إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2011/06/29

Valuation for Insurance Purposes

تقييم الممتلكات لأغراض التأمين



تقديم



كتبنا هذه الورقة بناءً على طلب من إحدى شركات التأمين العربية. اعتمدنا في كتابة الورقة على مصادرنا الشخصية عن موضوع تقييم الممتلكات (الأصول أو الموجودات) الخاصة بالمنشآت النفطية والبتروكيمياوية، والاستفادة من الأدبيات التأمينية المتوفرة. ونظراً لخصوصية الموضوع فإنه بحاجة إلى توسع في شرح مختلف جوانبه من قبل خبراء التقييم. وقد اخترنا الكتابة عن الجوانب التالية للموضع:



التقييم المحاسبي للأصول وعيوبه

تقييم الأصول والتعويض

ماذا نعني بالتأمين بكامل قيمة الأصول؟

ماذا يعني الاستبدال في الوثيقة؟

كيف يتم التقييم في أوروبا؟

ملاحظة ختامية



ونهدف من وراء نشر هذه الورقة التمهيدية لإشاعة فهم أهمية التقييم من قبل شركات التأمين العاملة في العراق وكذلك المؤمن لهم من الشركات النفطية والصناعية وغيرها. ونأمل من زملاء المهنة إغناء الموضوع بملاحظاتهم وتعليقاتهم.

مصباح كمال
لندن حزيران 2011



التقييم المحاسبي للأصول وعيوبه



إن لم تتوفر لدى المؤمن له الموارد البشرية الداخلية المؤهلة للقيام بتقييم المنشآت فإنه يلجأ إلى شراء الخدمات المهنية لشركات متخصصة في تقييم الأصول. بعض من المؤمن لهم يستسهل الأمر بالاعتماد على الطاقم المحاسبي لديهم لتقييم الأصول، إلا أن النهج المحاسبي ليس بديلاً عن اعتماد أسس أخرى، أكثر صرامة، لتحديد القيمة الاستبدالية replacement value للمنشآت.



المقترب المحاسبي يستهدف التوصل إلى قيمة تقديرية. ويخضع مثل هذا التقييم لمعايير المحاسبة المقبولة والمعتمدة عموما في كل دولة، وقد يحدد القانون هذه المعايير.



القاعدة العامة في التقدير المحاسبي هي الحذر، أي الميل نحو اختيار أوطأ قيمة للموجودات. وتستخدم المعايير المحاسبية للتقييم كما يلي:



بالنسبة للموجودات المتداولة: تثمن بسعر التكلفة القياسية أو القيمة السوقية، أيهما أقل.



بالنسبة للموجودات الثابتة: تثمن بسعر التكلفة أو إعادة تثمين قيمة الموجودات، مطروحا منها الاستهلاك المتراكم، أي التثمين على أساس القيمة الاندثارية.



النهج المحاسبي مضلل كدليل لتقدير قيمة المباني والآلات والتجهيزات لأغراض التأمين. فالتقييم المحاسبي للبنود الثابتة مثل المباني والآلات والمكائن والتجهيزات والمركبات تقوم على أساس تكلفتها الشرائية مطروحاً منها نسبة عن الاندثار (الاهتهلاك) وليس على أساس القيمة الاستبدالية لهذه البنود.



هذا النهج يتجاهل على سبيل المثال:



 التضخم

 التقلب في أسعار العملات



عند تقييم الأصول المادية يجب النظر في متطلبات المؤمن له في الحاضر والمستقبل، وكذلك متطلبات التأمين على هذه الأصول لدى أطراف أخرى ذات علاقة بموضوع التأمين كالمُلاك، إذا كان المؤمن له مستأجراً، والمُقرضين. المعيار الأساسي في التقييم هو ما إذا كان المؤمن له يعتزم إعادة بناء أو إعادة الممتلكات إلى وضعها السابق بعد وقوع ضرر أو خسارة. وينبغي الالتزام بهذا المعيار لتحديد المبالغ التي يراد التأمين عليها. وعند تقدير مبالغ التأمين، ينبغي أن تؤخذ العوامل التالية بعين الاعتبار:



أ. الطبيعة العشوائية للخسارة. يمكن أن تلحق الخسارة بالأصول المؤمن عليها في أي وقت. ولأن الخسارة غير محددة زمنيا، وتخضع القيم للتغيير على مر الزمن - بالزيادة أو النقصان - على الرغم من أن الاتجاه العام هو ازدياد القيمة (المواد والأجور) مع مرور الوقت.



ب. استبدال المباني التي دمرت بفعل حادث قد ينطوي على تكاليف إضافية: إزالة الأنقاض، الرسوم الهندسية وغيرها من الرسوم المتكبدة في عملية التصليح، إعادة ربط الخدمات والمرافق مع بعضها وهلم جرا.

ت. استبدال المكائن والآلات قد تكون خاضعة للتأخير. فليست كل الأجهزة متوفرة من المخزون لدى المصنعين. وحتى إذا كانت متوفرة، فإنها قد تكون خاضعة لرخصة استيراد، وإذا تأخر الاستيراد فإن القيم قد تكون عرضة لتقلب أسعار العملات.



ج. إذا كانت خطة المؤمن له تقوم على عدم استبدال بعض البنود عندما تصل إلى نهاية عمرها الافتراضي، فإنه سيكون من الضروري إرساء أساس مختلف لتأمينها. قد لا تكون هناك حاجة للتأمين على مثل هذه البنود على أساس قيمتها الاستبدالية الكاملة، وقد يكون تأمينها على أساس قيمتها كخردة أو قيمتها الاندثارية أكثر ملائمة.



في ضوء ما سبق، فإن النهج المحاسبي للتقييم، وهو منهج يميل نحو التحوط المحافظ، ليس أساساً سليماً لتحديد قيمة الأصول المادية لأغراض التأمين. وما ينتجه هذا النهج هو القيمة الدفترية وليس القيمة الاستبدالية.



والملاحظ أن الشركات النفطية والبتروكيمياوية في الخليج تشتري خدمات شركات التقييم المتخصصة لتثبيت القيم الاستبدالية لأصولها لأغراض التأمين في حين أن اعتماد هذا النهج من قبل الشركات الصناعية والتجارية وحتى بعض الشركات النفطية في البلدان العربية الآخرى ما زال ضعيفاً.



تقييم الأصول والتعويض



فيما مضى جرت العادة بين العديد من المكتتبين على عدم إعطاء موضوع تقييم الممتلكات المعروضة للتأمين أهمية كبيرة، رغم ارتباطه بما يستحقه المؤمن له من تعويض في حالة الضرر. وتعليل هذا الموقف يقول بأن وجود شرط المعدل Average Clause (شرط النسبية) في نص وثيقة التأمين كفيل بموازنة واجبات المكتتب مع حقوق المؤمن له عند تسوية المطالبة بالتعويض، وهو تعليل يمكن القبول به إلى حد ما إذا كان الشرط منصوصا عليه في الوثيقة. إن ما قد يشوب هذا الموقف من ضعف ليس فقط عدم توفر نص الشرط في الوثيقة – إما بالحذف أو توقيف العمل به – وإنما اقتران عدم التوفير بعدم النص على شرط التأمين الناقص.



يمكن القول إذاً، من منظور اكتتابي، إن غض النظر عن التقييم ربما يُغتفر لو نصت الوثيقة على شرط المعدل أو التامين الناقص.



هناك من يؤكد أن التأمين بأقل من القيمة الاستبدالية للممتلكات يعني حرمان شركة التأمين من القسط المناسب لمواجهة الخسائر الكبيرة – ومثل هذه الخسائر ملازمة للممتلكات النفطية والبتروكيماوية. ولكن، مقابل ذلك، فان المؤمن له يُفوّت على نفسه الحصول على التعويض بالقيمة الاستبدالية.



إن تقييم الممتلكات من عدمه هو قرار إداري ومالي يعكس رؤية صاحب المشروع تجاه الخطر وهو يؤثر مباشرة على حجم الاسترداد الذي يمكن أن يحصل عليه عند الضرر. ففي غياب التقييم السنوي يُعرّض المؤمن له نفسه إلى خسارة مالية تتمثل في عدم تعويضه بالكامل عن الضرر.



إن انعدام الاهتمام، أو الاهتمام المشوه، بالتقييم ينتقص من عملية الاكتتاب في التأمين والتعويض معاً، فشركة التأمين والمؤمن له يتأثران سلباً على حد سواء من خلال التأمين الناقص: شركة التأمين تحرم نفسها من جباية قسط التأمين الذي يتناسب مع القيمة الاستبدالية للأصول في حين يحرم المؤمن له نفسه من الحصول على تعويض كافٍ عند تطبيق شركة التأمين لشرط المعدل أو شرط التأمين الناقص.



قد يحتج البعض من المؤمن لهم على أن تقييم الممتلكات لا علاقة له بتحديد مبلغ التأمين. (وهذه دعوى يلجأ إليها المؤمن له الذي يقلل من مبلغ التأمين بهدف التوفير في قسط التأمين). ربما يكون هذا صحيحا إلا أن قيمة الممتلكات وقت حصول الحادث هو ما يعّول عليها في تسوية المطالبة. إن مبلغ التأمين يمثل الحد الأقصى لمسؤولية شركة التأمين، وإذا كان جدول الوثيقة يتضمن أكثر من فقرة فان مسؤولية شركة التأمين تبقى محصورة بمبلغ تأمين كل فقرة. فالقاعدة العامة والمعهودة أن مبلغ التأمين لا يمثل اعترافا من شركة التأمين بقيمة الممتلكات المؤمن عليها، كما أنها لا تعني أن شركة التأمين ستدفع هذا المبلغ في حالة الضرر ما لم ينص صراحة خلاف ذلك (الوثائق القيمية valued policies كمثال، وهذه تثير قضايا تتعلق بالخطر المعنوي moral hazard).



لذلك فإن مبلغ التأمين ما هو إلا تحديد لمدى مسؤولية شركة التأمين وأساس لاحتساب قسط التأمين. وبما أن المؤمن له يقوم بتحديد مبلغ التأمين فانه مطالب، وهو ما أخذت شركات التأمين بالإصرار عليه، بأن يكون المبلغ مساويا لكامل قيمة الأصول المراد التأمين عليها، لا بل أن بعض الشركات تشترط إعادة التقييم سنوياً.



ماذا نعني بالتأمين بكامل قيمة الأصول؟



للجواب على هذا السؤال يتوجب علينا الرجوع إلى مبدأ التعويض (Indemnity) الذي يقضي أن يكون مبلغ التأمين مطابقاً لمعايير معينة. وعلى سبيل المثال، فإن مبلغ الـتأمين للفقرات التالية قد يكون كالأتي:



بالنسبة للمباني

كلفة إعادة البناء بنفس المواصفات مع إضافة مبلغ مناسب للفقرات التالية:



• الكلفة الإضافية للالتزام بمتطلبات الإدارات الحكومية والبلدية

• الأجور المهنية

• كلفة رفع الأنقاض



بالنسبة للمكائن

كلفة الاستبدال وقت الحادث مطروحا منها نسبة الاندثار والتحسينات على المكائن (ويُتًّبعُ في ذلك قاعدة عدم إثراء المؤمن له والاكتفاء بإعادة موجوداته المادية إلى الحالة التي كانت عليها قبل وقوع الضرر). وفي حالة المكائن المعقدة يفضل إضافة هامش لقاء الخدمات الهندسية الاستشارية.



بالنسبة للمخزون

فيما يخص مخزون المواد الأولية يكون مبلغ التأمين مساوياً لكلفة الاستبدال بضمنها كلفة النقل.



المواد قيد الصنع أو المواد المُصنَعة

فيما يخص هذه المواد يكون مبلغ التأمين مساوياً لكلفة التصنيع (ولكن دون إضافة هامش للربح ما لم يكن التصنيع بموجب عقد يُنصُّ عليه في وثيقة التأمين).



هذه بالطبع ليست إلا مقاربة أولية لموضوع التقييم لأنها تفتقر إلى العديد من التفاصيل التي تتوفر لخبير التقييم، ولكنها مؤشر مفيد لتحديد مبلغ التأمين، وبالتالي تسهيل عملية تسوية المطالبة بالتعويض.



وتبقى عملية تسوية المطالبة محكومة بنص الوثيقة. وتوفر وثيقة تأمين جميع الأخطار للممتلكات المادية All Risks Property Insurance خيار التأمين على أساس ما يعرف بالـIndemnity Basis - أي على أساس استقطاع نسبة من مبلغ التعويض لقاء الاندثار على المباني والمحتويات أو على أساس القيمة الاستبدالية Reinstatement Basis ففي حالة التعويض باعتماد نسبة الاندثار تنهض المشاكل حول تحديد هذه النسبة والمقاييس المعتمدة لها، وحتى عند الوصول إلى اتفاق نهائي بين المؤمن له وخبير التسوية يبقى المؤمن له في عجز نقدي يتمثل بالفرق بين المبلغ الذي يتسلمه من شركة التأمين كتعويض والكلفة الحقيقية لإعادة البناء وتجهيز المعدات والمكائن. وبغية تجنب مثل هذا العجز النقدي يستطيع المؤمن له التأمين ابتداء على أساس القيمة الاستبدالية للممتلكات (الجديد مقابل العتيق) بهدف تعويضه عن كامل كلفة إعادة البناء والتجهيز بالمكائن والمعدات ما خلا التحسينات.



ماذا يعني الاستبدال في الوثيقة؟



إن صياغة نص فقرة الاستبدال في الوثيقة تفصح عن الآليات التي تتحكم به. ويرد النص في وثيقة تأمين جميع الأخطار للممتلكات المادية بالصيغة التالية:



يعني الاستبدال

(أ‌) إعادة بناء أو استبدال الممتلكات المدمرة، شريطة عدم تجاوز المسؤولية القصوى لشركة التأمين، بالشكل الذي يرتأيه المؤمن له وفي موقع آخر.

(ب‌) تصليح أو استعادة الممتلكات المتضررة إلى الوضع الذي كانت عليها هذه الممتلكات بدون أية تحسينات أو توسيعات.



وبمقتضى هذه الصيغة، وعندما تكون قيمة الممتلكات المؤمنة مساوية للقيمة الاستبدالية لا تستقطع شركة التأمين نسبة عن الاندثار. ولكن هناك في الصياغة اشتراطات إضافية منها: إعادة البناء أو الاستبدال دون تأخير وخلال مدة معقولة. ولا يعوض المؤمن له ما لم تتم عملية الاستبدال. وخلاف ذلك يتحدد حق المؤمن له بالتعويض بقيمة الأصول مطروحا منها نسبة الاندثار.



عند التأمين بالقيمة الاستبدالية يترتب على المؤمن له تسديد قسط التأمين المحتسب على أساس هذه القيمة. وقد يلجأ المؤمن له - ولاعتبارات عديدة منها التخفيض من حجم قسط التأمين أو انتشار ممتلكاته في مواقع منفصلة – إلى التأمين على أساس ما يسمى بالخسارة الأولى (First Loss Insurance) ويقتضي ذلك تعديل صياغة شرط الضمان في الوثيقة.



كيف يتم التقييم في أوروبا؟



تاريخياً كانت الشركات تعتمد على كلفة بناء المنشأة كمقياس لتحديد مبالغ التأمين ونظراً لعيوب هذه الطريقة فقد غضت الشركات النظر عنها. ثم لجأ البعض منها للفهارس التي تصدرها جهات متخصصة، وهي تعتمد على تجزئة القيمة بين قيمة المواد وأجور العمل. وهذه أيضاً تنطوي على عيوب كونها لا تستطيع مجاراة التغير في الأسعار والأجور. وبالطبع فإن القيمة الدفترية (المحاسبية) ليست مناسبة ولا يعتد بها كمقياس لتحديد مبالغ التأمين، كما ذكرنا. فمنشأة نفطية عمرها يزيد عن عشرين سنة تكون قيمتها الدفترية صفراً.



الشركات النفطية والبتروكيماوية في أوروبا وفي الغرب عموماً تنيب إدارة الخطر والتأمين إلى مدير متفرغ، قد يكون عضواً في مجلس الإدارة، وبعض الشركات الصغيرة والشركات الصناعية والتجارية تستفيد من إدارات أخرى، مالية أو هندسية، داخلها للتعاطي بموضوع التأمين وما يتعلق به من خدمات. إحدى مَهمات مدير الخطر والتأمين هو العمل على توفير قائمة مستقلة للأصول. جَرْد الأصول ليس صعباً فهو مما يمكن لقسم المحاسبة، مثلاً، القيام به. تكمن الصعوبة في تقييم هذه الأصول لأغراض التأمين. ولكون الطرق الأخرى للتقييم ليست دقيقة لأغراض ضمان استيفاء القسط المناسب والاسترداد الكامل لقيمة الخسارة، ولأن عملية التقييم بحاجة إلى مهارات فنية ومعرفية ليست متوفرة لدى مدير الخطر أو مؤسسته فإنه يلجأ إلى شركات تقييم متخصصة للقيام بهذه المهمة.



هذا الاهتمام بالتقييم يقع في صلب عملية إدارة الخطر، كما أن التقييم بحد ذاته يوفر منافع عديدة ومنها:



تشخيص المناطق التي تتركز فيها القيم العالية لتقدير مشاهد الخسارة القصوى maximum loss scenarios. وكما هو معروف في التأمين على الأخطار الكبيرة فإن تقدير الخسارة القصوى المحتملة probable maximum loss or estimated maximum loss عنصر أساسي في تحديد أسعار وشروط التأمين.



يوفر التقييم المهني جدولاً مستقلاً للأصول يستفاد منه في تحديد مبلغ/مبالغ التأمين وفي توثيق قيمة الخسائر عند وقوعها اعتماداً عليه.



يوفر للمؤمن له أرضية قانونية قوية في تأكيد صحة وجود الأصول المادية وفي المطالبة بالتعويض عنها عند تعرضها لخسارة أو ضرر.



يزيل احتمال قيام تضارب في تقدير القيمة التأمينية وقت إجراء التأمين أو عند قيام مطالبة بالتعويض. وبالتالي يساهم في تسريع تسوية المطالبة ويقلل من توقف العمل الإنتاجي واضطراب السيولة النقدية للمؤمن له وخاصة في حالة الخسائر الكبيرة.



يحمي المؤمن له ضد خطر التأمين الناقص under-insurance أو التأمين الزائد over-insurance.



يستفاد من جداول التقييم في أغراض أخرى غير التأمين.



كمحاولة أولية للتوصل إلى القيمة الاستبدالية التقريبية يمكن لبعض المهندسين وغيرهم حساب مثل هذه القيمة بالاعتماد على إنتاجية المنشأة – كمية أو حجم النفط الخادم الذي يخضع للتكرير خلال فترة زمنية معينة valuation based on throughput. ولا يمكن الاعتداد بهذا التقييم لكنه، كمقاربة أولية، يمكن أن يوفر لمكتتب التأمين فكرة مناسبة لتقدير أبعاد محل التأمين.



وفي ذات النهج هناك ما يعرف بالتقييم المكتبي desktop valuation وهو أيضاً تقريبي ويُلجأ إليه، لأغراض التجديد السنوي للبوليصة (وثيقة التأمين)، في الحالات التي يكون فيها المؤمن له قد قام بتقييم مهني من قبل خبير اعتماداً على مسح ميداني. في هذه الحالة يستطيع خبير التقييم مراجعة القيمة بعد الحصول على البيانات الخاصة بإضافة أو إلغاء بنود معينة.



إحدى الدول النفطية العربية استخدمت شركة تقييم بريطانية لإعداد جرد كامل للأصول المادية القابلة للتأمين، استغرق العمل به عدة شهور بضمنها زيارات ميدانية لمواقع المنشآت ودراسة مخططات الإنشاء والإضافات وهلم جرا، وتوزعت نتائج التقييم على ما يزيد عن عشرين "كتاباً". واستخدمت خلاصة هذه الأجزاء في تحديد مبالغ التأمين. وكان الاتفاق بين الطرفين قيام شركة التقييم بمراجعة قيمة الأصول سنوياً. مثل هذا التقييم يرتبط بإصدار شهادة من قبل شركة التقييم عن صحة التقييم.



ملاحظة ختامية



ليس هناك بديل حقيقي عن التقييم المهني من قبل شركة مختصة. مثل هذا التقييم يريح ويطمئن أكثر من طرف: المؤمن له، شركة التأمين، مسوي الخسارة.

مصباح كمال

لندن 19 تشرين الأول 2009

2011/06/01

On Remembering Marwan Hashim al-Kassab

في استذكار مروان هاشم القصاب




فؤاد شمقار


قام زميلنا مصباح كمال بتجميع أوراق وتعليقات المرحوم مروان هاشم المنشورة في مجلة التأمين العراقي في كتاب إلكتروني (PDF) بعنوان مقالات في التأمين وإعادة التأمين في العراق (أيار 2011). وذكر في كلمات التقديم بأن الذين يفكرون ويكتبون عن الشأن التأميني وتعقيداته هم القلّة. ولكن، ومع الأسف، فإن من يقرأون ما يكتب بهذا الشأن هم الأكثر قلّة وإلا أين هي التعليقات على تلك الكتابات أو المساهمات في النقد والمشاركة في إبداء الرأي مؤيداً أو منتقداً؟ وأقولها صراحة قد أكون أنا شخصياً واحداً من هؤلاء. ولا أجد حرجاً حينما أقول بأني ومع شديد الأسف لم أطلع في حينه على جميع ما كتبه زميلنا المرحوم مروان هاشم رحمه الله في التأمين وإعادة التأمين ولعل السبب في ذلك يعود إلى عدم معرفتي باستخدام الحاسوب. ولعل تجديد تعارفنا الإلكتروني مع زملائي كان السبب في قراءة بعض المدونات في مجلة التأمين العراقي ومرصد التأمين العراقي.


لقد كان زميلنا مصباح وفياً وصادقاً مع زميلٍ رحلَ عنا كان همّه الأول خدمة قطاع التأمين بإخلاص من منطلق المحافظة على شرف المهنة وحبها. وأنا من جانبي أقدر وأكبر تقدير مصباح لمساهماته واحترامه لذكراه من خلال تجميع أوراقه وتعليقاته. فبارك الله له وجهده في احترام وتقدير جهد الآخرين. وما أتمناه هو أن يهتدي الغير بمصباح في أسلوب التعامل مع مثل هذه المواضع وأن يكون مُقدراً للمواقف خدمه لصالح قطاع التأمين في العراق.


إن الأيام تمر بنا ونحن نمر بها كالسحاب، ونمر أحياناً ببعض الأشخاص فنلقي عليهم تحيات المجاملة المعتادة، ولكن لا نقترب منهم لمسافة تجعلنا نعرفهم حق المعرفة. وتبقى معرفتنا بهم لذلك سطحيه، وتبقى لهم في أذهاننا صوراً نكونها من خلال معرفتنا البسيطة. وفجأة تأتي يد المنون لتخطف أحداً منهم لنكتشف أبعاداً في للإنسان الراحل لم تكن تخطر على بالنا. لقد كانت معرفتي وعلاقتي بالمرحوم مروان معرفه وعلاقة صداقه عمل في مؤسسه واحده، ولم أتعرف عليه كما تعرفت الآن بعدما انبرى صديق من بين الأصدقاء، الذي صداقته مع مروان لم تكن أكثر من صداقة مهنه سماها "صداقة إلكترونية" إذ أنه لم يلتقي به أبداً، لتسليط الضوء على الحقائق، والتعريف بما خفي وعلم، وذلك بإعطاء من اختطفه الموت بيننا حقه في بيان سيرته التي كنا نجهل قسماً كبيراً منها. هذا ما حصل مع المرحوم مروان حيث عرفته لسنوات خلت قبل تركه الوظيفة في شركة التأمين الوطنية وبقاءه لمدة ليست بالقليلة خارج الوظيفة، ومن ثم بعد أن عاد مجدداً إلى الخدمة في الشركة وفي نفس القسم الذي كان يعمل فيه، وهو قسم إعادة التأمين، والذي لم يحصل فيه على موقعه الحقيقي كما كان يجب.


إن قيام زميلنا مصباح بنشر ما كتبه السيد مروان من مقالات، تلك التي ضمنها أفكاره وبعضاً من علمه وخبرته، وأقول علمه بدون تردد، تتضمن أول ما تتضمن ملكة الكتابة، وهي صادره عن رجل صاحب فكر وعلم وخبره تراكمت على مر الأيام. وهو واع ومدرك لكل كلمه يكتبها ويقولها بكل جراءة وصراحة ووعي وكأنه أكاديمي متمرس، غيور على المصلحة العامة، ومهتم بقطاعٍ يعد واحداً من القطاعات الاقتصادية المهمة في الوطن.


إذ كنا نتفق معه في أغلب ما كتبه ونختلف معه في القليل منه، لكننا لا يسعنا إلا أن نفهم دافع الوطنية الصادقة لكل ما كتب. وإزاء هذا الحال لا يمكننا إلا أن نقول بأننا حقاً خسرنا شخصاً واعياً وحصيفاً، كنا نتمنى أن نعرفه عن قرب. كان، لو ظلَّ بيننا، سيثري هذه المواضيع بحثاً ودراسة لو لم تمتد يد المنون إليه. رحم الله مروان وأسكنه فسيح جناته وعزاؤنا لذويه ولأصدقائه ولكل معارفه.


كنت أتمنى أن يكرم مروان وأمثاله حال حياتهم، ولكن يظهر بأنه يجب أن تخطفنا يد المنون قبل أن يعرفنا الآخرين، والله أعلم هل سيعرفوننا كما كان ينبغي؟ وهل نكرم أم لا؟ أسئلة يبقى الجواب عليها للأيام التي تمر بنا كالسحاب.


لعله من الوفاء بمكان ليس للمرحوم مروان ولكن لكل ما يمثله من التواضع العلمي وحب المعرفة ومنهجيه البحث، أن نتابع بتمحيص وبحث كل ما يتعلق بالشأن التأميني، لندفع به إلى الأمام، وتطويره نحو الأفضل، وأن لا يدعي أحداً منا، كما لم يدعي مروان نفسه، بأنه يملك كل خيوط المعرفة، فالعمل التأميني ليس فردياً بل عمل فريق متجانس منسجم واع، يعزف كل منا اللحن السليم الذي لا يشذ عن مجمل المقطوعة لتستكمل السيمفونية الرائعة من خلال التفاهم والتناغم والأداء المتميز. كل منا يقوم بواجبه، ويدلي بدلوه، ورائدنا جميعاً خدمة مصالح المؤمن لهم والمهنة والقطاع والوطن.


وأخيراً لا يسعني إلا أن أقدم شكري الجزيل وامتناني الكبير إلى الأخ العزيز مصباح والذي بات يتحفنا باستمرار باهتماماته بقطاع التأمين والعاملين فيه، وبكل من مروا على الدرب الطويل كما تمر بنا الأيام. جزاه الله عنا كل الخير، وله كل الحب والتقدير والاحترام. ومن جانبي أنا، وبغية عدم تناثر الأوراق التي كتبها المرحوم مروان هاشم القصاب بين ثنايا النسيان وتبعثرها هنا وهناك فقد قمت بتجليد أربعة نسخ من كتابه مقالات في التأمين وإعادة التأمين في العراق وأودعتها في مكتبة الشركة لتبقى مرجعاً للأجيال القادمة.


مع اعتزازنا بمصباح وبكل من يعمل من أجل رفعة مكانة التأمين في وعينا وفي حياتنا.


هه ولير 28/5/2011