 8/2/2013
 
الأستاذ بديع أحمد السيفي قامة تأمينية قلَّ نظيرها في العراق.  خدم قطاع التأمين العراقي لما يزيد عن نصف قرن، لا يجاريه في ذلك سوى عدد قليل جداً ممن يمكن أن نسميهم من باب الود والاحترام بشيوخ التأمين كالأستاذ عبدالباقي رضا.  أتخذ من التأمين حِرفة له ولم يتحول إلى غيرها.  عمل في إدارة شركات التأمين، وفي تعليم مادة التأمين على المستوى الجامعي ومستويات أخرى، وفي تدريب كوادر التأمين، وبرز كواحد من الكُتّاب الأكثر غزارة في إنتاج الكتب التأمينية.  مارس المحاماة والتحكيم وتقديم الخبرة والاستشارات التأمينية.  ولذلك يمكن أن نعتبره صاحب معرفة تأمينية موسوعية وممارسة عملية لأنشطة تأمينية متعددة.  ورغم هذا التوسع والتعدد، وبالأحرى بفضلهما ولتواضعه العلمي، فإن أفكاره وتطبيقاتها احتفظت بعمقها التخصصي.  يظهر تواضعه من خلال نسبة المعلومات والأفكار لأصحابها في هوامش كتابه.
 
هناك جوانب في حياته لا نستطيع الكتابة عنها لعدم معرفتنا بها.  على سبيل المثال، فترات اشتغاله في إدارة الشركات، أسلوبه في الإدارة، تعامله مع زميلاته وزملائه في العمل، تأثيرات البيئة السياسية والحزبية بعد 1968 وغيرها.  وبعض هذا سيظهر في كتابات من دعوتهم للمساهمة مع اعتذاري لمن لم أكتب له لكن الباب مفتوح أمامهم للتعبير عن رؤيتهم واستكمال صورة بديع السيفي.
 
نشر كتابه التأمين علماً وعملاً (1972) عندما كان محاضراً في مادة التأمين في معهد الإدارة بجامعة بغداد، ومعاوناً فنياً لمدير عام شركة التأمين الوطنية، الأستاذ عبدالباقي رضا، وقد خصّه بالشكر في مقدمة كتابه (ص –د-) لنصائحه وإرشاداته ومؤازرته "في سبيل إخراج الكتاب بشكل حسن."
 
في تقديمه للكتاب (ص –ح-) وصفه المرحوم أديب جلميران، كان وقتها رئيس المؤسسة العامة للتأمين، بأنه:
 
"من الأوائل الذين عملوا في قطاع التأمين العراقي ودأبوا على العمل بكل جد وحرصوا على زيادة معرفتهم بالدراسة والبحث حتى أصبحت لديهم امكانات علمية وخبرة فنية تؤهلهم للتأليف والتدريس والتدريب.  فهو قد اجتاز بتفوق أربعة فصول دراسية في كلية التأمين في إنكلترا وقضى فترات تدريب على أعمال التأمين لدى بعض شركات التأمين وإعادة التأمين في كل من لندن وزيوريخ وميونيخ وعهدت إليه بالإضافة إلى وظيفته إدارة أول مركز تدريبي في العراق على أعمال التأمين.  كما تولى تدريس مادة التأمين وإلقاء المحاضرات في مختلف فروعه في معهد المحاسبة العالي وفي دورات شركة التأمين الوطنية وفي المركز التدريبي للمؤسسة العام للتأمين وفي معهد الإدارة بجامعة بغداد والمركز القومي للاستشارات والتطوير الإداري."
 
مفهومه لمؤسسة التأمين
لم يكتب السيفي عن الجوانب الاقتصادية للنشاط التأميني لكنه كان مُلماً بدوره الإنتاجي والاستثماري ومساهمته في التنمية الاقتصادية.  وهو يعتبر هذا الدور "أمراً معروفاً" ولذلك لا يحتاج إلى كثير من التعليق ويكتفي بما يلي:
 
"أجدني في غنى عن الكلام، في الدور الذي يؤديه التأمين في حقول التنمية الاقتصادية، خاصة في الدول النامية، حيث يقوم بدور هام في تجميع المدخرات ويساهم بتمويل خطة التنمية ويقوم بدوره في الحفاظ على حياة الفرد الإنتاجية والمؤسسات صناعية كانت أو تجارية وغيرها وفي الحفاظ على الممتلكات ووسائل الإنتاج وعلى رؤوس الأموال الموظفة في الاستثمارات المختلفة.  وفي انتشار وتطوير وسائل منع الحوادث أو تقليل وقوعها أو وقف تفاقم الخسائر الناتجة عنها، لأن كل ذلك قد أصبح أمراً معروفاً، كما أصبح معروفاً ما تنطوي عليه خدمات التأمين من مزايا خلقية واجتماعية واقتصادية، كيف لا وهو يقوم على مبدأ المساهمة الجماعية أي التعاون؛ فضيلة من أرقى الفضائل الإنسانية."  (التأمين علماً وعملاً، ص –خ-) [التأكيد من مصباح كمال]
 
جمع في هذه الفقرة بين الوظيفة "الإنتاجية" (حماية الأفراد والمؤسسات)، والمساهمة في التنمية الاقتصادية (الاستثمارات)، ومساهمة التأمين في منع الحوادث (إدارة الخطر وتحسين نوعيته)، والدور الحضاري للتأمين (ما أسماه بفضيلة التعاون).  وهو يعتبر كل ذلك بالأمر المعروف.  ربما هو معروف لدى جل العاملين في قطاع التأمين لكن العبارة قابلة للنقاش لو أخذنا معايير الكثافة والتغلغل التأميني والوعي بأهمية التأمين بنظر الاعتبار.  لا بل ان مكانة التأمين في الوعي الاجتماعي قد شهد تراجعاً منذ أن كتب هذه العبارة سنة 1972.  ولعل إصداره لـ الوسيع في التأمين وإعادة التأمين سيشكل علامة في طريق استعادة أهمية التأمين في وظائفه التي أتى على ذكرها.
 
أعماله المنشورة
نجد ثبتاً كاملاً لأعماله المنشورة في ص 501-502 في كتابه الوسيع في التأمين وإعادة التأمين.  وتضم 64 عملاً.  بعضها مطبوعة ككتب وبعضها الآخر مطبوعة كمحاضرات للتوزيع على الطلبة.
 
هو الأكثر غزارة في الكتابة عن التأمين، مع تميزه في التأكيد على الطابع التعليمي من خلال الجمع بين ما يسميه العلم والعمل في التأمين، كما يرد في عنوان أكبر كتابين له التأمين علماً وعملاً (1972) و الوسيع في التأمين وإعادة التأمين علماً وقانوناً وعملاً (2006).
 
تركيزه الأساس ينصبُّ على شرح مختلف وثائق التأمين كفصول في كتابيه الكبيرين أو كمطبوعات مستقلة.  وفي حين أنه لا يهمل الجانب التاريخي في العرض إلا أن الطاغي في الكتابات هو الجانب الفني والتعاقدي/القانوني وكلاهما أساسيان لعمل الممارس التأميني.  ولا نغالي إن قلنا ان كتاباته ذات طابع مرجعي للطلاب ولممارسي التأمين.
 
موقفه من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005
يذكر في مقدمة الوسيع ص 3 ، وقد كتبها بتاريخ 15/6/2006:
 
"والحق ومنذ زمان أبعد كنتُ عازماً على ذلك [إصدار كتاب جديد شامل كامل] منتظراً بأمل كبير تشريع مشروع قانون التأمين الذي أنجزناه لجنة لإعداده قانوناً واحداً للتأمين بأنواعه كافة.  وإذا ما شُرّع فسيكون البديل الأحسن على ما نرجو للمائة والثلاثة والستين مادة تأمينية تضمها ستة قوانين.  وسيمتاز من بين قوانين التأمين بأنه القانون الذي يحكم كل أنواع التأمين على الإطلاق.  ولكن لم يشرع هذا المشروع لحد الآن."
 
نقلنا النص من الكتاب كما هو وفيه بعض الاضطراب.  فهو يشير إلى تشريع مشروع قانون التأمين (الذي نظن انه غير قانون تنظيم أعمال التأمين اسنة 2005)، ولم يعرفنا السيفي بهذه اللجنة، ومتى تشكلت، ومتى أنجزت مشروع القانون الواحد بديلاً عن ستة قوانين.  كما كان من المناسب تسمية هذه القوانين لإتمام الفائدة.  نأمل منه أن يوفر بعض التفاصيل خاصة وأن له موقفاً تجاه قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.
 
في تعقيبه على قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، الوسيع، ص 101، يقول:
 
"الحق ان قانون تنظيم أعمال التأمين الصادر بموجب الأمر رقم (10) لسنة 2005 وبالرغم من العجالة في تشريعه وإصداره وما تخلله من أخطاء لغوية وفنية، فإنه لم يتم تفعيله بالشكل المطلوب وفق الأهداف المرسومة له من حيث إصدار التعليمات الخاصة بتنفيذه وتأسيس ديوان التأمين الذي يأخذ على عاتقه إصدار تعليمات تأسيس شركات التأمين والمبادئ والأسس التي تعمل بها .."[5]
 
ويختم تعقيبه:
 
"أما أنا فأقول ان ليس القانون قانون تأمين جديد بل (قانون تنظيم أعمال التأمين) كما قد جاء نصاً بالقانون.  ولننتظر تنفيذه صائباً وفعلاً واقعاً وشاملاً وكاملاً ولينجلي الأمر."
 
من المهم الانتباه إلى تقييمه، الأولي، لهذا القانون - فقد تمَّ تشريعه وإصداره على عجل، وفيه أخطاء لغوية، وأخطاء فنية، وأنه ليس قانوناً جديداً للتأمين بل قانون لتنظيم أعمال التأمين وهذا التمييز في غاية الأهمية لم ينتبه إليه غيره.  كنتُ أتمنى أن يتوقف طويلاً أمام هذه الملاحظات المهمة خاصة وأن الأمر رقم (10) كُتب باللغة الإنجليزية ومن ثم تُرجم إلى العربية وجاء كأحد مشاريع الاحتلال الأمريكي.  وتنبع أهمية تقييم السيفي من كونه حقوقياً متمرساً وممارساً للتأمين لعدة عقود وله باع كبير في الكتابة التأمينية وفي عرض وشرح قوانين التأمين.[6]
 
هذه المقالة القصيرة لا توفي بديع السيفي حقه، وفي تقييم دوره في تاريخ التأمين العراقي.  واقترحُ على من هو على اتصالٍ به إجراء مقابلة مطولة معه للكشف عن جوانب من حياته العملية والفكرية والمصاعب التي مر بها ونظرته إلى واقع قطاع التأمين العراقي في الماضي وفي الوقت الحاضر وما يتمناه له وغيرها.  من يرغب في تبني هذا الاقتراح فأنا على استعداد للتعاون معه في وضع الخطوط العامة للمقابلة.
 
 
ملحق
 
فقرات مستلة من مقالة فؤاد شمقار، "المحامون والتأمين: استعادة،" مرصد التأمين العراقي:
حينما كان أستاذنا والمربي الفاضل المحامي بديع احمد السيفي مديراً للقسم القانوني في شركة الـتأمين الوطنية، كما أشرت إلى ذلك، كان له الدور الريادي في التوجيه والإرشاد والتعليم.  وقد لعب الدور الكبير في النهوض بالمستوى الثقافي القانوني والتأميني لجميع العاملين في القسم.  ولا نغالي حينما نقول، وآخرون ممن كانوا معنا في القسم يشهدون بذلك، بان القسم القانوني قد أصبح وقتها قسماً للإفتاء وبيان الرأي في كثير من الأمور القانونية والفنية التأمينية معاً إذ لا يخفى على القارئ بأن الجانب الفني من عقد التأمين يأتي من تفسير أحكام عقد التأمين المبرم طبقاً للشروط والأحكام الواردة في العقد عن الضوابط والاستثناءات وحدود المسؤوليات وتحديدات الاستعمال وغيرها.  لقد ظهر في القسم باحثون قانونيون جيدين منهم الزميلة السيدة الفاضلة “أم بشار” سهير حسين جميل والزملاء الأعزاء القاضي المرحوم أياد عبد اللطيف والزميل العزيز عباس المالكي، الذي من المعتقد أنه يعمل الآن محامياً في الخليج، وغيرهم.
حينما نذكر اسم شركة التأمين الوطنية يجب أن لا يغيب عن بالنا الاستاذ بديع الذي كان على رأس النقاشات والطروحات ووضع الحلول للمواضيع التي كانت تطرح وتناقش في “ندوة الاثنين” ومن ثم “ندوة الخميس” إذ كانت الآراء و النقاشات والحلول والنتائج تُوَثق بشكل مَلازم وتوزع على المشاركين في الندوة وغيرهم من المهتمين.  ولا نغالي حينما نقول بأن تلك الملازم أصبحت مصادر كان يتم الرجوع إليها في كثير من الأحيان.  وهنا يجب علينا، وكأمانه وظيفية، الإشادة بدور العاملين في القسم الفني في الشركة إذ كان لهم نشاط بارز في الإعداد للندوات والمشاركة والمساهمة في النقاش والبحث.
لنأتي الآن إلى الجانب الأخر من نشاطات الأستاذ بديع: “الدورات” إلى جانب المركز التدريبي التابع لديوان المؤسسة العامة للتأمين.  كان هناك دورات تدريبية مستمرة ابتداءً من الدورات الابتدائية ومن ثم المتقدمة وبعد ذلك دورات متخصصة بكل نوع من أنواع التأمين في شركة الـتأمين الوطنية.  وكانت هذه الدورات، في أغلب الأحيان، تمتد لأكثر من ستة أشهر، وتنعقد غالباً بعد الدوام الرسمي، وكان يشرف عليها في أغلب الأحيان الاستاذ بديع.  لقد كنا في حينه نسارع بتقديم طلبات لإشراكنا في تلك الدورات أو بالأحرى كنا نبحث عن “الواسطه” لتسهيل الاشتراك.  هذا كان بالأمس حينما كانت شركة التأمين الوطنية “أكاديمية” خرّجت المدراء العامين والقضاة والمحاميين البارعين والباحثين من الحقوقيين، ورفدت الشركة أسواق التأمين في كثير من الدول الخليجية بمدراء عامين وفنيين قديرين.  أما اليوم فنحن بحاجة إلى الجهد والعمل لإعادة تلك الأيام.
 
 
 
انتهى تحرير هذه المقالة بتاريخ 18 شباط 2013


* جميع الهوامش من وضع مصباح كمال.
سنقوم بتحديث المقالة بعد استلام ردود أخرى.
[1] افتتح معهد التأمين القانوني Chartered Insurance Institute (CII) كلية التأمين في مدينة سيربيتن Surbiton الإنكليزية سنة 1956 كمركز للتدريب والتعليم.
[2] ربما تدرب في لندن مع شركة Mercantile & General Reinsurance Co (أعرق شركة إعادة تأمين بريطانية تأسست سنة 1907، وأصبحت في تسعينيات القرن الماضي جزءاً من الشركة السويسرية لإعادة التأمين.  كانت أحد معيدي تأمين الشركة العراقية للتأمين على الحياة)؛ وفي زيوريخ مع الشركة السويسرية لإعادة التأمين؛ وفي ميونيخ مع شركة ميونيخ لإعادة التأمين.
[3] من مواليد 1926.  هذه التاريخ بحاجة إلى تحقيق.
[4] فؤاد شمقار" "المحامون والتأمين: استعادة،" مرصد التأمين العراقي:
http://iraqinsurance.wordpress.com/2011/01/27/lawyers-insurance-a-recollection-
أنظر الفقرات ذات العلاقة بالسيفي في ملحق هذه المقالة.
[5] بعد نشر الكتاب أصدر ديوان التأمين عدداً من التعليمات وفي سنة 2012 صدر الهيكل التنظيمي للديوان، زمن المؤمل أن يتعزز الدور الرقابي للديوان خلال الفترة القادمة.
[6] كتب بعض الزملاء مقالات عن الأمر رقم (10) منشورة في مرصد التأمين العراقي، وقمتُ بجمع مقالاتي عن القانون في كتاب بعنوان قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم نقدي تبنت شركة التأمين الوطنية طبعه ونشره سنة 2011 إلا أنه لم ير النور بعد.