إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2009/06/24

تعليق على مقالة مصباح كمال: "مُذكّرة: عن معيدي التأمين وشركات التأمين العراقية" ضياء هاشم لقد قرأت وبإمعان مذكرتكم الصادرة في 3 حزيران 2009 عن معيدي التامين وشركات التامين العراقية (http://misbahkamal.blogspot.com/2009/06/blog-post_839.html) بعد إرسالها لي وبقية مدراء الشركات العاملة من الأخ مدير عام شركة التامين الوطنية مع رسالة رده لكم المؤرخة في 14/6/2009 وأود ان أبين بهذا الشأن الآتي: 1. مع شكري وتقديري واتفاقي معكم لكل ما ورد فيها من مقترحات لتذليل الصعوبات التي يجابها السوق العراقي في الوقت الحاضر، ومحاولة التخفيف من حدة التشدد للمعيد الغربي تجاه السوق، وهي بالتأكيد ملاحظات قيمة قد يكون قسماً منها مشخصاً من معظم قادة السوق فإننا نعمل جاهدين، باعتبارنا جزءاً منه، على خلق تفاهم مشترك يحقق ما نصبوا إليه لتطوير العلاقة مع معيدي ووسطاء التامين في الخارج. 2. ألاحظ خلال السنوات القليلة التي عدت للعمل فيها في السوق العراقي، بعد عودتي من اليمن، أن هناك فجوة، قد تكون عميقة، بين العاملين في سوق التامين العراقي والجهات المسؤولة أو المشرفة على هذا السوق، ولا ادري سبباً لهذه الفجوة، أدت بالتأكيد إلى عدم اكتراث هؤلاء المسؤولين بهذا القطاع المهم والذي يمكن ان يحقق للبلد منافع اقتصادية هامة. وخير دليل على ذلك صدور قانون التامين رقم (10) بشكله البائس، إضافة إلى النص الوارد في قانون الاستثمار والذي أعطى الحق للمستثمرين بالتامين داخل وخارج العراق، وكذلك التصريحات التي نسمعها بين فترة وأخرى من مسؤولين لهم ثقلهم في الدولة عن الإمكانيات المحدودة لشركات التامين أو حتى عدم وجود مثل هذه الشركات. إن تحسين العلاقة مع معيدي التامين لا يمكن ان تأخذ وضعها الطبيعي حتى وان توفر الأمن ما لم يكن مقروناً بتحسن الطاقة الإنتاجية للسوق والتي تعتبر المعيار الأساس لمعيد التامين في الانجذاب نحو السوق. وهذا التحسين لا يمكن أن يتحقق مع بقاء القانونين أعلاه دون تعديل. لقد كتب العديد من الزملاء، إضافة إلى كتاباتكم حول هذا الموضوع، ولكن دون أية جدوى وبقى الحال على ما هو عليه. لذلك، فاني أرى أن يستمر الأخوة الزملاء لا في الكتابة فقط عن تعديل هذين القانونين وانما بالمواجهة المباشرة للمسؤولين لشرح أبعاد خسائر البلد من بقاء هذين القانونين دون تعديل. اعتقد أن خير من يمكن له إجراء ذلك هو مجلس إدارة جمعية شركات التامين وإعادة التأمين العراقية، إضافة إلى هناك فرص أخرى يمكن استغلالها ومنها مؤتمر التامين المراد عقده خلال الأيام القليلة القادمة. 3. لا أريد ان اقلل من شأن الجانب الأمني ولا من الظروف المتعاقبة التي مر بها البلد والتي عزلته عن السوق الدولي وأبعدت العديد من الكوادر الكفوءة في هذا الحقل عن الاستمرار في اداء دورها، إلا أن ما ينبغي على المعيد الغربي فهمه، إذا ما اراد فعلاً ان يساعد هذا السوق إلى العودة لوضعه الطبيعي، أن يتمتع بالمرونة الكافية لمنح هذا السوق فرصة حقيقية للنهوض من واقعه الحالي وذلك بإبرام اتفاقيات تستطيع الشركات العاملة بموجبها من اداء دورها الحقيقي والفاعل لا ان يتم فرض اتفاقيات مملوءة بالتحديدات والاستثناءات والشروط المجحفة تعتمد فيها اسلوب خذها أو اتركها لان مثل هذه التحديدات ستساهم بالتأكيد إلى ان تتخذها الشركات المنفذة أو المستثمرة ذريعة للتامين خارج العراق وكنتيجة حتمية لذلك تؤدي إلى الانكماش في حجم الاقساط المكتتب بها وعدم امكانية تطوير أعمال سوق التامين العراقي والمراوحة في مكانه الحالي. قد يرد على ذلك ان معيدي التامين هم شركات ذات نفع اقتصادي لا يهمها سوى المردود المادي من العلاقة مع شركات التامين، وهذا أمر صحيح مع سوق مستقر طاقاته الإنتاجية معروفة وقد لا تكون قابلة للتطوير بشكل طموح ولكن سوق التامين العراقي يمر الآن بظروف استثنائية إذا ما زالت فان المعادلة ستنقلب من سوق يركض وراء المعيد لطلب الحماية إلى سوق يتنافس عليه المعيدين لتكون العلاقة معه أو تطويرها. وبالتأكيد فإن الغلبة ستكون للمعيد الذي وقف مع هذه السوق وساهم في تطويره. 4. هناك جوانب ايجابية عديدة حصلت في السوق العراقي ستشكل بالتأكيد جوانب رئيسية في تطوير هذا القطاع اهمها الاجتماعات نصف الشهرية التي تقوم بها جمعية التامين العراقية لقادة الشركات العاملة والتي يتم فيها مناقشة جميع الأمور الفنية المتعلقة بعمليات الاكتتاب أو العلاقة مع معيدي التامين والتي نأمل منها ان تساهم في تجنيب الشركات كل ما هو سلبي، وان يكون طابع هذه الاجتماعات تعزيز تعاون هذه الشركات للنهوض بهذا السوق والابتعاد عن التطرف في تغليب المصالح الخاصة على مصلحة السوق. أكرر شكري وتقديري لكم على مجهوداتكم في تطوير هذا السوق. ضياء هاشم المدير المفوض شركة العراق الدولية للتامين بغداد 17 حزيران 2009
مكتبة شركة التامين الوطنية: لمحة سريعة سعاد محمد محمد سعيد تأسيس المكتبة تأسست مكتبة شركة التامين الوطنية، كمكتبة متخصصة، عام 1972 لغرض توفير المصادر والبحوث والمنشورات التي تخص نشاط التامين، إضافة إلى مصادر العلوم الأخرى المساندة لعمل التامين مثل المواضيع القانونية والإحصائية والإدارية والمحاسبية والاقتصادية ومواضيع أخرى ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بنشاط التامين. وكان صاحب فكرة تأسيس المكتبة أ. عبد الباقي رضا عندما كان مديراً عاماً للشركة. وهو أيضاً أول من عرض فكرة تعيين أمين مكتبة متخصص. وكانت المكتبة في البدء تابعة لقسم الإحصاء والبحوث قبل أن تصبح تابعة لقسم التخطيط والتسويق كما هي عليه الآن. تشغيل المكتبة كانت المكتبة متواضعة في قدرتها على تحقيق هدف توفير المصادر فلم يتجاوز عدد الكتب عام 1975 ثمانون كتاباً. وقد بدأ التخطيط وبمنهج علمي لغرض توسيع المكتبة من ناحية عدد المصادر والتسهيلات المقدمة لروادها من الطلاب والموظفين. وكان تعييني في 29/1/1975، كمختصة في علم المكتبات، تأكيداً لهذا النهج حيث تم تحقيق ما يلي: 1- توفير المجال المادي للمكتبة من مكتبات خشبية ورفوف وأرشيف يساعد الباحث في عمله داخل المكتبة وتقديم خدمة الاستعارة الخارجية 2- الاشتراك بما يقارب من 30 مجلة عالمية وعربية ومحلية مختصة في علم التامين، وتصنيف مقالاتها حسب المواضيع في بيان ينشر كل ثلاث أشهر ليفيد ذوي الاختصاص وكذلك تسهيل مهمة الباحثين، ووضع ببلوغرافيا لبعض المجلات العربية 3- تصنيف الكتب حسب المواضيع وإضافة ما هو جديد للمكتبة من كتب ومجلات ومطبوعات أخرى 4- استقبال طلبة المعاهد والكليات وحتى طلاب إعدادية التجارة إضافة إلى موظفي الشركة. ويبلغ متوسط عدد الزائرين والمستفيدين من هذه الخدمة في الوقت الحاضر ما يقارب 150 إلى 200 زائر سنوياً، بعضهم يكرر زيارته من 15-20 مرة. تأثير الأوضاع العامة على المكتبة: الحروب والحصار وقد مرت المكتبة خلال تاريخها بظروف غير طبيعية أضرت بها كثيراً. فقد تم تخفيض عدد الاشتراكات من المجلات العالمية الدورية بسبب تقليص الإنفاق الذي حدث بعد الحرب العراقية / الإيرانية (1980-1988) وبعد حرب الخليج (1990) انقطع الإنفاق بشكل كامل بسبب ظروف الحصار، وحرمت المكتبة ومريديها من الحصول على أية مصادر أو كتب. ثم حدثت المصيبة الكبرى عام 2003 حين تعرضت المكتبة إلى أعمال السلب والنهب التي اجتاحت البلاد ففقدت المكتبة ما يزيد عن 40% من خزينها المعرفي. وبصفتي الموظفة المسؤولة عن المكتبة في حينها، ولمدة وصلت لـ28 سنة، فقد قمت وبمساعدة إدارة الشركة بما يلي: 1- المحافظة على ما تبقى من المصادر وإعادة تجديدها وتصليح المكتبات وإضافة مكتبات خشبية وتصوير ما تضرر من الكتب. 2- مراجعة المكتبة المركزية في جامعة بغداد وتصوير الأطروحات لغرض الحصول على نسخ مما فقد منها وتجديدها. 3- البحث عن مصادر علمية جديدة وتجديد نزر بسيط من الاشتراكات في المجلات. وبينما كان البعض يدعو إلى التقليل من أهمية دور المكتبة حتى وصل الأمر إلى التلميح بإمكانية إغلاقها إلا انني نجحت في ترسيخ إعادة البناء المعرفي للمكتبة. وقد جاء هذا النجاح بدعم الإدارة العليا للشركة حيث تمت الموافقة على التخصيص المالي المطلوب لشراء المصادر الحديثة وتوفير خدمة الحاسب الالكتروني وتزويد المكتبة بجهاز تصوير مستقل والاستفادة من الانترنت. وبهذا تحقق بعض التطور المنشود لتؤدي المكتبة دورها. وأنا أشعر، بعد 35 سنة من الخدمة، رجوع الحياة والحيوية لهذا المرفق العلمي المهم الذي هو واجهة من واجهــــــــات شركة التامين الوطنية وفي ذات الوقت مرجعاً علمياً للمهتمين بالتأمين في شركات التأمين الأخرى وفي المؤسسات الأكاديمية والمهنية. تطوير المكتبة: مقترحات 1- إضفاء استقلالية للمكتبة لتكون وحدة قائمة بذاتها وليست تابعة لأقسام أخرى، ورفدها بالكادر المتخصص لتؤدي عملها بالشكل الصحيح حسب المناهج المعتمدة في تنظيم وإدارة المكتبات. 2- إدخال المكننة الحديثة من حاسوب وجهاز استنساخ. وقد تم مؤخراً توفير هذين الجهازين لكن الحاسوب ما زال بانتظار الربط بالانترنيت رغم أنه أساسي في إدارة المكتبة وفي توفير المصادر. 3- رفد المكتبة بالكتب الحديثة والمجلات المتخصصة في التأمين. لقد كان فتح معارض دولية للكتاب مؤخراً عاملاً مساعداً في اختيار أكثر من 60 مصدر حديث للمكتبة بعد زيارة المعرض الدولي الأول للكتاب. وكانت أسعار الكتب المعروضة التي اقتنيناها أقل من المكتبات الأهلية والتي كانت أسعارها خيالية. 4- الاشتراك بالمجلات الأجنبية العالمية المتخصصة بالتامين حيث أنقطع الاشتراك بها منذ الحصار الدولي سنة 1990 ولحد الآن. وقد يمر بعض الوقت قبل التعرف على عناوين المجلات المضبوطة. في الماضي كان الناشر يزود المكتبة باسم المجلة وسعر الاشتراك والعنوان بكتالوج صغير. والآمل يحدونا أن تعود هذه العلاقة مع الناشرين. 5- إدخال عناوين الكتب والمؤلفين في الحاسوب من خلال استخدام برنامج Excel ووضع جداول إحصائية بما ورد من كتب منذ تأسيس المكتبة ولحد الآن مما يسهل على الباحث عند درجها في الحاسوب معرفة أي موضوع يريده مستقبلا. 6- التعاون مع المؤسسات الأكاديمية وكتاب الأطروحات وتزويد المكتبة بالأطروحات الخاصة بالتامين حيــــث لا يوجد تعاون حقيقي في الوقت الحاضر رغم المراسلات العديدة مع هذه المؤسسات. وفي ظل هذا الوضع يتعين على كاتب الأطروحة توفير نسخة من أطروحته شخصياً للمكتبة. 7- إصدار ببلوغرافيا بالمجلات الأجنبية والعربية الموجودة في المكتبة منذ سنة 1970 لتسهيل مهمة الباحث. 8- سابقاً كانت شركة Swiss Re و Munich Re تقومان بإرسال مطبوعاتهما إلى الشركة وهي مطبوعات تأمينية حديثة ذات أهمية علمية. وقد انقطع التعاون معهما بسبب الحصار العلمي الدولي الذي فرض على العراق بعد غزو الكويت. ولفترة طويلة لم ترسل لنا مطبوعات بالرغم من أننا شركة معروفة لديهما ورغم رفع العقوبات الدولية عن العراق. وقد قمنا بسحب قسم من هذه المطبوعات من مواقع الشركتين على الإنترنيت ولكن ليس كمطبوع حتى يمكن الاحتفاظ بها أكثر لكثرة استعارتها. وبات علينا الآن مخاطبة هاتين الشركتين لإعادة تأسيس العلاقة معهما لضمان وصول مطبوعاتهما إلى المكتبة. 9 لا تضم المكتبة في الوقت الحاضر أرشيفاً خاصاً بمستندات شركة التأمين الوطنية دونكم مستندات شركات التأمين الأخرى. وقد أشار علينا الزميل مصباح كمال بأهمية تأسيس مثل هذا الأرشيف. وقمت لذلك الاتصال بالموظفين القدماء الذين ما زالوا يعملون في الشركة كي أحصل على الوثائق التأمينية القديمة ومستندات أخرى ربما قد تكون متوفرة لديهم لكن الأمر لا يخلو من صعوبة لتعرض المخازن ومحتوياتها للنهب والتلف بسبب العمليات الإرهابية. ولكني سأبذل قصارى جهدي للحصول عليها والاحتفاظ بها في المكتبة. من جهة أخرى، فإني أحتفظ بكراس عن قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية ونظامها الداخلي وهو قديم جداً، وكذلك كراس عن الشركة في عامها السادس عشر، وكراس قديم جداً عن التأمين ومستقبله وتطوره في العراق. كما أحتفظ بقسم من إعلانات الشركة منذ عام 1990 ولحد الآن. سعــــــاد محمد محمــــــــد سعيد مسؤولة المكتبة في شركة التأمين الوطنية بغداد 24 حزيران 2009
خصخصة التامين: سلبيات وايجابيات مصطفى نوري مقدمة لا يخفى على من يتابع الشأن التأميني الاهتمام القديم-الحديث بقطاع التامين في العراق الذي تجدد بسبب الأزمة المالية العالمية وانضمام العراق إلى نادي الدول المصابة بهذه المرض بعد انخفاض أسعار النفط إلى مستويات متدنية الذي أدى إلى عجز في ميزانية الدولة العراقية والاضطرار إلى إعادة النظر بها قبل إقرارها. وليس معلوم مدى تأثير هذا العجز على الإنفاق العام والخاص على شراء الحماية التأمينية. إن الفترة القادمة ستفرض على شركات التامين الحكومية[1] واقعا جديدا يتطلب منها الاستعداد للمواجهة في ظل انخفاض موارد الدولة والذي ستصبح بسببه شركات القطاع العام في دائرة الضوء لما يمكن أن تقدمه من أموال للميزانية العامة. أنا أتكلم هنا عن استغلال شركات التامين من اجل مواردها لا من اجل قدرتها على دعم الاقتصاد الوطني وحماية أصحاب الأموال من الأخطار التي قد يتعرضون لها، إضافة إلى منع تسرب العملة الصعبة لقاء شراء حماية إعادة التأمين من الخارج. ويأتي هذا الاستغلال في وقت تعتبر فيه موارد التامين العراقي ضئيلة قياسا بنظيراتها في الدول المجاورة والتي هي بنصف عمر قطاع التأمين العراقي. مؤشرات خلفية ليست هناك في الوقت الحاضر، على ما يبدو، خطة مرسومة معلنة تجاه مستقبل شركات التأمين الحكومية. لكن هناك ما يؤشر على موقف منها. وبهذا الشأن اقتبس نصاً نقله مصباح كمال في مقالة نشره بتاريخ 5 أيار 2009 حول دعوة د. برهم صالح إلى إعادة رسملة وتحديث قطاع التامين العراقي: "ألقى د. برهم صالح، نائب رئيس الوزراء، كلمة مسهبة باللغة الإنجليزية أمام مؤتمر "استثمر بالعراق: لندن، 30 نيسان 2009" عرض فيها إنجازات الحكومة العراقية خلال الفترة الماضية، وخصوصا في مجال تهيئة الظروف الأمنية والتشريعية والاستثمارية التي تهدف إلى جذب رجال الأعمال والمؤسسات الحكومية والخاصة للاستثمار في العراق. وضمن عرضه للفرص الاستثمارية المرتبطة بإعادة هيكلة القطاع المصرفي والحاجة لرفع مستواه وتوسيعه وتحديثه ذكر ما ترجمته أن "قطاع التأمين يحتاج إلى إعادة رسملة وتحديث": “The insurance sector needs to be recapitalized and modernized as well.” ما قاله د. برهم عن قطاع التأمين لا يتعدى الإشارة المقتضبة جداً إلى إعادة رسملة قطاع التأمين وتحديثه. ورغم اقتضابها إلا أنها تحمل رؤى لم يفصح عن تفاصيلها بعد "[2] واقتبس أيضاً من مقالة سابقة لمصباح كمال حول دعوة وزير المالية إلى تفعيل دور شركات التامين في تعزيز موارد الدولة: "أن وزير المالية وجه دعوة، خلال اجتماع عقده مع عدد من المسؤولين والمدراء العامين في الوزارة، لإعداد دراسة موسعة لزيادة رواتب المتقاعدين خلال أسبوعين، ودعا إلى تفعيل دور شركات التأمين في تعزيز موارد الدولة. وما يهمنا في هذا الخبر هو دعوة السيد الوزير لتفعيل دور شركات التأمين في تعزيز موارد الدولة. دعوة حسنة تستحق الاهتمام ولكن ما هي وسائل تفعيل دور الشركات في تعزيز موارد الدولة؟"[3] توجيه وزير المالية دعوة لشركات التامين الحكومية لتعظيم مواردها بنسبة 100% وذلك للمساهمة في تعزيز موارد الدولة أمر يجب الوقوف عنده والتمعن في مكنوناته. إن مجموع ما يمده قطاعي التامين والمصارف من أموال للخزينة العامة يمثل 3% من خزينة الدولة، وهو مبلغ ضئيل قياسا بالضخامة المحتملة لهذين القطاعين. لنأخذ شركة التامين الوطنية كمثل والتي حققت إجمالي أقساط تقدر بـ 21 مليار دينار(تذكر إحصاءات الشركة أن إجمالي الأقساط بلغت 40 مليار وذلك بإضافة 19 مليار دينار كأقساط في صندوق التامين الإلزامي المودع لدى الشركة من خلال وزارة النفط) لسنة 2008. إن هذا التوجيه يحتم على الشركة مضاعفة أقساطها للعام 2009. من الصعب مضاعفة الاقساط في ظل الظروف التي يعيشها قطاع التامين مع ما يرافقها من قلة الوعي التأميني لدى الشارع العراقي الأمر الذي سوف يؤدي إلى إجبار الشركة، في محاولة للحصول على اكبر دخل من الأقساط، الاكتتاب في تامين أخطار كانت ضمن الخطوط الحمراء بالنسبة لها في فترة من الفترات. إن هذه الدعوات الصادرة بشكل متزامن من قبل نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية تشير إلى وجود رؤية عامة من قبل الحكومة حول مستقبل شركات القطاع العام والتامين بشكل خاص تتلخص في حلين: الخصخصة أو تطوير وإعادة هيكلة قطاع التأمين. وفيما يلي سأركز على الخصخصة، موضوع هذه الورقة. الخصخصة التعريف والمغزى في البداية نحاول أن نجد تعريفاً موجزاً ودقيقاً للخصخصة . في لغة الاقتصادي: تعني الخصخصة سياسة نقل الملكية العامة (الأصول المملوكة للدولة) إلى القطاع الخاص، وبالتالي تحويل المؤسسات العامة المملوكة للدولة إلى القطاع الخاص المملوك من قبل الأفراد سواء كانوا وطنيين أو أجانب، وذلك لتقليص الإنفاق العام وتوفيرا لجهود الحكومة فيما هو انفع للمجتمع. فالخصخصة هي عكس التأميم الذي يعني تحويل الملكيات الخاصة لصالح الدولة عن طريق المصادرة أو بتعويض مالكيها. فهل ستصبح الشركات المؤممة في فترة من الفترات مخصصة في فترة أخرى؟ كلمة الخصخصة صار لها اليوم أكثر من دلالة سياسية لارتباطها بعملية التحول الاقتصادي والاجتماعي في الدول التي كانت تتبع التخطيط المركزي. وكذلك ما تستهدفه الخصخصة من تسهيل اندماج الدول النامية في الاقتصاد العالمي، وإعادة هيكلة اقتصادياتها لتتماشى مع نمط واليات الاقتصاد الحر. وقد أصبحت الخصخصة من البنود الأساسية التي يتبناها كل من البنك والصندوق الدوليين كإحدى المعالجات المالية للأوضاع المالية المتدهورة في الدول النامية. إن الخصخصة ليست غاية بل وسيلة للوصول إلى تطبيق آليات السوق الحر والنظام الرأسمالي. ولم يتم استخدام الخصخصة كسياسة اقتصادية أو وسيلة عملية لإحداث تحول مبرمج في اقتصاديات الدول إلا في سبعينات القرن الماضي حيث أصبح مصطلح الخصخصة من أهم المصطلحات في الساحة الاقتصادية العالمية بعد تصاعد الدعوة في مختلف أنحاء العالم لنقل ملكية المشروعات التي تملكها الدولة إلى القطاع الخاص نتيجة الركود الاقتصادي الشديد المصحوب بنسب تضخم مرتفعة. الخصخصة بين التأييد والرفض يرى المؤيدون لها انها أفضل وسيلة لرفع الكفاءة الاقتصادية وتعظيم الأرباح وبالتالي رفع كفاءة الاقتصاد بشكل عام وفي الوقت نفسه تخفيف العبء عن الحكومات عن طريق التقليل أو التخلص من نفقات الحكومة على تلك المؤسسات ومن ثم تخفيض عجز الميزانية العامة وتوجيه الموارد لخدمة المجتمع ككل، فضلا عن تقليل البيروقراطية الحكومية والقضاء على الروتين، واجتذاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية وتعبئة المدخرات الوطنية، والتخلص من الفساد الإداري والمحسوبية نتيجة إخضاع عملية التوظيف في ظل القطاع الخاص لمعايير اقتصادية سليمة ترتبط بالتكلفة واقتصاديات التشغيل، وحل مشكلة البطالة المقنعة والقضاء على الشللية وعدم الإنتاجية. أما الرافضون لبرامج الخصخصة فيرون أن عددا كبيرا من المؤسسات العامة التي خصصت في الدول النامية بنيت على معايير اقتصادية خاطئة واعتبارات سياسية غير لائقة مثل بيع أسهم مشروعات عامة رابحة إلى شركات أصحابها مجموعة من أصدقاء الحكومة. وبذلك تتحول المؤسسات العامة إلى شكل من أشكال الاحتكار الخاص وباب من أبواب الفساد الاقتصادي والسياسي. كما يرون بأنه ليس من الضروري أن تؤدي الخصخصة إلى زيادة الكفاءة الاقتصادية لان شكل الملكية ليس له علاقة بالكفاءة ولكن شكل الإدارة هو الذي يحدد ذلك. أثار و نتائج تطبيقات الخصخصة إن الخصخصة تكاد أن تكون مستحيلة وفقاً للظروف الحالية التي يعيشها العراق وذلك بسبب تفشي الفساد وارتفاع نسب البطالة. وكذلك فشل تجارب الخصخصة في أغلب الدول النامية أو تعثرها وإفرازها لنتائج اجتماعية غير مرغوبة رغم عدم تعرض اقتصادها لصدمة الحرب وما رافقها من تدمير للبنية التحتية وللمؤسسات كما حصل في العراق. من الممكن تبرير هذا الفشل بارتباط النظام الاقتصادي لمعظم الدول النامية بالنظام السياسي الذي كان تابعا او محسوبا على المعكسرالشيوعي بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق أو مقلداً لنظامه الاقتصادي حيث أصبح الانتقال من النظام الشيوعي الشمولي الى النظام الرأسمالي وأقتصاد السوق المفتوح مشكلة حقيقية تواجه كل حكومة مالم يتم اتخاذ تدابير وإجراءات متوسطة أو بعيدة الأمد للنظام الاقتصادي بشكل عام لتامين سلامة وديمومة الاقتصاد في مرحلة الخصخصة والحذر من انهياراقتصادي في هذه المرحلة الحرجة. إن أغلبية الدول النامية، ومنها الدول العربية، التي انتهجت برامج خصخصة انتقلت من النظام الإقطاعي الجغرافي إلى النظام الإقطاعي الاقتصادي حيث سيطر الإقطاع فيما سبق على منطقة جغرافية وعلى ما يقوم عليها حيث عمل هذا النظام (الممثل لمصالح حفنة من كبار الملاك وأصحاب الثروات الجدد المرتبطين شخصياً بمراكز اتخاذ القرار ضمن الدول النامية) للتخلي عن السيطرة المكانية الجغرافية والاتجاه نحو السيطرة القطاعية الاقتصادية. وقد نجحوا بذلك نسبياً حيث يلاحظ وجود أفراد في الدول النامية يسيطرون على قطاعات اقتصادية كاملة - بالرغم من عدم وجود كفاءة اقتصادية لهم ولمشاريعهم - مستغلين أنظمة الحصر ومستندين على ارتباطهم بمراكز اتخاذ القرار وبما يكفل لهم فرض جملة من الشروط النوعية التي تحدث فجوة هائلة بين العرض والطلب أو تحقق عملية إذعان وخلال فترة زمنية معينة بما يكفل لهم الحصول على أرباح احتكارية خيالية. هذا مع الإشارة لغياب المصلحة الحقيقية لهؤلاء في التطور والارتقاء بمستوى الأداء الاقتصادي ومستوى الكفاءة الإنتاجية وجودة السلعة آو الخدمة وذلك لغياب المنافسة الحقيقية. هذه الأوضاع ليست بغائبة عن ذهن الكثير من المعنيين بالتطور الاقتصادي في العراق وتخوفهم من الآثار السلبية للخصخصة غير المدروسة. وهم يدركون جيداً أن نقل تجربة الخصخصة في الغرب، وخاصة في بريطانيا التي كانت سباقة في هذا المجال، ليست باليسر الذي يفترضه دعاة الليبرالية الجديدة في العراق فنحن أمام نظامين مختلفين في إدارة الاقتصاد والحياة العامة. الخصخصة قبل العام 2003 ان فكرة خصخصة قطاع التأمين تعود إلى السنوات التي تلت العام 2000 حيث عقدت اجتماعات عدة مع المسؤولين في الشركات الحكومية حضرها وزير المالية في النظام السابق. وقد اخذ هذا الموضوع جانباً كبيراً من الجدية إلا انه اصطدم بعدة عوائق منها كيفية بيع أصول هذه الشركات إضافة إلى العدد الكبير للموظفين. أما بعد الاحتلال فقد جرت محاولات من قبل الجانبين الأمريكي والبريطاني لإعادة مشروع خصخصة قطاع التامين[4] والمصارف في محاولة لتخفيف العبء عن الدولة وتفعيل القطاع الخاص إلا ان هذا المشروع اصطدم بالوضع الأمني المتردي في تلك الفترة إضافة إلى العودة للمربع الأول والاختلاف على أصول الشركات والموظفين. المرحلة ما بعد العام2005 إن المرحلة الحالية، والتي يمكن أن نحددها بعد صدور القانون رقم 10 لسنة 2005 واستقرار الوضع الأمني، تتطلب إجراءات جريئة وقاسية لانتشال المؤسسات الحكومية من وضعها الحالي لإعادة العمل فيها بشكل يجعلها قادرة على تلبية احتياجات المواطنين. إن إيجاد مناخ تنافسي بين القطاعات المختلفة (الحكومية والخاصة) من شأنه ترك أثر ايجابي على الخدمة المقدمة للمواطن والارتقاء بالعمل إلى مستوى مهني يخدم البلد ويحفز الشركات على بذل جهد مضاعف. وقف تنفيذ الخصخصة: تطوير وإعادة هيكلة قطاع التأمين على الشركات الحكومية المبادرة بالنهوض بواقعها والقيام بإعادة الهيكلة الشاملة لهياكلها المالية والإدارية والفنية والاستفادة من خبرات العاملين على إدارة هذه الشركات أو من هيئات البحث الاقتصادية والمالية سواء أكانت هذه الهيئات عراقية أو غير عراقية. ويرتبط تطوير وإعادة هيكلة قطاع التأمين من جميع النواحي الإدارية والمالية والتكنولوجية بإدخال أنظمة الحاسوب في جميع مراحل الإصدار والتعويض والحسابات على أنواعها، والمثابرة في لابتعاد عن الأمية الالكترونية "فالمعرفة قوة" كما يقال. ويتطلب تغيير الواقع القائم خلق فرص اكبر لتدريب الكوادر بشكل وطني ومسؤول وبنظرة بعيدة المدى مما سيخلق جيلاً جديداً قادراً على الارتقاء بمستوى التامين في العراق خاصة وان تطوير هذا القطاع لا يستنزف من خزينة الدولة أية مبالغ تذكر بسبب اعتماد الشركات العامة على التمويل الذاتي. يجب الانتباه إلى أن الخصخصة قادمة وشركات ووكالات التامين الأجنبية قد حجزت مكانا لها في الصفوف الأمامية ولا يفصلنا عنها سوى بضع سنين. فمع وجود هيكل إداري مترهل وبطالة مقنعة وفساد إداري مستشري في جميع دوائر الدولة وفقر في تسخير التكنولوجيا والآثار السلبية للقانون رقم 10 لسنة 2005 فإن الشركات الحكومية ستكون في موقف محرج مما يعرضها إلى تناقص في الأرباح، وتتحول من شركات تمويل ذاتي إلى شركات مفلسة تنتظر دورها للدخول تحت خيمة الخصخصة. يفترض أن وجود عدد كبير من شركات التامين الخاصة العاملة حاليا في العراق، والتي يرجع تاريخ تأسيس بعضها إلى ما قبل الاحتلال عام 2003، يساهم في إذكاء المنافسة وتغيير بنية السوق إلا أن القطاع الخاص لم يتمكن بعد من الوقوف على ند المنافسة مع الشركات الحكومية بسبب ضعف الكفاءة المالية لهذه الشركات وعدم احتوائها لخبرات جيدة تؤهلها الاكتتاب في مختلف فروع التأمين. فلا يمكننا إذاَ رمي كل العلل الحاصلة في اقتصادنا على كاهل القطاع العام فالقطاع الخاص لم يقم بواجبه في تحديث وتطوير امكانياته أو النزول إلى الشارع بل تقوقع وبقي يعيش على ما يقدم له من أعمال ذات علاقة بمالكي شركات التأمين الخاصة، وعلى عمولة الإعادة. فهل نستطيع ان نتحامل على القطاع العام ونتهمه باحتكار العمل التأميني ان كان القطاع الخاص منطوياً على نفسه؟ إن المشكلة التي تعوق مسيرة التقدم في كل مناحي الحياة منذ العام 2003 ولغاية الآن هو عدم وجود برنامج وطني ببراءة اختراع عراقية لإحداث نهضة تنموية شاملة تعنى بحياة وبرفاهية المواطن. فما يتم هو عبارة عن استحضار برامج تنموية جاهزة لتطبيقها في العراق وهو أمر يدعو للحزن. لماذا هذا التوجه والانجراف نحو الغرب؟ ألا يمكن للعراق خلق نظام اقتصادي وطني؟ هل أصبحنا فعلا الولاية رقم 52 ووجب علينا استنساخ النظام الأمريكي؟ يؤيد الكثير من العراقيين هذه الفكرة ومثالهم ما وصلت إليه دول الخليج العربي من تقدم ورفاهية بعيداً عن السيطرة الحكومية المباشرة على الاقتصاد. هل نحن الآن أمام منعطف طريقين: أما بالتوجه نحو تحرير الاقتصاد والخصخصة أو بالمراوحة بصرف 70% من الميزانية العامة كمصاريف تشغيلية. إن هذه دعوة لأخذ الحيطة وتكهن لما سيحدث ربما خلال السنوات العشر القادمة. لذا يجب اخذ مشروع الخصخصة على محمل الجد، وهي أيضاً دعوة لتطوير الموظف سواء من تلقاء نفسه أو من خلال دائرته قبل ان يحجز لنفسه مقعدا في طابور العاطلين لعدم كفاءته أو إلمامه باللغة الانكليزية والكمبيوتر والتي أصبحت من أبسط متطلبات التوظيف. المصادر عباس سعيد ألأسدي، الخصخصة (بغداد، 2006) مصطفى نوري القسم الفني، شركة التأمين الوطنية بغداد 23 حزيران 2009 [1] تضم الشركات الحكومية شركة التأمين الوطنية (تأسست سنة 1950)، شركة التأمين العراقية (1959) وشركة إعادة التأمين العراقية (1960). [2] مصباح كمال، " د. برهم صالح وإعادة رسملة وتحديث قطاع التأمين العراقي" مدونة مجلة التأمين العراقي http://misbahkamal.blogspot.com/2009/05/blog-post_20.html [3] مصباح كمال، "تفعيل دور شركات التأمين في تعزيز موارد الدولة: مناقشة دعوة وزير المالية" مدونة مجلة التأمين العراقي http://misbahkamal.blogspot.com/2009/05/6-2009.html [4] مصباح كمال، "ملاحظات نقدية حول إعادة هيكلة سوق التأمين العراقي" مدونة مجلة التأمين العراقي http://misbahkamal.blogspot.com/2008/07/2004-2005.html

2009/06/23

مستقبل شركة ليبيا للتأمين: تعليق شخصي مصباح كمال يؤكد الكاتب أن الأفكار الواردة في هذه الورقة تمثل موقفه الشخصي البحت ولا علاقة لها بشركة وساطة التأمين التي يعمل لديها، وهي أفكار أولية يراد منها إثارة النقاش. يرحب الكاتب بأية تعليقات لإثراء الموضوع والمساهمة في تعميق التحليل والبحث عن سبل تطوير ما هو قائم. [1] كتبنا في دراسة بعنوان "تعليقات موجزة حول القانون الليبي للإشراف والرقابة على التأمين لسنة 2005" فقرة حول مستقبل شركة ليبيا للتأمين: "لا يرد أي ذكر لمفردة الخصخصة في القانون ولكن المادة (69) تعكس حقيقة ما هو المراد لقطاع التأمين ربما ليس آنياً. فمع إلغاء القانون رقم (156) لسنة 1970 في شأن مشاركة الدولة في شركات التامين المؤسسة في الجماهيرية أصبح مستقبل شركة ليبيا للتأمين، العائدة للدولة، معروفاً."[1] هناك حديث دائر بهذا الشأن، نعني الخصخصة، حتى أن البنك الدولي أشار إلى الموضوع في تقرير اقتصادي عن الجماهيرية الليبية[2] إلا أنه، حسب المعلومات المتوفرة لدينا، لم يجري اتخاذ خطوات عملية بهدف التهيئة للخصخصة كإعادة تقييم أصول الشركة والبحث عن الآليات المناسبة ونطاق الخصخصة (كاملة أو جزئية) دونكم طرح الموضوع للمناقشة. هذا الوضع المعلق وغير الواضح يشكل عبئاً نفسياً على معظم العاملين في الشركة ويشجع البعض على تركها للالتحاق بإحدى شركات التأمين الخاصة إما بدافع الحصول على راتب مجزِ[3] أو هروباً من وضع لا تعرف نهايته. ولعل البعض الآخر يترقب اقتراب أجل التقاعد من الوظيفة أو الانتظار بأمل الحصول على منافع مادية أو وظيفية، متخيلة أو حقيقية، متى ما تحققت الخصخصة. [2] عندما تكون الكيانات الاقتصادية مملوكة بالكامل للدولة فإن حرية تصرفها تبقى أسيرة للقوانين المنظمة لها والقوانين العامة وربما تخضع لهذه الحد أو ذاك لأنواع من التدخل السياسي. وهي في ذلك قد لا تختلف كثيراً عن كيانات القطاع الخاص فهذه محكومة أيضاً بانظمتها الأساسية وبقوانين الشركات وغيرها من القوانين ذات العلاقة بالعمل التجاري. لكن ما يميز الشركات الخاصة هو الهدف من وجودها فأصحابها معنيون أولاً بتحقيق هامش مقبول للربح وإلا تحولوا إلى جمعيات خيرية تضع نصب عينيها تقديم خدمات دون التفكير بالربح وهو ما لا يتفق مع فكرة المشروع الرأسمالي. لكن الشركات العامة ليست ببعيدة عن هدف تحقيق الربح أو لنسميه الفائض. نجد تعبيراً لذلك في افتخار الشركات العامة بعرض نتائج أعمالها في تقاريرها السنوية مثلما تفعل الشركات الخاصة عندما تحقق الأرباح. أين نجد الفرق بين هذه الكيانات العامة والخاصة؟ نجدها في أسلوب إدارة العمل اليومي (كفاءة البيروقراطية أو ترهلها)، وفي نظام الحوافز للعاملين (الرواتب والمكافآت والترقيات)، وفي التعيين السياسي (وخاصة لرأس الشركة ومن خارج قطاع التأمين)، وفي حرية التصرف دون اللجوء إلى سلطات أعلى (السياسة الاستثمارية، السفر إلى الخارج لأغراض العمل أو التحويل الخارجي[4] مثلاً)، واستخدام التكنولوجيا الحديثة (الكومبيوتر والبريد الالكتروني)، وفي التوظيف باعتماد معايير الأهلية الفنية والعلمية بعيداً عن التدخل السياسي أو التماثل مع سياسة الخدمة المدنية.[5] [3] نقاد شركات القطاع العام ينعون باللائمة عليها، وفي زماننا أصبحت هذه الشركات موضوعاً سهلاً للاستخفاف وتسفيه الخدمات التي كانت تقدمها. ولكن كيف يتأتى لشركة عامة، كشركة ليبيا للتأمين، أن تمارس عملها وهي مكبلة بقيود إدارية لا تستطيع تجاوزها وجل ما تستطيع أن تعمله هو مخاطبة الجهات العليا للسماح لها بأن تقوم بهذا أو ذاك من الأعمال والتصرفات. ومن المؤسف أن هذه الحالة مازالت قائمة في ليبيا وفي غيرها من البلدان العربية بهذا الشكل أو ذاك. ففي دراسة لنا حول بعض قضايا شركات التأمين العامة في العراق ذكرنا ما يلقي قليلاً من الضوء على بعض الصعوبات التي تعاني منها شركات التأمين العامة: "هذه الشركات تبدو في الظاهر مستقلة في إدارة كل شؤونها إلا أن ما ينتقص من هذه الاستقلالية أنها كانت ومنذ أواخر سبعينات القرن العشرين، ولا تزال، خاصة بعد سقوط الدكتاتورية في 9 نيسان 2003، عرضة لتكون أوعية لاستخدام عناصر ذو توجه سياسي معين في كادرها الوظيفي، وأداة لامتصاص البطالة بين خريجي الجامعات وعلى أسس غير فنية (حزبية وطائفية وعشائرية)، أحياناً، وتعمل بموجب قواعد للاستخدام والترقية تفتقر إلى المحفزات وتكبح الطموح والإبداع وتعظيم كفاءة الأداء ولا تعتمد على مبدأ الثواب والعقاب والشفافية والمحاسبة. لربما تلحق هذه الملاحظة حيفاً ببعض العاملين في الشركات وهو ما لا نقصده فنحن نعرف أن المؤهلات الفنية والحرفية للعديد منهم كانت رفيعة وهم الذين ساهموا في إبقاء النشاط التأميني حياً أثناء السنوات الصعبة وهم الذين رفدوا شركات التأمين الخاصة بالعديد من الكوادر وما زال البعض مثابراً في العمل وفي إحياء النشاط التأميني رغم المعاناة الطويلة التي كانت تسم حياتهم."[6] وتوسعنا قليلاً في ما يخص علاقة شركات التأمين العامة مع وزارة المالية التي وصفناها بالحبل السري:
"من المفترض أن هذه الشركات قد أعيد تشكيلها بموجب قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 [لتكون شركات تجارية ذات تمويل ذاتي] وتعمل الآن في ظروف انفتاح سياسي ومساحة واسعة من الحريات العامة فهل يا ترى أن هذه الشركات تتمتع باستقلالية في تصريف شؤونها وتمويلها أم أنها ما زالت تخضع لوزارة المالية! نحن نميل إلى الزعم إن استقلاليتها ما زال محدوداَ حتى أن قرار سفر موظفيها إلى الخارج لمتابعة شؤونها مع معيدي التأمين والوسطاء الدوليين يخضع لموافقة وزارة المالية. وهو أمر مستغرب في السياق العام حيث يسافر الوزراء والمدراء الكبار وغيرهم إلى الخارج بيسر لأداء مهماتهم أو الالتحاق بأسرهم في الغرب مستفيدين من مخصصات عالية. والسؤال الذي يثار هنا: لِمَ التقتير مع العاملين في شركات التأمين العامة؟ ألم يحن الوقت لإرخاء القيود البيروقراطية وتوفير الفرصة لهم للاهتمام بشؤون صناعتهم مع أسواق التأمين الدولية وتحسين شروط تعاملهم مع معيدي التأمين؟" [4] نحن نظلم بعض شركات القطاع العام، ومنها شركة ليبيا للتأمين، عندما نتناسى المناخ العام الذي تعمل في ظله والقيود التي تكبلها في أداء وظائفها الفنية والتجارية والاستثمارية. إلا أن هذه الشركات يجب أن لا تكون بمنأى عن النقد،[7] وليس مجرد الانتقاد الإيديولوجي، إذا كان الهدف ينصبّ على الاستمرار في وجودها وتحسين أدائها ضمن شروط المنافسة القائمة. ومن المناسب أن نتذكر أن مديري وموظفي شركات القطاع الخاص هم من "خريجي" شركة القطاع العام، "المدرسة" الوحيدة في السوق الليبي لأكثر من عقدين، لا بل أن مراقب التأمين الحالي في وزارة الاقتصاد كان يعمل سابقاً في هذه الشركة. لماذا كانت كفاءاتهم في الماضي القريب محجورة ومكبوتة ومقيدة أو دون المستوى عند مقارنتها مع غيرها وانطلقت حال تحولهم إلى الشركات الخاصة؟ لا ريب أن السبب الأساس يكمن في الشروط والضوابط العامة القانونية وغيرها التي تكّيف عمل شركة القطاع العام، وهو ما يفيد في تفسير ركودها المزمن والإجراءات البيروقراطية والتدخل السياسي الذي ينتظم عملها. إذاً العيب ليس كامناً في الأشخاص، وإنما في التشكيلة البنيوية للشركة، هذا إن توفرت لهم الأطر المناسبة لتأهيلهم، علمياً وعملياً، وتشبعوا بالثقافة الخاصة بالنشاط التأميني الذي يقع ضمن قطاع الخدمات ويتطلب معرفة متعددة الجوانب.[8] [5] إضافة إلى السياق العام هناك جملة من المشاكل التي تعاني منها شركة ليبيا للتأمين نأتي على ذكر بعضها. من الملاحظ أن الجيل القديم من العاملين فيها، جيل الستينات والسبعينات، هو الذي رفد شركات القطاع الخاص بالكوادر، ومن تبقى منه هو الذي يسّير الشركة. المشكلة هي أن أفراد هذا الجيل، المتمرس في صناعة التأمين بحكم استمرارهم في العمل، سيغادر الشركة تباعاً مع حلول أجل تقاعدهم أو الهجرة تجاه الشركات الخاصة. ولا يبدو أن هناك بديلاً جاهزاً لهؤلاء، وقد يمضي وقت طويل قبل أن يتمكن الجيل الجديد من تسنم المسؤوليات ـ هذا بافتراض أن الشركة ستظل محتفظة بقوتها ومكانتها في السوق. لا نريد أن نظلم أفراد الجيل الجديد في قدراتهم فهم من نتاج مرحلة تعرض فيها التعليم، في مختلف مراحله، لهزات وتسيب أثرت على اكتساب المعارف العلمية وحتى اللغوية. وبالتالي فهم الآن بحاجة إلى تدريب كثيف لامتلاك المعارف والمهارات التأمينية كي تستطيع الشركة التنافس بندية مع الشركات الخاصة. هذا الوضع ربما ينسحب أيضاً على الموارد البشرية في الشركات الخاصة. نقول ربما لأن إدارات هذه الشركات، المعنية بزيادة الإنتاجية وتعظيم هامش الربح وتقف مسؤولة أمام المساهمين، تلجأ في سياسة الاستخدام إلى انتقاء من هو أفضل.[9] وما لم تتكاتف الجهود في عمل جماعي لتهيئة الشباب من خلال التدريب وبناء القدرات لديهم فإن واقع تدني مستوى الأداء سيظل قائماً. في الماضي كانت شركة ليبيا للتأمين تستقطب عدداً قليلاً من الكوادر الفنية من أسواق التأمين العربية للعمل لديها لتغطية النقص في طاقم موظفيها. وترك معظم هؤلاء أثراً جيداً على زملائهم الليبيين من الشباب. وهم في ذلك كانوا يساهمون بشكل غير مباشر في تطوير المهارات لدى زملائهم الليبيين. وهو نتيجة لما صار يعرف الآن، ضمن دعوات الاستثمار الأجنبي المباشر، بنشر أو انتقال الكفاءة efficiency spillover من خلال التلاقح بين الأجنبي المتطور والمحلي القابل للتطوير، الذي يساعد على توليد معارف ومهارات جديدة للمؤسسات المحلية. هناك مشكلة أخرى تمس نظام الحوافز الذي ما زال غائباً أو مغيباً عن النقاش العلني. ونعني بهذا هنا حصراً تجميد رواتب الموظفين لما يزيد عن عقدين.[10] إحدى نتائج هذا الواقع، وفي أحسن الحالات، هو إضعاف معنويات العاملين في الشركة يقابلها تأسيس شروط قيام الفساد بأشكاله المختلفة. ونود التأكيد هنا على أن الفساد في شركة ليبيا للتأمين يكاد أن يكون نادراً الأمر الذي يفصح عن استقامة في سلوك العاملين قل نظيرها. ولكن لا نعدم وجود حالة التشكيك غير المبرر بين العاملين لما يقدمون عليه من قرار أو اتصال وخاصة مع المعيدين ووسطاء إعادة التأمين. ومن الأمور التي ساهمت في تشتيت الإنتاجية إضاعة وقت الإدارة والموظفين في متابعة شؤون خارجة عن جوهر العمل التأميني، بعضها ذات طابع سياسي وبعضها يشكل امتداداً للعمل التأميني. وقد بان ذلك خلال فترة الحصار الأمريكي (1986) وبعدها حصار الأمم المتحدة (1993) إذ أن وقتاً وموارد إدارية كانت تستهلك في الاهتمام بقضايا التحويل الخارجي لمعيدي ووسطاء التأمين بدلاً من توجيهها نحو الانتاج. وكانت الشركة تشرح، متوسلة، لمصرف ليبيا المركزي أهمية مقابلة التزاماتها الدولية. وقد فوّتَ ذلك عليها، وما ترتب عليها من تأخير مفرط في تسديد أقساط إعادة التأمين في أوانها، فرصة الانتفاع من حركة أسعار التأمين في أسواق التأمين العالمية لصالح زبائنها الكبار وخاصة في القطاع النفطي. ومن المؤثرات الخارجية التي كان تأثيرها سلبياً على الموارد المالية للشركة الرسوم التي كانت تدفعها عن كل عملية تحويل خارجي، إضافة إلى الرسوم المصرفية، كمساهمة منها في تمويل مشروع النهر الصناعي العظيم. أضف إلى ذلك الاستنزاف التدريجي لأموال الشركة بسبب قانون التأمين الإجباري من المسؤولية المدنية من حوادث المركبات الآلية لسنة 1971. وكان اللجوء إلى هذا القانون يشكل مصدراً لارتزاق البعض والانتفاع غير الأخلاقي من دعاوى قضائية تقام باسم ورثة ضحايا حوادث السيارات ضد الشركة. وهذا ما حدى بشركة ليبيا للتأمين إلى بذل جهود كبيرة لإقناع وزارة الاقتصاد لإعادة النظر في قسط التأمين الإجباري على المركبات الآلية، وكان ضئيلاً جداً، وفي وضع سقف لحدود المطالبة وتحديد الورثة المستحقين للتعويض.[11] وقد استفادت جميع شركات التأمين الليبية من هذا التغيير. وظلت الشركة لفترة طويلة تعاني من شحة أجهزة الكومبيوتر والفاكس وصعوبة الاتصالات الهاتفية سواء أثناء إقامتها في طرابلس أو عند إجبارها على الإقامة في مدينة الزاوية، وما ترتب على هذا الانتقال من مصاعب إضافية في حركة العاملين. ويمكننا أن نتخيل الوقت الضائع في محاولات الاتصال بالهاتف أو إرسال فاكس إلى الخارج، وكذلك حركة العاملين اليومية بين طرابلس والزاوية. هكذا كان حال شركة ليبيا للتأمين وما تزال الشركة تعمل ضمن الشروط الحاكمة للشركات العامة. وهي لذلك عرضة لأن لا تكون في مصاف الندية الكاملة مع شركات القطاع الخاص في التنافس على الأعمال وتقديم الخدمات. الاستمرار في الوضع الحالي للشركة ربما سيعمل على نخرها وبالتالي إلغاء مبرر وجودها. وقد يكون هذا ما هو مضمر لها في ظل التوجه نحو الخصخصة باعتبارها الأداة الفضلى لكفاءة الأداء الاقتصادي. [6] الخصخصة موضوع سياسي بامتياز يقدم للناس ضمن مبررات اقتصادية فقرار الخصخصة قرار سياسي تقوم به الحكومات. ولا تهدف هذه الورقة إلى مناقشة هذا الجانب من موضوع الخصخصة بالتفصيل. لكنه من المفيد الإشارة، فيما يخص الكفاءة الاقتصادية، إحدى المبررات المقدمة لصالح الخصخصة، إلى أن النظرية الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة تعتبر الكفاءة وظيفة للسوق وللحوافز وليس للملكية. وبالتالي تصبح موضوعة الملكية، العامة أو الخاصة، أمراً نافلاً أو ثانوياً في تقييم الكفاءة شريطة أن تعمل الشركات، العامة والخاصة، في سوق قائم على التنافس بين الكيانات الاقتصادية ـ أي السوق الذي يتمتع بحرية دخول وخروج الوحدات منه، واستقلال إدارات هذه الوحدات في الاستجابة لمؤشرات السوق (الاستجابة لطلبات وحاجات المستهلكين دون تخطيط مركزي)، وتوفر آلية لمساءلة الإدارات عن أدائها. إن كان هذا التوصيف ينطبق على سوق التأمين الليبي فإن شركة ليبيا للتأمين، متى ما أصبحت مستقلة في إدارتها وفي التصرف بمواردها المالية ضمن القوانين المنظمة لعمل شركات التأمين، وهو شرط أساسي في اعتقادنا، تستطيع عندها تجاوز وضعها الحالي وتحسين أدائها الاقتصادي (أي تحسين مجمل إنتاجها من الأقساط والعوائد الاستثمارية وإنتاجية العاملين لديها) بالتنافس مع الكيانات التأمينية القائمة ـ هذا بافتراض أن إدارتها تمتلك الرؤية الاستراتيجية المناسبة للعمل في إطار التنافس. فمحك الحكم لا يعود عندها مرتبطاً بالملكية بل بالكفاءة الاقتصادية. لرب قائل يقول أن مطلب الخصخصة، وكما يروّج له، ينصب على نقل الأصول من القطاع العام إلى القطاع الخاص باعتبار أن القطاع الخاص هو الأكثر كفاءة في استعمال هذه الأصول. وقد يكون هذا صحيحاً، عندما ينظر إليه مجرداً من نتائجه، ويتم التركيز على تحقيق هامش أفضل للربح. وربما يكون هذا دافعاً نحو خصخصة الشركة إلا أن الدولة الليبية لا تعاني من شحة في مواردها المالية تضطرها إلى الخصخصة كوسيلة لتوليد موارد جديدة لميزانية الدولة (وهو ما تقضي به سياسات التكييف الهيكلي المفروضة من المؤسسات المالية الدولية). وربما يكون الانفتاح الاقتصادي واستقدام الاستثمار الأجنبي المباشر دافعاً آخر للخصخصة ضمن شروط الاستجابة لمتطلبات عضوية منظمة التجارة الدولية. وتبقى مسألة الخصخصة مفتوحة وبحاجة إلى بحث معمق ومشاركة في النقاش وخاصة من العاملين في شركة ليبيا للتأمين. ويتمنى المرء أن لا تضام حقوق العاملين عندما يتخذ القرار السياسي لخصخصة الشركة. مصباح كمال لندن، كانون الأول/ديسمبر 2006 عرضنا هذه الدراسة للنشر على هيئة تحرير ليبيا للتأمين، المجلة الفصلية لشركة ليبيا للتأمين، إلا أنها لم تنشر بحجة أن مثل هذا الموضوع يجب أن يكتب من قبل شخص ليبي! ونحن ننشره هنا لأن زميلنا نوري مصطفى سينشر دراسة له عن خصخصة شركات التأمين في العراق في هذه المدونة، ولأن بعض الأفكار التي أوردناها في ورقتنا ذات طبيعة عامة يمكن أن تمس جوانب من واقع التأمين في العراق.
مصباح كمال
لندن 23 حزيران 2009 [1] مصباح كمال: "تعليقات موجزة حول القانون الليبي للإشراف والرقابة على التأمين لسنة 2005، التأمين العربي، العدد 86، ص 76. [2] World Bank, Socialist People’s Libyan Arab Jamahiriya: Country Economic Report (July 2006), p 69. [3] ذكر لنا زميل ليبي، عرضنا عليه مسودة هذه الورقة للاطمئنان على صحة المعلومات التي أوردناها، أن قراراً قد صدر من اللجنة الشعبية العامة يسمح للجمعيات العمومية بتعديل مرتبات مستخدميها، وأن القرار ينطبق على شركة ليبيا للتأمين، وينتظر تطبيق نظام المرتبات الجديد مع بداية 2007. (رسالة الكترونية مؤرخة 21/12/2006) [4] لعل ما جاء في المادة 66 من قانون رقم (3) بشأن الإشراف والرقابة على نشاط التأمين لسنة 2005 يوفر حلاً لموضوع التحويل الخارجي إذ نصت على حق شركات التأمين وإعادة التأمين "في فتح حسابات بالنقد الأجنبي بالداخل والخارج لمقابلة التزاماتها." [5] يشير مختار محمد الدائرة، أمين اللجنة الشعبية لشركة ليبيا للتأمين، إلى ما أسماه "تكدس العمالة والتسيب الإداري" في حوار طويل مع ليبيا للتأمين، المجلة الفصلية لشركة ليبيا للتأمين، العدد الأول، شهر الفاتح 2006، ص 11. [6] مصباح كمال: "نظرة سريعة على بعض قضايا شركات التأمين العامة في العراق: ورقة استهلالية للنقاش" (لندن: آب 2006). لم ترى هذه الورقة النور بعد، واعتذرت إحدى الدوريات التأمينية العربية عن نشرها. [7] نقد شركة ليبيا للتأمين من الداخل موضوع قائم بحد ذاته ويستحق دراسة مستقلة وقد يتشجع أحد العاملين في الشركة للقيام بمثل هذه الدراسة. هناك مقتربات مختلفة للقيام بمثل هذه الدراسة كأن تكون من منظور تاريخي أو مقارن أو اقتصاد المؤسسات .. الخ. [8] من رأي الزميل الليبي أن قطاع التأمين الليبي "يعاني من نقص شديد في الكفاءات التأمينية." ومن رأيه أيضاً أن كفاءات مستخدمي شركات ليبيا للتأمين الذين انتقلوا لشركات القطاع الخاص لم يظهر إلا قليلاً: "قد يكون هناك بعض التحسن في الخدمات، وهو تحسن محدود ولا يرقى لاعتباره تميزا في اداء المستخدمين بسوق التأمين الليبي." (من رسالة الكترونية مؤرخة في 21/12/2006) [9] في رسالته الإلكترونية لنا (21/12/2006) أتى الزميل الليبي على ذكر ملاحظات بشأن انتقاء أفضل العاملين من سوق العمل، أورَدَها باختصار كما يلي: · انتقاء الأفضل غير متوفر، فالكوادر الجيدة محدودة جدا. · الشركات الجديدة التي أنشئت أو التي بصدد الإنشاء تبحث جاهدة عن عمالة ذات دراية حتى ولو كانت درايتها ضئيلة، وهذا أدى الى تقمس [هكذا في الأصل] بعض محدودي الكفاءة لوظائف قيادية في بعض الشركات لانهم افضل ممن لا يدري على الإطلاق. · الكفاءات المتميزة أو الواعدة (رغم محدوديتها) أصبحت موضوعة تحت المجهر سواء للشركات العاملة حاليا أو الشركات الجديدة. [10]أوضح الزميل الليبي أن تجميد المرتبات كان عاماً وليس مقصوراً على شركة ليبيا للتأمين. يعني هذا أن بعض مؤسسات القطاع العام، رغم تجميد مرتبات العاملين فيها، لم تشهد مستوى الكسل الوظيفي والتدهور في الكفاءات كما خبرتها شركة ليبيا للتأمين. [11] قامت شركة ليبيا للتأمين بهذا الخصوص بتنظيم "ندوة التأمين الإجباري للسيارات: مشاكل الحاضر وآفاق المستقبل" (بنغازي: 23-24/10/1999). وقد ساهمنا في هذه الندوة القيمة بورقة تحت عنوان "مقتربات لدراسة آثار السيارة وتأمين المسؤولية المدنية." نشرت هذه الورقة في مجلة التأمين العربي، العدد 63، 1999، ص 30-39.

2009/06/17

مُذكّرة: عن معيدي التأمين وشركات التأمين العراقية مصباح كمال مقدمة لقد بادرنا إلى كتابة هذه المذكرة وتقديمها إلى رئيس مجلس ومدير عام شركة التأمين الوطنية، باعتباره أيضاً رئيساً لجمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق، من باب فتح باب النقاش في موضوع نرى أنه يستأثر باهتمام الشركة وغيرها من شركات التأمين العراقية. وهي مذكرة غير مكتملة فهي بحاجة إلى مساهمة المعنيين به في العراق إذا أننا نكتب كراصد من خارجه. كما أن بعض الأفكار الواردة فيها انتقائية وتحتاج إلى تفصيل وربما نعود إليها في المستقبل أو عند التحاور مع مثيري الأسئلة والتعليقات. نعرف أن العلاقة بين شركات التأمين العراقية ومعيدي التأمين الاتفاقي صارت موضوعاً لشكوى بعض هذه الشركات بعد تجديد الاتفاقيات لسنة 2009 فيما يخص تسعير الأخطار الكبيرة، وتصعب المعيدين في إدراجها تحت الاتفاقيات إضافة إلى التشدد في بعض بنود التغطيات الاختيارية. هناك أسباب فنية تدفع معيدي التأمين إلى التشدد، بعضها نابع من الأوضاع العامة السائدة في أسواق إعادة التأمين الدولية، وبعضها الآخر، وهي الأكثر أهمية، تكمن في أوضاع العراق كبلد تعرض قطاعه التأميني لظروف سلبية تمتد لعدة عقود وآثارها مازالت قائمة. كما أن القطاع، كغيره من قطاعات الاقتصاد العراقي، أصبح محكوماً بتدهور الأوضاع الأمنية بعد الاحتلال الأمريكي سنة 2003. وما زالت نظرة معيدي التأمين تقوم على اعتبار هذه الأوضاع حاسمة في تحديد موقفهم تجاه الاكتتاب بالأعمال العراقية. لمحة عن مواقف المعيدين هناك جهل، أو قل عدم معرفة كافية، لدى معيدي التأمين الكبار بأوضاع سوق التأمين العراقي، وخاصة أولئك اللذين لم يكتتبوا بأخطار عراقية قبل غزو العراق للكويت (1990). وهؤلاء يغضون النظر، في معظم الحالات، عن الاكتتاب بالأعمال العراقية لأن أقيامها المالية صغيرة، أو لأن العراق خارج النطاق الجغرافي لاتفاقياتهم. أما معيدو التأمين المهتمين بهذه الأعمال فإن مواقفهم تقوم على إدراك مبالغ فيه، قابل للنقاش، بشأن الأوضاع الأمنية التي سادت في العراق منذ الغزو الأمريكي للعراق (2003)، وهي أوضاع مازالت تحتل مساحة كبيرة في قناعاتهم الاكتتابية. لنرصد أولاً ترجمة الموقف الإعادي الدولي وما يتفرع عنه من أنشطة ملازمة لإعادة التأمين. يجد هذا الموقف ترجمته الأساسية في عدم زيارة أي معيد دولي للعراق منذ أواسط ثمانينات القرن الماضي. وقد تعزز هذا الواقع بسبب قرارات مجلس الأمن في فرض منظومة من العقوبات المكبلة مباشرة بعد غزو العاق للكويت في 2 آب 1990 طالت آثارها قطاع التأمين في العراق. ومنذ إعادة تأسيس العلاقات بين سوق التأمين العراقي وأسواق إعادة التأمين الدولية والعربية فإن اللقاءات بين ممثلي سوق التأمين العراقي ومعيدي التأمين تتم، في فترات متباعدة، إما في إقليم كوردستان أو في عواصم دول الجوار. نلاحظ أيضاً في نفس الوقت عدم زيارة أي وسيط دولي لإعادة التأمين للعراق.[1] وكذا الأمر في عدم قيام خبراء التسوية والمعاينة الغربيين بمهام الكشف الميداني على مواقع الأضرار أو المعاينة لأغراض الاكتتاب، والاعتماد في ذلك، متى ما نهضت الحاجة، على ممثليهم في دول الجوار. إزاء هذا الوضع يجب العمل الدءوب على تغيير نظرة معيدي التأمين السلبية تجاه العراق وتجاه سوق التأمين فيه، وعدم انتظار التغيير التلقائي في موقف المعيدين، واتخاذ المبادرات الداخلية التي تصب في هذا المسعى. الملاحظات التالية، وهي تنطبق على إعادة التأمين الاتفاقي والاختياري، هي محاولة لإثارة التفكير بالأدوات التي يمكن لشركات التأمين الاعتماد عليها بهذا الصدد. قد لا يجد استخدام هذه الأدوات صدى سريعاً ومباشراً في إدراك المعيدين لكنها، مع ذلك، جديرة بالمحاولة إذ أنها ستساهم في وضع بعض لبنات التغيير في مواقفهم. قناعتنا هو أن مواقف المعيدين في الغرب ستميل نحو التغير الإيجابي مع ازدياد حجم الأقساط المكتتبة وتزايد الطلب على الإعادة الاختيارية مقرونة بتحسن الأوضاع العامة في العراق. إن تطور حجم الأعمال ونوعيتها وربحيتها .. الخ ستكون بمثابة المحفز لمعيدي التأمين لإعادة النظر في مواقفهم المتشددة تجاه سوق التأمين العراقي. نعرف بأن حجم الأقساط المكتتبة في العراق صغير جداً مقارنة بالأرقام الكبيرة التي يتعامل بها معيدو التأمين ونظرة سريعة على البيانات المالية لشركة ميونيخ لإعادة التأمين، المعيد الاتفاقي القائد لاتفاقيات سوق التأمين العراقي، مثلاً، ترينا ما نرمي إليه. ولذلك فإن مثل هذه الشركات لا تجهد كثيراً في الاكتتاب بالأعمال العراقية وهي إذ تقدم الحماية بحدودها الدنيا إنما تفكر فيما سيؤول إليه حال السوق عندما يتحول العراق إلى موقع إنشائي ضخم بعقود هندسية بمليارات الدولارات وعندها سنشهد الاندفاع نحو العراق والتنافس بين المعيدين على الأعمال العراقية. تطوير العلاقة والنهوض بالإنتاج والأداء: العمل الداخلي فيما يلي نقدم عدداً من المقترحات لاستعادة ثقة معيدي التأمين بسوق التأمين العراقي التي ستنسحب آثارها على الوسطاء وغيرهم من بيوت الخبرة التأمينية. هذه المقترحات لا تستنفذ الأدوات التي يمكن الاستعانة بها في مجالات تطوير العلاقات المهنية، وزيادة حجم الإنتاج، وتحسين مستوى الأداء. قد يساعد وسطاء التأمين والمستشارين توجهات شركات التأمين في بعض جوانب هذه المجالات إلا أن تحقيقها يقع على عاتق شركات التأمين. ابتداءً نرى أن يكون الإطار العام لتنظيم العلاقة مع المعيدين قائماً على أساس التعاون وليس الخصومة أو المواقف العاطفية، أو التعكز على الشكوى منهم، أو استدعاء زمن العلاقات القديمة "الجميلة." ويقتضي التعاون التحرك بهدف تعزيز الأرضية المشتركة للعمل بدلاً من توتير غير مقصود للعلاقة. يعني ذلك أن يحاول الطرفان فهم أوضاع كل منهما وإيجاد الحلول التأمينية العادلة. مع ذلك، يمكن توجيه رسالة غير مباشرة إلى معيدي التأمين في الغرب من خلال الاستفادة القصوى من الطاقة الاستيعابية لمعيدي التأمين العرب والمعيدين في دول الجوار مع الأخذ بنظر الاعتبار احتمال تأثير التقلبات السياسية في العلاقة بين العراق وهذه الدول على العمل التأميني. مثل هذا الضغط قد يحل مشكلة توفير حماية آنية لكنه لا يعفي شركات التأمين من الاستمرار في الاستفادة من المعيدين في الغرب فهم، ونعني القادة العريقين منهن، يوفرون خدمات فنية إضافية للشركات المباشرة تتجاوز مجرد الحماية الإعادية. كما يجب أن لا يغيب عن البال أن تقليص حصة المعيد القائد وتوزيعها على معيدين آخرين ق لا يلقى قبولاً من المعيد القائد بسبب عدم التوازن بين حجم حصته والكلفة الاقتصادية لإدارة هذه الحصة. وضمن هذا المسعى أيضاً يجب العمل تدريجياً للتعامل المباشر مع المعيدين دون المرور بوسطاء التأمين بالنسبة لعقود إعادة التأمين النسبية. وهذا موضوع إشكالي في الوقت الحاضر يستوجب التفكير والتنسيق بين شركات التأمين وشركة إعادة التأمين العراقية لعدم التفريط بما هو متوفر والمساهمة غير المقصودة في تقويض سوق التأمين العراقي. ومع ذلك، يجب إبقاء موضوع التعامل المباشر حياً لأنه يشكل ضغطاً صحياً على شركة إعادة التأمين العراقية لرفع مستوى أدائها والعمل المستمر لتحسين خدماتها للشركات المنضوية تحت البرنامج الإعادي المشترك الذي تديرها. نحن مقتنعون بأن زيارة مراكز شركات الإعادة الأوربية والاجتماع بالمكتتبين في أوطانهم وعدم الاكتفاء بلقائهم في دول الجوار (وهو ما يؤكد على عدم سلامة الوضع الأمني في العراق) سيساهم في تغيير تقييمهم للأوضاع الأمنية في العراق. وقع مثل هذه الزيارة يختلف عن اللقاء بهم خارج أوطانهم. وضمن ذات الإطار يمكن توجيه دعوات مكتوبة لهم لزيارة العراق وتشجيعهم عليها ورصد الإجابة التي ترد منهم للتعرف على ما يؤرقهم بهذا الشأن. ونرى أن تتضمن الدعوة عرض برنامج للزيارة (جدول أعمال محدد) للتدليل على جدية في التعامل نابعة من تخطيط لما تطمح إليه شركات التأمين العراقية. ويمكن في البدء الاجتماع بهم في إقليم كوردستان العراق إن تعذر الاجتماع في بغداد. ولمعالجة آثار الوضع الأمني على العمل التأميني نرى ضرورة العمل على إقناع المعيد أو توليد قناعة لديه أن الوضع الأمني مسألة ثانوية فيما يخص السيطرة على الخطر (معيد التأمين ينظر إلى التأثير السلبي لهذا الوضع على حماية الممتلكات قيد التشغيل والممتلكات قيد التشييد). قد يكون من المناسب جداً لهذا الغرض تبويب الأعمال الإرهابية (العامل الأكثر تأثيراً على فهم وتقدير معيدي التأمين للأخطار العراقية ولبيئتها الأمنية) من ناحية تعيين المواقع المستهدفة. إن استذكاراً سريعاً لتاريخ هذه الأعمال منذ الغزو الأمريكي للعراق يشير إلى أنها كانت تستهدف الأشخاص وليس الأموال العينية بحد ذاتها. وبالطبع، فإن هذا القول ينطوي على تعميم، ولذلك فإن تجميع المعلومات وتحليلها يصبح ضرورياً لإعطاء صورة حقيقية عن الواقع. نعرف مثلاً أن عدد الهجمات على الأنابيب والمنشآت النفطية والأشخاص العاملين فيها منذ الغزو الأمريكي وحتى أوائل 2008 قدرت بما يقرب من 500 هجوماً[2] ومثل هذه المعلومات ليست غائبة عن أذهان المعيدين. وارتباطاً بالوضع الأمني هناك مناخ الفساد المالي والإداري الذي يضغط باستمرار على ذهن المعيدين إضافة إلى تدهور الخطر المعنوي. تشابك هذه المعطيات يتطلب الرصد والتحليل لتقديم صورة عن واقع الحال ومدى تأثيره على محل التأمين. مهمة تثقيف طالبي التأمين بأهمية تقديم معلومات وتوضيحات دقيقة بدلاً من الاكتفاء بالعموميات سيساعد شركات التأمين في التفاوض على أسعار وشروط الإعادة. نذكر من باب المثال إجابة أحد طالبي التأمين على سؤال بشأن الحماية المتوفرة لمحل التأمين بالقول أن هناك حماية كافية. هذا القول فارغ من أي محتوى فالمطلوب توفير تفاصيل الحماية (الوسائل المادية، الأشخاص المكلفين بالحماية ومؤهلاتهم، نظام الحماية .. الخ) فما هو كافٍ (وهو غير محدد في هذا المثال) من وجهة نظر طالب التأمين يعتبر ناقصاً من وجهة نظر اكتتابيه محايدة. لعل الحماية الكافية وتفاصيلها متوفرة لدى طالب التأمين وعلى شركة التأمين توجيهه للإفصاح عنها. طالب التأمين وشركة التأمين يتعرضان لأسعار وشروط إعادية هي في أحسن الأحوال ذات طابع عقابي لأنها لا تعكس الخصائص الفنية لموضوع التأمين بقدر ما هي تقييم اكتتابي للعراق. يتفهم المرء ثقل الوضع الأمني وكلفة إدارة الاكتتاب والسيطرة على الخطر وتسوية المطالبات لكن تسعير هذه الكلفة وشروطها تصل في وطأتها حد دفع المؤمن له للتخلي عن إجراء التأمين خاصة في تلك الحالات التي لا يطلب منه فيها إبراز شهادة تأمين لرب العمل. مقابل ذلك، لو كان طالب التأمين شركة غير عراقية صار موقف المعيد، الذي يكتتب بالخطر خارج القوانين الرقابية non-admitted insurance، أكثر مرونة. في باب السيطرة على الخطر يصبح إقناع المعيد بالقدرات الفنية المحلية المتوفرة ضرورياً لاحتواء المواقف السلبية تجاه الأخطار العراقية. يعني هذا قيام الشركات بتقديم البرهان على توفر القدرات في الكشف الميداني على الأخطار، وإعداد تقارير عنها على مستوى، ربما لا ترقى إلى المستويات العالمية، ولكنها جيدة. هناك طاقات هندسية وقانونية محلية وغيرها من الاختصاصات ربما لم يجري الانتفاع منها بشكل فعّال. كما يمكن تعزيز ثقة المعيدين بهذه القدرات في مجال تسوية المطالبات على أسس فنية بعيداً عن المساومات السوقية واعتماداً على حقائق الخسارة والضرر ونصوص وثائق التأمين. مفاد هذا الموقف هو تأكيد الالتزام بتطبيق القواعد المهنية المعهودة المهنية في التسوية. لا يعني هذا أن شركة التأمين لا تعتمد الأسس الفنية[3] بل التأكيد على الحالات الملموسة في هذا المجال لإلغاء الفهم الخاطئ أن شركة التأمين تتعرض لابتزاز مالي ممن يرتبط بمليشيات أو قوى مسلحة.[4] وفي غياب الحماية الإعادية المناسبة يجب العمل على التوسع في تحليل الأخطار لزيادة الاحتفاظ لدى شركة التأمين وشركة إعادة التأمين العراقية. وقد يكون من المفيد الرجوع إلى تقييم موضوعي لتجربة السوق خلال فترة العقوبات الدولية (1999-2003) للتعرف على مدى ملائمة هذه التجربة، كنموذج قابل للتطوير، في المرحلة الحالية. إضافة إلى ذلك، يجب الاستمرار في زيادة رأسمال الشركات لتعزيز قدراتها المالية والاكتتابية. تحسين الأداء هناك وسائل عديدة لرفع مستوى الأداء في التعامل مع معيدي التأمين نعرض بعضاً منها باختصار كما يلي: تحسين مستوى التخاطب باللغة الإنجليزية. وهو ما يستلزم تنظيم دورات تدريبية للعاملين والعاملات لتقوية قدراتهم اللغوية. تجميع وعرض المعلومات والبيانات الاكتتابية بشكل قابل للفهم السريع بدلاً من تقديم مستندات لا تتعلق مباشرة بموضع الخطر. كما أن تقديم بضعة حقائق ليست كافية، ومعظم المعيدين لا يرغبون في بناء المعلومات الاكتتابية بشكل تدريجي. هم بحاجة إلى ما يشبه التقرير الوافي عن محل التأمين مدعماً بالمستندات الضرورية كي يستطيعوا احتساب أسعارهم وعرض شروطهم. الاستجابة الفورية، قدر الإمكان، لأسئلة المعيد. إن كان الجواب يستغرق وقتاً فالأحرى إعلام المعيد أن الأسئلة قيد الدرس وأن الأجوبة المطلوبة ستقدم في أقرب وقت. العامل السيكولوجي مهم في التعامل: مثل هذه الاستجابة الفورية تعطي المعيد صورة عن شركة تعمل بكفاءة وبسرعة، ماسكة بزمام الأمور. تراكم مثل هذه الاستجابات تعمل على تغيير موقف المعيد نحو الأحسن وكأنه يتعامل مع أنداده. إن ما ندعو إليه هو الارتقاء بمستوى العمل ليكون بمصاف ما هو معهود في العالم الغربي. هناك قاعدة عامة تفيد في تقديم الصورة الإيجابية عندما يقوم من تلقى خطاباً بالإقرار باستلامها وعدم توفير فرصة لصاحب الخطاب التذكير بأنه لم يستلم جواباً على خطابه. المجاملة تقتضي الإقرار بالاستلام وأن العمل جارٍ لدراسة محتوى الخطاب ومتطلباته. ومما يساهم في رفع مستوى الأداء والإنتاجية إدخال الحاسوب في جميع مجالات العمل وتعميم استعماله (مراسلات، إحصائيات، حسابات .. الخ). وهذا يتطلب وضع برنامج زمني لإعطاء كل موظف حاسوباً خاصاً يعمل عليه. الاستثمار في تحسين المهارات الفنية (من خلال تقديم حوافز للعاملين والعاملات للتدريب ومتابعة الدراسة المتعلقة بالتأمين، الحصول على إعفاء ضريبي على الأموال المخصصة والمنفقة على مثل هذا الاستثمار في قوة العمل). تطوير الموارد البشرية من خلال التدريب وتحسين شروط العمل سيساهم، وفي وقت سريع، على زيادة الإنتاجية. تحسين صورة سوق التأمين العراقي تحسين صورة الوضع في العراق، وهو الإطار العام للاكتتاب، يستدعي فهماً ودعماً من مؤسسات أخرى خارج الشركات. ويرد هنا في بالنا الآتي: هناك دور يمكن أن تضطلع به جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق فيما يخص الدراسة المعمقة للوضع الأمني والفساد المالي والإداري والخطر المعنوي وتأثيره على طلب التأمين وقدرة شركات التأمين في الحصول على الحماية الإعادية الدولية بشروط مناسبة. كما يمكن للجمعية أن تقوم بترويج سوق التأمين العراقي في الخارج من خلال مشاركة ممثليها في المؤتمرات والندوات التي تعقد الخارج. ويمكن للمشاركة أن تكون من خلال الحضور أو من خلال تقديم مداخلات أو أوراق بحثية بالتنسيق مع الجهات المنظمة. ويمكن أيضاً لوزارة المالية أن تلعب دوراً إيجابياً، بالنسبة لشركات التأمين العامة، في تسهيل مشاركة ممثلي هذه الشركات في اللقاءات خارج العراق. ويستغرب المرء الموقف السلبي للوزارة إزاء مشاركة ممثلي الشركات في مؤتمرات وندوات الاتحاد العام العربي للتأمين. ما نريده من هذه المذكرة هو تشجيع التفكير في معطيات الوضع التأميني القائم في العراق وكيفية التعامل معه فنياً وليس مجرد البحث في تطوير العلاقة مع المعيدين. والمضمر في هذه المذكرة هو التنبيه إلى زيادة الإنتاج[5] ضمن خطة قائمة على المساءلة: أي تحقيق الأهداف الموضوعة والتعرف على أسباب النجاح والفشل أو مدى الإنجاز. رفع مستوى الإنتاج والأداء في الشركة، عند تحقيقه بالملموس، سيكون جواباً قوياً على من لا يرى غير السلبيات في قطاع التأمين العراقي. نقول هذا ونعرف أن قطاع التأمين يخضع كغيره لعوامل خارجة عن إرادة أركان التأمين وهو ما ينطبق أساساً على الشركات العامة. ورأينا أن توسيع مساحة حرية عمل هذه الشركات ضروري وممكن. وعندما تتحد الإرادات والجهود للتغير نحو الأحسن يكون قطاع التأمين العراقي قد تقدم خطوة إلى الأمام. مصباح كمال لندن 3 حزيران 2009 [1] ربما كانت شركة الوساطة يونايتد إنشورنس بروكرز ليمتد United Insurance Brokers Ltd (UIB) [الوسطاء المتحدون كما يحلو للبعض تسميتها]، مقرها في لندن، سباقة في هذا المجال لكن زيارة ممثليها لم تكن بدعوة من شركات التأمين العراقية. فالزيارة الأولى (2004) كانت بمثابة تقديم مؤازرة معنوية لسوق التأمين العراقي وتأكيد التواصل مع السوق. لم تعر شركات التأمين اهتماماً كبيراً بهذه الزيارة. أما زيارة ممثل الشركة للعراق (أربيل، تشرين الثاني 2008 وبغداد، آذار 2009) فقد كانت ضمن وفد حكومي وتجاري بريطاني لم يتح خلالها له مقابلة ممثلي سوق التأمين العراقي باستثناء اللقاء مع بعض مسؤولي شركتين للتأمين في أربيل والسليمانية (2008). [2] كما ورد في موقع: http://www.iags.org/iraqpipelinewatch.htm [3] لا تضم جميع شركات التأمين العاملة في العراق كوادر مؤهلة لها القدرة الفنية في إدارة وتسوية المطالبات الكبيرة والمعقدة. وقد يفسر هذا الوضع الشك الذي يراود معيدي التأمين بشأن القدرات المحلية المتوفرة حالياً. [4] يذكر البعض أن مثل هذا الوضع كان قائماً لبعض الوقت في بيروت أثناء الحرب الأهلية للحصول على التعويض مستحقاً كان أو لم يكن. [5] زيادة الإنتاج موضوع مستقل يحتاج دراسة خاصة بها، ويكفي هنا أن نشير فقط إلى الآثار السلبية لقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 على الإنتاج من خلال توفيره للغطاء القانوني للأفراد والشركات للتأمين خارج العراق.

2009/06/16

هل ننتظر أكثر من ذلك لإيجاد وسيلة لحماية ضحايا حوادث الطرق في إقليم كوردستان؟ فؤاد شمقار كلماتي هذه موجهة إلى كل من السادة وزير المالية ووزير العدل في حكومة إقليم كوردستان وممثلي الشــعب في برلمان الإقليم. إنها صرخة من ضحايا حوادث الطرق في كافة أرجاء الإقليم. وهي في ذات الوقت دعوة لزملائنا العاملين في حقل التأمين لبلورة مواقف مهنية ضاغطة باتجاه توفير الحماية التأمينية من حوادث المركبات. الميل لحماية النفس والمال كلنا إنسان، ومن الظواهر الملازمة لنا في حياتنا الميل إلى حماية النفس وحماية الممتلكات والبحث عن الاطمئنان والاستقرار مما يحتمل أن يحيط بهما من الأخطار. إن ميلنا إلى حماية النفس في أرواحنا وأبداننا وحماية الثروة والممتلكات يتطور بتطور الحياة. إخواننا في الإنســـانية بالأمــس كانوا يطلبون الحماية من المخاطر الطبـيـعية والتقلبات المناخية، وغير ذلك من العوامل الطبـيـعية الأخرى. بعدها وبحكم تطور الحياة أصبحنا أمام الحاجة للحماية من مخاطر التقدم البشري، مثل مخاطر وســائل الإنتاج وما ينجم عنها من مخاطر إصـابات العمل إلى مخاطر وسائط النقل وحوادث الطرق التي تحصد يومياً حياة العشرات. إن الحياة في كافة جوانبها في تطور وتقدم مستمرين، وكلما حصل تقدم في جانب من الحياة كلما جلب معه مخاطر جديدة لم نكن نألفها ســابقاً. بالأمس كانت رغباتنا محصورة في حماية النفس وإيجاد الوسائل الكافية لهذه الغاية، ثم توسعت هذه الرغبة إلى طلب الحماية للأموال والممتلكات إلى جانب حماية النفس. وهنالك رغبة مســتمرة لإيجاد المزيد من سبل الحماية. إن نمو الحضارة وتطور المدنية وجميع مظاهر التقدم التي تسود المجتمعات اليوم أدى إلى زيادة الأخطار المحيطة بنا ومن ثم الزيادة في حجم الأضرار بالأنفس وبالأموال والممتلكات، وجنباً إلى جنب أصبح الإنسـان يفكر في إيجاد ســبل للحماية من شــأنها تجنب نتائج تلك المخاطر، وأقول تجنب النتائج ولا أقول تجنب حدوث الحوادث ومخاطرها إذ إن هنالك حوادث ومخـاطر لا يمكن لنا الوقوف بوجهها ومنع حدوثها مهما توفرت لنا الســـبل والوســائل المتطورة. وبالرغم مما تهيئ لنا من وســائل الاطمئنان ما زلنا نبحث عن المزيد منها. مخاطر حوادث الطرق من المخاطر اليومية المحيطة بنا مخاطر حوادث الطرق التي تتسبب بعشرات الضحايا يومياً دون وجود وســيلة اجتماعية أو قانونية للتخفيف عن نتائج تلك الحوادث لتعويض ضحاياها. إننا قد نريد ونرغب في تحاشي الحوادث والابتعاد عنها. ومن الطبيعي أن هناك أخطار لا يـمـكن لنا أن نتحاشــى وقوعها حتى لو فعلنا الكثير ومنها حـوادث الـطـرق. وإن أردنا عدم تحقق مثل هذه الحوادث والابتعاد عنها وأن نتحاشــاها وأن نـفـعل الكثير من أجل ذلك، علينا الابتعاد عن المجتمعات والانغلاق على أنفســنا وعدم استخدام المركبات المسببة لها. وهذا أمر غير ممكن القبول به إذ ليس بيننا من لا يستخدم في تنقلاته المركبات يومياً. قبل أيام شاهدت تقريراً تلفزيونياً من إحدى القنوات العربية عن حوادث السير والطرق في عاصمة إقليم كوردســتان (أربيل) يصف التقرير العاصمة بالأسوأ بين محافظات العراق من ناحية أعداد الحوادث وكثرة الضحايا والخسارة في النفس البشـــرية والأموال والممتلكات العامة والخاصة. لقد عزى التقرير حدوث تلك الحوادث إلى وجود الطرق والمعابر والشـــوارع الحـديثة في المـدينة، ودخول ســيارات حديثة الصنع بأعداد كبيرة، وعدم التروي في الســـياقه والسرعة غير الطـبيـعية على الطرق، وعدم إتباع توجيهات وإرشادات دوائر الســير والمرور والعلامات المرورية التي تملأ كل أرجاء المدينة والطرق الخارجية (وهذا قول يجب أن يقال). وهكذا الحال مع باقي أرجـاء الإقـلـيـم حـيـث التفريط بالنفس والمال كما هو عليه على طريق ســليمانية عربت وســليمانية تاسلوجة - وهما طريقان يسميان بـ "طريق الموت" بسبب كثرة الحوادث وضحاياها. استمرار غياب الحماية التأمينية في الإقليم لقد أصبحنا ننظر إلى تلك الحوادث ونصور وقائعها المؤلمة وننشر أعدادها وضحاياها في الصحف وعلى شـاشات التلفزة دون أن نفكر بنتائجها وإيجاد الموارد اللازمة لتعويض ضحاياها والتخفيف عن آلامهم ومعاناتهم. لقد حرمنا ومنذ سنة 1991، حينما ســحبت الحكومة المركزية كافة الدوائر الرسمية وشبه الرسمية ومن ثم كافة الخدمات التي تقدمها تلك الدوائر إلى سـكان المنطقة، منطقة الحكم الذاتي، كما كانت تســمى في حينه، من كافة الخدمات في مجال التأمـيـن. ونخص بالذكر، قدر تعلق الأمر بموضوعنا، تعويض ضـحايا حــوادث الطـرق. وقد جاء هذا الحرمان بـعـد الانتفاضة الجماهيرية العارمة لشعبنا في مدن وقصبات كوردستان ضد طغيان النظام السابق. لقد أصبحنا نتعامل مع أخطار الطرق وحوادث المركبات اليومية وننظر إليها بشكل سلبي، وهو موقف من شأنه تشجيع القبول بتلك الحوادث ونتائجها على الأفراد والمجتمع، ومن ثم القبول بما يســـفر عنها من نـتـائج ضارة دون أن نفكر في كيفية تدارك تلك النتائج ومحو ما تتركه من آثار منذ أن أصــدر مجلس الوزراء في النظام السابق التوجيه إلى كافة الوزارات والدوائر غير المرتبطة بالوزارات بعدم التعامل مع مؤسسات (منطقة الحكم الذاتي) وعدم قبول أية تقارير أو كتب أو كشوف أو مستندات صادرة عن تلك المؤسسات، وذلك بعد سحب الإدارات تلك التعويضات المســــتحقة التي أقرها القانون لهم. وتبع ذلك قطع كل صلة أو رابطة مع مؤســسـات الإقليم بما فيها فروع ومكاتب شــركات التأمين العامــة التي كانـت عاملة في المنطقة وبقاء هذه الفروع والمكاتب مجمدة دون حراك إلى يومنا هذا عدا ممارستها لبعض الأعمال البسـيطة. العودة إلى التأمين: ألم يحن الوقت لضمان حقوق ضحايا حوادث الطرق؟ أدى فك الارتباط بين المركز والمنطقة إلى حرمان سكان (المنطقة) ومن ثم (الإقليم) إلى يومنا هذا، رغم ســقوط النظام، من التعويض المســتحق لهم. وها نحن في ســــنة 2009 والحال كما بدأ في سنة 1991. هنا أقول: ألم يحن الوقت، بعد مرور (17) سنة على الحرمان، للتفكير بإيجاد وسـيلة ما لحماية ضحايا حوادث الطرق في إقليم كوردســـتان؟ إن عدم وجود وســـيلة لحماية ضحايا الطرق يضعنا أمام أمر واحد وهو محاولة تطبيق وسائل إدارة الخطر ومنها تحاشــي تحقيق الأخطار وبالقدر المستطاع. وهذا ليس ممكناً إذ أن الأخطار في تزايد يوماً بعد آخر حسب إحصائيات الدوائر المعنية رغم تحاشـــينا ومحاولاتنا للابتعاد عن الإتيان بالحوادث وتقديرنا لمقدار الآثار الســلبية الســيئة التي تخلفها على ضــحاياها خـاصة والمجتمع عامة. إن موقف التحاشــي وحده لا يمكن أن يكون علاجاً للموضوع طالما إن هنالك أخطاراً لا يمكن الابتعاد عنها وتحاشـي تحققها. لذلك فإن الواجب يتطلب منا ترك الموقف السلبي، وعلينا أن ننظر إلى الموقف، كما هو عليه اليوم، نظرة إيجابية بهدف البحث عن السبل والوسـائل وأن نحاول التصدي لها واحتواء نتائج وآثار حوادث الطرق، طالما لا نتمكن من منع تحققها كون أخطار حوادث الطرق لا يـمـكن اتقاءها كلياً. وعليـه، لابد من التسـليم بهذه الحقيقة، والتفكير في وســيلة لمحو النتائج الســلبية التي تتـركها أو التخفيف من آثارها. ومن هذا المنطلق لابد لنا من العودة إلى (التأمين) إذ إن التأمين هنا يفرض نفسه كحاجة من الحاجيات اليومية الملحة. لماذا التأمين؟ إن التأمـين يعتبر اليوم من أحدث وســائل الضــمان التي تلجأ إليها المجتمعات والأفراد في اتقاء عبء الأضرار والخســائر التي تقع عليهم. وبنيت نظرية التأمين على أساس مبدأ مشــاركة الجماعة ككل بتعويض الخســائر التي قد يتعرض لها أي فرد ضمن الجماعة إذ إن الخسارة مهما كانت كبيرة يسهل تحملها إن تعاون الجميع على ذلك بدلاً من تحملها من جانب فرد واحد. وبذلك فإن التأمين كنظام يكفل للأفراد تخفيف عبء الأضرار التي يتعرضون لها بتعويضهم عن جزء من آلامهم ومعاناتهم عند وقوع الضـرر على النفـس وأن تعيــدهم إلى الحـالة المالية التي كانوا عليها قبل حصول الضرر عند وقوع الضرر على المال. إن التأمين اليوم حاجة من الحاجيات اليـومية الملحة وإن هذه الحاجة لا شــأن لها بأخطار الطرق وتحققها أو عدم تحققها وإنـما له الشـــأن بالنتيجة التي تحصل جراء تحققها. وبذلك يضعنا التأمين موضع الاطمئنان محل الخشية والاستقرار محل القلق من خلال توفير موارد مالية ضمن تنظيم قانوني لتعويض ضحايا حوادث الطرق في إقليم كوردســتان إسوة بباقي مناطق العراق. إن الزيادة الكبيرة في عدد السـيارات الحديثة في الإقليم أدت إلى زيادة أعداد الحوادث وبالتالي زيادة ضحايا هذه الحوادث دون أن يستطيع الضحايا أو ورثتهم الحصول على التعويض الذي أقره القانون ولجوء الأطراف بدلاً من التأمين إلى التسوية على أساس (الدية) وفق الأعراف العشائرية. الالتزامات القانونية على مستخدمي المركبات قانون التأمين الإلزامي من المسؤولية المدنية الناجمة من حوادث السيارات رقم 205 لسنة 1964 إن استخدام المركبات على الطرق أوجد التزامات قانونية على أصحابها. وهذه الالتزامات تكمن في ضرورة حماية ضحايا الحوادث من الضرر في أبدانهم وأرواحهم ومـمـتلكاتهم الناجمة عن استخدام المركبات. إن لمثل هذه الحوادث آثار ســلبية واقتصادية واجتماعية تتمثل في التفريط بالنفس البشـــرية والموارد المادية. وانطلاقا من الأهمية المتزايدة للتأمين كوسيلة لتعويض ضحايا الطرق فقد ظهرت في الكثير من البلدان فكرة تشــريع القوانين والأنظمة الخاصة لتنظيم الحماية المطلوبة. ومن هذا المنطلق لم يتخلف العراق عن باقي دول المنطقة إذ تم تشريع قانون برقم 205 لسنة 1964 باسم (قانون التأمين الإلزامي من المسؤولية المدنية الناجمة من حوادث السيارات) ونفذ بتأريخ 1/1/1965. لقد أعتبر في حينه تشـــريع القانون ووضعه موضع التنفيذ خطوة مــتقدمة وفرت لأول مرة في العراق الحماية التأمـيـنـية لضحايا حوادث الطرق في حين أن قسماً من الأقطار العربية قد شرعت القوانين وأعدت أنظمة لهذه الغاية في السنوات الأخيرة. هنا أتوقع أن يسأل القارئ نفســه بالقول: هل من المعقول أن يبقى سكان إقليم كوردستان بدون حماية تأمينية لمدة أطول من المدة التي مضت في حين كنا قد شرعنا أول قانون لهذه الغاية قبل أربعة وأربعون سنة؟ مما لاشـــك فيه أن جواب القارئ أو القارئة ســوف يكون: كلا، لا يمكن ذلك. وأنا بدوري أكرر من بعدهما وأقول: كلا لا يمكن ذلك. إن الحماية التي وفرها قانون سنة 1964 لم يصل إلى الحد الذي يضمن للمواطن الحماية الشاملة عند تضرره بســــبب حوادث المركبات، وإنما كان الهدف هو توفير الحماية الإلزامية لمالكي المركبات عما يتعرضون له من مسؤولية مدنية بســـبب استعمالهم لمركباتهم. إن المبادئ والأسس التي تضمنها القانون قد بنت العلاقة بين كل من المؤمن (شـركة التأمين) والمؤمن له (مالك المركبة) على العلاقة العقدية. كما وأعتمد القـانون المســؤولية القائمة على أســاس الخـطـأ المفترض القابل لإثبات العكس. وضيّق القانون من قاعدة المتضررين الذين يســـتفيدون منه ولم يوفر الحماية التأميـنية للمتضررين من جميع المركبات دون استثناء. كما ولم يوفر الحماية من الأضرار الناجمة عن استعمال المركبات غير العراقية عند دخولها القطر والأضرار التي تسـببها للأموال والممتلكات. بالإضافة إلى عدم توفر الحماية للمركبات مجهولة الهوية ومركبات قوى الأمن الداخلي والجيش. قانون التأمين الإلزامي على السيارات رقم 52 لسنة 1980 إن التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي يطرأ على المجتمعات يوجب المواكبة التشريعية والقانونية له. لذلك فإن ما يشـهده الإقليم من التطور والنمو في كافة مناحي الحياة أمر موجب لمواكبته من ناحية التشريع والقوانين بذات الخطوات كما حصل في حينه في العراق في سنة 1980 حيـنـما وجد بأن القانـون القديم لا يـواكب المرحلة وتم تشــريع قانون جديد ينســجم مع التطورات التي حصلت في العـراق، ويوفر الحماية والضمان الشـامل للمتضررين، ويأخذ بنظر الاعتبار الاتجاه العام المتنامي في أنحاء عديدة من العالم لتوسيع الضمانات للمتضررين من حوادث المـركبـات. لذا شــــرع القانون رقم 52 لســـنة 1980 الذي أصبح نافذ المفعول اعتباراً من 1/1/1980 باسم (قانون التأمين الإلزامي على السيارات). لعله من المفيد أن نبين ما أتسم به بنود وأحكام هذا القانون الجديد. لقد أتسم ببناء التشريع على أســـــاس قيام علاقة قانــونــية مابين المؤمن والمؤمن له بدلاً من العلاقة العقدية التي كانت أســـاس العلاقة في القانون القديم بين الطرفين. وبمقتضى العلاقة الجديدة فقد أصبحت جميع الســيارات ضمن الحدود الجغرافية لجمهورية العــراق مؤمنة تلقائياً دون حاجة لإصدار وثيقة التأمين. إن التلقائية في التأمين على جميع المركبات العاملة ضمن أراضي جمهورية العراق آتية من استيفاء أقســاط التأمين ورســم تسـجيل المركبات وتجديد السنوية لها على مالكي المركبات بإضافة المبالغ المطلوبة على سعر كل لتر من الوقود المســــتهلك (البنزين وزيت الغاز) بما فيها المركبات المسجلة في إقليم كوردســــتان لغاية اليوم، ذلك بقدر تعلق الأمر بالوفاة والإصــابات البـدنـية التي تلحق أي شـــخص من جراء استعمال المركبة. كما أن القانون الجديد أعتمد نظرية تحمل التبعة في المسؤولية كأساس لالتزام المؤمن (شركة التأمين) بدفع التعويض بدلاً من اعتماد المســؤولية القائمة على أســـاس الخطأ المفترض القابل لإثبات العكـس. وهنا فإن المشــــرع العراقي قد تأثر بالقانون المدني الفرنسي. وعلى هذا الأساس إذا ما سببت المركبة إصابة بدنية أو وفاة أو ألحقت ضرراً بأموال الغير فإن المسؤولية تقع على عاتق ســائق المركبة دون الحــاجة إلى إثبات الإهمال أو التـقـصير من جانبه. وهذه خطوة متقدمة في ضمان الحصول على التعــويــض. وقد جاء هذا الأمر خـــلاف القوانين البريطانية التي ترتب على المتضرر إثبات خطأ المسؤول عن الحادث (سائق المركبة) علماً بأن إلحاق الضرر بالأموال يخص (المركبات غير العراقية) الداخلة إلى العراق فقط. إن القانون الجديد قد وسع نطاق شموله فلم يستثني من نطاقه إلا بعضاً من الحالات التي لا يمكن احتواءها لعدم انسجامها مع العدالة كالحالات التي تنجلي فيها الفعل العمدي أو إصابة بدنية تصيب الســـائق في غير حالات الاصطدام أو انقلاب المركبة. وقد وسـع القانون من قاعدة المتضررين من جميع المركبات دون استثناء إذ شمل بحكمه المركبات مجهولة الهوية كما وشمل التعويض الحالات التي تســببها مركبات الجيش وقــوى الأمــن الداخلي ضمن أتفاق خاص. بالإضافة إلى الحـماية التي كفلها القانون عند التضرر بســبب الوفاة أو الإصابة البدنية الناشئة عن استعمال المركبة. بسـبب تعرض المواطنين في العراق وغيرهم إلى الأضرار المادية عن استعمال المركبات غير العـراقية عند دخولها إلى العراق من المنافذ الحدودية، واحتمال عدم تمكن مالكي أو ســائقي تلك المركبات الإيفاء بالالتزامات القانونية المترتبة عليهم عند تسببهم بإلحاق الأضرار بأموال الغير فقد أوجب القانون على هؤلاء إبرام عقد التأمين لتغطية مسؤولياتهم المدنية الناجمة عن استخدام مركباتهم تجاه الأموال والممتلكات الموجودة على أراضي العراق. من باب الختام: تطبيق قانون التأمين الإلزامي على السيارات أو إيجاد تشريع للإقليم؟ بعد كل هذا وبعد وجود تجربة نادرة في الســوق العراقي بشأن تأمين المسؤولية المدنية الناجمة عن استخدام المركبـات والتي لا مثيل لها في كافة دول الجوار وغيرها، وبعد كل ما أتسم به القانون الحـالي من الوســـع والشـــمولية، وبعد المســاهمة الكبيرة في جبر الأضـرار والتعويض عن فقدان الأرواح والإصابات البدنية وتضرر الأموال، أعود وأوجه سؤالي وأقول: هل ننتظر أكثر من ذلك لإيجاد وسيلة لحماية مواطني إقليم كوردســـتان في أبدانهم وأرواحهم وممتلكاتهم كضــحايا لحوادث الطرق؟ لعلني أجد الجواب بمحاولة إعادة الخدمة التأمينية في هذا المجال، أو إيجاد تشريع خاص بالإقليم لضمان حصول ضحايا حوادث الطرق على التعويض المستحق لهم. هنا نثير السؤال ولا نناقش المفاضلة بين قانون اتحادي وآخر خاص بالإقليم. قد نرجع إلى الموضوع عندما يسنح الوقت وفي الأثناء نتمنى على القراء والمعنيين بالموضوع التعليق على ما أوردته والتوسع في المعلومات والبيانات واقتراح الحلول بشأن قضايا التأمين والمطالبات العالقة منذ سنة 1991 عندما توقف عمل شركات التأمين في الإقليم بقرار سياسي أثر سلبياً على مصالح المواطنين. فؤاد شمقار خبير في شؤون التأمين والقانون السليمانية، 1 حزيران 2009 Shimqar_legal@yahoo.com