إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/12/30


السياسات الاقتصادية في العراق الخيارات البديلة:

قطاع التأمين نموذجاً

مصباح كمال

كتبنا هذه الورقة لتقدم في "الندوة العلمية حول "أداء السياسات الاقتصادية في العراق والخيارات البديلة" التي كان من المزمع عقدها في برلين في النصف الأول من شهر آب/أغسطس 2009. وكنا قد استلمنا رسالة إلكترونية بتاريخ 17 آذار 2009 من د. كاظم حبيب عن اللجنة التحضيرية للمشاركة في الندوة بالحضور الشخصي أو إعداد ورقة عمل في أحد موضوعات جدول العمل أو موضوع آخر نقترحه، وآثرنا تقديم ورقتنا هذه.

تعتمد هذه الورقة على دراسات لنا سبق وأن نشرنا بعضها في مجلات مطبوعة أو في مدونتنا الإلكترونية مجلة التأمين العراقي Iraq Insurance Review http://misbahkamal.blogspot.com/ وسنشير إلى بعضها في الهوامش لتسهيل رجوع القارئ المهتم إليها.


نشرت هذه الدراسة في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 333-334، 2009، ص 80-91.


في السياسة الاقتصادية
يمكن القول إن السياسة الاقتصادية تعبر عن موقف إيديولوجي وعن مصالح اقتصادية لفئات معينة في المجتمع. هناك بالطبع مصالح جماعية ومصالح عامة لكن هذه المصالح ليست نقية بل هي موضوع تجاذب وصراع رغم إدعاء أصحابها خلاف ذلك. ويمكن لأغراض البحث النظري القول إن السياسة الاقتصادية تعنى بسلوك الحكومة في المجال الاقتصادي، وهي تعبير عن خيارات اجتماعية (تشخيص ما هو مفضل على أساس أخلاقي أو سياسي أو غيره لتحديد هوية ما يعرف بالمصالح العامة أو المصالح الجماعية وصياغته كهدف اجتماعي عام) تترجم في قرارات الحكومة وتوضع قيد التطبيق من خلال مؤسسات معينة (السوق أو الإدارات والمؤسسات والشركات العامة) تنسجم مع الخيار المفضل. ويمكن القول أيضاً إن الخطط الخمسية ما كانت إلا تعبيراً عن سياسة اقتصادية، وعن موقف تجاه سيرورة الاقتصاد والمجتمع.


وما يعنينا من هذه المقدمة هو الاستفادة منها كإطار عام لمحاولة اكتشاف وجود، أو عدم وجود، سياسة، ذات بعد اقتصادي، خاصة بقطاع التأمين في العراق.


البعد الاقتصادي للقوانين
لا شك أن قرارات الحكومة، أية حكومة، وكذلك القوانين، تنطوي على جوانب اقتصادية منظورة وغير منظورة تؤثر على المواطنين والكيانات الاقتصادية والاجتماعية بدرجات متفاوتة. العديد من القوانين تنطوي على جوانب اقتصادية، بعضها يكون حاضراً في ذهن المشرع وبعضها غير مقصودة. بعض القوانين تسن بهدف مالي واضح، كضريبة رسم الطابع على وثائق التأمين أو الضريبة المفروضة على أقساط التأمين. وهدف الحكومة هنا هو تعظيم إيرادات الدولة. ومثال ذلك أيضاً إعفاء وثائق التأمين على الحياة من الضريبة بهدف التشجيع على الادخار.


"إعادة توصيف النظام الاقتصادي الوطني"
من المفترض أن رسم السياسة الاقتصادية يقوم على استخدام المعرفة والتحليل الاقتصادي كدليل لعمل الكيانات الاقتصادية. لكن السؤال الذي يستحق المتابعة، بافتراض استخدام المعرفة وأدوات التحليل، هو لمصلحة من يتم رسم هذه السياسة الاقتصادية أو تلك؟


نزعم أن المعرفة الخاصة بالعراق والتحليل كانا منعدمان لدى سلطة الاحتلال وكانت السياسات عبارة عن وصفات جاهزة لنموذج اقتصادي رأسمالي لا ينهض على فهم عميق لتاريخ وبنية الاقتصاد العراقي. ولم يكن د. احمد الجلبي مبالغاً في وصفه لبول بريمر، الحاكم الأمريكي للعراق، بعد الاحتلال بأنه جاهل قبل أي شئ آخر.


واليوم تحاول بعض مؤسسات الدولة تخطي آثار المشروع الأمريكي إلا أننا لم نشهد بعد تغييراً في إعادة بناء ما هو قائم والربط بين قطاعات الاقتصاد ضمن رؤية واضحة لمشروع تحقيق نقلة نوعية. هناك الكثير من التعليقات والتصريحات التي تصدر من الوزراء ومسئولين آخرين إلا أنها تظل مشتتة لا تصب في مشروع اقتصادي وطني للتغير. ولم تترجم هذه التصريحات إلى دراسات تعرض للنقاش العام للخروج منها بسياسات متفق عليها.


يقول مستشار البنك المركزي العراقي، على سبيل المثال، "ان إعادة توصيف النظام الاقتصادي الوطني مازالت غائبة بسبب الطبيعة الريعية للاقتصاد وهيمنة الدولة على 80 بالمائة من الواردات وهي تتمحور على عائدات النفط المالية." مضيفاً "ان توصيف الاقتصاد سيضع حدود السياسة ومساحة التداخل مع توجهات الدولة الاقتصادية. مؤكدا على ضرورة توجه الدولة في دعم القطاع الخاص انطلاقا من المستوى الفردي الى مستوى الشركات."


غياب الإطار المؤسساتي المنظم على مستوى الاقتصاد ومستوى قطاع التأمين
لا يوجد إطار مؤسسي لإعادة توصيف النظام الاقتصادي الوطني، الفيدرالي، بل إدارة للمؤسسات الاقتصادية وكأنها شركات منفصلة تعمل وتتنافس في السوق. وحتى المصرف المركزي، المستغرق في سياسة استقرار العملة، لا دور له في إعادة الهيكلة والتوصيف الذي يدعو له المستشار فهو يقول: "ان مشكلة العراق هي [ان] سياسات الاستقرار لم تقابلها سياسات قوية في اعادة هيكلة الاقصاد [الاقتصاد]" موضحاً: "مازالت الشركات العامة كيانات رسيمة [رسمية] تعج بالعاطلين وفاقدة للاستثمار والتقنية مما يشير الى خلل في السياسة العامة للاقتصاد." كلام جميل لا يقابله سياسات واضحة وسلوك ملموس من قبل الدولة بانتظار الحل السحري لمساهمة القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر وتفريغ الشركات العامة من العاملين فيها دون عمل حقيقي متواصل لإعادة تأهيلها، والاستفادة من القدرات الفنية المتبقية لدى الجيل المخضرم من أفرادها.

وقد ذكرنا في دراسة سابقة أن "الهوس بالسياسة النقدية، كما يمارسها المصرف المركزي، لا يساعد في إعطاء دفعة لبدء عملية النمو الاقتصادي. فتركيز السياسة على احتواء التضخم من خلال رفع القيمة التبادلية للدينار العراقي مع الدولار الأمريكي لم يؤدي إلى النتيجة المطلوبة في الوقت الذي تم فيه زيادة أسعار المحروقات وتأثيرها المتنامي على أسعار السلع والخدمات. وبدلا من أن يكون عاملا فاعلا في التنمية الاقتصادية تم إعادة تكييف المصرف المركزي على أسس نيوليبرالية: التأكيد على استقلالية المصرف (لإلغاء أي دور للمصرف في تمويل الحكومة أو تمويل العجز)، الحد من التضخم (لتحويل أنظار المصرف من الاهتمام بأهداف أخرى كالمساهمة في تحقيق استخدام كامل للعمالة، ودعم السياسة الصناعية أو تخصيص الاعتمادات لقطاعات اجتماعية معينة كالإسكان والتطبيق غير المباشر للأدوات النقدية (معدلات الفائدة للمدى القصير)." وهكذا، ضمن هذا الإطار، يظل المصرف المركزي مبتعداً عن صياغة دور له في مجال التأمين أو المساهمة في رسم سياسة تأمينية. فكل كيان يعمل لوحده ولا يحتاج أن يكون مشاركاً ومكملاً للاقتصاد الوطني.

لننظر إلى ممارسات الوزارات والمؤسسات الرسمية فيما يخص قطاع التأمين، بشقيه العام والخاص، المهمل في تفكير أصحاب الشأن. فمثلاً، تتعاقد وزارة النفط مع قرينتها في الأردن على بيع النفط الخام بأسعار تفضيلية، خارج معطيات السوق، لكن الوزارة تهمل الجانب التأميني فيخسر قطاع التأمين العراقي حصته من أقساط تأمين بعض الأخطار التأمينية المرتبطة بتنفيذ العقد. ونقرأ اتفاقية المبادئ الأولية بين وزارة النفط وشركة شيل لمشروع غاز الجنوب ونراها خالية من ذكر التأمين. تمر بين أيدينا عقود للإنشاء تهمل فقرة التأمين أو تعطي الحرية المقاول التأمين خارج العراق .. الخ.

نحاول أن نتفحص عمل ديوان التأمين العراقي، وهو ما نتوقع منه دوراً فعالاً، فنرى أنه يكاد أن يكون شبه معطل ولم يجري تزويده بطاقم مؤهل من الموظفين من قبل وزارة المالية ليساهم في توجيه النشاط التأميني على المستوى الوطني الفيدرالي، وحتى الوزارة لا تضم ضمن مكتب الخبراء لديها خبيراً واحداً في شؤون التأمين. السؤال الكبير هنا ينصب على السبب أو الأسباب وراء إهمال الديوان. من يقف وراء ذلك؟ 


وكذا الأمر بالنسبة لفعالية جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق لولا بعض التحرك الخجول، بتحفيز خارجي غير مباشر من خلال ما كتبنا ساعدها للدخول في حوار مع أحد الوزراء ممن تؤثر قرارات وزارته على نشاط التأمين في العراق. وعدا ذلك، وهو قليل، فإن الجمعية لم تأخذ على عاتقها رسم سياسة، أو ملامح سياسة، لسير التأمين الآن وفي المستقبل. ونقرأ ونسمع من أركان الجمعية أنها بصدد عقد مؤتمر وطني للتأمين في بغداد لعرض قضايا قطاع التأمين وإيجاد الحلول لها.

لذلك نفترض أن الحكومة الحالية، وبفضل ما سماه مستشار المصرف المركزي الخلل "في السياسة العامة للاقتصاد"، فإنها تفتقر إلى سياسة خاصة بالتأمين. وأداء الحكومة في قطاع التأمين سلبي ويعمل في غير صالح تطوير قطاع التأمين (ثلاث شركات عامة وأربعة عشر شركة خاصة). وهذا الافتراض ينطبق على الكيانات التأمينية أيضاً كما ذكرنا. ينهض هنا سؤال عن صحة تحميل الحكومة مسؤولية الوضع الحالي لقطاع التأمين بدلاً من كيانات التأمين. الجواب يكمن في حقيقة أن السياسة التأمينية لا يمكن أن تقوم بمعزل عن السياسة الاقتصادية العامة أو الرؤية الوطنية التي تتبناها الحكومة وتكون محكاً لمساءلتها. هكذا نفهم دور الحكومة في ظل نظام ديمقراطي.

قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تعطيل قدرات قطاع التأمين الوطني
وإذا تمعنا في سلبية السلوك، أو الخلل، في جانبها القانوني نرى أن الحكومة لم تعر اهتماماً بما أسفر عنه قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 من نزيف فاضح لأقساط التأمين إلى شركات تأمين أجنبية غير مسجلة في العراق وغير مجازة من قبل ديوان التأمين العراقي. فهو لم يكن منتجاً عراقياً بمعنى وضعه من قبل السلطة التشريعية بعد إخضاعه للنقاش والتعديل. هو في الواقع منتج أمريكي شبه مسروق من قانون التأمين الأردني رقم 33 لسنة 1999 وقد صاغ مسودته الخبير الأمريكي السيد مايك بيكنز Mike Pekins بطلب من الوكالة الأمريكية للتنمية العالمية باللغة الإنجليزية، وترجم فيما بعد إلى اللغة العربية وخضع لبعض التعديلات البسيطة.

ولذلك فقد جاء هذا القانون معبراً عن مصالح معينة، تستحق البحث للكشف عنها، وهو من منظور تحقيق هدف الوضع الأمثل optimality الذي ينتظم مفهوم السياسة الاقتصادية لم يأخذ بنظر الاعتبار الخيارات التي كانت وما زالت تشغل بال إدارات شركات التأمين العراقية العامة والخاصة.

لقد ضمنَّ الخبير الأمريكي في القانون ضوابط لمزاولة أعمال التأمين في العراق تحت إشراف ديوان التأمين العراقي إلا أنه أهمل، ربما عن قصد، النص على منع إجراء التأمين على الأصول العراقية مع شركات تأمين غير مسجلة في العراق وغير مجازة من قبل ديوان التأمين. نزعم أن الإهمال كان مقصوداً لأن الخبير أدرى من غيره بهذا الموضوع فقد كان مفوض التأمين (1997-2005) لولاية أركنساس في الولايات المتحدة الأمريكية. ويرد في قانون التأمين في الولاية قواعد لتنظيم ممارسة العمل من قبل شركات غير خاضعة لإشراف مفوضية التأمين في الولاية وهو ما يعرف باسم non-admitted insurer فكل شركة تأمين، مسجلة في ولاية أخرى، ترغب في ممارسة العمل في الولاية مطالبة بالحصول على موافقة المفوضية.

الدولة والتأمين
أن نستدعي دوراً للدولة في قطاع التأمين موضوع لا يلقى القبول العام في مناخ يسوده قناعة إيديولوجية بتقليص هذا الدور، واعتماد الخصخصة (كناية عن التأمين الأجنبي المباشر مع غض النظر عن تطوير الرأسمالية الوطنية) كحل سحري للأزمة الاقتصادية الشاملة والاكتفاء بالتوسع في زيادة عدد الموظفين (بطالة مقنعة) إضافة إلى العدد الكبير من المتقاعدين ومن يعمل في اقتصاد الظل ولا يساهم في دعم خزينة الدولة من خلال ضريبة الإنتاج أو الدخل. لكننا لا نستهدف من استدعاء هذا الدور تضخيم مشاركة الدولة في شركات التأمين العامة فهي.كافية من حيث العدد لكنها بحاجة إلى مراجعة حقيقية لتنظيمها وأساليب العمل فيها تتجاوز الأطروحات الإيديولوجية عن الملكية. إن حدوداً دنيا لحماية شركات التأمين ضرورية بسبب تركة الماضي الذي يتمثل برأي السيد محمد الكبيسي، المستشار الفني لشركة ستار كار للتأمين، بثلاثة عقود من الركود الاقتصادي، والانقطاع عن الأسواق الدولية للتأمين، ضعف شركات التأمين الخاصة، ونقص الكوادر الفنية القديرة.

الدور الذي ندعو له يتمثل بإيلاء قطاع التأمين ما يستحقه من أهمية اقتصادية كحامي للأصول المادية (دور إنتاجي) ومساهم في التنمية الاقتصادية (دور استثماري). ويتطلب ذلك استحداث سياسة وطنية للتأمين.

عدم اكتمال السوق الفيدرالي للتأمين
ليس هناك سوق وطني مشترك للتأمين، سوق فيدرالي حقيقي فشركات التأمين العراقية لا تعمل في الإقليم. الشركات العامة لم تستطع حتى الآن فتح فروعها التي توقفت عن العمل في الإقليم بعد قيام النظام الشمولي بتجميد عمل المؤسسات الحكومية في الإقليم. كما أن الشركات الخاصة لم تستطع فتح فروع لها في الإقليم. إضافة إلى ذلك فإن حكومة الإقليم كانت تنوي وضع نظام رقابي تأميني خاص به. ولا يزال قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات لسنة 1980 وتعديلاته غير مطبقاً في الإقليم. جرت محاولات عدة مع المعنيين في حكومة الإقليم لاستعادة نشاط شركات التأمين إلا أنها لم تنجح بعد.

البديل: الموقف المنهجي في معالجة الوضع التأميني القائم
لا ندعي أن الوضع المتدني لقطاع التأمين العراقي جاء كنتيجة لقانون تنظيم أعمال التأمين. هذا موقف اختزالي يفتقد إلى الحس التاريخي وتراكمات تجارب الماضي. نحن نرى أن أسبابا عديدة ساهمت في خلق الوضع الصعب والضعيف لقطاع التأمين العراقي overdetermination وهذه الورقة لا تحتمل الخوض بهذا الموضوع.

قطاع التأمين يضم حالياً شركات تأمين خاصة وعامة. هل هناك سياسة، موقف واضح، تجاه مستقبل هذا القطاع؟ لا نعتقد ذلك إذ أن ما نقرأ عن الموضوع لا يتعدى العموميات المبهمة التي تحتمل قراءات متباينة. لنقرأ، على سبيل المثال، خبراً نقلته صحيفة الحياة (13/12/2008) عن رأي المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي عبد الحسين العنبكي ان العملية الاقتصادية في العراق "معقدة ونسعى مع الأمم المتحدة إلى إيجاد رؤية لإصلاح القطاع الخاص"، موضحاً أن تنفيذها بوشر من خلال تعديل التشريعات المتعلقة بتطوير القطاع الخاص وتأهيله لقيادة النشاط الاقتصادي.

وأضاف خلال ملتقى اقتصادي عقد في بغداد، ان هذه الإجراءات تطبق بالتعاون مع المجتمع الدولي والقطاع الخاص العراقي، ولدينا خطط لإصلاح النظام المصرفي وسوق الأوراق المالية وشركات التأمين، إضافة على وضع استراتيجية تسهم في توفير فرص استثمار مربحة، وضمانات للمستثمرين العراقيين والأجانب. [التأكيد من عندنا]

لنلاحظ أن الحكومة تأخذ على عاتقها "تطوير القطاع الخاص وتأهيله لقيادة النشاط الاقتصادي." الغائب هنا هو الإشارة لدور القطاع العام لحين تأهيل القطاع الخاص. والمبهم هنا هو خطط الإصلاح التي لم تعرض على شركات التأمين وعلى المواطنين للتعرف عليها وإبداء رأي فيها. هل للحكومة موقف من شركات التأمين وإعادة التأمين العامة؟ وهل أن خطة الإصلاح تنصبّ على هذه الشركات أم على شركات التأمين الخاصة؟

قد يكون في تساؤلنا تعسفاً في قراءة خبر قصير ربما لم تكتمل صياغته أو لم ينقل كاملاً عن لسان المستشار الاقتصادي. لكننا نجد عذراً لنا في موقفنا فيما يصدر من تصريحات من غيره. وزير التخطيط والتعاون الإنمائي قال مرة أن شركات التأمين في العراق غير موجودة، ودعا في وقت لاحق إلى تأسيس شركات للتأمين، ثم حدثنا أخيراً عن نزيف المال العراقي. ويضم هذا النزيف عنصراً، يهم قطاع التأمين العراقي، لم يأتي السيد الوزير على ذكره، ونعني به أقساط التأمين التي تحرم منها شركات التأمين العراقية. كيف؟ أوضحنا ذلك في العديد من دراساتنا ونقتبسها فيما يلي.
من خلال قانون تأمين أعمال التنظيم لسنة 2005 الذي لا ينص على تأمين الأصول العراقية والمسؤوليات الناشئة عنها لدى شركات تأمين مسجلة في العراق.

من خلال بعض القرارات التوجيهية لوزارة التخطيط. وهو ما أشار إليه السيد سعدون مشكل خميس الربيعي، المدير المفوض للشركة الأهلية للتأمين، في كتابه المؤرخ 23/12/2008 الموجه إلى وزارة المالية/ديوان التأمين، الذي وزعه على شركات التأمين العراقية. فقد ذكر في هذا الكتاب القيم، اقتراحاً لإعادة النظر في بعض مواد القانون رقم 10 لسنة 2005 "لأنه وفر الغطاء القانوني للتأمين لدى شركات غير عراقية. صحيح أن المادة 25 من الدستور العراقي تشير إلى (تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي على وفق أسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره وتشجيع القطاع الخاص وتنميته) ونحن مع تشجيع القطاع وتنشيطه ودعمه بقوة في مجال الاستثمار ولكن نعارض الاستحواذ على الموارد المالية المتمثلة بأقساط التأمين وتسريبها إلى الخارج. ومثال على ذلك (تعليمات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي رقم 1 لسنة/2008 المادة 9 فقرة ب الاعتمادات المصرفية سمحت للمجهز (البائع) الأجنبي التأمين على البضائع خارج العراق من قبل الشركات الأجنبية." [التأكيد من عندنا. ميم كاف]

وأشار إليه أيضاً السيد محمد فؤاد شمقار، المدير المفوض لشركة دلنيا للتأمين في مقالته المنشورة في مدونة مجلة التأمين العراقي.

من خلال قانون الاستثمار العراقي وكذلك قانون الاستثمار لحكومة إقليم كوردستان بالسماح للمستثمر التأمين لدى شركة تأمين أجنبية أو وطنية حسب رغبته. وقد تعرضنا للموضوع في مقالات منشورة في مدونة التأمين العراقي.

من خلال العقود التي تبرمها الوزارات العراقية دون النص على إجراء التأمين لدى شركات تأمين عراقية.

من خلال تجاهل التأمين كما في عقود واتفاقيات وزارة النفط ومنها الاتفاقية العراقية الأردنية عن بيع النفط العراقي بأسعار تفضيلية وعدم إشراك شركات التأمين العراقية في تأمين الجانب العراقي من عملية النقل، وغيرها من العقود.

ويرد في تصريح آخر للسيد وزير التخطيط والتعاون الإنمائي بشأن نزيف المال العراقي:
"فالعراق اليوم حسب قوله نزف كثيرا ويجب ان يتوقف هذا النزيف وان تعود الخبرات والمال لبناء البلد وهذا لن يأتي بقرار حكومي."
لو سلمنا جدلاً أن التغيير لن يأتي بقرار حكومي هل يا ترى أن استقرار "الأوضاع وحصول الأمان والاستقرار والأجواء الاقتصادية المشجعة على العمل"، كما يؤكد، سيؤدي إلى وقف نزيف أقساط التأمين العراقية (وهو نزيف مالي وله تبعات سلبية في الحد من وقف تطوير القدرات الفنية لشركات التأمين) دون مرورها بشركات التأمين العراقية؟ لا نعتقد ذلك فقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 قد شَرّع لهذا النزيف إضافة إلى قرارات أخرى. وكمحاول أولية لرسم معالم بديل نقترح ما تقدمنا به لأكثر من جهة في العراق:


إعادة النظر بقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005

نرى أن إعادة النظر يجب أن تتجاوز مجرد رصد الأخطاء والثغرات بل تمتد لتشمل الرؤية التي يقوم عليها هذا القانون. فأحكام هذا القانون ينطوي على تناقض مستتر يتيح فرصة عدم الالتزام به. فالمادتين 13 و14 تنصان على ما يلي:


"المادة-13- لا يجوز مزاولة أعمال التأمين في العراق إلا من:


أولا- الشركات العراقية العامة.
ثانيا- الشركات العراقية المساهمة الخاصة أو المختلطة.
ثالثا- فروع شركات التأمين الأجنبية المسجلة في العراق.
رابعا- كيانات تأمين التكافل أو إعادة التكافل.
خامسا- مؤمن أو معيد تأمين آخر يعتبره رئيس الديوان مؤهلا وذو قدرة مالية شرط التزامه بأحكام هذا القانون.


المادة-14- أولا- لا يجوز لأي من المنصوص عليهم في المادة (13) من هذا القانون أن يمارس أعمال التأمين إلا بعد حصوله على إجازة بذلك وفقا لأحكام هذا القانون."
لكن الملاحظ، وبشهادة شركات التأمين العراقية ومستشاريها القانونيين، أن شركات التأمين غير العراقية وغير المسجلة لدى وزارة التجارة وغير المجازة من قبل الديوان تقوم بالاكتتاب بالأعمال العراقية في أوطانها وبذلك تحرم شركات التأمين العراقية، المسجلة والمجازة من قبل ديوان التأمين العراقي وتدفع الضرائب والرسوم عن نشاطها، من حقها القانوني في الاكتتاب بأعمال التأمين. وقد نشأ هذا الوضع، الذي خسرت شركات التأمين العراقية بسببه ملايين الدولارات من الأقساط مثلما خسرت الخزينة إيرادات رسم الطابع على وثائق التأمين وكذلك إيرادات الضريبة على شركات الـتأمين، وكل ذلك لأن قانون تنظيم أعمال التأمين لا يضم مواد إضافية لضبط الاكتتاب وضمان الالتزام بهاتين المادتين. لا بل أن القانون يؤكد على حرية شراء منتجات التأمين وخدماته من أي شركة للتأمين أو إعادة التأمين. فقد جاء في الفقرة الأولى من المادة 81 في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 ما يلي:


"لأي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص الحق في الاختيار بشراء منتجات التأمين وخدماته من أي مؤمِن أو معيد تأمين ما لم ينص القانون خلاف ذلك."
إزاء هذا الوضع يصبح ضرورياً القيام بالمراجعة الفنية والقانونية لقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 فهو يشكل العنصر الأساس في السياسة التأمينية الوطنية.


وقد اقترحنا وضع ضوابط بهذا الشأن وإدخال بعض التعديلات على القانون ومنها: 

  1. اشتراط إجراء التأمين على الأصول والمسؤوليات القانونية الناشئة عنها لدى شركات تأمين مسجلة لدى الدوائر المختصة في العراق ومجازة من قبل ديوان التأمين العراقي، السلطة الرقابية، بموجب المادتين 13 و 14 من القانون. 


  2.  تحريم إجراء التأمين خارج العراق، أي خارج القواعد الرقابية التي يديرها الديوان، وهو ما يطلق عليه بالإنجليزية prohibition of non-admitted insurance واعتبار مثل هذا النوع من التأمين باطلاً إلا في حالات محددة يجب النص عليها ودائماً دون إجحاف بمصالح شركات التأمين المسجلة في العراق والمجازة من قبل الديوان. 


  3.  فرض غرامات مالية وغير مالية عند مخالفة هذا الشرط وإلزام الطرف المخالف بشراء التأمين من شركة تأمين مسجلة ومجازة في العراق.

 ويمكن تعزيز الالتزام بهذه الشروط وضمان تطبيقها من خلال التنسيق مع أطراف أخرى ومنها:


الإدارات الجمركية عن طريق تقييد إخراج البضائع المستوردة على أنواعها من الموانئ العراقية البرية أو البحرية أو الجوية وذلك باشتراط إبراز وثيقة تأمين صادرة من شركة تأمين مسجلة ومجازة في العراق.

عدم تقديم السلف أو الدفع على الحساب أو إجراء التسوية النهائية لعقود المقاولات دون إبراز وثيقة تأمين صادرة من شركة تأمين مسجلة ومجازة في العراق. وكانت الممارسة في الماضي تقوم على إلزام المقاول، عند تخلفه عن إجراء التأمين، تسديد أجر المثل (قسط التأمين المقابل لتأمين عقد المقاولة) والذي كان يستقطع من استحقاقات المقاول لدى رب العمل.


النص في عقود الدولة على إجراء التأمين مع شركات تأمين مسجلة ومجازة في العراق. وهذا أمر منوط بوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي.


ترسيخ الإقطاعيات الحزبية الطائفية: إعاقة التغيير

من خلال الرصد وكتابات العراقيين وغيرهم نرى أن معظم الوزراء والمسؤولين الرسمين يتحدثون منفصلاً عن بعضهم مدللين بذلك على أن الحكومة، التي هم أعضاء فيها، لا تمتلك سياسة أو رؤية واضحة موحدة تجاه القضايا العامة التي تمس مصالح الناس والشركات الخاصة والعامة. يتصرفون كأنهم ليسوا أعضاء في مجلس الوزراء وكأن فكرة المسؤولية الجماعية collective responsibility لا تنطبق عليهم. وهذا هو الواقع لأن تشكيلة الحكومة تقوم على أساس حزبي وطائفي يترجم نفسه في بنية مؤسسات الدولة ويترسخ فيها. ويعجب المرء عندما يرى الوزراء في وسائل الإعلام يتحدثون ويعلقون كما لو أنهم مواطنين عاديين ومعلقين صحفيين وليسوا من المشاركين في صنع القرار السياسي والاقتصادي. هل أن صنع القرار والإدارة الحكومية أصبحت محكومة بقوانين حتمية كتلك التي تحكم الطبيعة ولا يستطيعون التأثير عليها؟


في مثل هذا المناخ أمن المستغرب أن لا يشغل النشاط التأميني حيزاً في فكر الوزراء والمسؤولين؟ إن كانت السياسات الاقتصادية الوطنية العامة تعاني من خلل يصبح غياب التأمين كآلية ونشاط اقتصادي أمراً نافلاً. أضف إلى ذلك المردود الأكبر حجماً الذي يمكن الحصول عليه من اقتصاد الصفقات التي تشير إليها بعض الصحف. هذه الصفقات، كما تتجلى في إحالة المشاريع، يجري الإعداد لها سراً لمنفعة البعض داخل مؤسسات الدولة وفئات أخرى خارجها وإيهام المواطنين والمواطنات بأنهم ملتزمين بقواعد المنافسة والشفافية، وهو ما نوه عنه أحد نواب البرلمان المستقلين عندما قال لإحدى وكالات الأنباء: 
هناك شبهات كثيرة حول الشركات التي حصلت على المشاريع الاستثمارية التي تقدمت بها وزارة الصناعة والمعادن ،خاصة وان اغلبها كانت من الشركات العاملة في العراق أيام النظام السابق وعملت على الاستحواذ على ملايين الدولارات من أموال الشعب بعد الاحتلال الأمريكي بتقديمها وثائق مزورة تفيد بتوريدها لمواد وبضائع وهمية للعراق و كان يفترض محاسبتها واسترداد المبالغ منها بدلا من إحالة المشاريع عليها.
الوزير الذي لا يعرف بنية وزارته والمثقل بأعباء الإقطاع الحزبي والطائفي لن يشغل نفسه بالنشاط التأميني العراقي؛ وكذلك المسؤول الذي يمارس الصفقات التجارية لعقود وزارته ومؤسسته كمقاول حزبي يعمل في سبيل تعظيم منفعته.


إعادة ترتيب البيت الوطني للتأمين العراقي

ليست هناك سياسة اقتصادية واضحة تؤشر على أن خياراً اجتماعياً معيناً يلزم تصرف الوزارات والمؤسسات الرسمية، وأن الاقتصاد يسير نحو تحقيق أهداف مرسومة. وفيما يخص حالة التأمين ليست هناك قرارات توجيهية تتماشى مع متطلبات التنمية ومع سياسة الاستفادة القصوى من الموارد المحلية ومنها قطاع التأمين العراقي بشقيه الإنتاجي والاستثماري.


في مقالة لنا ذكرنا أن: 
الأطروحة الذي حاولنا ونحاول توصيلها، وبتواضع، للعاملين في سوق التأمين العراقي، تقوم على التنبيه إلى أهمية دراسة القوانين الحالية وممارسات طالبي التأمين من العراقيين والأجانب ومحاولة تغييرها لصالح شركات التأمين العراقية. وهي أطروحة تبدو بسيطة لكن العمل على تحقيقها يحتاج إلى جهود جماعية، وتحرك مؤسسي نظراً للمصالح المترسخة التي تقف وراء الوضع الحالي لقطاع التأمين العراقي. نشر بضع مقالات هنا وهناك لا يفي بالمرام إن لم يتبعه نقاش واسع، وتحديد لرؤى يصار إلى توصيلها للجهات صاحبة القرار السياسي-الاقتصادي والتشريعي.


ونرى أن حالة شبه الركود في قطاع التأمين العراقي ناتج عن غياب رؤية أو عدم وضوح الرؤية لما يراد لهذا القطاع من دور يؤديه سواء بين العاملين فيه أو لدى مؤسسات الدولة المعنية به. نعلم أن الرؤية العامة للاقتصاد العراقي ليست واضحةً والتأمين، ربما، يعبر عن ذات عدم الوضوح العام. لكن ذلك لا يعفي أهل التأمين من إعادة ترتيب بيتهم الوطني، الفيدرالي، المشترك. وهو مسعى يستلزم بذل الكثير من الجهد وليس الاكتفاء بالوقوف على تخوم الأمنيات أو انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع.
محاولتنا هذه بحاجة إلى مراجعة وتقييم من أصحاب الشأن في قطاع التأمين العراقي وفي الوزارات المعنية بمكانة ومستقبل هذا القطاع ضمن السياسات الاقتصادية والاقتصاد العراقي الذي لم تتضح معالمه بعد. أملنا أن يقوم أهل البيت التأميني برسم سياسة أو رؤية لهذا البيت ضمن السياسة العامة للتنمية الاقتصادية ومعطيات الاقتصاد الحالي وما يتوقع له من ديناميكية ونمو في المدى القصير والأطر القانونية المقيدة للنشاط التأميني العراقي.

خطة تأشيرية للنشاط التأميني
واختصاراً، فإن السياسة التأمينية، التي ندعو لها يمكن أن تتضمن معالجة العناوين التالية:



  • دور الدولة المباشر وغير المباشر في النشاط التأميني: التأمين التجاري والاجتماعي.


  • رسملة شركات التأمين العامة والخاصة.


  • أطروحة خصخصة شركات التأمين ومدى الحاجة إليها ضمن الواقع الحالي للنشاط التأميني.


  • الموقف من دور شركات القطاع الخاص والشركات الأجنبية في سوق التأمين العراقي.


  • تكامل سوق التأمين العراقي: على المستوى الوطني الفيدرالي.


  • تكامل سوق التأمين العراقي: على مستوى الخدمات النوعية التكميلية (خبراء تسوية الخسائر، خبراء تقييم الممتلكات العينية، الوساطة التأمينية).


  • السياسة المالية وتأثيرها على دور التأمين في الاقتصاد الوطني.

نحن على قناعة أن رسم السياسة التأمينية، الذي يتطلب بحثاً مستفيضاً بما فيه إعادة النظر ببعض القوانين وكذلك تركة الفترة ما قبل 2003، يقع على عاتق الكيانات التأمينية. ولا أمل في وضع هذه السياسة بانتظار مبادرة من وزارة المالية وغيرها من الوزارات ذات العلاقة بالتأمين. نقول هذا وفي بالنا أن الموقف الرسمي من النشاط التأميني، في قناعتنا، يدور في فلك سياسة عامة تقوم على لجم دور الكيانات الاقتصادية الوطنية من خلال إهمالها لتتعرض للمزيد من التهرؤ كي تتسهل عملية إنجاح الاعتماد على الشركات الأجنبية. وكذلك عدم العمل على إعادة تأسيس كيانات وطنية كما هو الحال بالنسبة لإعادة تأسيس شركة النفط الوطنية. ومتى ما استطاعت كيانات التأمين وضع خطة تأشيرية للنشاط التأميني يصبح عندها سهلاً عرضها على الحكومة القائمة بهدف تبنيها كأحد مكونات السياسة الاقتصادية العامة.


مصباح كمال
لندن، نيسان 2009

هوامش ومراجع

1 في حوار أجراه غسان شربل مع أحمد الجلبي، جريدة الحياة، 21 آ1ار 2009، ص 10. المشروع الاقتصادي الأمريكي للعراق يذكرنا بمشروع شيوعية الحرب في روسيا، خلال الحرب الأهلية، للتحول الفوري نحو الإنتاج والتوزيع الشيوعي. وقد فشل هذا المشروع واستبدل سنة 1921 بما يعرف بالسياسة الاقتصادية الجديدة (النيب New Economic Policy) التي سمحت بالتجارة الداخلية الخاصة و "خصخصة" المصانع التي تستخدم أقل من عشرين عاملاً، كما سمحت للفلاحين بيع منتجاتهم في الأسواق المفتوحة وكذلك استخدام الأجراء. وقد تحول بعض هؤلاء الفلاحين إلى مزارعين رأسماليين (كولاك). وتم وقف العمل بهذه السياسة سنة 1929 بعد استبدالها بأول خطة خمسيه.


ويبدو أن النقاش المتقطع الدائر في وسائل الإعلام العراقية هو بداية لمحاولة إعادة تأسيس الاقتصاد العراقي. وقد نشرت دراسات عن الموضوع ومنها: د. صبري زاير السعدي، التجربة الاقتصادية في العراق الحديث (بغداد: دار المدى للثقافة والنشر، 2009) الذي يحلل الماضي ويقترح في ضوء نتائجه مشروع التغيير الاقتصادي المرتكز على الربط بين الريع النفطي ومتطلبات التنمية والديمقراطية.


2 وكالة أنباء إيبا، بغداد 21 آذار 2009.


3 مصباح كمال " النفط والدولة والسياسة الاقتصادية في العراق" الثقافة الجديدة، العدد 322-323، 2007، ص 13.


4 Gerald Epstein, “Central Banks as Agents of Economic Development,” Political Economy Research Institute, University of Massachusetts Amherst, September 2005. http://www.peri.umass.edu/Publication.236+M5d9a4547bec.0.html

5 مراسلات إلكترونية غير رسمية مع مدير عام الشركة العامة لتسويق النفط (سومو) في شباط 2009.

6 مصباح كمال ""الاتفاقية الأولية" بين وزارة النفط وشركة شيل لمشروع غاز الجنوب والتأمين على أخطار المشروع المشترك" دراسة غير منشورة تم توزيعها على مدراء شركات التأمين العراقية. [نشرت الدراسة فيما بعد في مدونة مجلة التأمين العراقي

7 عبد السادة الساعدي "نحو تأسيس اتحاد شركات التأمين في العراق" صحيفة البينة، العدد 808، 26 كانون الثاني 2009، ص 6.


8 مصباح كمال "قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: مراجعة للخلفية وبعض الآثار الاقتصادية" Iraq Insurance Review
http://misbahkamal.blogspot.com/2008_07_01_archive.html
نشرت الدراسة أصلاً في مجلة الثقافة الجديدة، بغداد، العدد 318، 2006.


9. يرد النص التالي في قانون التأمين لولاية أركنساس بشأن شراء التأمين من شركات غير مسجلة في الولاية:


"When licensed insurers are unwilling or unable to provide needed coverage, consumers can secure coverage with an approved surplus line insurer (also know as a “non-admitted” insurer) through a licensed surplus line broker. (RULE AND REG 24)”


http://209.85.229.132/search?q=cache:BIiN23tyTBAJ:insurance.arkansas.gov/PandC/CommPage.htm+arkansas+non-admitted+insurance+regulations&cd=2&hl=en&ct=clnk&gl=uk

10 محمد الكبيسي "دعوة لتعديل قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005" Iraq Insurance Review
http://misbahkamal.blogspot.com/2008_12_01_archive.html


11 مصباح كمال "التأمين في كوردستان العراق بين حكومة الإقليم والدولة الفيدرالية"
http://misbahkamal.blogspot.com/2008_03_01_archive.html

12 مصباح كمال "متى تستطيع شركات التأمين العراقية العمل في إقليم كوردستان العراق؟"
http://misbahkamal.blogspot.com/2008_02_01_archive.html

13 مصباح كمال "ضوابط تنظيم أعمال التأمين في إقليم كوردستان العراق: ملاحظات نقدية"
http://misbahkamal.blogspot.com/2008_02_01_archive.html

14 تصريح وزير التخطيط والتعاون الإنمائي لوكالة الأنباء (إيبا): انخفاض أسعار النفط عالميا سوف يضر العراق إذا لم تطور القطاعات الإنتاجية، 2009-02-04.

15 أنظر: مصباح كمال، "رسالة غير مكتملة إلى جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق: لنعمل على وقف الإساءة لقطاع التأمين العراقي"، مدونة Iraq Insurance Review http://misbahkamal.blogspot.com/ 23 يناير 2009.

16 أنظر: محمد فؤاد شمقار، "في الدفاع عن قطاع التأمين العراقي" المنشورة في مدونة Iraq Insurance Review بتاريخ 11/2/2009. http://misbahkamal.blogspot.com/2009_02_01_archive.html

17 "علي بابان لـ (النور): البنك المركزي يشجع على تهريب ملايين الدولارات" صحيفة النور، 22/2/2009.

18 وكالة أنباء إيبا، بغداد 5 نيسان 2009: "الصجري: على الحكومة وهيئة النزاهة عدم المصادقة على مشاريع وزارة الصناعة الاستثمارية."

19 مصباح كمال "الشركات الأجنبية وشركات التأمين العراقية وضرورة تعديل قانون تنظيم التأمين لسنة 2005"
Iraq Insurance Review, http://misbahkamal.blogspot.com/2009/03/2005-29-2009.html















اقتصاد الخطر والاعتقاد بالله تعالى


بوب لوغان
ترجمة مصباح كمال

هذه ترجمة لمقالة نشرت بتاريخ 19/10/2003 في الموقع الإلكتروني: The Secular Web Kiosk
تحت عنوان: The Economics of Risk and Belief in the Almighty
وفي التعريف بالكاتب ذُكر التالي في الموقع:
“Bob Logan received his Ph.D. in Economics at the University of Iowa in 1986. He operates a small consulting company in Fairbanks, Alaska. He is not sure what he believes in--it depends on what you're offering.”

جميع العبارات المحصورة بين قوسين مربعين للمترجم.



يمكن للمرء أن يتناول موضوع "الاعتقاد"belief بالله من منظور اقتصاديات الخطر. فالعقلاء من الناس "يعتقدون" [يؤمنون] بأطروحات تبدو غير عقلانية لكن اعتقادهم بها قائم على اتخاذهم قراراً اقتصادياً بشأنها – وهو قرار لا يقوم على عقلانية الأطروحات ذاتها، فاتخاذ القرار هنا مسألة إحصائية يشبه تماماً قرار شراء التأمين.


يجب أن نعترف بأن "الاعتقاد" يتكون من مكونات صادقة وغير صادقة، وهو أكثر من مجرد حالة ذهنية. فالاعتقاد ينطوي على القيام بعمل - مثل أداء الصلاة، وحضور صفوف دراسة الكتاب المقدس، وكذلك العمل على تعديل السلوك الشخصي، وهكذا دواليك. العديد من المسيحيين والمسلمين وغيرهم من الملتزمين بممارسة دينهم (والبعض يقول جميعهم) هم "يعتقدون" أو يتصرفون بدافع من مصالحهم الذاتية الاقتصادية. وهذه ليست مسألة منطقية صرفة أو حتى محض إيمان faith بحد ذاته. [الإيمان: التصديق دون تمحيص].


لنفترض أن الاعتقاد لا يفرض تكلفة عليك في الوقت الحاضر. لنفترض كذلك أن هناك فرصة واحدة في المليون بوجود رب يرمي بك في آتون من النار لأنك لم تؤمن به. لنلاحظ أن "القيمة المتوقعة" [القيمة الاحتمالية] expected value للاعتقاد إيجابية. كونك خاطئاً في الاعتقاد لا يستوجب تكلفة لكن فرصة ضئيلة بعدم الاعتقاد تستدعي عذاباً رهيباً. لذا، عليك أن تعتقد، مخافة أن تقع صدفة في محذور عدم الاعتقاد، فالاعتقاد يوفر غطاءاً تأمينياً كاملاً بدون تسديد قسط تأمين عنه.


والآن، لو زدنا من تكلفة "الاعتقاد" عن طريق فرض الامتناع عن أشياء يمكن أن تجلب لنا اللذة، أو فرض دفع [الضريبة] العُشارية [للكنيسة] وما شابهها [كالخُمس] فإننا سنصل، في النهاية، إلى نقطة بحيث يصبح "الاعتقاد" عندها غير جذابا اقتصادياً ونصبح كفاراً. ومن ناحية أخرى، عندما ترتفع التكلفة في الحياة الآخرة بالنسبة للكافر (ومقابلها ازدياد المنافع للمُؤْمِن) نرى أن الاعتقاد يصبح أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية. (الاقتصاد لا يقتصر على النقود - فهو يشمل كل ما يعتبر "تكلفة" أو "منفعة" نظير القيام، أو الامتناع عن القيام، بفعل معين). ومن النادر أن تجد مسيحياً متأكداً 100٪ في اعتقاده أو لاأدرياً agnostic يتوقف إيمانه [إيمان اللاأدري] بالله عند نقطة الصفر. ومعظمنا يصطف بين نهايتي هذا الطيف الممتد من صفر إلى المئة. وعلاوة على ذلك، هناك أحداث في حياتنا تغير هذه الاحتمالات، وأحيانا بشكل كبير جداً. وهكذا فإن اللاأدري قد يتحدث إلى الله أحياناً، وهذا موقف معقول اقتصادياً دون أن يكون "عقلانياً". وقد يُلهم اللاأدري عندما يمر بتجربة مميتة بأن يبتهل ويتذرع إلى الله ولو مؤقتاً.


هذا الفهم يسمح لنا أيضاً أن نرى إمكانية أن تكون اقتصاديات دين ما مماثلة ولأسباب مختلفة جدا - وبالتالي أن نرى لماذا يعتقد بنفس القدر أناسٌ، يبدون عقلانيين، بأديان ذات احتمالات مختلفة اختلافا كبيراً. احتمال أن يكون أحد هذه الأديان صحيحاًً ضئيلٌ جداً ولكنه [الدين] مع ذلك يؤكد على إلحاق عواقب مروعة بالنسبة للكافر به. ودين آخر يبدو أن يكون احتمال صحته أكبر، ولكن إذا كانت العواقب بالنسبة للكافر طفيفة فإن الاقتصاديات يمكن أن تكون هي نفسها. فلا فرق في الاعتقاد بواحد أو أخر من حيث "القيمة المتوقعة" – أي احتمال وقوع الحدث مضروباً بالعقاب [أو المكافأة] أو تكلفة هذا الحدث.


ومن منظور الاحتمالات يصبح جذبنا إلى الاعتقاد وجعلنا مؤمنين ميسوراً تحت طائلة العواقب الخطيرة لعدم الاعتقاد. ما هو المطلوب لـ"نعتقد" بولادة بتولية؟ هل أن كل المسيحيين يتبنون في الواقع هذا الافتراض بالكامل وفي نفس الوقت يقبلون بما تقوله العلوم البيولوجية؟ لا - ولكن إذا كانت منافع "الاعتقاد" هي الحياة الأبدية وتكاليف عدم الاعتقاد هي الأبدية في الجحيم فحتى فرصة واحدة في الخمسين تريليون بالشك في مثل هذه الولادة ستكون لصالح الاعتقاد من الناحية الاقتصادية.


عندما نقوم أيضا بدمج فكرة تحّمُل الخطر [الموقف من الخطر] في المعادلة نستطيع أن نفهم لماذا يختلف "الاعتقاد" بين شخصين يتمتعان بنفس القدرة العقلانية. فالناس يقفون على مستويات مختلفة تجاه تحمل المخاطر. لنفترض أن فرصة خسارة 100 دولار من بعض الأحداث العشوائية هي 1٪. فإذا كنت على استعداد لدفع دولار واحد لتفادي تلك الخسارة، فإنك تُصنف في موقع المحايد تجاه الخطر. وإذا كنت على استعداد لدفع أكثر من دولار واحد فانك تصنف في موقع من لا يحب المخاطرة. وإن لم تكن على استعداد لدفع دولار واحد كنت من محبي المخاطرة.


الشخص الذي لا يحب المخاطرة يمقت فكرة خسارة 100 دولار، وهو على استعداد لدفع الكثير لتجنب الخسارة، حتى لو تطلب الأمر دفع ما يصل إلى عشرة دولارات. هذه هو بيت القصيد. الشخص الميال لتحمل الخطر بدلا من ذلك [تسديد مبلغ ضئيل لتجنب الخسارة] ميال إلى يقين الحفاظ على ما لديه من نقد الآن، وقبول إمكانية التعرض لـ"ضربة" كبيرة في المستقبل، ولو أن الاحتمالات في غير صالحه، وموقفه هو: ثم ماذا لو كان الأمر كذلك؟


ومع بقاء كل المتغيرات على حالها، فإن اثنين من الناس قد يختلفان في "الاعتقاد" رغم أنهما يُقيّمان الاحتمالات الدينية على وجه التحديد نفسه. على المستوى العقلاني يتفقان تماما على وجود الله، ومع ذلك، فإن الشخص الكاره للمخاطر يبذل بشكل ملحوظ مزيداً من الجهد في "العقيدة" من الشخص الذي يحتل موقعاً محايداً تجاه الخطر أو الشخص الميال للمخاطر. وكلاهما يقومان بشراء مزيد من غطاء التأمين على السيارات - ليس لأنهما يعتقدان أن احتمال وقوع حادث أعلى. وعندما نرى الوعاظ كبائعي بوالص التأمين يمكننا أن نراهم وهم يتنافسون على مستوى مختلف من مجرد سطحية المنطق أو العلوم البيولوجية. إن المسألة تتحد بالمنافع الأسرع أو الأفضل تحقيقاً، وأي نوع من الغطاء نحصل عليه، ومدى انخفاض أقساط التأمين، وهكذا دواليك. ليس الأمر هو أن العلم هو خارج السياق تماما - يمكننا أن نرى كيف تتطور الأديان، كيف تنشأ وكيف تنقرض مع تقدم العلم والمجتمع - ولكننا معنيون إلى حد كبير بمعالجة مسائل "الآخرة" والعلم يجابه قليلا من الصعوبة في إثبات ما هو سلبي – إي إثبات عدم وجود الحياة الآخرة. ولذلك فإن هذا التأمين [تأمين الآخرة] سيكون دائما معروضاً للبيع.


شركة التأمين (الكنيسة) يمكن أن تجتذب المعتقدين الجدد بها من خلال برامج تسويقية نشطة فيما يتعلق، مثلا، بالمجيء الثاني للمسيح في موعد يعلن عنه في المستقبل القريب. ولكن الشركة الحكيمة [الكنيسة] سوف ترى في هذا حماقة ولذلك تظل مستمرة في بيع بوالص التأمين الأساسية الممتازة [الإشارة إلى وثائق التأمين هو من باب المجاز فالمقصود بها الأطروحة الدينية بشأن ضمان أفضل للفرد المؤمن في الحياة الآخرة]. التي اختبرت لأربعة آلاف سنة والتي تبلغ أجلها [لتسديد منافعها] على أساس فردي في الحياة الآخرة. لا يمكن إثبات أن أي من هذه البوالص فشلت في الإيفاء بما يراد منها. هل للعلم مثل هذا السجل؟ أنا فقط أعرض هذا الموقف كعامل إضافي في تفسير اختيار "الاعتقاد" مقابل البديل له. هناك عوامل نفسية تتحدى وتتجاوز الاقتصاد وفروع المعرفة المماثلة إلا أن الموقف المعروض يساعدنا على فهم الآتي – الكثير من المسيحيين، إن لاحقتهم بشأن نياتهم، فإنهم يعترفون بالتناقضات في الكتاب المقدس. إنهم حقاً يشعرون بشئ من عدم الارتياح بشأن الولادة البتولية، وقيام الأموات، وصنع النبيذ من الماء وغير ذلك. وهم يعرفون أن عيد الميلاد لا يوافق ولادة المسيح وأن السبت Sabbath هو يوم السبت. وهم متيقنون تقريبا أن سفر الرؤيا هو حفنة من هراء.


لكنهم "يؤمنون" – تجنباً للعواقب. وإيمانهم يقوم على قرار اقتصادي، وكل الحجج المنطقية التي تُقدمها لا تستطيع تغير اقتصاديات هذا الاعتقاد. بل ربما قد يتفقون مع كل ما تقوله على المستوى العقلاني (على أن كل ما يرد فيه [الاعتقاد] هو غير عقلاني تماما). ولذلك، عليك التوقف من ضرب رأسك بالحائط – فالمؤمنون قد قاموا فعلاً باتخاذ قرار عقلاني بعد كل شيء - ولكن ليس على الأسس التي تظنها. فالمؤمنون يعتقدون بأن الاعتقاد هو تأمين رخيص.

ترجمة: مصباح كمال
لندن 31 آب 2009


2009/12/28

قطاع التامين والصحافة

مروان هاشم

بعد أن نشرت مدونة مجلة التامين العراقي أكثر من مقال حول الصحافة والتامين كان اخرها "صحفي يكتب ومدير مفوض شركة تامين يعقب" http://misbahkamal.blogspot.com/2009/12/1829-22-2009.html وبعدها مقال السيد مصباح كمال حول هذا الموضوع http://misbahkamal.blogspot.com/2009/12/1829-22-2009_11.html، رأيت من المناسب أن أبين رأيي على ما ورد فيها من مفاهيم وأفكار مع مراجعة للمبادئ والأسس التي تخص الجانب الإعلامي (الصحافة).

هناك أكثر من طرف أوجه إليه هذا المقال. الأول، الصحفي ومعه إدارة التحرير. والثاني، المهتم باستخدام الصحافة كوسيلة لعرض الأفكار أو نقدها أو الترويج لها كما يحدث عادة وبأشكال مختلفة (المقال، العمود الصحفي، الدراسة، اللقاء الصحفي .. الخ)، والطرف الثالث، هو القارئ الذي تصل إليه المعلومة والذي يمثل نفسه أو يمثل جهة وظيفية أو معنوية (وزارة، اتحاد، حزب، اتجاه، تجمع .. الخ). وسأبدأ بمثال السيد الياسري، الصحفي في جريدة الصباح، ثم تعقيب السيد سعدون الربيعي مدير مفوض الشركة الأهلية للتأمين. وسأضع بين قوسين بعض ما نشر عنهم، يليه تعليق صاحب هذا المقال. وأرجو أن تكون هذه المساهمة المتواضعة مفيدة لنا جميعا.

1 التأكد من صحة المعلومة

(ولعل ما يؤكد هذه القضية قيام المستثمر بالبحث عن شركات تأمين لضمان أمواله كأول شرط يفرضه في العقود التي يبرمها مع الدولة).

والصحيح هو أن الدولة هي التي تفرض هذا الشرط وهذا شئ طبيعي لأنه لا يوجد شئ يمنع المستثمر من إجراء التأمين أو الامتناع عنه إلا وجود شرط تعاقدي في عقد العمل يلزمه بذلك. والمشكلة الحاصلة التي نرغب أن تنتبه إليها وزارة المالية، بصفتها ممثلة وراعية لسوق التأمين العراقي، أن 25% من أصحاب العقود تقريبا (المقاولون) يطلبون هذه الخدمة (الحماية التأمينية) بعد انتهاء العقد لغرض الحصول على براءة الذمة من الدولة، وبهذا يفقد العقد التأميني معناه وهدفه وهو التعويض عن احتمال حصول الضرر إذ أن شركة التأمين لن تعوض الضرر الذي لم يجري التأمين عليه مسبقاً وتم تسديد قسط التأمين المناسب عنه. لذا ندعو بهذه المناسبة أن يعمم شرط إجراء عقد الضمان (التأمين) قبل حصول المستثمر على أي سلفة عمل.

2 التأكد من المصطلحات العلمية

(كانت شركة إعادة التامين العراقية تعيد تأمين أصولها لدى الشركات في سنين خلت)


إن أصول شركة إعادة التأمين هي الأصول الثابتة مثل المباني والأراضي التي تمتلكها أو أصول غير ثابتة مثل الأسهم والسندات - حسب ما اعتقد. الأفضل القول إن شركة إعادة التأمين العراقية تعيد تأمين الأصول المؤمنة أو المسندة إليها لان المعنى سيختلف تماما مع إضافة كلمة مؤمنة. وحتى لا نقع في إشكال مع طائفة المحاسبين نقول: تعيد تامين كل أو جزء من الأخطار التي تقبلها أو المسؤوليات التي تتحملها (أي الأخطار المسندة إليها من شركات التأين المباشر) لدى شركات إعادة التأمين العالمية.

3 القارئ يرغب بمزيد من المعرفة والإيضاح وخصوصا لمن يقرأ الملحق الاقتصادي

(لكن هنا في العراق لدينا قطاع تأمين رغم امتلاكه قدرات وكفاءات عراقية فائقة في مجال إدارة المحافظ التأمينية إلا أن أداءه ضعيف)

هذه الجملة في معناها تشبه معنى القول إن الطالب مجتهد لكنه لم ينجح. ألا يستحق القارئ لهذه الجملة أن يعرف، ولو بإيجاز شديد، بيان أسباب هذا التناقض بين امتلاك القدرات والكفاءات وضعف الأداء؛ مثلا، أسباب تعود إلى إستراتيجية الدولة، السياسية الاقتصادية، الوضع الأمني، الكساد الاقتصادي وغيره. فليست كل سلبيات القطاع من صنعه بل لتركة الماضي والبيئة التي يعمل بها تأثيراً حاسماً على مستوى الأداء.

4 المبالغة والابتعاد عن المفاهيم الصحيحة و الواقعية

(اذكر في لقاء صحفي جمعنا مع السيد وزير المالية قبل أكثر من عامين أكد على تفعيل دور شركات التامين لتأخذ دورها في التنمية من خلال توفير موارد للميزانية)

لا اقصد من تعليقي هنا السيد الياسري فهو ناقل للفكرة ولكن هذه الأيام يتكرر كثيرا مصطلح أقساط التأمين وموارد الميزانية. نعم، للتامين دور في التنمية من خلال توفير الحماية أما القول إن زيادة الأقساط ستؤدي إلى زيادة دعم الميزانية قول خاطئ سبق أن تم عرضه في الصحافة عن مسؤولي وزارة المالية ان زيادة الأقساط لا يؤدي بالضرورة إلى تحقيق هذا الهدف لان هذه الأقساط تقابلها مسؤوليات دفع التعويض وإذا زادت الأقساط، من خلال سياسة اكتتابيه غير صحيحة، فإنها قد تؤدي هذا إلى زيادة نسب الخسائر فتكون النتائج معكوسة على الميزانية. ما يدخل إلى ميزانية الدولة هو حصتها من ربح الشركات المملوكة للدولة. فزيادة الأقساط مع السيطرة على نسب الخسائر والتكاليف هي عملية متكاملة لمن يبحث عن تحقيق هدف هذا الدعم .

والمصدر الآخر هو الضريبة على الدخول ورسم الطابع على أعمال التأمين للقطاع العام والخاص. وأنا هنا اتفق مع السيد مصباح بان عوائد الحالتين لا تعني شيئاً يذكر قياسا إلى العوائد الأخرى. وقد كان المسؤول الذي جمع عوائد التأمين مع عوائد المصارف الحكومية من الذكاء فجاءت نتائج عمليات المصارف الضخمة لتغطي على الأرقام الخجولة لقطاع التامين. وهذا ليس عيبا فليس الهدف الأساسي هو دعم ميزانية الدولة. واعتقد ان عوائد الميزانية من التامين لو تضاعفت عشرة أضعاف ما هي عليه الآن فإنها ستساعد الدولة على دفع تكاليف تبليط طريق لمسافة 10كم في أحسن الأحوال.

أما فيما يخص تعقيب السيد سعدون مشكل خميس الربيعي http://misbahkamal.blogspot.com/2009/12/1829-22-2009.html أود ان أبين ما يلي على ما جاء في مقاله المنشور في جريدة الصباح والمذكور في هذه المدونة.

5 المعلومة صحيحة ولكن لا تحقق أي هدف

(الاستيرادات للبضائع التجارية والصناعية والأموال الأخرى وتعليمات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي رقم 1 لسنة 2008 المادة (9) وإعادة النظر فيها)

في استبيان قمت به مع 15 موظف بدرجة مدير قسم ومدير فرع فـــــــي قطاع التأمين شاركوا في مؤتمر التأمين (بغداد 28 حزيران 2009) عن التعليمات التي تخص وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي كانت إجابة 80% منهم بعدم المعرفة و20% منهم كانت الإجابة ايجابية لكنها غير متكاملة فكيف يكون الحال مع قارئ لصحيفة يومية يحتاج ولو بشكل موجز شرح هذا التعليمات وتأثيرها على قطاع التأمين .

6 تأثير الإعلام على وعي المتلقي واستعداده الذهني لمعالجة مشاكله

(ان الشركات العامة والخاصة لم تراوح وإنما ستنشط وسترتقي ويكون لها شأنا عربيا وعالميا كما كانت عليه سابقا متى ما توفرت الجدية في إصدار تعليمات لا بل العمل على تعديل قانون تنظيم أعمال التأمين)

أنا متعاطف ومساهم مع كل من يدعو إلى تعديل هذا القانون والتعليمات التي تمس مصالح شركات التأمين العراقية، ولا اشك لوهلة ان هذا هو هدف كاتب المقال. ولكن لماذا هذه العلاقة الشرطية الحكمية بين حدوث التطور وتعديل القوانين والتعليمات. إنها كلمة حق ولكن ألا يوجد الكثير من يريد من كلمة الحق هذه الاختباء وراء هذه المطالبة بالتعديل وإبقائها كشماعة يبرر فيها عجزه وتخلفه في إجراء أي تحسين في الأداء والتطور، لنخلق في وعي المتلقي إمكانية حدوث التغيير مع استعدادنا لمواجهة أي صعوبات. الارتقاء حاصل وبنسب تطور مختلفة في حالة تغيير القوانين أو عدم حصول التغيير وخصوصا ان هذه القوانين موجودة وبشكل مشابه في دول نامية مجاورة استطاعت تحقيق التطور لصناعة التأمين لديها مع التأكيد على ضرورة دعم الدولة لاقتصاد خرج لتوه من تجارب صعبة ومرت عليه أحداث قاسية.

7 عقدة التجميل والنقد كجزء من عملية البناء

(وللحقيقة والحق يقال ان هناك نشاطا اقتصاديا ومهما للسيد وزير المالية)
(أبدى من خلال التوجيهات السديدة نحو نشاط عمل شركات لتأمين في العراق ونشر الوعي التأميني)

هذا موضوع حساس وأرجو عدم التسرع في فهمه فهو لا يخص الكاتب السيد سعدون مشكل بل يخصنا جميعا وإنما جاء مقال السيد سعدون مصادفة ليكون سببا لطرح هذه الفكرة، والكاتب معروف بسعة صدره وشجاعته واجزم بأنه سيفهم موقفي ولو كان الكاتب شخصا آخرا لما تحمست لهذا الرد.

أؤكد مرة أخرى باني اقصد حالة عامة موجودة فينا نتيجة لتراكمات تاريخ طويل من الممارسات ولا زلنا، وأنا في المقدمة، لا استطيع إبعاد هذه العقدة كليا. ان السيد الوزير والذي قضى أكثر من ربع قرن من حياته في المنفى خارج العراق اطلع خلالها على تجارب عملية من الممارسات الديمقراطية تنتقد وبشدة السياسات الاقتصادية التي هي الساحة الأهم لمعترك الحياة لديهم هو الاحوج ويطالب ويؤكد على اتساع المجال لحالة النقد لان النقد هو جزء من عملية البناء.

ان سياسة الدولة الاقتصادية ووزارة المالية والسيد الوزير والمدراء العامون بحاجة إلى النقد الواضح والصريح كجزء من عملية البناء التي تفرضها علينا متطلبات النجاح في تحقيق الأهداف المنشودة لمجتمع متميز عن ما يدور في المنطقة. فمن المؤكد ان توجيهات وزير المالية التونسي والمصري والسعودي وآخرين في دول العالم الثالث هي دائما سديدة في بلادهم لكن المفروض أن العراق شئ آخر وتجربة جديدة تختلف عنهم. ومرة أخرى، نؤكد على عدم نسيان ضرورة المحافظة على ان يجري ذلك في إطار احترام هيبة الدولة ورموزها والقوانين المشرعة. هذه ليست دعوة لأشخاص إنما دعوة عامة جاءت مصادفة مع هذا المقال. ومرة ثانية، عذرا لصاحب المقال فقد يكون ما ورد فيه ضحية إيصال فكرة مهمة وعظيمة. ودمت ودمتم .

مروان هاشم
بغداد
15/12/2009



2009/12/24

وزارة النفط وقطاع التأمين العراقي والتأمين على المنشآت النفطية:



قراءة لخبر في موقع إلكتروني

مصباح كمال

قرأنا في الموقع الإلكتروني لوزارة النفط (http://www.oil.gov.iq/oil%20arab/18.php) الخبر التالي:



"وزارة النفط تقيم ندوة التأمين البحري واستيرادات الوزارة


عقدت في وزارة النفط ندوة التأمين البحري للبضائع واستيرادات الوزارة بحضور الأستاذ أحمد الشماع وكيل الوزارة لشؤون المصافي والأستاذ طالب الزبيدي المشرف على أنشطة التأمين وعدد من ممثلي شركات التأمين الحكومية والأهلية منها شركات التأمين الوطنية والعراقية العامة والأهلية والحمراء وأعالي دجلة وشط العرب وعدد من منتسبي الوزارة والمسؤولين عن أقسام التأمين وأقسام المشتريات والجهات الأخرى ذات العلاقة .


وأوضح الأستاذ طالب الزبيدي أن هذه الندوة تهدف إلى إعادة نشاط التأمين في البلاد بعد أن تعرض هذا القطاع إلى الإهمال منذ عام 1991. وتم خلال الندوة مناقشة وضع قطاع التأمين في العراق والتأمين على المنشآت النفطية بشكل خاص وتعد هذه الندوة سابقة من نوعها لذا تمت دعوة شركات التأمين الوطنية كافة الحكومية والأهلية للمشاركة بوثيقة التأمين كل حسب قدرته وأن تكون شركة التأمين الوطنية الشركة الرئيسة القائدة في عملية التأمين فيها حيث أن تأمين مصافي النفط الثلاث موضوع هذه الندوة مغطى من قبلها."

http://209.85.229.132/search?q=cache:D6UBDD2OsQMJ:www.oil.gov.iq/oil%2520arab/18.php+%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9+%D9%86%D8%AF%D9%88%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A&cd=1&hl=en&ct=clnk&gl=uk

نلاحظ أولا أن عنوان الخبر لا يستقيم مع محتواه إذ أن موضوع الندوة هو "التأمين على المنشآت النفطية بشكل خاص" و "تأمين مصافي النفط الثلاث موضوع هذه الندوة" كما يرد في متن الخبر. كان على من قام بصياغة الخبر الاهتمام بوضع العنوان المناسب له فلا "التأمين البحري" ولا "استيرادات الوزارة" هي ما استهدفته هذه الندوة. وتذكرنا هذه الصياغة غير الدقيقة المحيرة للقارئ ببعض الكتابات الصحفية الضعيفة عن التأمين. وقد قمنا بدراستها في أكثر من مقالة نشرناها في مجلة التأمين العراقي الإلكترونية ومنها: "أخبار العراق التأمينية في الصحافة"
http://misbahkamal.blogspot.com/2008/07/1-5-2008.html

نلاحظ ثانياً أن الخبر لا يعلم القارئ متى انعقدت هذه الندوة. (المعلومات المتوفرة لدينا تفيد أنها قد انعقدت في مقر الوزارة في بغداد بتاريخ 4 تشرين الثاني 2009).

نلاحظ ثالثاً أن "هذه الندوة تهدف إلى إعادة نشاط التأمين في البلاد بعد أن تعرض هذا القطاع إلى الإهمال منذ عام 1991." ترى كيف يستقيم هذا الهدف مع عنوان الخبر؟ وهل حقاً أن الندوة عالجت مسألة "إعادة نشاط التأمين" في العراق؟ ما هي الأوراق التي قدمت بهذا الشأن؟ وما هي التوصيات والمقترحات التي خرجت بها الندوة؟

لا شك أن وزارة النفط يمكن أن تلعب دوراً مهماً في رفد شركات التأمين العراقية بأقساط التأمين (وهي كبيرة تتناسب مع حجم الأخطار النفطية المؤمن عليها) مما يرفع من مكانتها وتساهم في رفع مستوى أداءها، وكذلك النص في عقودها على إجراء التأمين مع شركات تأمين مسجلة في العراق وتحضى بموافقة ديوان التأمين العراقي لمزاولة أعمال التأمين. لكننا لا نعتقد بأن الوزارة قد اهتمت بهذا الجانب من الموضوع. أنظر على سبيل المثال دراستنا "’الاتفاقية الأولية‘ بين وزارة النفط وشركة شيل لمشروع غاز الجنوب والتأمين على أخطار المشروع المشترك" http://misbahkamal.blogspot.com/2009/05/blog-post.html

لا شك أيضاً أن إعادة النشاط لقطاع التأمين يدل على كرم وشهامة القائمين على إدارة الوزارة وعلى تفهمهم لمعاناة القطاع. ولنا في قيام الوزارة بتكليف شركة بريطانية متخصصة في المسح الميداني الهندسي لإجراء المسوحات الموقعية على المصافي وتحمل تكاليفها دليلاً على هذا التفهم. ولكن أحقاً أن الوزارة تنسق مع القطاع، ممثلاً بجمعية شركات التأمين وإعادة التأمين العراقية، أو تعمل لوحدها على إحياء القطاع؟ نحن نشك في وجود هدف واضح بهذا الشأن، وهو على أي حال ليس من اختصاص الوزارة، لكننا نقدر عالياً مثل هذا الموقف النبيل ونؤكد على صحة ما جاء في نهاية الخبر:


"وتعد هذه الندوة سابقة من نوعها لذا تمت دعوة شركات التأمين الوطنية كافة الحكومية والأهلية للمشاركة بوثيقة التأمين كل حسب قدرته وأن تكون شركة التأمين الوطنية الشركة الرئيسة القائدة في عملية التأمين."


الندوة هي فعلاً الأولى من نوعها في العراق فيما يخص استدراج التأمين على المنشآت العامة. لكن الإجراء الذي اتبعته الوزارة لا يتفق تماماً مع متطلبات قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. فقد جاء في المادة 81 – الفقرة ثالثاً من القانون:


"يجري التأمين على الأموال العامة والأخطار التي ترغب الوزارات أو دوائر الدولة في التأمين ضدها بالمناقصة العلنية وفقاً لأحكام القانون، ولجميع المؤمنين المجازين في العراق حق الاشتراك فيها."



ومن رأينا أن الوزارة تصرفت بشفافية في دعوة شركات التأمين العراقية كافة للمشاركة في الندوة للوقوف على آراءها ومقترحاتها ومدى استعداد كل شركة للمشاركة في وثيقة التأمين – كما جاء في خطاب الدعوة الذي وجهه مكتب الوزير في أواخر تشرين الأول 2009 لشركات التأمين. المناقصة العلنية، في ظل الظروف القائمة، فيما يخص القدرات الفنية والمالية لشركات التأمين، ليس ممكناً، وإن تم اللجوء إليه فإنه يخلق حالة من الفوضى بين شركات التأمين العراقية ووسطاء التأمين ومعيدي التأمين الدوليين، وهذا بافتراض توفر طاقة اكتتابيه دولية للتأمين على المنشآت. وكما ذكرنا في دراسات سابقة لنا فإن شركات إعادة التأمين الدولية تتخذ موقفاً سلبياً من الأخطار العراقية. وسيمضي وقت ليس بالقصير قبل أن تتطور أوضاع شركات التأمين العراقية لتستطيع التنافس فيما بينها للفوز بعقود تأمين الوزارات ودوائر الدولة من خلال مناقصات علنية.

ويبقى السؤال قائماً: لماذا أقدمت الوزارة على اختيار شركة التأمين الوطنية لتكون الشركة القائدة دون غيرها من شركات التأمين العاملة في العراق. ومن رأينا أن هذا الاختيار، في ظل أحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 يحتاج إلى توضيح من قبل الوزارة إذ قد يكون هناك سبب أو أسباب مقنعة لهذا الاختيار ترضي الشركات الأخرى.

موقف الوزارة باللجوء إلى شركات التأمين العراقية، العامة والخاصة، لتوفير الحماية التأمينية لثلاثة من مصافي النفط العائدة لها (الدورة، بيجي والشعيبة) ينسجم مع أطروحة لنا عرضناها أواسط سنة 2006 في دراسة لنا بعنوان "قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: مراجعة للخلفية وبعض الآثار الاقتصادية" (نشرت في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 318، 2006). فقد كتبنا تحت عنوان فرعي: تأمين صناعة النفط العراقية:

http://misbahkamal.blogspot.com/2008/07/2005-2006-318-2006.html
"ربما ستكون المشكلة الكبيرة القادمة التي ستجابه شركات التأمين العراقية هي تأمين الأصول المادية لصناعة النفط العراقية. والأمل معقود على: أولاً، عدم تجاهل دور هذه الشركات من قبل الشركات النفطية (وزارة النفط)، وكذلك قيام الشركات ذاتها بتجميع مواردها المتوفرة بغية المساهمة الحقيقية في كل مراحل عملية التعامل مع وسطاء التأمين ومعيدي التأمين الدوليين. وثانياً، عدم استحضار نظرية المزايا النسبية من قبل أصحاب المصالح المترسخة في الداخل والخارج لتجاوز دور شركات التأمين العراقية في العملية التأمينية.

ومن المفيد لشركات التأمين العراقية التعرف على تجربة البلدان العربية المنتجة للنفط في مجال التأمين على أصول الصناعة النفطية. ففي جميع هذه البلدان تلعب الشركات المحلية دوراً كبيراً في تأمين الموجودات النفطية والغازية. وفي هذه المرحلة لا ندحة لنا غير الانتظار لنرى إن كانت المصالح الداخلية والخارجية ستسمح لشركات التأمين العراقية أن تلعب دوراً حقيقياً في هذا القطاع الذي يشكل دعامة الاقتصاد الوطني ومصدراً مهماً وكبيراً لأقساط وعمولات التأمين.

ونتوقع من شركات التأمين العراقية تنسيق جهودها في موقف جماعي لتأكيد حقها لتكون الطرف الأساسي في تأمين الكيانات النفطية وموجوداتها العاملة من وحدات تكرير ومكائن ومعدات وكذلك المشاريع النفطية تحت الإنشاء وكذلك عمليات الاستكشاف والإنتاج وصيانة الآبار النفطية والغازية.

نقول لكل من يظلم هذه الشركات: لقد استطاعت هذه الشركات، اعتماداً على جهودها الذاتية وفي غياب مطلق للحماية الإعادية الدولية في سنوات الحصار (1990-2003)، توفير حماية محدودة لطالبي التأمين. إن كانت قادرة على ذلك في الماضي القريب فهي اليوم أكثر اقتدراً لتعظيم مساهمتها والمشاركة الحقيقية في تأمين صناعة النفط العراقية ولا أدل على قدرتها الكامنة من ابتداع غطاء أوائل سنة 2006 ضد أعمال الإرهاب التي تطال بآثارها حياة الناس."



ويدل تصرف الوزارة على عقلانية في التعامل مع شركات التأمين العراقية، ومن خلال شركة التأمين الوطنية، "الشركة الرئيسة القائدة في عملية التأمين" المعينة من قبل الوزارة، مع وسطاء ومعيدي التأمين الدوليين. ونأمل أن يرتقي مستوى الأداء والتنسيق، في مختلف جوانبه، في العراق إلى متطلبات التأمين على منشآت نفطية تتصف بدرجة عالية من الخطورة تدل التجربة على أنها تميل إلى إنتاج خسائر مادية كبيرة.

ويتعين على الوزارة المشاركة في تحديد الإجراءات المرتبطة بممارسة شركة التأمين الوطنية لدورها القيادي ونطاق هذا الدور. وعلى سبيل المثال، هل سيتم اللجوء إلى صيغة المشاركة coinsurance بين شركات التأمين كافة؟ كيف يتم احتساب حصة كل شركة من الخطر؟ كيف يتم توزيع عمولة إعادة التأمين بين الوطنية والشركات الأخرى؟ هل يعاد جزء من الخطر لدى شركة إعادة التأمين العراقية؟ (الاتفاقيات الإعادية المشتركة لسوق التأمين العراقي تستثني أخطار التأمين على المنشآت النفطية وهي ما تعرف بأخطار الطاقة) وغيرها من الأسئلة.

عندما يكتمل إجراء التأمين وإعادة التأمين على المصافي التابعة لوزارة النفط خلال سنة 2010، وهو لا يزال حتى كتابة هذه الورقة قيد التداول مع معيدي التأمين في الأسواق الدولية، ومع حلول التجديد السنوي لوثيقة التأمين ستنهض الفرصة لتقييم واختبار مساهمة الوزارة في رفع مكانة قطاع التأمين العراقي (حجم أقساط التأمين والأداء الفني في خدمة متطلبات المؤمن له ووثيقة التأمين وما يتعلق بها). وكذلك مراجعة الترتيبات القائمة فيما بين شركات التأمين العراقية والعلاقة مع الوسطاء ومعيدي التأمين. مثل هذا التقييم والمراجعة ضرورية لرصد ما هو قائم، والكشف عن السلبيات وكيفية معالجتها والتفكير بالوسائل التي تعظم من الحماية التأمينية للمؤمن لها وكذلك المنافع التي يمكن تحقيقها من أسواق إعادة التأمين الدولية لصالحها ولصالح شركات التأمين العراقية. ونرى أن هذا المقترب النقدي سيؤشر على مدى تطور قطاع التأمين العراقي في التعامل مع الأخطار الكبيرة.

مصباح كمال
لندن 22 كانون الأول 2009

توضيح رسمي

بعد انتهاءنا من كتابة المسودة الأولى لورقتنا عرضناها على مكتب وزير النفط وجاءنا منه الإيضاح التالي بتاريخ 23 كانون الأول 2009:

"عزيزي الأستاذ مصباح كمال المحترم تحيةً طيبة

شكراً جزيلاً على رسالتك وحسناً فعلت لما طلبت مني إيضاحا حول ما نشر في الموقع الالكتروني لوزارة النفط. ويبدو ان من نشر الخبر لم يكن دقيقاً فقد خلط بين عقد ندوتين. أولهما، الندوة المتعلقة باستيرادات البضائع والتامين البحري والهندسي والتي دعى إليها وأدارها الموقع في أدناه. وكانت بحضور مدير عام شركه التامين الوطنية وخبراء الشركة وممثلين عن شركه التامين العراقية وكافه مدراء أقسام التامين والمشتريات والجهات ذات العلاقة في شركات ودوائر وزاره النفط. وكانت هذه الندوة قد عقدت قبل الندوة المتعلقة بالتامين على مصافي النفط الثلاثه والتي وجهت الدعوة فيها إلى كافة الشركات الحكومية والاهليه لعرض فكره عن تقارير الكشف المقدمة من قبل شركه CTC البريطانية وكذلك لتبادل الآراء والأفكار حول إمكانية مشاركة شركات التامين مع شركة التامين الوطنية في توفير الغطاء التأميني للمصافي الثلاث. وكانت الندوة الاخيره قد عقدت بتاريخ 4/11/2009

اكرر تحياتي.


طالب الزبيدي"

نشكر السيد الزبيدي على اهتمامه برسالتنا له وتوضيحه للالتباس عند إعداد الخبر للموقع الإلكتروني للوزارة. وهذه هي المرة الأولى، بالنسبة لنا، التي تستجيب فيها دائرة رسمية لرسالتنا. فللسيد الزبيدي ومكتب وزير النفط جزيل الشكر.

مصباح كمال
24 كانون الأول 2009









2009/12/21


فيما يجب أن يكون عليه الكتاب التأميني الجامعي:

عرض كتاب جامعي عن إدارة الخطر والتأمين


مصباح كمال


فائزة عبدالله علي (إعداد)، إدارة الخطر والتأمين للمرحلة الثانية للعام الدراسي 2007-2008 (بغداد: كلية المنصور الجامعة، قسم العلوم التجارية والمصرفية، د.ت)

ذكر لي صديقي وزميلي منذ ستينات القرن الماضي د. مدحت القريشي، رئيس قسم العلوم التجارية والمصرفية، كلية المنصور الجامعة، بغداد، في رسالة له في آذار 2009 أن هناك مادة مستقلة تدرس في المنصور هي إدارة الخطر والتأمين للمرحلة الثانية من البكالوريوس، وهناك مادة ثانية مستقلة اسمها إدارة المؤسسات المالية والمصرفية وتحتوي على فصلين هما إدارة الخطر في المؤسسات المالية وشركات التأمين. ووعد أن يرسل لي الملزمة التدريسية لمادة إدارة الخطر والتأمين بعد التحدث مع مدرسة الملزمة. وقد استلمتها قبل فترة.

بعد استلامي لهذه الملزمة وقراءتي لها عنّ لي أن أسجل بعض الملاحظات عليها في هذه الورقة القصيرة. آمل أن تكون هذه الملاحظات ذات فائدة عند إعادة طبع الملزمة.

[1]
هذه الملزمة هي بمثابة الكتاب المدرسي، وهي مستنسخة وليست مطبوعة. يرد في صفحة العنوان أن الملزمة قد أعدت للعام الدراسي 2007-2008 إلا أن محتوياتها تُدل على أن نصوصها مستلة من مصادر يعود تاريخها لما يزيد عن ثلاثة عقود خلت. فعلى سبيل المثال، في الفقرات المكرسة لتأمين السيارات وعند الحديث عن المسؤولية المدنية نقرأ أن المسؤولية

"نظراً لكونها مسؤولية قانونية غالباً ما تؤمن ببوليصة منفردة تحدد الدولة شكلها وشروطها بموجب قانون (كالقانون رقم 205 لسنة 1964، قانون التأمين الإلزامي عن المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات)" [يصعب علينا الإشارة للرقم الصحيح للصفحة إذ يرد النص المقتبس في صفحة تحمل رقم 11 و23 و 44، والرقمين الأخيرين هما بخط اليد]

وهذه المعلومة قديمة إذ أن القانون رقم 52 لسنة 1980، قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات، قد ألغى القانون رقم 205، وحتى قانون 1980 خضع للتعديلات. وفات لذلك على الطالب والقارئ التعرّف على الأساس الذي يقوم عليه القانون الجديد حيث حلّتْ المسؤولية المفترضة بقوة القانون محل مبدأ الخطأ. أي انتفت الحاجة، بفضل القانون الجديد، إلى إثبات الخطأ لقيام المسؤولية.

ونرى لذلك ضرورة لتحديث الكتاب وإعداد نسخة منقحة قبل الإقدام على إعادة طبعه. ونقترح، من بين أمور أخرى، الاهتمام بما يلي لكي يتحسن شكل الكتاب ويسهل استعماله ككتاب مدرسي Textbook عن التأمين.

1. حصر عنوان الكتاب بالتأمين كأن يكون مدخل للتأمين أو مقدمة في التأمين إذ أن معالجة إدارة الخطر في النسخة الحالية ضعيفة وتشغل حيزاً صغيراً من الكتاب وتركز على الجانب التأميني في إدارة الخطر دون الهندسي بالنسبة للمنشآت الصناعية وضوابط وإجراءات السلامة والأمان في غيرها من المنشآت. قد يكون من المفيد تقديم إدارة الخطر كمدخل للتأمين باعتبار التأمين الآلية الأخيرة التي يلجأ لها طالب التأمين من الأفراد والشركات لتحويل عبء الخطر بعد استنفاذ العناصر الأخرى في إدارة الخطر. ونعني بهذه العناصر تشخيص الخطر، تحليله، تقيم كلفته المالية، سبل مواجهته ومعالجته هندسياً، أو تمويله عند تحققه كخسارة أو ضرر من الموارد الذاتية للشركة أو من خلال تكوين صندوق خاص للطوارئ أو تأسيس شركة تأمين مقبوضة أو من خلال تحويل عبء الخطر على عاتق شركة تأمين تجارية لقاء قسط معلوم يمكن احتسابه أو تقديره وإدراجه في ميزانية الشركة. (أنظر: نيل كروكفورد، مدخل إلى إدارة الخطر (طرابلس: شركة ليبيا للتأمين، ط1 1990، ط2 2007)، ترجمة: تيسير التريكي ومصباح كمال).


2. كتابة مدخل للكتاب من قبل المُعد أو تكليف شخص آخر ملم بموضوع الكتاب لتقديمه للقارئة والقارئ.


3. جدول تفصيلي بالمحتويات لتسهيل رجوع القارئة أو القارئ إلى المطلوب.


4. توثيق المصادر العربية والإنجليزية بشكل أفضل ضمن القواعد المعروفة. (أنظر: فؤاد إسحق الخوري و سونيا جلبوط الخوري: قواعد ابن اسحق للتأليف والتصحيح والنشر (بيروت: دار الساقي، 1996).).


5. توحيد طقم الحروف إن كانت النية منصبة على إعادة الطبع للاستنساخ.


6. وضع تاريخ النشر وتفاصيل الجهة الناشرة وحقوق الطبع والنشر.


7. إعداد مسرد ألفبائي للمصطلحات الإنجليزية وما يقابلها باللغة العربية لفائدة من لا يلم إلماماً كافياً باللغة الإنجليزية.


8. عرض النسخة المعدلة على مصحح لغوي لرصد الأخطاء اللغوية وتعديلها.

[2]
سنختار فيما يلي بعض المقاطع من الكتاب للتعليق عليها. وسنتجنب ذكر الأخطاء الطباعية واللغوية. بسبب عدم انتظام ترقيم صفحات الكتاب واجهتنا صعوبة في الإشارة إلى بعض ما انتقيناه من فقرات ومواضيع للتعليق.

يرد في ص 3 تحت عنوان ثانوي، أخطار مؤكدة الوقوع، ما يلي:

"وهي التي يكون احتمال تحققها [أي مؤكدة الوقوع وتنتفي عنها صفة الاحتمالية وعدم اليقين بها] مثل الفيضانات في المناطق الاستوائية وكذلك خطر الوفاة وهذه أخطار لا يمكن التأمين عليها."

كان من المناسب تكييف هذه العبارة بما يفيد أن العلم بوقت الوفاة غير معروف ولذلك فإن خطر الوفاة، أي النتائج المالية المترتبة على وفاة المؤمن عليه أو عليها، يصبح قابلاً للتأمين.

رغم أن إدارة التأمين والخطر هو عنوان الكتاب، لا يرد في الكتاب سوى إشارة واهية (الصفحة ما قبل ص 7) لعدم استحداث إدارة للخطر في الشركات والمؤسسات العراقية لأن الإقدام عليه يواجه معوقات عديدة. المعوقات الخمسة المذكورة ( فشل الإدارات العليا في إدراك وفهم الخطر، مقاومة الإدارات الأخرى لفكرة إنشاء إدارة مستقلة للخطر، مقاومة التغير، اعتبار مدير الخطر رقيباً للإدارة العليا، ونقص الكوادر المؤهلة) تنطبق على العراق لكنها لم تأتي نتيجة لدراسة ميدانية بل هي مستلة أو مترجمة من كتب عن إدارة الخطر. ومن رأينا أن الموضوع يستحق اهتماماً أكبر وشرحاً موسعاً.

افتراض الخطر كترجمة لـ Assumption of Risk (ص 7) ترجمة حرفية لا تنقل المعنى المراد – أي تحمّل نتائج الخطر أو الاحتفاظ به، بلغة التأمين، من قبل الفرد أو المؤسسة. (هناك أخطاء طباعية في المصطلحات الإنجليزية تحتاج إلى تصحيح)

التأمين ضد السرقة ص 8-9. يرد تحت هذا العنوان الثانوي تعريف للسرقة "حيازة ممتلكات [ا]لاخرين دون رضاهم ودون حق، وأخذ أموال الغير منهم، يعني إخراجها من حيازتهم سواء باستعمال القوة أو بدونها ..." ثم يأتي ذكر لمسببات السرقة وكونها (أ) بيئية و (ب) اقتصادية. ويتوقف الشرح هنا بحيث لا يعرف القارئ ما هي المسببات البيئية (أهي اجتماعية أو طبيعية؟) وما هي المسببات الاقتصادية. هذا العرض لا يستقيم مع متطلبات كتاب مدرسي قائم بذاته يفترض فيه توفير شرح أولي للمفاهيم.

عند الانتهاء من ذكر أضرار السرقة (في الأرواح [ربما يقصد بها الأضرار النفسية] والأجسام، الأضرار المادية والأضرار الاجتماعية) نقرأ: "وأيا كانت السرقة ونوعها فإنها حرام وقد حرمتها الأديان ونبذتها القيم والأعراف" ولكن دون أن يأتي ذكر للسرقة كفعل جرمي يعاقب عليه القانون.

تاريخ التأمين في العراق أختزل في صفحة واحدة (ص 11) وهو يستحق معالجة أوسع من خلال الإشارة إلى التشريعات المنظمة للنشاط التأميني منذ صدور القانون التجاري العثماني لسنة 1904 وملحقه قانون التأمين (السيكورته أو السيكورتاه) مروراً بقانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936 وبعده قانون شركات ووكلاء التأمين رقم 49 لسنة 1960 وانتهاءً بأحدث قانون صاغته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ونعني به قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. وكذلك الإشارة إلى العلاقة بين تطور الاقتصاد العراقي والتأمين رغم أن هذه العلاقة لم تحضى بالعناية من المؤرخين الأكاديميين أو من العاملين في قطاع التأمين العراقي. (حاولنا رسم بعض ملامح الخلفية التاريخية في مقالتين لنا: مصباح كمال، "إطلالة على بواكير التأمين والرقابة على النشاط التأميني في العراق،" الثقافة الجديدة، بغداد، العدد 331، 2009، ص 44-52. نشرت أيضاً في المدونة الإلكترونية مجلة التأمين العراقي http://misbahkamal.blogspot.com/2009/09/331-2009-44-52.html
مصباح كمال، "مقاربة لتاريخ التأمين في العراق: ملاحظات أولية،" الثقافة الجديدة، بغداد، العدد 328، 2008، ص67-76. نشرت أيضاً في المدونة الإلكترونية مجلة التأمين العراقي http://misbahkamal.blogspot.com/2009/04/328-2008-67-76.html).

يرد في المبحث السادس، معوقات تسويق التأمين (ص12-14)، عرضاً لأحد عشر معوقاً ومنها: أن التأمين خدمة غير ملموسة، الطبيعة المستقبلية للوعد بالتعويض، تخلف الوعي التأميني، ارتباط منفعة التأمين بالحوادث السلبية، تعقد نصوص وثائق التأمين، ضعف سياسات التسويق لدى شركات التأمين وغيرها. ولنا ملاحظتان على هذا العرض. أولاً، يفترض الكاتب أو الكاتبة أن الناس لهم القدرة المالية لشراء الحماية التأمينية (الطلب الفعّال على الحماية التأمينية) وهو افتراض مشكوك في صحته بالنسبة للعراق. كما أنه يحتاج إلى استقصاء لبيان العلاقة بين الدخل القابل للإنفاق لدى الأفراد ومدى كفايته لتكريس جزء منه لشراء التأمين. وثانياً، لم يأتي أي ذكر لأثر العامل الديني على موقف الأفراد من التأمين، ووجود بدائل تقليدية للحماية التأمينية ومنها التعاضد الأسري، وصندوق العشيرة، والتضامن في الملمات وحوادث الطبيعة.

نقرأ في منتصف صفحة 12، وقبل الفقرة عن تأمين الطيران (أرقام الصفحات مضللة لأن الكتاب عبارة عن تجميع مصور لصفحات من مصادر مختلفة غير مذكورة)، بضعة سطور عن "تأمين الأعمال الهندسية" دون وضع عنوان لها. ويرد في هذه السطور أن

"تأمين كافة الأخطار الذي يضمن تعويض كافة الأضرار التي تصيب المشروع منذ البدء لحين انتهاء فترة الصيانة أو التجربة وهو النوع الذي تطلبه الحكومة العراقية من كل مقاول يتعاقد معها."

هذا الوصف ينطبق على الوضع الذي كان سائداً قبل 2003 فالطلب على وثيقة تأمين كافة الأخطار وما يماثلها هو من مستلزمات تنفيذ المشاريع الهندسية بغض النظر عن ملكية هذه المشاريع. هذه السطور بحاجة إلى تحديث وتوسيع في الشرح ليضم التأمين على المسؤولية تجاه الطرف الثالث والتي تنشأ أثناء تنفيذ المشروع. وكذلك الإشارة إلى الأنواع المختلفة لعقود الإنشاء ومنها عقود الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين (الفيديك FIDIC International Federation of Consulting Engineers)

ومن المناسب أن تدرج هذه السطور تحت عنوان التأمين الهندسي ص 14. (يرد تحت عنوان التأمين الهندسي تأمين المراجل وتأمين المكائن وتأمين المنشآت والمعدات الكهربائية في حين أن المعهود في سوق التأمين العراقي أن يشمل التأمين الهندسي تأمين جميع أخطار المقاولين/ تأمين جميع أخطار النصب، تأمين عطب المكائن، تأمين المراجل، وتأمين تلف المخزون في خزائن التبريد. التأمين الهندسي بالمعنى الذي ورد في الكتاب خاص بسوق التأمين في بريطانيا (سوق لندن للتأمين).)

لم نفهم لماذا يجمع الفصل السابع (ص 29) بين تأمين المسؤولية المدنية وإعادة التأمين ليعطي انطباعاً خاطئاً عن الجمع وكأن هذا الفصل مكرس لهذه الفرعين والعلاقة بينهما وهو ليس كذلك. كان من الأفضل تكريس فصل مستقل لكل فرع.

[3]
الكتاب المدرسي نص تعليمي، وهو دليل أساسي للطالب للتعرف على موضوعه، وفيه ما يكفي من معلومات تفصيلية إن لم نقل شاملة، وتحفيز للتوسع في معرفة الموضوع ومتابعة جوانبه المختلفة، مع الإشارة إلى المراجع. ولنا في كتب د. مدحت القريشي مثالاً جيداً لما يجب أن يكون عليه الكتاب المدرسي حيث يعرض الكاتب النظريات والأفكار المتضاربة بحيادية لتمكين القارئ من تكوين رأي خاص به ويشجعه على التفكير النقدي (أنظر على سبيل المثال: د. مدحت القريشي، تطور الفكر الاقتصادي (عمان: دار وائل للنشر، ط1، 2008) وكذلك كتابه: التنمية الاقتصادية (عمان: دار وائل للنشر، ط1 2007)).

ولذلك نتمنى أن يعاد إعداد الكتاب ليتحول إلى كتاب مدرسي بحق خاصة وأنه يغطي أساسيات التأمين. وبعدها يترك للتدريسي أن يستخدمه في العملية التعليمية من خلال التوجيه والشرح والتوضيح وإثارة النقاش. وبالطبع يختلف منهج الاستفادة من الكتاب المدرسي من تدريسي إلى آخر.

لقد انصبت ملاحظاتنا على التقاط سلبيات الكتاب، وجلها شكلية، يمكن تخطيها بسهولة في طبعة لاحقة للكتاب.



مصباح كمال
لندن 24 تشرين الثاني 2009