إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2012/10/24

Remarks on State Insurance Companies


شركات التأمين العامة ودعوى احتكار تأمين

أعمال الوزارات والمحافظات والمؤسسات الرسمية الأخرى

 

 

مصباح كمال

 

 

في مقالتنا "كلام عن شركات التأمين الخاصة" وتحت عنوان فرعي "احتكار تأمين الأعمال الحكومية: نقد شركات التأمين العامة" ذكرنا أن شركات التأمين العامة تتعرض

 

إلى نقد، صريح أحياناً ومضمر أحياناً أخرى، من قبل شركات التأمين الخاصة أو من أفراد [داخل قطاع التأمين ومن قبل بعض أعضاء النخبة الجديدة الحاكمة].  وليس كل هذا النقد يجد طريقه إلى النشر رغم تداوله بين العاملين في قطاع التأمين.  ويتركز النقد الأساسي على احتكار الشركات العامة لتأمين الأعمال الحكومية وبخاصة عقود التراخيص النفطية، وهذه، بفضل حجمها، هي المنتج الأكبر لأقساط التأمين.  ويستند هذا النقد على أحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. [1] [المادة 81 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 المعروف بالأمر رقم 10]

 

وبالنسبة لعقود التراخيص النفطية أوضحنا أن الوضع قد تغير

 

بعد ان تدخل ديوان التأمين بإصدار تعميم على الشركات النفطية في تشرين الأول 2010، موجه إلى إحدى الشركات النفطية التابعة لوزارة النفط، والتأكيد على الفقرة 3 من المادة 81.  كما أن دائرة التراخيص النفطية أبلغت شركات الوزارة أن يكون التعامل مع التأمين عن طريق المناقصة العلنية كما نص عليه القانون [الفقرة 3 من المادة 81].

 

وذكرنا بأن

 

شركات التأمين العامة لم تضغط على الوزارات والمؤسسات الحكومية للتأمين لديها لكنها ظلت ساكتة عندما توجهت لها الوزارات والمؤسسات [بطلبات التأمين] ولم تنبهها لمتطلبات القانون.  ولا نعرف إن كانت هناك تصرفات أخرى تُلام عليها شركات التأمين العامة.

 

نحاول في هذه الورقة الصغيرة الوقوف مجدداً أمام مدى صحة دعوى احتكار شركات التأمين العامة لأعمال الوزارات والمحافظات والمؤسسات الرسمية الأخرى، نعرض فيها بعضاً من الأفكار التي ضمّناها في مقالات سابقة.  لنتعرف أولاً بشكل سريع على هذه الشركات.

 

يضم قطاع التأمين العراقي شركتين عامتين للتأمين المباشر، شركة التأمين الوطنية (تأسست سنة 1950 كشركة حكومية) وشركة التأمين العراقية (تأسست سنة 1959 كشركة خاصة)، وشركة واحدة متخصصة بإعادة التأمين هي شركة إعادة التأمين العراقية (تأسست سنة 1960 كشركة حكومية)[2].  وتكتتب شركة التأمين الوطنية ببعض أعمال إعادة التأمين الاختياري وخاصة الأعمال الواردة من شركات التأمين الخاصة.  وفقدت الإعادة العراقية امتياز الحصول على إسناد إلزامي لأعمال التأمين لها من قبل شركات التأمين سنة 1988.  دعوى الاحتكار لا تنطبق على الإعادة العراقية، ولولا وجودها لما كان باستطاعة معظم شركات التأمين الخاصة توفير اتفاقيات إعادة تأمين خاصة بها نظراً لصغر حجم إيراداتها.

 

إنتاج شركات التأمين العامة فيما يخص تأمين أعمال الوزارات ومنشآت القطاع العام ذو طابع ريعي، بمعنى أن الجهد المبذول في الإنتاج إما أن يكون معدوماً أو صغيراً.  وقد أشرنا إلى ذلك في مقالة سابقة:

 

يمكن النظر إلى الشركات العامة على أنها تتمتع بريع بفضل موقعها.  فرغم وجود شركات تأمين خاصة منذ سنة 2000 فإن الموقع الريعي للشركات العامة هو من إرث الماضي ونعني به إرث رأسمالية الدولة.  فبحكم العادة تلجأ منشآت القطاع العام إلى الشركات العامة لشراء وثائق التأمين.  هذا رغم أن قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (المادة 81) ينص على استدراج العروض في تأمين الأصول العامة.[3]

 

وقد تجد مؤسسات القطاع العام ما يبرر تصرفها في مجال شراء السلع والخدمات (ومنها الحماية التأمينية) ما يقضي به قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة المالية 2012.  فالمادة 29 – أولاً تنص على التزام "الوزارات الاتحادية والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة في شراء احتياجاتها من منتجات الوزارات الاتحادية على ان لا تقل القيمة المضافة لهذه المنتجات المجمعة والمصنعة عن(25%) من الكلفة الاستيرادية لها وعلى ان لا تكون اسعار المنتجات المحلية اعلى من مثيلتها المستوردة بنسبة تزيد عن (10%)، مع مراعاة مواصفات النوعية والجودة."

 

التأمين وإعادة التأمين هو أحد منتجات وزارة المالية الاتحادية.  وهكذا فإن "الوزارات الاتحادية والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة" قادرة على "شراء احتياجاتها [التأمين وإعادة التأمين] من منتجات الوزارات الاتحادية [شركات التأمين وإعادة التأمين التابعة لوزارة المالية الاتحادية]."

 

ويعزز هذا الوضع ما ورد في المادتين 38 و 39:

 

المادة ـ38ـ اولاً:

لا يعمل بأي قرار مخالف لهذا القانون ولا تتحمل الخزينة العامة الاتحادية اي اعباء مالية لهذا القرار مالم يكتسب الشرعية القانونية ويصادق عليه في مجلس النواب.

 

المادة -39

على الوزراء ورؤساء الجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظين ورؤساء المجالس المحلية والبلديات والجهات المعنية تنفيذ هذا القانون.

 

لكن فاعلية هذه الأحكام تحتاج إلى إصدار تعليمات تنفيذية مفصلة كما تقضي بذلك المادة التالية:

 

المادة -51-

على وزير المالية الاتحادي بالتنسيق مع وزير التخطيط الاتحادي اصدار التعليمات اللازمة لتسهيل تنفيذ احكام هذا القانون.

 

وحسب علمنا لم تصدر، حتى كتابة هذه الورقة، ما يفيد إصدار التعليمات اللازمة بخصوص شراء التأمين وإعادة التأمين من شركات التأمين العامة.  إصدار مثل هذه التعليمات ضرورية نظراً لأن تعليمات تنفيذ موازنة عام 2012 لا تتضمن أحكاماً بشأن التأمين وإعادة التأمين فالمادة 3 - أحكام عامة: صلاحيات الشراء، القسم الثاني، تعليمات تنفيذ الموازنة العامة الاتحادية لسنة 2010 تنصب على شراء السلع المصنعة محلياً "من القطاع الخاص أو القطاع المختلط إذا اعتذر القطاع العام عن ذلك خلال مدة سبعة أيام .."[4]  ونلاحظ هنا أن النص هو عن "سلع مصنعة" وهي ليست، بالمعنى الضيق للكلمة، مطابقة للخدمات ومنها خدمات التأمين وإعادة التأمين.

 

من مصلحة شركات التأمين العامة والخاصة، على حد سواء، وكذلك ديوان التأمين، الاهتمام بهذا الموضوع كي لا تضام الحقوق المنصوص عليها في القوانين، وكي تتأسس الممارسات الخاصة بشراء التأمين وإعادة التأمين على قواعد قانونية سليمة واضحة.

 

وضمن معايير إدارة الخطر (تشخيص مصادر الخطر، وتقييمها والسيطرة عليها بوسائل هندسية وغيرها، والتفكير بعد ذلك بتحويل العبء المالي للأخطار عند تحققها لشركات التأمين) فإن شركات التأمين العامة، وضمن المعايير السائدة في قطاع التأمين العراقي، بالنسبة للوزارات الاتحادية والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة، هي الأفضل والأكفأ مالياً بين شركات التأمين العراقية.  الشركات العامة، ككيانات اقتصادية، أثبتت فعاليتها كمؤسسات ذات تمويل ذاتي بموجب قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997.  فلم تتعرض طوال تاريخها الذي يزيد عن نصف لعجز مالي، ولم تتعكز على خزينة الدولة لتمويل نشاطاتها، ولم تقترض من وزارة المالية، أو من المصارف، لتسديد رواتب العاملين فيها.  وهي في ذلك تختلف عن معظم الشركات العامة كتلك التي تعمل في قطاع الصناعة.  وكذلك هي الأفضل في تطبيق الأسس الفنية في الاكتتاب وخاصة في شركة التأمين الوطنية.  ولها احتياطيات مالية كبيرة لا ترقى إليها شركات التأمين الخاصة في الوقت الحاضر.

 

ربما ان ما يدفع الوزارات الاتحادية والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة إلى شراء احتياجاتها من التأمين من الشركات العامة هو ، كما ذكرنا، توارث الممارسة بهذا الشأن في التوجه تلقائياً نحو لهذه الشركات.  لكن هذا الدافع لم يخضع للدراسة.  ولعله من المفيد هنا أن نشير إلى أن وظيفة شراء التأمين في الوزرات والمحافظات، في أحسن حالاتها، تترك للقسم القانوني أو المحاسبي أو تناط بأحد المدراء أو المهندسين - كما هو الحال بالنسبة للعقود الإنشائية.  فالوزارات العراقية والمحافظات وشركات القطاع العام وغيرها من المؤسسات الرسمية لا تمتلك قسماً مختصاً بإدارة الخطر والتأمين يقوم، بين أمور أخرى، بالمقارنة بين شركات التأمين فيما يخص أسعار التأمين ونوعية الخدمات.  ولا يختلف الوضع بالنسبة لشركات القطاع الخاص.  الأسلوب العصري في شراء الحماية التأمينية، من خلال استدراج العروض التنافسية مثلاً، لا يجد له حضوراً لدى جميع الشركات الكبيرة، العامة والخاصة.  وبما ان "العادات قاهرات" فإن معظم الشركات تلجأ إلى شركة التأمين التي تعاملت معها في وقت سابق وبدوافع لم تلق اهتمام الدارسين.

 

ومن منظور تطوير قطاع التأمين العراقي فإن شركات التأمين العامة، وبخاصة شركة التأمين الوطنية، تحاول زيادة الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الأقساط المكتتبة رغم أن جهودها لا يقترن بالنجاح دائماً.  فهناك حالة الشركات النفطية العالمية التي تشترط على أدنى احتفاظ، وعلى عدم الاستفادة من طاقة اتفاقيات إعادة التأمين التي تديرها شركة إعادة التأمين العراقية، يضاف إلى ذلك استثناء التأمين على أعمال الطاقة (النفط والغاز) من هذه الاتفاقيات.  لكننا لا نعرف على وجه الدقة إن كان هناك تصور تضامني واضح من لدن الوزارات الاتحادية والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة في تنظيم سياسة لشراء التأمين تصبُّ في تطوير الاقتصاد العراقي من خلال تعظيم مكانة قطاع التأمين، وبالأخص سياسة تميل إلى تقليل الاعتماد على الريع النفطي.

 

حسب المعطيات الاحصائية المتوفرة فإن شركات التأمين العامة هي الأكثر نمواً بين شركات التأمين.  وكما ذكرنا في مقالة سابقة فإن ربط التطور البطيء لشركات التأمين الخاصة بوجود شركتي التأمين العامتين ليس صحيحاً.  فهل ان ضعف الشركات الخاصة هو حقاً بسبب وجود الشركات العامة؟  ترى "لو اختفت الشركتان بصفتهما الحالية وتحولتا إلى شركات مخصخصة هل سيتغير وضع شركات التأمين الخاصة؟  لا نعتقد ذلك إذ أن الخصخصة ربما تعزز من مكانتهما من حيث الإنتاجية، وتقليص التكاليف (التخلص من العمالة الفائضة)، وإدخال تقنيات جديدة لإدارة الأعمال والتسويق والبيع.  العائق أمام شركات التأمين الخاصة ليس وجود هاتين الشركتين، ومن الضروري لذلك التعمق في البحث لاكتشاف مكامن الخلل أو القصور."[5]

 

عندما أصدر ديوان التأمين العراقي التعليمات رقم (15) لتحديد رأس المال المقرر بخمسة مليارات دينار (بالنسبة لشركات التأمين القائمة) وخمسة عشر مليار دينار (بالنسبة للشركات التي تؤسس بعد تاريخ نفاذ هذه التعليمات) بغض النظر عن ملكية هذه الشركات، أكانت التعليمات تقويضاً لمكانة الشركات الخاصة أم الدفع باتجاه تكوين كيانات تأمينية قوية مالياً؟

 

نفترض، اعتماداً على الممارسات في أسواق التأمين القائمة على التنافس، أن يهتم طالب التأمين، فرداً كان أو شركة خاصة أو عامة أو مؤسسة حكومية، بكلفة التأمين، ونوعية الخدمة التي تقدمها شركات التأمين، ودور هذه الشركات في تحسين نوعية الخطر المؤمن عليه (التوسع في الخدمة التأمينية، ومن منظور إدارة الخطر، ليشمل تقديم الاستشارة للمؤمن له في منع وقوع الخسارة أو التخفيف من حدتها – وهو الذي يأتي من خلال الكشف الموقعي على الأصول المؤمن عليها مثلاً أو من خلال وضع اشتراطات معينة)، وكذلك توفير منتجات تأمينية مبتكرة (وثائق تأمين) لمواجهة أخطار مستجدة.

 

من هي الأوفر حظاً في خدمة طالب التأمين في هذا المجال ضمن الواقع الحالي لقطاع التأمين العراقي؟  شركات التأمين الخاصة أم شركات التأمين العامة؟  إن كانت الشركات لا تمتلك الأدوات المهنية المناسبة للاستجابة وإن كان طالبي التأمين غير آبهين لما تقدمه الشركات من خدمات (ونحن نعتقد بأن الطرفين متخلفان) فإننا إزاء معضلة حقيقة – كيف ومتى نستطيع إذاً تطوير قطاع التأمين العراقي؟  سؤال مطروح على ممارسي التأمين في العراق.

 

 

لندن 19 تشرين الأول 2012



[1] مصباح كمال، "كلام عن شركات التأمين الخاصة، مرصد التأمين العراقي:
iraqinsurance.wordpress.com/2012/09/18/362/
[2] ضم مؤسسي الشركة وزير المالية نيابة عن الحكومة العراقية، مدير عام مصلحة الموانئ العراقية، مدير عام شركة التأمين الوطنية، مدير عام مصرف الرافدين، مدير السكك الحديدة العام.  أنظر: د. عبدالباقي عنبر فالح، فاروق حبيب الملاك، عبدالرحمن مصطفى طه، إدارة التأمين (جامعة البصرة، 1990) ص 61.
[3] مصباح كمال، "هل هناك مشروع لإعادة هيكلة شركات التأمين العامة؟ تمهيد لمناقشة موسعة،" مجلة الثقافة الجديدة، العدد 346، 2011.  وكذلك مجلة التأمين العراقي
http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2012/01/restructuring-state-owned-insurance.html
 
[4] تعليمات تنفيذ الموازنة العامة الاتحادية لسنة 2010
 
[5] مصباح كمال، "كلام عن شركات التأمين الخاصة،" مرصد التأمين العراقي
http://iraqinsurance.wordpress.com/2012/09/18/362/

2012/10/22

Iraq Finance 2012 & Insurance

الإشارة لقطاع التأمين في المؤتمر المالي العراقي 2012
قراءة نقدية سريعة للموقف الرسمي
 
 
مصباح كمال
 
تقديم
برعاية من رئيس الوزراء، نوري المالكي، عقد في لندن في الفترة من 18-19 أيلول 2012 المؤتمر المالي العراقي بدعوة من شركة سايمكسو المحدودة Symexco Ltd، وهي شركة متخصصة بتنظيم المؤتمرات والمعارض ويديرها مجموعة من العراقيين البريطانيين، مقرها في لندن.  وقد شارك في المؤتمر حشد كبير من الوزراء العراقيين وكبار المسؤولين وآخرين من قطاع المال والأعمال.
 
غياب ورقة عراقية عن النشاط التأميني
ربما كان بإمكان الشركة المنظمة للمؤتمر دعوة رئيس ديوان التأمين العراقي الحالي بالوكالة أو رئيس جمعية التأمين العراقية أو مديرها المفوض، أو رئيس مجلس إدارة مصرف الرافدين ضياء الخيّون الذي شارك في المؤتمر، وكان قد شغل موقع رئيس الديوان بالوكالة عدة سنوات، للمشاركة بورقة حول قطاع التأمين، وبهذا تكون قد استكملت مجالات المناقشة للقطاع المالي بشقيه المصرفي والتأميني مع الخدمات الساندة لهما.
 
عقد المؤتمرات في الخارج
المناقشات التي تجري في هذه المؤتمرات هي بين أطراف يصفها البعض بأنهم اعضاء في جمعية إعجاب متبادلة mutual admiration society ولا يُنقل ما هو اساسي من الناحية الفنية والفكرية في هذه المؤتمرات إلى الصحافة العراقية كي تكون موضوعاً للمناقشة العلنية العامة، وهي مصدر أساس في غياب المجلات المتخصصة.  لو عُقد مؤتمر كهذا في العراق لكان عدد كبير من المختصين داخل العراق، ممن لا يُرشحون للإيفادات، قد استفاد منه، ولكان بالإمكان توفير مبالغ كبيرة لخزينة الدولة.[1]

هل كان التأمين، يتيم القطاع المالي، حاضراً في المؤتمر؟
في إعلانها المنشور عن المؤتمر ودعوة المشاركة فيه ذكرت الشركة المنظمة له المجالات الرئيسية التي ستناقش في المؤتمر من خلال 12 سؤال آخرها كان عن التأمين:[2]
 
12 - ما هي الخطوات المطلوبة لتحديث وتطوير قطاع التأمين العراقي؟
 
وقد وزعت الشركة مذكرة شكر للمؤتمرين باللغة الإنجليزية مع ترجمة عربية تضمنت التوصيات التالية، التي تمخضت عن هذا المؤتمر:
1.    رحب المؤتمر بالإصلاحات المســتمرة واعادة هيكلية البنوك الحكومية وتحويلها الى شركات ذو رساميل مستقلة ودعى بالتزام القوي لعمل البنوك الحكومية المستقل.
2.      رحب المؤتمر بإزالة القيود على المؤســسات الحكومة وتلك المرتبطة بها في تعاملها مع البنوك الاهلية.
3.    دعى المؤتمر الى تقليص اجراءات تسجيل الشركات، والمدد اللازمة لذلك والاسراع في اقرار قانون موحد للشركات وتقليل الصعوبات ومتطلبات التسجيل.
4.    دعى المؤتمر لتطوير قطاع المحاسبة والادارة المالية وتشـــجيع اعدادا متزايدة من المحاسبين المدربين الى المستويات والمعايير العالمية
5.      دعى المؤتمر البنك المركزي للنظر في كلفة عمليات التحويل المالية والوساطات وازالة تشوهات السوق المالية.
6.    دعى المؤتمر لتأسيس صندوق للاستثمار الوطني لدعم تمويل المشاريع البنية التحتية للأقاليم والمحافظات ودعم تمويل مشاريع المشاركة للقطاع العام والخاص.  واقترح المؤتمر ان يصدر هذا الصندوق سندات خاصة تسوق للبنوك العراقية وعامة الجمهور.
7.    دعى المؤتمر الحكومة العراقية بالقيام بتأسيس بنوك الاعمار للأقاليم والمحافظات بالشراكة مع حكومات الاقاليم والمحافظات والقطاع الخاص العراقي والمؤســـسات الاجنبية لدعم استثمارات القطاع الخاص.
8.    دعى المؤتمر الحكومة لوضع الهيكلية التشريعية والتنظيمية للنظام المصرفي الاسلامي في العراق ليكون نظام موازي للنظام المصرفي الحالي.
 
ونلاحظ في هذه التوصيات غياب الإشارة إلى "الخطوات المطلوبة لتحديث وتطوير قطاع التأمين العراقي" التي وردت في الإعلان عن المؤتمر.
 
ولأننا لم نحضر هذا المؤتمر فلا ندري إن تمت مناقشة تحديث وتطوير قطاع التأمين، ولم نطلع في متابعتنا لأخبار المؤتمر في بعض الصحف العراقية ما يفيد أن قطاع التأمين أخذ قسطاً من اهتمام المؤتمرين.  وحتى مُذكرة الشكر التي وزعتها الشركة المنظمة للمؤتمر، باللغة الإنجليزية، خلت من أية إشارة للتأمين.
 
المؤتمر في التعليقات الصحفية ونقد المبالغة في الموقف
لا ننوي في هذه الورقة الصغيرة مناقشة التوصيات المقدمة.  كما لا نناقش ما أوردته بعض وكالات الأنباء العراقية من أخبار هذا المؤتمر ولكننا نتوقف قليلاً مع ما أورده موقع دليل العراق نقلاً عن وكالة انباء أور (مصادر لـ (أور): مؤتمر في لندن لبيع القطاع المصرفي العراقي)، ومع وكالات أخرى.  مصادر وكالة أنباء أور، غير المُعرّفة، لفتتْ الانتباه إلى
 
ان الاستثمار المرتقب [في القطاع المصرفي العراقي] سيعمل على تطوير قطاع التأمين لربط المواطن بقوانين تجبره على دفع التأمين للشركات الأجنبية على ما يملك من عقار أو سيولة تمهيداً لخصخصة القطاع الصحي والخدمي في المرحلة القادمة من الاجتماعات.[3]
 
نلاحظ أولاً ضعف الصياغة في هذا الجزء من الخبر، وتشوش المعنى ثانياً وعدم فهم آلية التأمين والقوانين المنظمة له ثالثاً.  لا نعتقد بأن أية حكومة عراقية تجرأ على إجبار مواطنيها بشراء التأمين من شركات تأمين أجنبية كما يرد في هذا الخبر.  لكن التوجهات السياسية لحكومات ما بعد 2003 واضحة فيما يخص الاقتصاد العراقي، وقد عبّر عنها نائب رئيس الوزراء، روژ نوري شاويس، في كلمته أمام المؤتمر كما يلي:
 
لدينا قناعة تامة بأن العراق سيكون في مقدمة الدول المستقطبة للاستثمار في القريب العاجل بعد اجراء التعديلات في القوانين النافذة ذات العلاقة، وفي مقدمتها قانون المصارف، قانون الاستثمار، قانون الضريبة، قانون المعادن، قانون العمل، وقانوني الشركات العامة والخاصة وغيرها، اضافة لمذكرات التفاهم الثنائية التي تبرم بين العراق والدول المهتمة بمستثمريها.[4]
 
فهذه التوجهات تؤدي ضمنا، من منظور اقتصاد التنمية، إلى الإخلال بالتنمية المستقلة وتهيئة كل ما من شأنه استقدام الاستثمار الأجنبي، المطلب الأكبر للنخبة الحاكمة، وبعضه سيشمل قطاع التأمين العراقي.  وهي توجهات مشكوك في قدرتها على تصنيع العراق أو زيادة القدرات الانتاجية للشركات المحلية.  انه الطريق السهل للخروج، في المدى القصير، بأرقام عن زيادة الاستثمار الأجنبي ومعدلات النمو (كالهوس وراء زيادة الريع النفطي لتغطية الفشل في السياسة الاقتصادية).  هي على أي حال مُوْضَة العصر لكنها لن تحل أزمة الاقتصاد الريعي في العراق.
 
هذا المؤتمر، حسب ما نقلته وكالة انباء براثا من "مصادر مالية عراقية في تصريحات اعلامية سابقة":
 
سيجعل من العراق مصرفاً لتمويل الاقتصادات المفلسة وإنقاذ مصارف أوربا والولايات المتحدة كما هو الحال مع القطاع المصرفي الخليجي، وان عرض المسؤولين العراقيين فرص الاستثمار في القطاع المالي سيمهد لبيع العراق للقطاع المصرفي الاجنبي، ويؤدي بالتالي الى سن قوانين تسهل اختراق الشركات الأجنبية للقطاع المصرفي العراقي، وتحديد المشاريع الأساسية لانطلاق مشروع التغلغل المالي.[5]
 
ورغم المبالغة في هذا التقييم فإنه يميط اللثام عن سياسة فتح القطاع المالي العراقي ورفع الحماية عنه وعن الصناعة الوطنية وكأن الاقتصاد العراقي صار على مستوى الندية مع الاقتصادات المتقدمة.
 
وفيما يشبه الرد المباشر على موقف المصادر المالية لوكالة أور، تذكر الوكالة في نفس الخبر:
 
ان الخبير الاقتصادي في وزارة المالية هلال الطعان قال في تصريح سابق للوكالة الوطنية العراقية للأنباء/نينا: "ان القطاع المالي في العراق يتمثل بالبنك المركزي وسوق الاوراق المالية والمصارف الحكومية والاهلية، لذلك لا يمكن قطعا بيع هذا القطاع الى اية جهة خارجية مهما كانت جنسيتها.
 
لن نتوقف طويلاً أمام هذا الرد ونكتفي بالقول انه غير مكتمل وفيه تأكيد غير مبرر ضمن توجهات حكومات ما بعد 2003 ولا ينهض به الواقع.  فقد نسي ان القطاع المالي العراقي يضم شركات التأمين (30 شركة تأمين مباشر اثنتان منها فقط مملوكة للدولة وشركة إعادة التأمين العراقية المملوكة للدولة أيضاً).  وهناك جهات خارجية تساهم في رأسمال بعض شركات التأمين الخاصة، ولذلك فإن التأكيد بأنه "لا يمكن قطعا بيع هذا القطاع الى اية جهة خارجية مهما كانت جنسيتها" زعم لا يقوم على دليل.  وكذا الأمر بالنسبة لمشاركة مصارف أجنبية في رأسمال العديد من المصارف العراقية.[6]
 
في انتظار البرابرة
حكومات ما بعد 2003 مازالت في انتظار "البرابرة،" في انتظار من يُقدّم لها من الخارج السياسات والمهارات والمعارف والتقنيات لتنهض بالاقتصاد العراقي، أفرادها يلهثون من مؤتمر إلى آخر بحثاً عن الإرشادات والحلول.  فها هي وكالة كردستان للأنباء تعلن في 18/9/2012 ان "العراق يشارك في المؤتمر والمعرض العالمي المالي في لندن"  وتنقل عن "شاويس من لندن: المؤتمر المالي العالمي فرصة لاستفادة العراق من التجربة البريطانية في مجال المصارف."[7]  فيما تذكر الوكالة الإخبارية للأنباء ان نائب رئيس الوزراء بحث "مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط أليستر بيرت وضع القطاع المصرفي في العراق وسبل تطويره."[8]
 
لأن النخبة الحاكمة، مع بعض الاستثناءات، فقيرة في إمكانياتها الفكرية المتخصصة وتخاف على مواقعها من عراقيين آخرين إكفاء ولذلك فهي تستهين بهم، وتستمرئ بقائهم خارج دائرة الفعل وفي المنافي.  وهي تفتقر إلى معرفة بالتاريخ الاقتصادي للتنمية في العالم وحتى "طريق 14 تموز"[9]، وتكتفي بأطروحات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة الحرة، ومنظمات مجتمع مدني عراقية تخفي مصادر تمويلها، وتوصيات المستشارين الأجانب.  وهكذا يخبرنا نائب رئيس الوزراء:
 
انا وزملائي العراقيين المشاركين في هذا المؤتمر والذين يمثلون القيادة العليا في صنع القرار الاقتصادي نؤكد لكم بأن الاصلاحات ستأخذ مداها لبناء العراق الجديد، وان يكون هذا البناء وفق المعايير الدولية وبما يضمن مصلحة كافة الاطراف (مصلحة العراق والمتعاملين معه) ويصون ثروات البلاد ويحقق للمواطن العراقي الرخاء والتقدم والحياة المرفهة الكريمة.  وان أملنا كبير بمسعاكم معنا في ذلك.
 
الإصلاحات (الخصخصة)، المعايير الدولية (فتح السوق)، مصلحة كافة الأطراف (التكافؤ بين الضعيف والقوي) – هي بعض من مفردات خطاب الليبرالية الجديدة التي يرددها العديد من أفراد النخبة الحاكمة في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ومجلس النواب والمؤسسات الرسمية الأخرى إضافة إلى طابور المنتفعين من المؤسسات والأفراد.
 
ويضع نائب رئيس الوزراء أمله في "البرابرة" بعد أن وصف لنا الاقتصاد العراقي مترجماً من الإنجليزية:
 
إن الظاهرة الهامة التي يتصف بها الاقتصاد العراقي حاليا تتمثل ......
موارد نفط جيدة وبتزايد --- بطالة كبيرة --- تحت المستوى المطلوب [هكذا ورد في النص المنشور]
 
وهذا يتطلب منا ايجاد الصيغ والوسائل الكفيلة بتحريك الموارد لتشغيل اليد العاملة لإصلاح وتحديث البنية التحتية بما يتناسب ومتطلبات العراق الجديد، وبالتأكيد يتعذر تحقيق ذلك بالإمكانيات والخبرات المتاحة في العراق حاليا، ولابد من الاستعانة بالخبرات والإمكانيات والتكنلوجيا الخارجية، التي تمتلكها الدول المتقدمة والشركات العالمية وكبار المستثمرين من أصحاب الخبرة والمال كالنخبة التي نلتقي بها في هذا المؤتمر لتغذية متطلبات هذه المشاريع وبضمانات مقبولة لجميع الاطراف.
 
يتيم القطاع المالي
تضمن كلمة نائب رئيس الوزراء 45 كلمة حول التأمين من مجموع 1,310 كلمة أي ما يقرب من 3.44% وهذه النسبة أكبر بكثير من نسبة حجم أعمال التأمين المكتتبة قياساً بموازنة الدولة التي تقدر بحوالي 110 مليار دولار.  تضمنت فقرة التأمين في كلمته الآتي:
 
وبقدر تعلق الامر بقطاع التامين، فأن الجزء الاكبر من النشاط (على غرار المصارف) ينحصر بثلاث شركات حكومية انشأت قبل عقود من الزمن وقد تم خلال السنوات الاخيرة تأسيس عدد من شركات التامين الاهلية الا انها لازالت في بداية النشاط وبرؤوس اموال صغيرة نسبيا.
 
قد تكون هذه أول إشارة رسمية من سياسي عراقي، عضو في الحكومة الحالية، إلى قطاع التأمين.  نائب رئيس الوزراء يستحق من العاملين في القطاع الشكر على اهتمامه بقطاع التأمين رغم انه لم يتجاوز حدود الوصف، وله مآرب أخرى من خلال هذا الوصف – بعضها يتضمن الإدانة لتأميم شركات التأمين سنة 1964 والبعض الآخر يمهد للخصخصة ومشاركة الشركات الأجنبية في القطاع المالي ومنه التأمين.[10]  ولا يتبين من هذا الوصف موقف الحكومة الحالية من نشاط التأمين إلا ان المماثلة بين المصارف وشركات التأمين الحكومية تدفعنا إلى القول أن نائب رئيس الوزراء ربما يقيّم قطاع التأمين، في وضعه الحالي، كما قيّم المصارف:
 
ان هذا التطور في عدد المصارف والفعاليات الساندة لها لم يصاحبه تطور في الاداء والتوسع في الأنشطة المصرفية ليجعلها على الاقل بمستوى مصارف الدول الاقليمية، وان الجهود لازالت مكثفة للارتقاء بأداء هذه المصارف، لتكون عونا في تحقيق برامج الاستثمار والتنمية في ظل الزيادة المتوقعة في عوائد صادرات النفط التي من المؤمل ان تصل الى (6) مليون برميل في عام 2017 (اي بزيادة تفوق الضعف بما هي عليه حاليا – عام 2012) وبالتأكيد (سيستخدم الجزء الاكبر من هذه العوائد لتغطية احتياجات المواطن العراقي) [الحصر بين قوسين والتأكيد ورد في النص المنشور] الذي لايزال يعاني من نقص خدمات البنية التحتية في العديد من المرافق.
 
ما لم يترجم الريع النفطي نفسه في وحدات اقتصادية انتاجية جديدة (صناعية وزراعية وغيرها) تتجه نحو شراء الحماية التأمينية فإن شركات التأمين العراقية لن تستفيد من زيادة العوائد النفطية كما هو الحال في الوقت الحاضر.  فعقود التراخيص النفطية لم تؤدي إلى طفرة في أقساط التأمين التي تكتتب بها شركات التأمين.  وما لم يتم البحث عن أسباب هذا الوضع فإن المستقبل ربما لن يكون أفضل لهذه الشركات، ولن يفيد سحر الإصلاح الاقتصادي (إعادة الهيكلة والخصخصة) في تغييره.[11]
 
ولم يعرج نائب رئيس الوزراء ثانية على موضوع التأمين رغم أنه ذكر في بداية كلمته:
 
طالما ان موضوع مؤتمرنا اليوم هو الخدمات المالية والمصرفية في العراق والتي تعتبر احدى الركائز الاساسية لأي نظام اقتصادي، فلابد من استعراض لهذه الخدمات بما كانت عليه ووضعها الحالي وآفاقها المستقبلية.
 
وهكذا حرمنا من استعراض خدمات التأمين "بما كانت عليه [1964-2003] ووضعها الحالي [2003-2012] وآفاقها المستقبلية."  فقد كان بإمكانه مقارنة حجم إنتاج الشركات في الماضي والحاضر، أو كان سيخبر مستمعيه عن عدد الشركات في الوقت الحاضر وفوضى التنافس على الأسعار وتدهور المعايير الفنية في اكتتاب الأخطار.  وهذا يدل على شحة الاهتمام الرسمي بالنشاط التأميني وربما التقليل من دوره كركيزة للنظام الاقتصادي (تمويل الخسائر المادية والمساهمة في تكوين أرصدة للاستثمار).
 
التأمين: من سيتبنى هذا اليتيم؟
نأمل أن لا تظل إشارة نائب رئيس الوزراء الرسمية للتأمين يتيمة لا تلقى الاهتمام النقدي من لدن العاملين في قطاع التأمين، والحكومة، ومجلس النواب ومن المؤسسات الرسمية ذات العلاقة بالقطاع.  في مقالتي "تعليق على غياب التأمين في برنامج الحكومة للسنوات 2011- 2014" ذكرت "أن قرارات وبرامج الحكومات والأحزاب السياسية، وخاصة تلك المعروضة أثناء الانتخابات البرلمانية العامة والمؤتمرات، توفر الفرصة للقطاع، أفراداً وكيانات، لإبداء موقف منها.  لكن شيئاً من هذا التمني لم يجد له تعبيراً في الواقع، وهكذا بات علينا، مرة أخرى، أن نرصد ونعلق على أمر ذو علاقة بقطاع التأمين، ولنُذكّر بعضنا بأهمية الإعلان عن قطاع التأمين للحكومة والصحافة من خلال إبداء المواقف تجاه قضايا تمس القطاع مباشرة أو بصورة غير مباشرة.  إعلان المواقف من شأنها أن تساهم في تعزيز الوعي بالتأمين."[12]  كما من شأنها أن تساهم في بلورة سياسة لقطاع التأمين العراقي وتعزيز سوق وطني اتحادي للنشاط التأميني.
 
 
لندن 12 تشرين الأول/أكتوبر 2012
 
ملحق
 
في انتظار البرابرة
 
قسطنطين كفافي (1863-1933)
ترجمة سعدي يوسف
 
ما الذي ننتظرُ، في الساحةِ، مُزدحمين؟
البرابرة ُسيصلونَ اليوم.
ولِمَ مجلسُ الشيوخِ مُعطَلْ؟
الشيوخُ لا يشترعون القوانين
فلم هُمْ جالسونَ هناك إذنْ؟
لأن البرابرةَ يَصِلون اليوم.
أي قوانين سيشترعها الشيوخ الآن؟
عندما يأتي البرابرة، سيسنون هم القوانين.
لِمَ يستيقظ إمبراطورنا، مُبكراً هكذا؟
ولِمَ يجلسُ الآن مُعتلياً عرشه، مُعتمرا تاجه
عند البوابة الكبرى للمدينة؟
لأن البرابرة يصلونَ اليوم.  والإمبراطور ينتظرُ استقبالَ قائدهم.
والحق أنه تهيأ ليوجّه إليه خطبة
خلعَ عليه فيها كل الأسماء و الألقاب.
لم خرج قُنصلانا معاً، والقضاة
بأقبائهم الحمر، وأقبائهم المزركشة؟
لم هذه الأساور، وكل هذا الحجر الكريم،
كل الخواتم ذات الزمرد المتألق؟
لم يحملون اليوم صولجاناتهم الثمينة؟
ذات المقابض الفضة، والنهايات الذهب؟
لأن البرابرة سيصلون اليوم
وأشياءَ كهذه تُدهش البرابرة.
لم لم يأتِ الخطباء، المفوهون، هنا، كالعادة
مُلقين خطبهم، قائلينَ ما ينبغي أن يقولوا؟
لأن البرابرة سيكونون اليومَ، هنا
وهم يسأمونَ البلاغةَ والفصاحة.
لم هذا الضيق المفاجئ، والإطراب؟
لِمَ غَدتْ عابسة وجوه القوم؟
لِمَ تخلو الشوارع و الساحات، سريعا ؟
والكل يعود إلى داره، غارقا في الفكر؟
لأن الليل قد هبط، ولم يأتِ البرابرة.
ولأن أناسا قدموا من الحدود
وقالوا أن ليس ثمة برابرة.
والآن … ماذا نفعل بدون برابرة؟
لقد كان هؤلاء نوعا من حل.


[1] ذكرت شفق نيوز، 7 تشرين الأول/أكتوبر 2012 أن "المالكي يشكل لجنة فنية لإعادة النظر في إيفادات الوزارات ويطرح خطة عكسية."  http://www.iraqicp.com/2010-11-22-05-28-38/24829-2012-10-08-08-05-47.html
 
"شفق نيوز/ كشف مصدر مقرب من الحكومة العراقية، الاحد، عن تشكيل لجنة فنية لدارسة جميع ايفادات الوزارات وبيان الحاجة لها، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة اقترح خطة عكسية تقضي بجلب الخبراء إلى بغداد "مع توفير الحماية الكاملة" بدل ايفاد الموظفين إلى الدول الأخرى.
 
وقال المصدر الذي طلب عدم الاشارة إلى اسمه لـ"شفق نيوز"، إن "رئيس الحكومة نوري المالكي اوعز بتشكيل لجنة فنية برئاسة ثامر الغضبان كبير مستشاريه لتقديم دراسة عن ايفاد وزارات الحكومة وإعادة النظر فيها"، لافتا إلى أن المالكي "مستاء من كثرة اعداد الموفدين وتكرار الايفادات فضلا عن الاموال المترتبة عن كل ايفاد".  وأضاف أن "المالكي اقترح على اللجنة تنظيم خطة عكسية تقضي بجلب الخبراء والمعنيين إلى العراق مع توفير الحماية الامنية اللازمة وتخصيص فندق الرشيد في قلب المنطقة الخضراء لسكنهم بدل أيفاد عشرات الكوادر العراقية إلى دول اوروبا".
 
ويتحدث سياسيون ونواب من كتل مختلفة عن أن العراق ينفق نحو مليار دولار سنوياً، على إيفادات المسؤولين وموظفي الدولة، بالرغم من أن مصادر حكومية لم تؤكد الموضوع."
 
[2] مجالات النقاش التي حددتها الشركة المنظمة للمؤتمر هي:
1.      What opportunities are available for investment in banking and financial services in Iraq?
2.      Recently the Iraq government introduced many new financial reforms; how will these affect international investment in Iraq?
3.      What are the challenges and the priority areas of reform moving forward?
4.      How should Iraq respond to the global financial crisis?
5.      What role should Iraq’s banks play in the country’s regeneration and redevelopment?
6.      How should the operations of Iraq’s state-owned banks be improved and developed?
7.      What needs to be done to encourage the development and growth of private banks?
8.      What obstacles are impeding business and consumer access to finance?
9.      How should large-scale infrastructure projects be financed?
10.    How banking and supervisory regulation should be improved?
11.    What reforms are needed to capital markets and the growth of the Iraq Stock Exchange?
12.    What steps are required to modernize and upgrade the Iraqi insurance sector?
 
[4] موقع مكتب نائب رئيس الوزراء: http://www.dpm-rshaways.iq/ArticleShow.aspx?ID=239
 
كُتبت كلمة نائب رئيس الوزراء باللغة الانجليزية، ربما من قبل مستشار أجنبي وهو ما نعتقد لأنه يضم مصطلحات ومفاهيم دارجة لدى دعاة الليبرالية الجديدة.  ونزعم بأنه لم يُحرره للتخلص من بعض عيوب الترجمة.  هناك إذن من يفكر نيابة عنه وعن زملائه في الحكومة ويرسم السياسات.
 
تذكرنا هذه الكلمة، وغيرها من التصريحات الرسمية بقصيدة "في انتظار البرابرة."  أنظر الملحق.
 
[5] حيدر علي جواد، "البنك المركزي: مؤتمر المصارف في لندن دعا لتعديل قانون الاستثمار في العراق،" 23/09/2012 وكالة أنباء براثا: http://burathanews.com/news_article_170527.html
 
[6] زهير علي اكبر، "مشروع فتح فروع للمصارف الاجنبية أو مشاركتهم للمصارف العراقية بمدينة البصرة،" البنك المركزي العراقي (د. ت.): http://www.cbi.iq/documents/zuhair4.pdf
 
[8] http://www.ikhnews.com/news.php?action=view&id=56665
 
[9] د. إبراهيم كُبّه، هذا هو طريق 14 تموز: دفاع إبراهيم كبه أمام محكمة الثورة (بيروت: دار الطليعة، 1969).
 
فيما يخص النشاط التأميني، ضمن تطبيق السياسة التجارية الجديدة لوزارة الاقتصاد يذكر د. إبراهيم كبه "وقف أعمال شركات التأمين الأجنبية ذات العلاقة بإسرائيل أو المخالفة لقانون شركات التأمين." (ص 57).   وعند عرضه للاتفاقية العراقية-السوفياتية يذكر التالي: "يجري تسليم المعدات والمكائن والمواد في الموانئ العراقية (سيف)." (ص 82).  ويصف القرض السوفياتي بانه "تكنيكي صرف قائم على تقديم عدد من وسائل الانتاج وطرق الانتاج والخبرات التكنيكية والتدريب الفني." (ص 85).
[10] مصباح كمال: “هل هناك مشروع لإعادة هيكلة شركات التأمين العامة؟ تمهيد لمناقشة موسعة ”الثقافة الجديدة،" العدد 346، 2011
[11] مصباح كمال، "ملامح من محنة قطاع التأمين العراقي،" مرصد التأمين العراقي
 
[12] http://iraqinsurance.wordpress.com/2011/09/07/absence-of-insurance-in-government-programme-for-2011-14/